أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سندس القيسي - من الجاني الحقيقي؟ آباء وأمهات من جنس إبليس أم أمثال قاتل أمه الأردني؟














المزيد.....

من الجاني الحقيقي؟ آباء وأمهات من جنس إبليس أم أمثال قاتل أمه الأردني؟


سندس القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 5342 - 2016 / 11 / 13 - 03:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من الجاني الحقيقي؟ آباء وأمهات من جنس إبليس أم أمثال قاتل أمه الأردني؟

إن مجتمعًا يقدس الآباء والأمهات بشكلٍ أعمى لن يتردد في أن يطلق الأحكام القاسية ضد جاني الجريمة البشعة التي قطع فيها رأس أمه واقتلع عينيها بيديه، بينما كان تحت تأثير مادة الجوكر، التي تسبب الجنون المؤقت، وغيرها من المخدرات. لكننا لا نعرف بعد لماذا فعل هذا الشاب كل ذلك؟ ما هي طبيعة علاقته مع أمه؟ ما الذي حصل مع هذا الشاب في طفولته؟ نسرع إلى الإدانة رغم أن كل المؤشرات تقول بأن الشاب غير سوي، قد يكون على الأغلب مريضًا نفسيًّا. وإذا كان مريضًا نفسيًّا، فهل وُلِد كذلك؟ أغلب المرضى النفسانيين يولدون أسوياء، لكن قد تتشكل لديهم عقد في الطفولة من خلال التربية غير السوية، التي يعرضهم لها الآهالي والمقربون جدًا.

أكثر العقد تأتي من الآباء والأمهات، فكم من مرة سمعت بأذني من فتيات ونساء ورجال، من مختلف الثقافات، وهم يقولون بأن آباءهم (بالدرجة الأولى) وأمهاتهم (إلى حدٍ أقل) دمروا حياتهم إلى الأبد. برأيي المتواضع أن هناك احتمالية أن الخلل جاء من الأم وإلا لماذا يقتلها الإبن بهذه الشراسة؟ فهي لربما لم تربه صح ولم تعالجه صح ولم ترع احتياجاته صح. وتخميناتي قد لا يكون لها أي أساس من الصحة، فليس عندي أية تفاصيل عن الأم المغدورة. لكني لغاية الآن أتعامل مع القاتل على أساس أنه ضحية من نوع ما، قد يكون ضحية بيئته الأسرية أو مجتمعه. فهو شخص يتعاطى المخدرات، مما يعني أن عنده مشاكل لها أول وليس لها آخر. وأنا لست مقتنعة بمسألة تناوله للمخدرات، التي هي عارض من عوارض مشكلة مأزومة عميقة ونفسية قد تعود جذورها للطفولة. والمخدرات ليست سببًا لقتل أمه بل نتيجةً. ورغم تحفظي على فرويد، ونظريته في التحليل السيكولوجي، إلا أني أرى نفسي أنهج منهجه في تحليل هذا المجرم/ الضحية في هذا الموقع هنا.

لماذا نقبل في مجتمعاتنا، أن يقتل الأب ابنته قتل الشرف دون أن يقضي أية محكومية في السجن، والمجتمع يسكت على هذه الجرائم سكوت الشيطان، ولو عكسنا الأية وقتلت البنت أباها دفاعًا عن النفس، يقف كل المجتمع في وجهها، ويعتبرها عاقة. لكن إذا خرج الأب عن دوره في حماية ابنته، فمن حق البنت أيضًا أن تخرج عن طاعة أبيها وتحمي نفسها بنفسها، حتى لو كان ذلك ضد أقرب الناس لها. العقل والمنطق يقولان هذا، والمعيار المقدس يسقط، عندما تختل الموازين. فعندما يتحول الأب الحاني إلى ذئب شرس ومتعطش للدم، فعلى ابنته أن تتحول إلى لبوءة جبارة. العدالة تقتضي أن نرى الأمور من جميع الزوايا. الحقيقة مرة وأليمة في الغالب، لكنها تبقى الحقيقة التي يجب أن نضعها في عين الإعتبار، قبل أن نحكم على أحد بالإعدام! وأنا مع إلغاء عقوبة الإعدام في كل الأحوال.

