أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - في بغداد, أب يعرض ابنه للبيع















المزيد.....

في بغداد, أب يعرض ابنه للبيع


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5342 - 2016 / 11 / 13 - 20:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بغداد, أب يعرض ابنه للبيع

اسعد عبدالله عبدعلي

أب يعرض ابنه للبيع, لا تتعجب, أنها قصة حقيقية, وفي عاصمتنا الحبيبة بغداد وليس في قندهار , وفي عامنا هذا وليس في زمن أبو سفيان أو بني أمية أو المغول, حدثني صديقي وهو مهموم ويائس, قال لي: تعلم أنني لم أحقق حلمي باني يولد لي طفل, لان زوجتي عاقر ولا فرصة للإنجاب, لكن أحبها فلم أفكر في الزواج بامرأة أخرى, لكن قبل أيام جاءني ابن عمي يبشرني بحل مشكلتي, قلت له كيف اخبرني؟ فقال: هنالك رجل أرمل لديه أطفال كثيرون, ويريد أن يبيع ابنه الصغير وعمره عام واحد فقط, ويطالب بمبلغ قدره اثنتا عشر مليون دينار, فقلت: عجيب هل يعقل هذا! أن يوجد أب هكذا يفكر ويقرر, لكن في الأخير قبلت بالأمر لأكسب به اجر, ولأجل مشكلتي وتحقق حلمي.
وأكمل صديقي سرده للحدث الغريب, وقال: وذهبنا أنا وابن عمي للرجل, وجلسنا نتفاوض معه, والحقيقة هو يطلب اثنا عشر مليون فعرضت عليه ثمانية مليون دينار, وهي كل ما املك, فرفض بداعي انه قد تم عرض عليه مبلغ اكبر, فخرجت حزينا مكتئبا عن جدلية العطاء والحظ والقيم.
الكثير من القصص الغريبة تحدث هنا في العراق, من امرأة تحرق طفلة بعمر سنتين, الى ذلك الشاب الذي يغتصب فتاة بعمر خمس سنوات, الى أطفال تدفعهم العصابات الإرهابية ليفجرون أنفسهم في الأسواق, بعنوان الجهاد, فأننا في واقع تنتهك فيه الطفولة يوميا تحت عديد العنوانين, من دون أي همة لإيقاف هذا الانحراف في الدولة, من عملية السكوت عن اضطهاد الطفولة.

● طفولة تضيع بسبب القانون المغيب
حصول هذه الانكسارات الاجتماعية سببها غياب القانون, وضحيتها الأطفال, حال يدركها العراقيون جيدا, ليس في الأمر سر, بل واقع مؤلم نعيشه, تسبب بضياع حقوق فئات واسعة من المجتمع فقط, لأنها لا تملك القوة على استعادة حقوقها, فان تفعيل القانون يجعل المجتمع تنتظم حياته, المجتمع يعيش حالة غريبة من الضياع, فلا يوجد تمثيل للقانون في الأرض, من النادر أن نشاهد دورية شرطة في الأزقة, ومراكز الشرطة بعضها تحولت لدكاكين وليس مكان لحل المشاكل.
وهكذا تباع الأطفال بل الأدهى أن تباع أعضائهم سد للفقر والحاجة, حتى عمليات عصابات الخطف تتوجه نحو الأطفال, فيخطفون ليباعوا في بلدان الجوار, في ظل صمت حكومي وشلل عجيب, وهكذا تضيع الحقوق يوميا.
أتذكر كلام صديقي محسن عن تلك القصة التي حدثت في منطقة الحميدية قبل أعوام حيث قال لي: خرج صباحا طفل بعمر تسع سنوات لتبديل قنينة الغاز يدحرجها في الطريق نحو محطة الغاز, وفي الطريق اعترضه شاب عاطل ومجرم, فقام بقتل الطفل واخذ قنينة الغاز كي يبيعها بخمسين ألف دينار, ويكمل صديقي محسن بقوله: ( لو كانت هناك دوريات شرطة لما تجرا احد على فعل جريمة في وضح النهار, وهكذا يكون ضحية ضعف القانون طفل بريء).
أنها عمليات انتهاك يومي لعالم الطفولة, ومن دون أي رادع, مما جعل الأمور تتفاقم.
ويضيف الأستاذ ناجي الربيعي : ما يحصل كله بسبب غياب القانون عن ارض الواقع, فلو كان قانون العقوبات مفعل بحذافيره, لما تجرأ هذا الشخص وجاهر برغبته ببيع ابنه كي يحسن حاله, نحتاج اليوم لدعوات متكررة وضاغطة على السلطة التنفيذية من اجل آليات حقيقية, لتفعيل قانون العقوبات الذي لو نفذ فان نقلة عظيمة تتحقق, في مجال حفظ الحقوق وحماية الأطفال.

