|
الإسلام و العداء الحتمي للحضارة الإنسانية 2/2.
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 5343 - 2016 / 11 / 14 - 00:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
وكما نرى( كما فصلنا في الجزاء الاول من المقال ) ففي كل شيء ، كل شيء وبدون أي استثناءات بما تعلق بقيم الحضارةـ فأمة الإسلام و الحضارة الإنسانية ليستا حتى خطين متوازيان لا يلتقيان ، بل هم على طرفي نقيض وفي تصادم ، فما هو مرغوب لدى طرف ، فهو منبوذ ومكروه بشدة لدى الطرف الآخر ، وما هو مرغوب لدى طرف ، هو منبوذ لدى الآخر ، وهو ما يحيلنا لا محالة إلى تأييد رأي هنتجتون ، وعموما وحتى بدون هذا السرد ، فيمكن لمس ما نقول لمن يريد من الخطاب الإسلامي التقليدي ، فهذا الخطاب معادي للحضارة الإنسانية ، ومشنع بها ، ونقصد هنا بالتحديد كلام الفقهاء الكافر و الرافض للحضارة الغربية والتي هي النواة الصلبة للحضارة الإنسانية ، فأنت لا تجد شيخا أو فقيها ، أو شخصا له علاقة بالدين الإسلامي ، إلا و تراه يسب ويشتم في الحضارة الغربية ليل نهار ، فكل الشرور في الحضارة الغربية ، و الشيطان الأكبر هو الغرب وحضارته ، وشخصيا لا يبدو لي من المستغرب أنه و رغم العداء الرهيب و المذابح المريعة بين السنة و الشيعة ( وهما اكبر فرقتين مسلمتين ، قد تخاصمتا في كل شيء ) أن يتفقا في نقطة العداء للحضارة الإنسانية ، فهذا الأمر بديهي ، و شخصيا أدرك لما حصل هذا ، و هو لسبب بسيط جدا في الواقع .
ببساطة إن رجل الدين المسلم سواء شيعيا أو سنيا ، فهو يرى في الواقع أن الحضارة الإنسانية والغربية تحديدا الهي التجسيد الحي لكذبه و فشله ، ففي التاريخ الإسلامي وحين جوبه المسلمون بالأسئلة المصيرية إتجاه توجههم ، كمركزية العقل ، او مركزية الإنسان و أولوية الحرية الخ ، كان الفقهاء يدلسون على المسلم المقهور بقوة الإرهاب و القمع ، أن النقل مثلا هو أحسن من النقل ، و أن العبودية أحسن من الحرية ،و أن الكهنوت أحسن من حرية الفكر ، وزعموا أن هذه هي الخيارات المصيرية التي ستقود المسلمين نحو العزة و الفخر و المجد ، ولكن ما الذي جرى ؟ لقد مر الزمن و جاءت الحضارة الغربية وكشفت زيف ذلك الكلام الكاذب ، فهي بدل النقل إختارت العقل ، بدل العبودية إختارت الحرية ، و بدل الكهنوت إختارت العلمانية ، وفي كل شيء قال له المسلمون نعم قالت الحضارة الغربية له لا ، وفي كل شيء قال له المسلمون لا ، قالت الحضارة الغربية نعم ، و ماذا كانت النتيجة ؟ لقد كانت كل خيارات الحضارة الغربية صحيحة ، بينما ثبث زيف كلام الإسلام ، فهذا هذا الهيلمان العظيم الذي نراه متجسدا في الحضارة الغربية من علوم ومعارف ، و الحضارة و الإزدهار الذي يفر المسلمون في قوارب الموت للوصول إليه ، كلها كانت نتيجة لنقض كلام الفقهاء و كلام الدين الإسلامي ، ونتيجة لفعل ما هو عكس ، وليس حتى مختلفا عنه قليلا ، و عليه فهذا هو ما يجعل الحضارة الغربية و الحضارة البشرية بالعموم ، هي أعدى أعداء الدين الإسلامي و أمته ، فهذه الحضارة بمجدها و ازدهارها وبريقها في هذا العالم ، هي المثال الحي على سقوط الإسلام وفشله ، و على أنه محض أكاذيب يتم إستغفال المسلمين المقهورين بها .
