بويعلاوي عبد الرحمان
الحوار المتمدن-العدد: 5339 - 2016 / 11 / 10 - 05:21
المحور:
الادب والفن
أقصوصة
حكاية امرأة ساقطة
يـروى - والراوي صـدوق - أن امرأة من بـلـدي ، لم تـجـد شـيـئـا يـسـد رمـقـهـا ورمـق طـفـلـها
الصغيـر ، وحمـاتها العجوز، العمياء ، بعـد أن اعـتقـل المخـزن زوجـها غـيلا سْ في انـتـفـاضـة
الكومـيرا ، فرحلُّوه ليلا ، مُعصَّـب العينيـن ، ومُكـبـَّل اليديـن ، رفقـة رجال آخـريـن ، إلى سـجـن
كبيرفي الجنـوب ، بعيـدا عن مدينتـه ، ولأن تالا - وهـذا اسمـها - تريـد أن تـأكـل لقـمـة نـظـيـفـة
بعمل شريف ،لأنها امرأة عـفـيفـة ، لم ترض أن تمـد يدهـا للنـاس ، عند عـتبات أبواب الجوامـع
والأسواق، كما فعلت نساء كثيرات ، أوتبيع جسدها البض في سوق المتعة ، مثـلما فعلـت نســوة
فـقـيرات ، كـثيـرات ، باعـت أثاثا منزليا واستلفت مالا من جـاراتـها ، وسافـرت ذات فـجـر بــارد
وممطـرعلى متن ناقلـة متهـالـكة إلى الحـدود، اجتازت الحـدود عـبرمسلك تـرابـي غير محـروس
إلى المدينة الجميلة والنظيفـة ، اشترت ألبسـة داخليـة رجاليـة ونسائية ، وأوان خزفيـة ، وقطـع
شوكولاطـة ، لطفلها وحماتها ، و في طـريـق عودتها إلى العاصـمة ، اعـترض رجـال الجمـارك
سيارة الأجرة الكبيرة ، عند مفترق الطرق ...........................................................
بكت كثيرا ، واستعطفت كثيرا ، كثيرا ، لكن دون جدوى ، قال شيخ مهـاجـر، ذو لحـيـة بـيـضـاء
يجلس على المقعد الأمامي ، بجانب السائق : (( لماذا يفعلون هذا ، أنا لـم أرفي حياتي مثـل هـذا
حتى في عهــد الحمايـة ، إنهم غلاظ ، شداد ، قسـاة القلب على الفقـراء ، لا يـرحمـون أبـدا . ))
قال راكب على المقعد الخلفي : (( أنت لا تعلم شيئا يا سيدي لأنك تعيش في أروبا ، إنهم يفعـون
أفظع من هذا ، في هذا البلد غير السعيد.)) عادت حزينة إلى بيتها ، في حي المقبـرة خلف مزبلة
البلدية ، لم تأكل وتشرب شيئا تلك الليلة ، واستعصى عليها النوم ، في الصباح الباكـر ذهبت إلى
حمام المدينة ، حلقت شعـرإبطيها، وعانتها ، لبسـت ملابس داخلية جديدة ، بيضاء،وجلبابا أزرق
بلون السماء ، انتعلت حذاء زفافها الأسود ، ذي الكعب العـالي، ثم عرجت على صالـون الحلاقـة
قصت شعرها الأسود الطويل ، وصففته ، وقفت أمام المرآة الكبيرة ، وضعـت الكحـل في عينيـها
وأحمـر شفـاه رخيـص على شفـتـيـها ، وعطـرا قديما على نحـرها ، واتجهــت تــوا ، إلى شـارع
الولايات المتحدة الأمريكية ، تبحث عن أول زبون .
بويعلا وي عبد الرحما ن ( بُويَا رَحْمَا نْ )
وجدة - المغرب
المخزن : السلطة
الكوميرا : الخبز
#بويعلاوي_عبد_الرحمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