في أوروبا، يحصل الأشخاص وبخاصة النساء القاتلات نتيجة الإضطهاد على أحكامٍ مخففة، وأحيانًا البراءة، لأن المجتمع لا يتعاطف مع من يمارس الإضطهاد بل مع الضحية الحقيقية، التي تعرضت للقمع والتعسف، وارتكبت الجريمة لوضع حد للمعاناة الصامتة وكسر دائرة العنف، والتي في الغالب تكون طويلة الأمد. نحن لا نعرف حقيقة العلاقة بين القاتل وأمه، التي قد تكون ربته على هذه الشاكلة. هل هو ينتقم منها بسبب شيء ما فعلته ضده في طفولته وأثر فيه بالغ التأثير؟ لا يجب علينا أن نسرع في إطلاق الأحكام على جريمة عائلية من هذا النوع، جرت تحت سقف بيتٍ محكم الإغلاق، على مدار سنواتٍ طويلة، على الأقل ليس قبل أن نتعرف على كافة الحقائق كاملة ومستوفية. ومن ضمن ذلك السجل المرضي للمجرم/الضحية، والذي يجب أن يكون -ولو نظريًا فقط- بريئًا حتى تثبت إدانته بالقتل العمد المتقصد.

ومجتمعنا ليس مثاليًا كما يريد أن يصور بعض الأشخاص، الذين يكنسون الأوساخ تحت السجادة. علينا أن نتعلم من هذه الحادثة المفجعة بأن نستخلص العبر. وأول شيء علينا أن نتعلمه هو أن ليس كل الأباء والأمهات ملائكة، وأن هناك أباء وأمهات من جنس إبليس. فقبل فترة من الزمن، سمعت عن أم تحرق أولادها بالملعقة، كنوع من التأديب والعقاب في مدينة الزرقاء، وقد تدخلت الدولة حينها، عن طريق حماية الأسرة. وحسبما علمت، فقد أخذوا الأطفال من ذويهم، ولا أدري إن كان ذلك بشكل مؤقت أو دائم، لكن هذا هو التصرف السليم. وبلا أدنى شك، فإني أشد على يد السلطات في هذه الحالة. وعلينا أن نتصدى للأباء والأمهات من نوع الوحوش، لكي نحمي أطفالنا من الضرر الدائم والجراح المزمنة، التي يتسبب الأهالي بها عن وعي أو لا وعي، عن قصد أو عن غير قصد، لأطفالنا البريئين، الذين لا يدركون ما يحدث لهم ولا يعرفون الشكوى. والأهم من كل ذلك، أن لا نبرر للأهالي سوء معاملتهم لأطفالهم إطلاقًا، فالأطفال أمانة ثمينة في أعناق الأهالي ولا يجوز التفريط بها تحت أي مسوّغ، وهم ليسوا ملكًا ولا عبيدًا للأم والأب.



#سندس_القيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاسك يا وطن: الأردن في شهر
- أبيع الدنيا كلها ولا أبيعك أنت يا فلسطين
- يا حاج يا قاتل حتر، أين تفويضك الإلهي؟
- الثورة السورية خازوق ومقالتي ليست حبًّا في بشار!
- زين كرزون؛ راحت على تركيا سياحة ورجعت على سجن الجويدة سباحة! ...
- اغتيال اليساري ناهض حتر في الأردن
- آمنة الخروب؛ غيابك عن الحياة خسارة حقيقية
- إلى اللقاء باريس
- من لندن إلى باريس لقضاء العيد وقصة الجاسوسة القديمة على الحد ...
- باريس ولندن والكيس أبو خمسة قروش
- باريس وتفجيرات نيس والخدمة العربية
- باريس وتفجيرات نيس والتطرف
- لماذا لا يتعاطف العالم مع الإستشهادي الفلسطيني؟
- لمن يكره الفلسطينيين: حلوا عنا
- فلسطين وحواراتي مع اليهود
- فلسطين: اللاسلم واللاحرب
- فلسطين وطن وليست أرض ميعاد
- فلسطين أول مرة
- بريطانيا والإتحاد الأوروبي 2: الأجندة الداخلية والخارجية
- بريطانيا والإتحاد الأوروبي 1: بريطانيا، هل هي صاحبة الحق؟


المزيد.....




- مصر تصدر بيانا جديدا بشأن -سفينة ميناء الإسكندرية-
- زلة -القمامة-: هل قدّم بايدن الرئاسة لترامب على طبق من ذهب؟ ...
- ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات إسبانيا إلى 158
- من سيحسم الفوز بمقعد رئيس أميركا الـ47؟
- اتصال جديد بين وزير دفاع أمريكا ونظيره الإسرائيلي لبحث -فرص ...
- وزير الخارجية العماني يدعو القوى الغربية لإجبار إسرائيل على ...
- يوميات الأراضي الفلسطينية تحت النيران الإسرائيلية/ 1.11.2024 ...
- المركز الإفريقي لمكافحة الأوبئة يحذر: -جدري القردة- خرج عن ا ...
- جنرال أمريكي: الدول الغربية لا تملك خطة بديلة لأوكرانيا بعد ...
- الهجمات الإسرائيلية على لبنان وجهود التسوية / 1.11.2024


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سندس القيسي - من الجاني الحقيقي؟ آباء وأمهات من جنس إبليس أم أمثال قاتل أمه الأردني؟