●الفقر هو السبب
لو نعود لجذور اغلب مشاكل مجتمعنا نجدها تنتج من الفقر, فالحاجة وذل العسر يدفع الإنسان للتفكير بأي وسيلة متاحة كي يسد حاجته, فقط قد تمنعه منظومته العقائدية, لكن مع استمرار تعسر الحال فان الإنسان يبدأ فيفقد ثوابته ليتحول الى موجود هائم يبحث عن أي حل لمشكلته, وضحية هذا الحال هم الأطفال, فيتم سحقهم كنتيجة طبيعية لوضع غير طبيعي أنتجه الفقر والفوضى وغياب القانون.
يقول الأستاذ علاء الموسوي: أن هذا الفعل عندما قام بمحاولة بيع ابنه, يقوم بإعلان فشل منظومتنا التربوية والدينية, ويزيل الغطاء عن مستنقع ضحل يغرق به الأغلبية, فان فعله يدل عن انغلاق الطرق أمامه, وغياب أي دور للمجتمع في مساعدته بدل لجوئه الى فكرة بيع ابنه, انه الفقر والحاجة فقط هو من يدمر القيم ويقلب الموازين ويتحول الإنسان السوي الى مجرم أو مجنون, وكما قال الإمام علي عليه السلام : ( لو كان الفقر رجلا لقتلته), للتدليل على مدخلية الفقر في اغلب انحرافات المجتمع, ومتى ما أصلحت الدولة الحال وعالجت مشكلة البطالة والسكن والرواتب, عندها لن نسمع بمثل هذه الإخبار المحزنة.
ويضيف الأستاذ ماجد عبد : الفقر هو من يدفع الناس لتصرفات غير سوية, فبعضهم يصبح مجرم أو لص أو إرهابي, هذا الرجل كان اقل شرا فقط قرر بيع ابنه الصغير كي يربي أبنائه الباقين ويضمن حياة جيدة لابنه الصغير, هكذا فكر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه, مشكلتنا تفاقمت لان الحكومات المتعاقبة من الجعفري الى المالكي وأخير ألعبادي لم تضع في أولوياتها محاربة الفقر, فكان فشلا ذريعاً لها, لان الأهم لكل حكومة هو محاربة الفقر, فكيف بمن يتخلى عن الأهم, اغلب مشاكلنا الاجتماعية والنفسية وحتى السياسية نابعة من الفقر, فعلى الساسة وضع خطة وطنية كبرى للقضاء على الفقر.

