|
الاختلاف ضرورة حياة
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 5354 - 2016 / 11 / 27 - 08:36
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الاختلاف كضرورة حياة ******************* هل انتهى عصر الاختيار ؟ ، هل أصبحنا كائنات منسوخة بعضها عن بعض ؟ . الواقع يقر بذلك ولا مجال الى كثير عناء لنخرج بنتيجة قاتلة : كأن الاختلاف هو انحراف يوجب على صاحبه الحد وقطع الرقبة . هذا العرض فوقي بطبيعته ، يفهمه الممسكون بزمام الأمور . انهم يراهنون على منتوجات الواقع ، والواقع منتوج صادم ، انهم يعلنون تبرهم من تخلفنا ومن مستوى تعليمنا وطريقة تفكيرنا ، ويشتكون من انحدار التعليم وسخافة العمل او الممارسة السياسية . باختصار لا احد راض عن هذا الواقع . لكن المفارقة أننا في طريق انتاج مزيد من التخلف والانحطاط . ان التفكير في الأمر يحدث تشنجات ذهنية عميقة . ويشل قدرتنا على التنفس الطبيعي ، لأن التنفس الطبيعي هو التنفس المتواتر بطريقة سلسة تستسعره جميع حواسنا . نحن المواطنون نظن انه لنا الحق في التعبير وفي الحوار ، لكن المؤسسات فوق الواقع ، حسب نحت الكاتبة الانجليزية كاتارينا فينير لمصطلح السياسة فوق الحقيقة .تصادر كل امكانية للتعبير الحر والحوار المفتوح . انها تمنحك حرية مقيدة للتعبير المونولوجي ، او في أبعد تقدير الحوار الثنائي غير المسموع . لا يمكن أن تفجر رأيك في العموم . واذا امكن ذلك كما حدث أثناء مرحلة حركة 20 فبراير فان حواراتك وشعاراتك يتم تسفيهها من قبل من يحيط بك ، بطريقة او بأخرى . وحين تنشر كتابة ما تروم من خلالها بسط موضوع ما من رؤية مختلفة فان لا احد يكترث لك . بينما افرازات الحياة السياسية الميتة تستفز كثيرا من الأقلام والعقول والذهنيات ، لكنها محنطة بطريقة أو باخرى ، وأقسى درجات التحنيط عمم ادراك حالة التحنيط ، واذا كان صوتك مختلف عن صوت الكتابات المسيجة أو المحنطة، فان صوتك لن يعثر له على أذن تسمعه . طبعا نحن أمام عالم مختلف في الظاهر ، رواد الموقع الاجتماعية سحبوا البساط فعلا من محتكري الاعلام الرسمي . لكنهم للأسف لا يمتلكون مهارات النقد والاستقراء والبحث عن المختلف ، انهم يبحثون عن الارتجاجات ، عن الصراخات ، عن التقاطب الصادم . انهم يمثلون جمهور أفلام الحركة " أفلام الأكشن " . يفرغون شحناتهم العاطفية التصادمية ويخرجون فاقدين للحوية .لذلك فانت لاتتابع الا موائد شللية ورسمية . وأي مائدة خارجة عن نسق الرسمي ، والنسق هنا كما حددق ألتوسير منفتح ، فان الأبواب مغلقة كما هي . لا مجال للاختلاف ، لأن المؤسسة ترفض بطبيعتها أي منطق قد يحرك ماءها الآسن . ويعري عن مدى الصدأ الذي يغطي اجهزتها وآلياتها . لاحق للشعب اذن بالمشاركة في الحوار في النقاش في طرح افكاره ، فالشعب كما يقول المثل الفرنسي أحمق ،La foule est folle " . لكن هذا الشعب الأحمق نفسه هو ما انتج ماري لوبين ، وهتلر والبغدادي ، وترامب . يا للمصادفة . كانه فجأة يريد معاقبة جميع من ابتذلوه . فهو يطبق بطريقته المقولات الدستورية التي تتوج كل دستور بقمولة "السيادة للشعب " . غير أنه لايمارسها ردحا من الزمن ، انه يكون في حالة غيبوبة أو حالة كمون . وحين يبدأ بممارستها فانه ينتج لنا مختلين عقليين يحكموننا ويقودوننا الى الكوارث .