|
اليمن والخليج وسودانيو-ديمقراطية وست منستر-..!!
عادل الامين
الحوار المتمدن-العدد: 5348 - 2016 / 11 / 20 - 18:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لبعض لازال في منطقة لشرق الأوسط المأزومة فكريا وثقافيا وسياسيا يعتقد ان “الديمقراطية” اختراع أمريكي..حتى بعد سقوط جدار برلين وإنتهاء الحقبة الشمولية في العالم التي كانت تقودها الشيوعية الأممية في سنة 1990 وتحول جل العالم إلى الديمقراطية بكل اكسسوارتها من فدرالية ودولة مدنية ومحكمة دستورية عليا وتحررت من إصر الايدولجيات..الديمقراطية موجودة في العالم قبل ان يكتشف كروستورفر كولمبس امريكا وهي جزء من ثقافة الحضارة اللاتنية القديمة..قامت بريطانيا بإعادة إنتاجها ونشرها في كل مستعمراتها القديمة …السودان …الهند..الولايات المتحدة الأمريكية باسم ديمقراطية وست منستر..نال السودان استقلاله عبرها كاول تجربة انتخابية حديثة سنة 1956 وأحزاب حقيقية أيضا هي حزب الأمة والذي يمثل طائفة الأنصار التاريخية بقيادة السيد عبدالرحمن المهدي والحزب الوطني الاتحادي بقيادة الرئيس الازهري والحزب الجمهوري الذي أسسه محمود محمد طه وأيضا حزب الشعب الديمقراطي بقيادة السيد علي الميرغني مرشد الختمية والحزب الجمهوري الاشتراكي بقيادة إبراهيم بدري.. وكانت ولا زالت الدولة العميقة في السودان هي الدولة القائمة على الأحزاب الحقيقية وديمقراطية وست منستر والتي أنتجت سودانيين أكفاء أسهموا في تطوير كثير من الدول العربية كاليمن ودول مجلس التعاون الخليجي..كخبراء.. واليوم لم يبقى غير منطقة الشرق الأوسط مرتعا للامبريالية الصهيونية وادواتها المفضوحة..ويعربد فيها البنك الدولي بأقنعته العديدة المزيفة والايدولجيات المنتهية الصلاحية..القومجية من ناصرية وبعثية والدينية من سلفية وهابية وأخوان مسلمين والمذهبية ولاية الفقيه…وهذه الأوبئة السياسية في القرن الحادي والعشرين هي العدو البيولوجي للديمقراطية الحقيقية وهم نخب رخيصة وشمولية وقابلة للسقوط عموديا الى أسفل بواسطة الدرهم والدينار.. ويعيقون الديمقراطية كما هي في جل دول العالم ألان وجزء من حضارة القرن الحادي والعشرين بل هي حتمية تاريخية العودة للشعوب ورفع الوصاية على الناس… **** السودان وسودانيين وست منستر -مقبس من كتاب دكتور منصور خالد السودان تكاثر الزاعزع وتناقص الاوتاد-السودان هو أول قطر ينال الاستقلال في أفريقيا جنوب الصحراء إذ كان أول بلد استقل في تلك الرقعة من القارة بعد ليبريا، الدولة التي اصطنعها اصطناعاً الرئيس الأمريكي جيمس مونرو في عام 1847م ولهذا نُسب إسمُ عاصمتها إليه (مونروفيا)، وأثيوبيا التي ظلت تنعم بالاستقلال على عهود نجاشييها المتعاقبين إلى أن احتلها الإيطاليون في الحرب العالمية الثانية ثم أجلوا عنها بعد اندحار الفاشية في إيطاليا عام 1944. كما كان السودان أيضاً هو ثالث قطر في الشمال الأفريقي ينال استقلاله بعد مصر وليبيا التي استقلت عام 1951م في أعقاب سقوط الفاشية. أما الدول الأخرى الثلاث فقد نالت اثنتان منهما (تونس والمغرب) استقلالهما في نفس العام الذي استقل فيه السودان (1956م) ولكن بعد استقلاله بشهور، كما أصبحت الجزائر دولة مستقلة في عام 1962م. برحيله عام 1956م خلّف الاستعمار وراءه آثاراً لا ينكرها إلا مُكابر: خدمة مدنية قادرة، وقضاء رفيع، وجامعة ذات بال. ولعل هذا هو السبب الذي حمل كثيراً من إخوته في المشرق والمغرب للاعتضاد به بعد استقلاله إما