وكإضافة على هذا هنا، فقد وجب القول أن المسلمين و لفترة من تاريخهم قد لاحظوا هذا ، فبعد موجة الاستعمار و إحتكاك المسلمين بالغربيين المتحضرين ، رأوا بأم أعينهم زيف و كذب رجال الدين عليهم ، و رأوا التحضر على أصوله ، و أكتشفوا الأكاذيب التي روجها الفقهاء وسطهم ، وعليه قامت في بدايات القرن العشرين و لفترة ما دعاوى من بعض المتنورين في بلاد المسلمين لنبذ التراث و الأفكار المتخلفة التي عاش فيها المسلمون ، فتلك الأفكار لم تحمل سوى البلاء و الخراب على المسلم بنظرهم حينها ، و حصل في تلك الفترة تطور كبير في بلاد المسلمين بسبب هذا ، حيث كانت بعض البلاد المستعمرة ـ تسعى لتقليد المستعمر لأكتساب سبل الحضارة ، و التمدن ، وقد قطعوا شوطا فيهذا ، و لكن ورغم كل هذا وللأسف ، فهذا لم يدم ، فالمسلم الذي تعلم قيم الحضارة من المستعمر كالحرية مثلا ، ثار لطرد المستعمر من بلاده ، ولكن وكنتيجة لهذا للأسف ، و لأنه المسلم لا يملك قيم التحضر كقيم راسخة في شخصيته ، فقد عادت سطوة الكهنوت تتسلل ببطئ لتحمه ، و عاد المسلم للسقوط في براثن الهمجية والتخلف الإسلامية ، فقد سيطرة رجال الدين رويودا رويدا على المشهد ، و روجوا لنظريات من قبيل خطورة التغريب ، و خطورة الغزو الثقافي ، و أنه يجب العودة للتراث وتقاليد الآباء و الدين ، من أجل التحرر المطلق من هيمنة الإستعمار ، و طبعا و لأن المستمعر كفرد مختلف عن المستعمر من حيث قيمه ، فقد أدى هذا لعودة المسلمين لهمجيتهم المعهودرة من إحتقار للمراة ، وعداء للحرية ، ونبذ للعقل ، وربما تمثل دولة الخلافة داعش ذروة هذا المشهد المأساوي ، ففيما هناك في هذا العالم حضارة تحمي حتى النباتات والحيوانات من الأذى من باب الإنسانية ، هناك وفي ذات الوقت أناس يذبحون ويفجرون و يسفكون دماء البشر بدون أي رحمة او ضمير ، و يدمرون أثارا لا تقدر بثمن لأجل الهراء ، و هو المثال الأكثر دلالة على حالة الصدام الحتمي هذه بين الحضارة الإنسانية ، و بين أمة الإسلام ودينها ، و طبعا هنا فمن يزعم غير ذلك ، ليس سوى ملديس ، فهذا الكلام هو الكقول أن داعش و بتصرفاتها تشبه حكومة الدانمرك وتصرفاتها ، و هو الهراء الفج المحض .
و على هذا فلا يمكننا وبعد هذا السرد ، إلا أن نقول ختاما أن الإسلام و أمة الإسلام ، ليسوا سوى أعداء للحضارة الإنسانية بالحتمية ، و أن الحضارة الإنسانية في جوهرها هي نقيض للإسلام ، وعليه فهي لن تتقدم إلا بقمع الإسلام ، و كذلك قمع المسلمين الذين يحملون أفكاره المعادية للبشرية ، فالسماح لهذا الدين بالوجود في العالم ، هو كالسماح للأفعى سامة بالتجول بحرية في منزلك و أنتظارها إياها لأن تلدغك ، لهذا فعن دعوات حوار الأديان ، وحوار الثقافات ، وخرافة الإعتدال الإسلامي ، فهي بتصوري لا يجب أن تلقى سوى الرفض ، فهي ليست سوى ضحك على الذوق ، وتقية من دين يؤمن بالتمسكين لحين التمكين ، للانقضاض على العالم ، فهذه الأفعى لا أمان لها ، وهي خطر على الإنسانية كلها ، فنحن هنا لا نتحدث عن صدام في قيمة أو أثنين او حتى ثلاث وهو أمر مشروع في إطار التعدد ، ويمكن إيجاد حلول وسطى معه ، و لكننا نتحدث عن دين هو النقيض مع الحضارة الإنسانية وفي كل شيء ، ومنه فبقاء الحضارة الإنسانية يعني زوال الإسلام ولا بد ، فيما تمدد الإسلام بالضرورة فيعني زوال الحضارة البشرية ولاشك أو على الأقل إنهاكها بالضربات ، ولك أيها الإنسان أن تختار .
رابط الجزء الأول من المقال :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=537819
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام و العداء الحتمي للحضارة الإنسانية 2/1.
-
الإسلام و سياسة التشويه كآلية للإستمرار .
-
المسلمون ومتلازمة ( جيري هيشفانغ ) .
-
لوبيات الجهل المقدس .
-
عن الإسلام و نشره الغباء بين معتنقيه .
-
وهل لدى المسلمين عدى الإرهاب و القتل ؟ .
-
المسلمون والتخريب الممنهج للحضارة الإنسانية .
-
- ثمن الايدولوجيا - الجزائر نموذجا .
-
للتعريب بالقوة نعم ، ولرفضه ولو بالكلام لا .
-
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 2.
-
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 1.
-
البوركيني لإغاظة الفرنسيين لا أكثر .
-
إزدراء الأديان و الاستقلال عن دولة الإسلام .
-
التحرش كإفراز طبيعي للقيم المجتمعية الإسلامية .
-
الإسلام كمشكلة للعالم .
-
خرافة إسمها الشريعة الإسلامية .
-
عنصرية أوربية أم همجية إسلامية .
-
تربية المسلمين قبل تربية اللاجئين سيدة ميركل .
-
عن براءة الأزهر من سجن إسلام بحيري .
-
دولة بها مساجد، دولة في خطر.
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|