أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح10














المزيد.....

حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح10


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5346 - 2016 / 11 / 17 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح10

من بين الكثير من الأوراق والكتب المتراكمة وبعض الدفاتر التي فيها تدوينات خاصة وأيضا بعض الصحف المتنوعة ومجلات قديمة وجد ضالته التي أجهدته كثيرا، إنها بعض الأوراق التي كانت سميرة قد سطرتها كجزء من ذكرياتها الشخصية أو مذكراتها منذ الطفولة، عادت له الآن البسمة وكأنه وجدها حاضرة أمامه حية بابتسامتها المعهودة، أسترخ قليلا وأسند ظهره على جدران السرداب الباردة وعين والدته تراقب كل أنفعالاته، رفع عينه بأتجاه الشباك في أعلى وجدها تنظر له بحنية مبالغة، فأسئلته إن كان يرغب بشيء من الشاي والكعك... كان توقيتا ممتازا في هذه اللحظة... أجابها بنعم فورية.
في شباط من عام 1959 في قرية حمدان النائمة على ضفاف شط العرب ولدت سميرة، والتي كان أسمها قد تغير أكثر من مرة في بيت جدتها لأمها وهي لازالت يتيمة وقبل أن تولد، كريمة أسمها الأول هو ما أختارت تلك الجدة السومرية لحفيدتها وهي تتابع من خلال المذياع (الرايدون) كما تسميه أقوال زعيمها الخالد، تمنت أن يكون ولدا لتسميع عبد الكريم، وبخت أبنتها على هذه الولادة وإن كانت فرحة جدا بها ولا يضر فالكريمة من الكريم... طبعا عبد الكريم أجمل سيكون.... لا بأس ستكون زعيمة أنا رأيتها في أحلامي كأنها حمامة تطير في الجو عاليا وكأنها نسر لا تخاف....
_أمي وماذا جنينا نحن من الحمام والطيور الجارحة لقد ولدت بلا مستقبل لأنها بلا أب.
_الأب طريق واحد من عدة طرق للمستقبل... لم أترك سنوات عمري لأجلك لولا أنك ولدت لأب ولفترة قصيرة.... هل تتذكريه وجهه أو ملامحه على الأقل؟
_بالطبع فشهورك السبع لا تمنحك أدنى فكرة عنه وأجتهدت أن تكوني أنت أبنتي وأنا أبوك وأمك وكل ما لديك... أتركيها لعها تنقذنا من هذه اللعنة التي أصابت سلالتنا المنكودة.
_ولكن يا أمي لا تنسي أن الرب قد كتب لها ما لا نعرف.
_أنا أعرف ما كتب لها وسترين ستكون حمامة سلام.
هذا كل ما دونته عن فترة والولادة واليتم دون أن تذكر عنوانا أو ما يدل على جهة محددة يمكن أن يسأل فيها عما يريد، مع الشاي الدافئ تعمق بعيدا في قراءة ما كتبته سميرة خاصة في مرحلة الطفولة، هناك في البصرة القديمة بجدران أبنيتها التراثية وأزقتها التي تشبه كثيرا درابين كربلاء وعالم المدينة التراثي، كان عشقها للبادكيرات والأبواب والمقرنصة والشبابيك الملونة بالزجاج المطعم أوقد فيها حب اللون وتنوع مفردات النحت على الطوب والطابوق، كانت تلك البيوت المطلة على النهر والتي تصطف على أمتداد شارع العشار مدرستها الأولى في عالم الفن والجمال.
في الصف الثالث الابتدائي وفي مدرسة أم سلمة للبنات كانت معلمة الرسم هي من أكتشفت سميرة، التي لم يقبل مدير النفوس أن يسجل أسمها كريمة في سجلاته عام 1963، وأصر على تغير الاسم فأختار لها سميرة توافقا مع لون بشرتها البصري النقي، من المعيب أن يمنعك أحد أن تختار أسما أو أن يعطوك هوية بمذاقهم حتى لو كانت جميلة، الست صباح قرأن في رسوم طالبتها الفقيرة دفقا من الحنان والمحبة والتنوع في اللون وخطوط لا يمكن لطفلة أن تجيدها بهذا القدر من الأتقان، بقيت سميرة تحت رعاية ست صباح حتى نالت جائزة الرسم وهي طالبة في الصف السادس الابتدائي في معرض المدارس التي تقيمه دائرة المعارف سنويا.
الليل الذي أسدل أوائل أطلاله دفع أم كريم لتنزل تحت تبحث عما يجعل كريم متسمرا مكانه طيلة اليوم هنا، عن أي مهم يبحث... ساورتها شكوك كثيرة وأفكار هي الأخرى مجنونة أن تكون الجنية التي تزوجت كريم حاضرة معه وقد تنزعج منها، بادرته بالقول...
_أمي هل ترى شيء غريب هنا.
_نعم أمي، الغريب أنك تنزلين هنا في عز الخريف وأنت التي تركت النزول في عز الصيف... (قالها بمزاح طفولي)
_ لا أمي أنا أتكلم معك وفي رأسي الكثير من الكلام.
_أعرف أمي أنك تبحثين عن وهم وخرافة.... لا جنية ولا جني في المكان ولكنني أجد نفسي هنا في عالم أخر عالم لا تلوثه ضوضاء المكان وهذا السحر الذي أنا فيه يمنحني سلاما وتمردا على الضجيج.
_لا أعرف يا أمي ماذا أقول لك ولكن قد أمتلأ هذا الرأس بالكثير من الحشو عن قلق أو عن خوف .... لا أدري ولكن ما يهمن الآن أن تكون بخير.
_أطمئني فما زلت حرا أنا بخير... لا تصغي لحديث الناس فمن يفتح أبواب أذانه لهم لا يتلقى إلا الصداع المزمن... أذهبي سيدة هذا البيت وسأكون ورائك بعد قليل....
أستسلمت الأم لإرادة أبنها وشعرت بشيء من الأطمئنان وذهبت لتعد طعام العشاء الذي ما زال منذ العصر متربعا على (أم الفتل) المركونة قرب الزاوية المجاورة للغرفة والحمام تحت الدرج... قطع هدوء البيت كلام وغناء ينبعث من السرداب وفرحة مفاجئة...وجدتها.... وجدتها أنها أخيرا بين يدي.... وجدتها.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوارية القمر والسلالة المنسية
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح3
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح9
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح2
- مدينتي ..... النائمة في بحر العسل
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح8
- بين الأربعين وواقع العراق الحزين ح1
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح7
- الجنة ومفهوم الكهنوت الديني للفرصة المتاحة للفرد بنيلها
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح6
- محذور ...... من أن تحب
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح5
- المقدمات والنتائج في قراءة مبكرة للانتخابات الأمريكية (2)
- المقدمات والنتائج في قراءة مبكرة للانتخابات الأمريكية (1)
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح4
- وكل شيء أحصيناه ..... تراب
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح3
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح2
- حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح1
- الدين والثورة ومستقبل المجتمع. ح 3 (راهنية التجربة في الواقع ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - حين يحزن القمر ...تغني البحار_رواية_لعباس العلي ح10