بحثاً عن فرص التعليم، أولصياغة الدساتير عند الاستقلال، أو لإرساء قواعد القضاء والتشريع، أو تسيير الإدارة، أو فض النزاعات التي طرأت فيما بينهم. فكلية الخرطوم الجامعية، مثلاً، هي التي دَرُب فيها الرعيل الأول من حكام اليمن الجنوبي، ودستور اليمن الجنوبي تم صوغه على يد شيخنا الجليل الراحل محمد أحمد أبورنات، وأسس الحكم الشرعي في شمال نيجريا أرساها ثلاثة من أكبر القضاة الشرعيين الراحلين: النور التنقاري، بشير الريح، محمد صالح سوار الذهب، ودستور دولة الإمارات أسهم في وضعه الدكتور حسن الترابي، وأسس الإدارة الحديثة والأمن فيما كان يعرف بالإمارات المتصالحة (Trucial States) والتي أصبحت، بعد توحيدها واستقلالها، دولة الإمارات المتحدة، قام بوضعها نفر من القادرين من رجالات الإدارة والقانون من السودانيين. من جانب آخر لجأت المنظمات الإقليمية، أول ما لجأت، إلى السودانيين للاستفادة من دربتهم ودرايتهم في مناشط عدة مثل استعانة اللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة بمدير الخطوط الجوية السودانية، عبد الباقي محمد لوضع المشروع النموذج للخطوط الجوية للدول الأفريقية الناشئة، وانتداب منظمة الوحدة الأفريقية في بداية عهدها لكبير دبلوماسيي السودان في زمانه، محمد عثمان يس، لفض النزاع بين الجزائر والمغرب في مطلع الستينات، واستدعاء الأمم المتحدة له لوضع أسس تدريب الدبلوماسيين في الدول الأفريقية التي استقلت حديثاً. لكل هذه الأسباب أطلق الأمين العام الثاني للأمم المتحدة، داق همرشولد، على النخبة السودانية اسماً يبعث على المسره: “بروسيو أفريقيا” (The Prussians of Africa). وقد عُرف البروسيون، ومنهم بسمارك، بشدة المراس، وقوة الشكيمة: وعندما وفد الى السودان قبيل رحلته المشئومة إلى الكنغو التي لقي فيها حتفه، أبلغ همرشولد وزير خارجية السودان محمد أحمد محجوب عن عزمه على اختيار أول أفريقي من السودان ليصبح نائباً للأمين العام للأمم المتحدة وسكرتيراً تنفيذياً للجنة الاقتصادية للأمم المتحدة بأديس أبابا. مرشحه للمنصب يومذاك كان هو الراحل مبارك زروق، زعيم المعارضة بالبرلمان السوداني، إلا أن تقديره للسودانيين ارتفع كثيراً عندما أبلغه المحجوب أن السودان لا يستطيع التخلي عن زعيم معارضة في قدرة زروق على تدبير الأمور وتسويتها. وهكذا اتفق السياسيان السودانيان، محجوب وزروق، على ترشيح الأستاذ مكي عباس للمنصب. هذا جزء من التاريخ نستذكره لا من باب النوستالجيا، فالنوستالجيا شوق مرضي لما فات، وإنما لاستكشاف الظروف التي جعلت بلداً كان في بداهة استقلاله محط أنظار العالم البعيد والقريب ينتهي به الأمر إلى بلد إخوة أعداء ينهش الواحد منهم لحم الآخر، ولايبالي بذلك إلا لماماً. الاستعمار ليس بسامري بيد أن الاستعمار لم يكن سامرياً فاعل خير، وإنما كان دولة غازية جاءت بها إلى السودان مصالح حيوية يسعى إلى تحقيقها بأقل التكاليف. من ذلك حصر التنمية في الشمال النيلي: الشمالية والسودان الوسيط ما بين النيلين. فتلك هي الرقعة التي تتسع فيها الأراضي الصالحة للزراعة، وتغمرها المياه، وتتوفر فيها العمالة ذات الدربة في الزراعة، إضافة إلى قربها من المرافئ البحرية لأن الاقتصاد السوداني كان، في جوهره، اقتصاد تصدير مــــن المستعمــــرات إلى المتروبول. هــــذا النمــــوذج المثال للتنمــــية (Development Paradigm) أغفل، بطبيعته، كل الغرب (كردفان ودارفور)، والشرق باستثناء بورتسودان، والنيل