وعوض سيادة الاختلاف يتم التنميط والتجنيس . خذ على سبيل المثال أردوغان ، وترامب وبنكيران . كل ما يضاد الطبيعة فان الطبيعة تنتقم منه ، وكل من بدل سنن الكون فان هذه السنن تنتقم منه . سنة الله في أرضه . فالاختلاف هو مصدر التلاقح والتوالد والتجديد . عندما تقوم جماعة متنورة بفرض الاختلاف كمسألة جوهرية للنهوض بواقع الحياة ، فان هذا الاختلاف يقود الى ما قادت اليه فلسفة الانوار ، وعقود من التنوير . لكن التاريخ مارق ، وكانه يريد أن يستريح فجأة من صيرورته الدينامية ، فيورطنا في أزمات التوحد والتنميط ، كي يعطي -التاريخ- لنفسه اندفاعة جديدة . وتتآلف بالتالي فلسفة هيجل مع فلسفة ماركس . فينتج الميت من الحي والحي من الميت ، لكن غالبا ما ينتج الميت حيا مشوها وادنى منزلة ورتبة . انه ينتج المسخ . العالم اليوم يتجه نحو المسخ ، تمجيد صورة "الزومبي " ، عوض صورة البنفسج . لم يبق أمامنا اليوم من طريق الا طريق الطاعة . الأمم المتحدة نفسها رغم مركزها الأممي مجرد عبد في يد قوى متضاربة المصالح . لكنها جميعها لا ترتاح الا للرأي الواحد . فسواء هنا او هناك عليك ان تغرد داخل السرب وتنتج نفس الصوت . بمعنى ليس عليك أن تعلن عن نفسك ، يمكنك فقط أن تعلن موافقتك . انه الالغاء بطريقة ناعمة . لكنه في نفس الوقت وفي مكان او امكنة أخرى الغاء بطرق وحشية . اليمن وسوريا ومياننمار وفلسطين . ا الوحدة البشرية مفهوم قاتل ، فالانسان والمجتمعات وجدت لتختلف ، لتنتج ، لتتنافس من أجل غد آخر . ودون التعارض والاختلاف فان الغد سيكون أسوأ من اليوم .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ناهض...انهض ....لا زلت تفكر ........الى روح الفقيد ناهض حتر
-
مثقفو مواسم الانتخابات
-
أفكار عن واقع لافكر فيه
-
نفس الايقاع
-
حلم سياسي
-
ما زال في الشعر بقية
-
مفهوم الشعب بين النظرية والتطبيق
-
يا الله
-
عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي بين الصواب والخطأ
-
الانقلاب التركي بين المؤامرة وبين الصناعة
-
الميتا مواطن
-
رسالة الى الضابط السابق مصطفى أديب
-
المكلية الفرنسية الجديدة
-
هل اقتربت نهاية آل سعود ؟
-
قراءة متأنية لنبرة خطاب الملك القوية في قمة الخليج
-
حان الوقت للافلات من تبعية القادة العظام
-
قمة التفاهة أن يحتفل الشعراء بيوم عالمي للشعر
-
أوباما يعيد كتابة التاريخ بطريقته
-
عرب يوقعون بقلم اسرائيل
-
حب قديم
المزيد.....
-
كيف ردت الصين على ترامب بعد فرضه الرسوم الجمركية؟
-
نبيذ الكوبرا وخصيتي الثعبان.. إليك وجبات غريبة يأكلها الأشخا
...
-
واشنطن تضغط على كييف: لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول
...
-
بعد صورة الشرع متوجها إلى الرياض.. إغلاق حساب للرئاسة السوري
...
-
البحرية الإسرائيلية تعتقل صيادا لبنانيا عند نقطة رأس الناقور
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن توسيع عملياته شمالي الضفة الغربية
-
سموتريش يطالب نتنياهو بتدمير -حماس- و-نصر كامل- في غزة
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ 3 غارات جوية على شمالي الضفة الغ
...
-
علماء روس يبتكرون نظاما للتحكم بكثافة البلازما
-
Lenovo تعلن عن حاسبها الجديد لمحبي الألعاب الإلكترونية
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|