|
ورقة عمل لتكوين حزب العدالة الإجتماعية
صلاح رشوان أبو الفضل
الحوار المتمدن-العدد: 1417 - 2006 / 1 / 1 - 05:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
أتقدم بهذه الورقة إلى ورشة عمل حركة كفاية المزمع عقدها بالقاهرة بدأَ من 4 يناير 2006 . فحركة كفاية هى أهم حركة تقدمت بكل الشجاعة الى معترك العمل السياسى فعبرت عن تململ المصريين وبلورت مشاعرهم المتلاطمة فى لفظ عبقرى أصبح إسما وشعارا ويكاد يكون خطة عمل ، وبهذا فهى التعبير الأحدث والأصدق عن حيوية المصريين وقدرتهم على ابتكار صيغ جديدة لمواجهة معضلات المآزق السياسية التى يواجهونها .
وكما قالت الحركة كفاية للنظام فإن عليها الآن أن تقول كفاية لبقايا المعارضة التى لازالت تلعق جراحها ولازالت تغالب دوار الهزيمة الساحقة فى أعقاب الإنتخابات. وليس هذا وقت الجزع أواليأس لكنها لحظة وضوح الرؤية وجسارة الفعل ، إنها لحظة أن نكون أو لانكون ، فى أخطر منعطف تمر به مصر فى عصرها الحديث. لقد عبر ربع الناخبين عن رأيهم وتبين عجز الحزب الوطنى عن استقطاب غالبيتهم بينما حقق الإخوان نجاحاَ جزئيا لم يتجاوب معه ثلاثة أرباع أولائك الناخبين إذ أمسكوا عن إبداء رأيهم ربما إلى حين ولن يجدى الحزب الوطنى أن يزايد على الإخوان بتقديم شخوص ذات صبغة دينية فى مجلس الشعب فهو لايستطيع أن يبيع الماء فى حارة السقائين وهى سياسة طالما اتبعها وأثبتت سطحيتها وفشلها ، تماما مثلما لا يمكن للإخوان أن يزايدوا على معظم المصريين بالإسلام لأنهم فى النهاية أيضاَ مسلمون .
ولقد نادى الكثيرون بأن المجتمع المصرى الآن بحاجة لحزب ثالث ومختلف يلبى تطلعات الأغلبية الصامتة قبل أن يينفد صبرها . لكن السؤال هو أى حزب وعلى أية أنقاض وبأى توجه؟ إن نظرة على الساحة تحمل الإجابة فالأحزاب الرسمية الباقية مطعونة ومستنزفة وشجاعة المواجهة تقتضى الإعتراف بواقعها المؤلم وهو أنها قد اسنفذت مبررات وجودها ولابد لها أن تدخل إلى عملية تخلق جديدة ، فحزب التجمع رغم أنه حمل راية الديمقراطية والإشتراكية وقدم معارضة شجاعة وشريفة على مدى ثلاثة عقود لم يعد له وجود جماهيرى حقيقى بصرف النظر عن الأسباب – بعضها يعود لتضييق الخناق عليه من النظام وبعضها راجع لقصور حيوية كوادره وانعزالها عن العمل الجماهيرى الواسع- وهو فى النهاية يعيش مرحلة تراجع اليسار التقليدى على مستوى العالم، ولذلك فإن قيادته لايحق لها أن تستمر فى خوض صراع ليس هذا وقته وهى لاتملك أدواته ولا يحق لها أن تغفل مسئوليتها تجاه الشعب الذى ينتظر رؤية جديدة وعملية . أما حزب الوفد فإن تاريخه العريق لا ينتقص منه حقيقة غاية فى البساطة أن هذا الحزب نشأ واكتسب شرعيته الكبرى فى مواجهة الإحتلال الإنجليزى ولأن هذا الدور قد انقضى من زمن فلم يبق لهذا الحزب من هذا الدور إلا الذكرى التارخية العطرة ، لكنها تظل ذكرى والواقع الحالى لا يتصل بها ، كما أن دوره الليبرالى الذى اتخذه فى العقود الأخيرة لم يعد كافيا فى حد ذاته لإجابة تطلعات المصريين . أما الحزب الناصرى فرغم أن أفكار الناصرية لازالت تتجاوب أصداؤها مع الواقع المصرى والعربى إلا أن مناخ الحياة السياسة لم يعد يتلاءم معها ودعواها لا تستطيع أن تتقدم فى عالم تخلى عنها أو يحاربها وهى حتما ستظل فى وجدان مصر والعرب لكن أهدافها ومعطياتها بحاجة إلى ثوب جديد .
