أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - معنى الجسم البشري - تجارب (1)














المزيد.....


معنى الجسم البشري - تجارب (1)


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 5353 - 2016 / 11 / 26 - 17:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قبل أكثر من ثلاث سنوات، كتبت موضوعا بعنوان "معنى الجسم البشري" ونشرته على حلقتين. كان الهدف من المقال هو تحدّي الجسد، كمُعطىً غير مرن، ناتج في معظمه عن التاريخ الجيني للفرد، تحدّي الجسد من خلال التفكير والعمليات العقلية التي وإن كانت تنتج عن نشاط الدماغ –الذي هو جزء من الجسد- إلا أنها مستقلة عن شكل الجسد وأبعاده وقوّته، وهي العمليات التي تبدع وتخلق وتمثل القيمة الأعلى للفرد، بل إن هذه العمليات هي التي تتذوق جمال الجسد أو جاذبيته وهي التي تخلق أكثر السيناريوهات إثارة بخصوصه.

وتزداد أهمية العمليات العقلية عن أهمية الجسد حين نتفكّر في ما قد يعدنا به مستقبل الطب والتكنولوجيا بخصوص زيادة مرونة تغيير وتشكيل الجسد أو حتى استبداله، أو حتى نقل الوعي إلى أجهزة كمبيوتر، وإدراك الجسد والجنس والحواس داخل واقع محاكاة يمكن لأي فرد فيه أن يختار الأفاتارالذي يريده، متحررا من شروط الجينات والوراثة. والحجة الرئيسية هنا هي أنه إذا أمكنك أن تتخيل أن جسدك مختلف، فهذا لأن خيالك متجاوز لجسدك، وذاتك ليست محصورة في صورة جسدك أو أبعاده، فأنت لست جسدك، ولستَ بالضبط جيناتك، لست جيناتك تماماً، وإن كانت جيناتك ساهمت في تفكيرك. لكنك بالتأكيد ذاكرتك، أنت ذاكرتك، ومن هنا سأبدأ بالتجربة رقم (1): المسخ إلى قط

لو أخذنا قطا من الشارع، وأمكننا أن نحمّل كامل ذاكرتك عليه، أي أننا حملنا دماغك وركبناه على جسده فإن هذا القط سيصبح أنت فجأة أو ستصبح أنت القط، وسيبدأ القط يفكر بشؤونك، وسينظر إلى جسده ويفكّر "لن يعرفني أهلي الآن حين أعود إليهم بهذا الجسد"، وسيمكنه أن ينطق، ويستعمل وظائف دماغك العقلية والوجدانية، وسيكون بإمكانه أن يتذكر أفعالك، وانفعالاتك السابقة، وممارستك الجنس مع فرس بشرية حجمها يفوق حجم القط بكثير. لن يمنعك جسدك الجديد من أن تظلّ أنت، فأنت متماسك بذاكرتك، لا بحجم ذراعك ولا بطول ساقك ولا بلون بشرتك.

هل ستحتقر نفسك بعد ان يصبح جسدك جسد قط. هل ستنظر لنفسك على أنك لم تعد جديرا بما كنت جديرا به من هيبة وملذات وجنس حين كان جسدك جسد رجل آدمي. إن هذه التجربة تحدث فعليا لكل من يتاح له أن يعمّر ويشيخ، ولكن بتدرج شديد. فالشيخ يتحسّر على ما لم يعد متاحا له، ويكفي أن يتذكر أجساد الشابات التي كانت تتاح له في شبابه، حتى يشعر باستفزاز شديد، ويتحسّر. ولكن الحل الجماعي الذي ابتدعه البشر وراكموه لتجنب هذا الأمر في هذه الحالة هو الأدوار الاجتماعية، وإحاطة الشيخوخة بالاحترام، فالشباب يحترمون الشيخ وعليه هو في المقابل ان يحترم نفسه ويزهد في اجساد الشابات، والشباب يحترمونه حتى يضمنوا احترام الآخرين لهم حين يشيخون هم. إن البشر يتكيفون مع محدودية الجسد وقصر عمره وإمكانية تدهوره، عن طريق خلق الأدوار الاجتماعية وعن طريق التعاطف مع الشيوخ والمرضى والعاجزين.

أنت ذاكرتك. أما تاريخك الجيني فهو يلقي بظله على وعيك ونشاطات دماغك ولكنه لا يحددك تماماً، هو يحدد صفات جسدك بنسبة عالية جداً، لكن في ما يخص تفكيرك ووعيك وخيالك فجزء كبير منه مكتسب ومرتبط باحتكاكك بالعالم و-الأهم- بالآخرين.

لا عجب أنك تجد في الميثولوجيا أن الوعي يأخذ أشكالا متعددة ويتغير وعاؤه من شكل إلى آخر بالميتامورفوسيس، فالجسد مظهر، وقوة الفرد ليست في حجم عظامه أو صلابة عضلاته بل هي قوة ذاته، طاقته، أو "إرادته"، وهذه الإرادة هي التي تشكل العظم وتنحت العضلات. فالوعي الجبار لا تطاله شيخوخة، وإنما ينتقل ذلك الوعي إلى جسد آخر أو "يتخذ" جسدا جديدا ينحته نحتاً مثالياً يجذب العين ويثير الشهوة، ويقتدر على التعامل مع قوى العالم الفيزيائية.

ولو تم تركيب وعي لليرقة ثم تحولت إلى فراشة، فنظرت إلى المرآة، وتذكرت أنها كانت يرقة وأصبحت فراشة، وقارنت ما هي عليه بما كانت عليه، فهي ستدرك أناها الهائلة، الساكنة خلف خلف اليرقة وخلف الفراشة.

http://1ofamany.wordpress.com



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تريد أن تعرف الله
- جاذبية العناد 2
- في تبرير السأم من الاهتمام
- مُتْ فوراً
- جاذبية العناد
- معنى المعاناة ومعنى الصبر عليها
- عيون مغلقة على اتساعها
- البدائية كرغبة كونية - وداعاً أتلانتيس
- لم أخطئ
- سأكتب قصة
- معنى الأورجازم
- البدائية، كرغبة كونية
- الموقف من استمرار الوجود - ماني الغنوصي
- عصر الأنبياء الصامتين ...
- غاية التقدم... كشف الإنسان 3
- زمن الميمز
- حاول تفتكرني - تحدي الفاني للخالد
- إجابة السؤال الوجودي - من غير ليه
- أزهار سلمى
- قبض الريح - زي الهوا


المزيد.....




- وصول سجناء فلسطينيين مفرج عنهم إلى الضفة.. ونقل بعضهم للمستش ...
- أول تعليق من نتنياهو بعد إطلاق سراح 3 رهائن جدد من غزة
- سوريا.. قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة قرب -دوار السفينة- وس ...
- المرشح الرئاسي في رومانيا يؤكد أن سياسات كييف تؤجج الصراع
- السودان.. مئات القتلى والجرحى إثر قصف لبعض الأحياء وسوق صابر ...
- القائد العام للقوات الأوكرانية يشير إلى ضعف التدريب النفسي ل ...
- موسكو: من المثير للاستياء أن غوتيريش لم يذكر خسائر الاتحاد ا ...
- محكمة بريطانية تسمح بمراجعة قرار الحكومة بيع مكونات لمقاتلات ...
- فيديو: هكذا سلمت حماس الرهينة الأمريكي الإسرائيلي كيث سيغل ف ...
- دراسة دولية: اتكال ألمانيا على نجاحاتها السابقة أوقعها في مأ ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - معنى الجسم البشري - تجارب (1)