●هشاشة الدور التربوي للمؤسسات
النظام التربوي الرصين هو من يحمي الأطفال من الضياع, وهنالك أنظمة رصينة متبعة في عشرات البلدان, وتسهم هذه الأنظمة في حفظ كرامة وحقوق الأطفال, إما نظامنا التربوي فانه فاشل بامتياز, بل تحول الى نظام للهدم وليس للبناء, مدارسنا
اليوم بحاجة لجملة من الإصلاحات كي تكون لصالح الطفل وليس مكان لتدمير ذات الطفل, ولو كان لنا منظومة للتربية لصلح المجتمع ولارتفع وعيه ولما حصلت قضية بيع الأطفال, بل كان من الممكن إن نجد تظاهرات وصخب جماهيري ضد هكذا فعل.
بل ليس سيئا أن نأخذ من التجربة الغربية, حيث تقوم السلطات بسحب الأطفال من أهلهم إذا استخدموا العنف معهم, الى أن يصلح حال الإباء,عندها يستعيدون أبنائهم وبهذا يتم حماية الأطفال حتى من خطر الإباء, فتصور معي مع شخص يفكر ببيع ابنه فان الأجدى سحب الأطفال منه ومعاقبته لمخالفة القانون, عندها لن يفكر شخص أخر ببيع ابنه.
يقول الأستاذ عبدالله حسين: هنالك انتكاسة قيمية في مجتمعنا وسببها ضعف دور المنابر والمدارس والجامعات, فالمؤسسات التعليمية والجوامع والإعلام من أهدافه إعطاء قيم ورفع الوعي, والدعوة لتطبيق القانون واحترام الطفل والمرأة, والاهم احترام الإنسان , وكل هذا يغيب ألان بفعل تخلي هذه الكيانات عن دورها عبر أساليبها البليدة التي لا تنفع ألان, وقضية بيع الطفل احد إفرازات الانتكاسة الاجتماعية, نتمنى إن تتحرك الدولة باتجاه إصلاح المنظومة التربوية.

● دعوة السلطة التنفيذية
نعلم جيدا حجم التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة, من قبيل حرب الإرهاب والأزمة الاقتصادية, فلا نطالب بإصلاح النظام التربوي ألان, ولا نريد بنايات مدرسية كبيرة, ولا ندعو لرواتب كبيرة للفقراء ألان, مع أن هذه حقوق بعنق الساسة, فقط نطالبهم في تفعيل قانون العقوبات, حيث من خلاله سينصلح حال كل شيء لو طبق كله من دون استثناءات, فهي دعوة صريحة لان ينظم القانون حياتنا عبر همة السلطة التنفيذية, فهل من مجيب؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسعد عبدالله عبدعلي
كاتب وأعلامي عراقي



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤشرات العلاقة الحميمية بين أمريكا وتنظيم القاعدة
- أفكار اسكافي سايكوباتي
- فلول البعث والقواعد الأربعة للعودة
- مهنة الحمالين بين الفقر والقهر
- ليلة القبض على عباس عطية
- المهام الخمسة لنجاح عملية تحرير الموصل
- مربي الطيور -المطيرجية- والمجتمع, علاقة متأزمة
- الطاغية صدام ومحاربة الشعائر الحسينية
- كاتب مفلس, ورجل مهموم, وأنف امرأة
- النقل والسياحة النهرية ضرورة مفقودة
- حديث منتصف الليل عن كربلاء
- مهنة صباغ الأحذية والتحديات الاجتماعية
- منهج صدام حسين في تدمير الجيش العراقي
- مرض السرطان, ومحنة غياب العلاج في العراق
- حوار بعثي ساخن
- البصقة البريئة
- لصوص صندوق تنمية العراق (DFI ), متى يحاكمون؟
- الباص, صراع وإزعاج وتدخين وتحرش
- المصارف الأهلية بوابة للفساد
- الدوري العراقي ومصيبة التشفير


المزيد.....




- نتنياهو: سنغير ميزان القوى لجبهة الشمال بين إسرائيل ولبنان.. ...
- عراقجي: سنرد بشدة على أي هجوم إسرائيلي
- نائب لبناني يكشف هدف إسرائيل الأساسي من قطع طريق المصنع الرا ...
- -إنذار عاجل- من الجيش الإسرائيلي لسكان برج البراجنة في بيروت ...
- من يحكم لبنان، وما هي قوة حزب الله؟
- بحر المانش يواصل حصد الأرواح ووزير الداخلية الفرنسي يشدد على ...
- ماكرون يدعو إلى وقف تسليم الأسلحة لإسرائيل لاستخدامها في غزة ...
- الجعفري: سوريا ترغب في الانضمام إلى -بريكس- وتجري مفاوضات جا ...
- -عار عليكم-.. نتنياهو يوجه انتقادا لاذعا لماكرون (فيديو)
- -تلغرام- يعتزم إنشاء نظير لـ-يوتيوب-


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - في بغداد, أب يعرض ابنه للبيع