إن كلاًََ من هذه الأحزاب الثلاثة كان يتحرك فى ساحة الإنتخابات مقيدا بإرث سابق قيد حركته بأكثر مما أطلقها ، وعلى قادتهم أن يتحلوا بالشجاعة وروح المسؤولية فى التعامل مع هذه الحقيقة الواقعية . إن المجتمع المصرى الآن يشكو مر الشكوى من التفاوت الصارخ بين الفقر والغنى وهو يشكو مر الشكوى من الفساد وهو يتألم من الفوضى والتخلف الإدارى والتسيب والإهمال ، والناخب يريد أفكارا جديدة ، سهلة ومباشرة ، تلخص طموحه وتحدده . وفيما بين أفكار النظام الحالى التى ابتعدت عن السواد الأعظم ، وقنعت بدور المنفذ - ولو بتصرف- لتعليمات صندوق النقد ونادى باريس ففشلت فى تحقيق التقدم المنشود ، وما بين أفكار الإخوان الغامضة التى تنم عن التشدد وتبشر بالسلفية والرجوع إلى الوراء ، تبدو فكرة العدالة الإجتماعية طرحا وسطا يجمع الأشتات ويركز الأفكار، ففكرة العدالة عصرية كما أنها دينية وربطها بالمجتمع يوازن ما بين سيطرة الأقلية الغنية أوالأقلية الأيديولوجية ، ويصل ما بين أفكار اليسار والناصرية والوفد فى شعار قريب من قلوب الناس وعقولهم وبعيد عن تسلط أفكار الحزب الحاكم أو الإخوان . و لازال كثير من المستقلين فى مجلس الشعب لم يقرروا بعد الى أين يتجهون ، ولذلك فنحن أمام فرصة تاريخية لكى يعقد قادة التجمع والوفد والناصريون مع المستقلين وأقطاب التجمع الوطنى مؤتمرا لبحث تشكيل حزب جديد للعدالة الإجتماعية ، ولا يعنى ذلك أن يكون الحزب الجديد محصلة حسابية للأحزاب الثلاثة وبقية القوى الفاعلة فى الساحة وإنما لابد من جهد نظرى وفكرى لصياغة جمّاع أطروحة يعيد صياغة مبادئ وأفكار الأحزاب والقوى السياسية الحالية بما يلائم احتياجات الواقع وينتزع للحزب المقترح موقعا وسطا يكون قوة جذب هائلة لتلك الأغلبية الصامتة
وليس أجدر لتبنى هذه الدعوة من حركة كفاية التى جسدت باسمها وشعارها مشاعر وتطلعات جميع المصريين ليس فقط تجاه إفلاس الحزب الحاكم ولكن أيضا تجاه ذلك الوضع المتردى للمعارضة المصرية . وهى مهمة صعبة لأن الفرقاء بالضرورة لن يستسيغوها ولن يسهل على قادة الأحزاب الحالية أن يخلوا مواقعهم ، وهى أيضا صعبة لأنها ستحتاج لاكتشاف وجوه ورسم علاقات جديدة ، ولذلك أقترح أن تقوم ورشة العمل بمناقشة الأفكار التى يمكن صياغتها كمقدمة للحوار المطلوب ثم دراسة خطوات إجراء المشاورات اللازمة بين مختلف الأطراف ثم الترتيب لعقد المؤتمر المنشود ببرنامج عمل يتفق عليه . إنها مهمة مقدسة وليرتفع الجميع فوق كل الخلافات والحزازات من أجل هذا الوطن ، فإما ذلك أو الطوفان ولينظر كل فيم يختار.
دكتور صلاح رشوان أبو الفضل ،
لندن . 25 ديسمبر 2005
#صلاح_رشوان_أبو_الفضل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|