بويعلاوي عبد الرحمان
الحوار المتمدن-العدد: 5352 - 2016 / 11 / 25 - 05:25
المحور:
الادب والفن
أقصوصة
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
فتح السجان عاصي باب الزنزانة ، ناداني ثم أمـرني أن أجمع أغراضي
قلت له :
- لماذا ؟
- ستسرح صباح الغد .
- لكن ، لم يحن ........
قاطعني قائلا :
- كفاك أسئلة يا ولد ال.......
- سمعا وطاعة ، سيد عاصي
عند البوابة الخارجية ، ودعني السجان العم منصور قائلا :
- لا أرغب في رأيتك هنا، مرة أخرى ، كن عاقـلا ، عـد إلى قريتك واهتم
بدروسك .
اجتزت بوابة السجن ، سمعت خلفي الباب الحديدي يطبق بشـدة ،أحسست
أنني ولدت من جديد ،أو بعثت من قبرقديم ، لقد أفرجوا عني قبيل الموعد
المحدد لمغادرتي السجن بأسبوع بسبب زيارة مرتقبة للجنة حقوقية أجنبية
لذلك لم أجد أحدا من أفراد أسرتي، أو رفاقي في انتظاري ، وضعـت جراب
الظهرعلى كتفي الأيسر،ويممت وجهي شطروسط المدينة ، فضلت أن أسير
على قدمي تحت الشمس ،عوض ركوب حافلة متهالكة،عند السوق المغطاة
دلني صبي ماسح أحذية ، على محطـة القطار، جـدارالمحطة عال ، تسلقته
بصعوبة ، قفزت إلى الداخل ، كـان خلف الجـدار، أربعـة سكارى يشربـون
كحول الحريق الممزوج بالماء، ابتعدت عن المكان ، كنت ألتفت بين لحظة
وأخرى خلفي خشية أن يتبعوني وقد يغتصبونني في هـذا المكان القفـر، لم
يتحركوا من مكانـهم ، مشيت على سكـة الحديـد ،والحصى ، امتطيت عربة
بضائـع قديـمـة مهجورة ، أنتظـر مرورالقطار، المتجـه صوب مدينـة وجدة
شعـرت بالوحشـة ، السكون يخيـم على المكـان، بعد حوالي ساعة ،سمعـت
صفير قطار ، نزلت من العربة ، لما مرمن أمامي، ركضت بأقصى سرعتي
وتشبتـت بقـوة ببـاب إحـدى العربـات ، ركـبـت ، وجدت مقصورة شـاغـرة
ودافئة ، أغلقت الباب ، رغبت في النوم ،لكن خشيت أن يضبطني المراقـب
وأنا نائم ، تمددت على الأريكة ، توسدت جراب الظهر، ونمت...............
أفقت على دقات متواصلة ، وجدت نفسي وجها لوجه ، مع المراقـب ، طلب
مني التذكرة ، قلـت له في خجـل : (( أنا طالب ، خرجـت لتوي من السجـن
ولا أملـك مالا )) تفـرس بعينيـه الجـاحظتيـن في وجهي وقـال : (( مـن أي
مدينة أنت )) قلـت : (( من العـاصمة )) قـال : (( أعانـك الرب )) شكرتـه
وغـادر المقصورة ، تمددت على الأريكـة ، وأغمضـت عيني ، كنـت أسمـع
صوت دقـات المراقـب تبتعد فتبتعد ، وصوت عجلات القطـار، تسحق سكـة
الحديد .
بويعلا وي عبد الرحما ن ( بُويَا رَحْمَا نْ )
وجدة - المغرب
#بويعلاوي_عبد_الرحمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