الأزرق، ثم الجنوب. ولعل الأخير سقط تماماً من حساب المستعمر لأسباب عدة منها عدم استقرار رأيه على أن كان الجنوب سيبقى جزءً من الشمال أم يلحق بمستعمرات شرق أفريقيا، كما منها التخلف المريع الذي كان عليه الجنوب والتكلفة الباهظة للإرتقاء به. المشروع التنموي الوحيد الذي أقامه البريطانيون في نهاية أربعينيات القرن الماضــــي كان هو مشــــروع أنزارا الإعــاشي والذي أطلــق عليه منشئوه الــدكتور توتـهل (مــدير الزراعـــــــــة، ومن بعــد أول مــــدير لكــلية الخـــــــرطوم الجامعية) وصــــفاً لا يخـــــــلو مـــن التهـــوين من قــــدر المنتفـعين بذلك المشــروع “تجـــربة في النشـــــــــوء الاجــتمــاعي للســـلالات الأصــلية فــــــــــي المـــناطـــــــق النـــــائيـة”. (Experiment in Social Emergence of Indigenous Races in Remote Areas). لهذا، فإن خلف الاستعمار عند خروجه مؤسسات تعليمية وإدارية ذات قدارة إلا أنه أيضاً ترك من وراء ظهره قنابل زمنية إن لم تقتلع في الوقت المناسب، سيقود انفجارها إلى خراب واسع وأذى عميم- انتهى الاقتباس-كتاب السودان تناقص الاوتاد وتكاثر الزعازع-د.منصور خالد)).. **** وألان بالنظر فقط للدولة المستقرة سلطنة عمان سنعرف الفرق بين سودانيين وست منستر وغيرهم من الدول الأخرى المؤثرة في المنطقة ..أسهمت الكفاءات السودانية مع السلطان قابوس منذ السبعينات في نقل دولة سلطنة عمان من دولة ريعية تقليدية الى دولة حديثة دون جعجعة جوفاء وقعقعة شديدة ودون موت رخيص ومجاني ومقابر جماعية..لان الرؤية السودانية حرة ومنفتحة على العالم ..فقط مغيبة…ولا نريد ان يختزلنا الآخرون في البشير ونظامه المكون من مخلفات القوميين العرب والأخوان المسلمين والحديث ذو شجون..
#عادل_الامين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عاصفة الحزم والخليجي 24
-
السودان وعاصفة الحزم التي نقضت غزلها
-
احتضار الراسمالية الاحتكارية - مقارنة بين رأسمالية الدولة وا
...
-
حزب الامة القومي في السودان
-
السودان وحلم العودة الي البرنامج الوطني
-
رئيس جمهورية ايوكا
-
السودان الاصل والصورة
-
القناص
-
..وربما اكل الكلب مؤدبه ..
-
الطريق الطويل الى الديموقراطية
-
لازالت مشكلة الجنوب هي نفس مشكلة الشمال
-
الجامعة اليمنية-الاسلامية- العالمية في زبيد
-
في السودان ..هذا او الطوفان
-
وما زالوا يحتفلون بأكتوبر!!
-
حزب الامة -الاصل-
-
مصر ومشاريع الحداثة الزائفة”الفجر الكاذب-
-
الطفل الأبنوسي
-
الفدرالية هي الحل
-
الجنرال في متاهته
-
مأساة تشكيلي :بهنس..اخر في اليمن
المزيد.....
-
مسؤول مصري لـCNN: وفد حماس بالقاهرة الأسبوع المقبل لبحث المر
...
-
العراق.. تراجع عن مطلب خروج الأمريكيين
-
ضربة جديدة لحكومة ميلوني: إعادة 43 مهاجرا من ألبانيا إلى إيط
...
-
متظاهرون يتصدون لمحاولة طرد أحد المستأجرين من حيّ تاريخي في
...
-
51 مليون يورو .. بيع سيارة مرسيدس للسباقات تعود إلى الخمسينا
...
-
رئيس جمهورية بريدنيستروفيه: احتياطيات الفحم لتوليد الكهرباء
...
-
لافتات في غزة دعما لموقف السيسي ورفضا للتهجير على أنقاض الحر
...
-
الخارجية الروسية تؤكد أهمية عرض الممارسات الدموية للقوات الأ
...
-
-أمريكيون موتى-.. خبير يذكر ماسك بـ-الأهوال- التي رأتها القو
...
-
أسير محرر يعود إلى غزة ليكتشف مصرع زوجته وطفلته خلال الحرب (
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|