أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ييلماز جاويد - إعادة كتابة القاموس














المزيد.....

إعادة كتابة القاموس


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 1418 - 2006 / 1 / 2 - 11:57
المحور: كتابات ساخرة
    


درجت الأمم على تأليف القواميس لتفسير معاني كلمات اللغة ليسهل فهمها على بنيها وأغرابها ، فتجد الكلمة في القاموس موضّحة معناها ومرادفاتها وفي بعض الأحيان إستعمالاتها المختلفة التي قد تختلف في موقع عن آخر أو لهجة في اللغة عن غيرها .

والحياة صورة من صور اللغة ، تمرّ أيامها على البشر ، وفي الناس من لا يفهم مضامينها إلاّ إذا تم توضيحها بأسلوب سلس يقرّب المعنى إلى أذهانهم .

أما في السياسة ، والصراع بين الحق والباطل ، فإن متبنيّي الباطل يكون تفسيرهم للحياة غير الذين يتبنوّن الحق ويناضلون من أجل تقدّم البشرية .

لقد كانت من أوائل خطوات الطاغية في هذا المجال تأليفه لجنة إعادة كتابة التأريخ ، وتوجيهاته إليها بنسخ التأريخ وتصويره بصورة مشوّهة ، وقلب الحقائق المتعلّقة بالفترات المظلمة والكالحة من التأريخ إلى فترات إزدهار ، وإيجاد التبريرات لكل ما كان يعتور التأريخ من الظلم والتخلّف . وتلت مرحلة إعادة كتابة التأريخ إعادة ترميم الآثار والمواقع التأريخية ، بحيث طلب في إعادة بناء آثار بابل أن يكتب إسمه على الطابوق المستعمل في البناء . وفي أثناء الحرب العراقية الإيرانية فإنّ وسائل إعلام الطاغية التي كانت تضمّن البلاغات العسكرية بما كانت تسميه خسائرنا بأقل من عُشرها ، فقد كفّت عن ذكر الخسائر فيما بعد لأن متراكم الخسائر المعلنة قد بلغ عددا مهولا لا يتحمل سماعها السويّ ، ومع ذلك فإن وسائل الإعلام كانت تصف كل خسائر المعارك التي كانت تدور بالإنتصار . وقد خرج علينا يوما على شاشة التلفاز طه ياسين رمضان وأشار إلى واحدة من إيجابيات الحرب العراقية الإيرانية أن الشباب العراقي قد سنحت له الفرصة للتدرّب على الروح القتالية والجلد في ساحة القتال .

عشنا أكثر من ثلاثة عقود ، يُقلب فيها الأسود أبيضا ، ولا أحد يجرأ أن يعترض دون أن يكون مصيره الفناء ، فكم كان شراء البصل يُفرض على المواطن مع الطماطة ولا مجال للإعتراض ، وكم كان الموز الأخضر يُفرض على الخلق والمعترض يعتبر قد شتم الحكومة ، وكم من أناس أعتقلوا من بيوتهم وأعيدت جثثهم بعد أشهر مع التوصية بعدم إقامة مجلس الفاتحة على أرواحهم . وكم وكم وكم !!

يقف الطاغية في قاعة المحكمة متحديّا أن يأتي شاهد ويشهد بأنه هو شخصيا قد قتل عراقيا ، وذاكرة الشعب تذكر مقتل إبن خالته ، أوّل ضحاياه ، فهل مات إبن خالتك بصعقة كهربائية أم بطلقات من مسدسك يا إبن العوجة ؟ والناس تذكر مقتل إبن خالك ، ولم يكن أثناء حكمك من يجرأ على تكذيب المسرحية التي وصفت مقتله إلاّ ويكون مصيره الموت ، وطبيبك الخاص إذ شفي من الشلل الذي كان قد أصيب به في لسانه فنطق وكشف كيف قتلت وزيرك رياض إبراهيم بعد أن فقأت عينيه . وإعدام رفاقك في القيادة بالجملة بدون محاكمات وأنت تضحك وتدخّن السيكار الكوبي ثمّ تمثّل دور الباكي عليهم أو عمليات إغتيال آخرين منهم بحوادث مفتعلة على طريق الحلة أو عواصم الدول الأخرى . هذا الشعب الأصيل لا يزال يذكر كيف كان الجندي المتخلف عن الإلتحاق بوحدته يعدم رميا بالرصاص وتستوفى قيمة رصاصات الإعدام من ذويه . إن هذا الشعب يعرف أن الطائرات التي رمت حلبجة وسكان الأهوار بالقنابل الحارقة والغاز المميت والمدافع التي رمت العتبات المقدسة ، ما رمتها إلاّ بأمر منك ، ولا الشهداء الراقدون في المقابر الجماعية قتلوا ودفنوا بدون أمرمنك . إنّك تدّعي بأنّك كنت الرئيس العراقي وخدمت العراق خمسا وثلاثين عاما ، فيا سوء ما فعلت . وإن كنت تعتقد أن ضوء النهار يحجب بالغربال فأنت واهم . وإن كانت هناك بعض الآمال لديك معقودة على الراعي القديم في الخلاص من القصاص العادل ، وجعلتك تستأسد في جلسة المحكمة فأنت في خطل عظيم . وتدّعي ، وكأنّك بطل هُمام ، أنّ الذين قاموا بإلقاء القبض عليك قد طرقوا الباب عليك فخرجت إليهم كاشفا عن هويتك ، فأيّ باب لجحر الفئران الذي وجدوك فيه قد طرقوا ؟ ثمّ تطلب من المحكمة ، في حالة الحكم عليك بالإعدام أن ينفّذ الحكم رميا بالرصاص لأنّك كنت القائد العام للقوات المسلحة ناكرا هروبك من ساحة المعركة والإختباء في ذلك الجحر الذي تم فصاله خصيصا لك .

لقد كنت أراجع معاني الكلمات المستعملة من قبل الطاغية ووسائل إعلامه والرهط الموالي له في الوقت الحاضر بدءا من هيئة المحامين المدافعين عنه وإنتهاء بالناس البسطاء المخدوعين بشخصه ، فأجد تفسير الكلمات في القاموس لا يتطابق مع مدلول الكلمة المستعملة في لغتهم ، فصرت حائرا ، فهل ان للكلمات معان متعارضة أم أنّ هناك خطأ في القاموس ، مما يتطلّب إعادة كتابته .



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توبة إبن آوى
- الصراع والحياة الأفضل
- حيّيت شعب العراق
- بيت الزجاج
- تكتيك لكل خطوة
- نمور من ورق
- وجهان للديمقراطية
- رصانة الجمعيات في المهجر
- المبادئ الخّيرة .. لا الأفكار السلفية
- درس من التجربة
- المنصور
- الوسيلة : الديمقراطية
- بداية النهاية
- الشعب خالد
- الشيئ بالشيئ يذكر
- بناء العراق الجديد
- فاجعة جسر الأئمة درس
- آفة الأمية وفشل اليسار في إنتخابات كانون الثاني
- مدى تساوق المصالح المتناقضة


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ييلماز جاويد - إعادة كتابة القاموس