|
جيولوجيا التعويم
حسن خليل
الحوار المتمدن-العدد: 5338 - 2016 / 11 / 9 - 17:19
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
جيولوجيا التعويم
هذه تعليقات فيسبوكية علي تعويم الجنية المصري.
جيولوجيا التعويم : لم يقرر شريف إسماعيل تعويم الجنية و لا حتي السيسي . من أتخذ هذا القرار هو أنور السادات . بعد حرب 73 اتخذ السادات قرارين مترابطين كان لهما أبعد الأثر أولا قرار الانفتاح الاقتصادي - شرط التطبيع مع أمريكا - ثانيا قرار استعادة الإخوان المسلمين . لم يكن السادات يجهل تاريخهم في الاغتيالات و التفجيرات و هو السياسي المخضرم . لكن كان لابد من أن يقف أحد أمام اليسار أن كان للانفتاح أن يمر . لذا شهدنا ظاهرة غريبة مزيد من الانفتاح فيما يتعلق بالأشياء - المال و السلع - يرافقها مزيد من الانغلاق فيما يخص الإنسان - الأفكار و الأبداع - و لم يتوانى الإخوان عن القيام بدورهم المزدوج . بناء الامبراطورية المتشحة بالدين و مواجهة اليسار . لكن رغم احتياطات السادات انفجرت انتفاضة يناير 77 حينما تجرئ السادات و رفع الأسعار . كانت هذه مواجهة مبكرة لتعويم 2016 . ضربة استباقية قام بها جموع الشعب التي كانت تعيش وقتها وضعا أفضل من الآن كثيرا . و اتهم السادات اليسار و هو اتهام ليس صحيحا كما أنه لا يخلو من الصحة . حركة كش ملك الشعبية هذه أدت لحركتين . حركة تراجع سريعة من النظام عن رفع الأسعار مصحوبة بهلع مزمن من الحركات الشعبية . و في مقابلها حركة تقدم سريع تجاه التطبيع مع العدو الصهيوني و مزيد من فسح المجال أمام الإخوان و أبناءهم الجهاد و الجماعة الإسلامية . و أصبحت الدولة تقوم بتسفير شباب الجهاد لأفغانستان لتدريبهم إرهابيا برعاية نقابة الأطباء الإخوانية . و هكذا تم "تحرير" محافظة أسيوط جهاديا و قتل في يوم واحد أكثر من 100 عسكري لكن السادات حافظ علي مركزه الرئاسي . لكن الإخوان و الجهاد كانوا يطمحون في نفس المركز فقتلوه يوم العرض العسكري . و مع الانغلاق و الانفتاح و التحلل تراجع اليسار و تراجعت حركة الجماهير لتفسح المشهد للمواجهة بين الإرهابيين و الداخلية . علي المستوي الاقتصادي شهد عام 1987 إفلاسا حقيقيا للدولة المصرية لم ينقذها منه سوي حرب الخليج الأولي . و علي خطوات الجنود ال 30 ألف الذين ذهبوا "لتحرير الكويت" وقعت مصر برنامج التثبيت الهيكلي مع صندوق النقد و تم شطب نصف ديونها . و كانت ضربة معلم خاصة مع سحق الإرهابيين في منتصف التسعينات . و ابتسمت الدنيا لمبارك لا حركة جماهيرية لا إرهاب و لا ديون . كان كل المطلوب منه أن يبيع . و قام رئيس الوزراء عاطف عبيد بالبيع . لأعلي سعر ليس ذلك المقدم للدولة بل للقائمين علي البيع . رجعت البلد مثل أيام عصمت السادات الذي قال عن ميناء إسكندرية أنه "انجر فته" أصبحت مصر كلها "انجر فته" .. نكمل المرة القادمة ...
جيولوجيا التعويم 2 : حافظ مبارك علي الأسس الساداتية الانفتاح + الإخوان . و بعد محطة 1974 جاءت محطة 87 – 91 و توقيع برنامج التثبيت الهيكلي . ثم جاء عاطف عبيد رئيس الوزراء كي ينفذ تعليمات الصندوق أي بيع القطاع العام و تشريد عماله . ثم مع نظيف انتقلنا لمرحلة جديدة . لم يعد الصندوق و البنك الدوليين في حاجة للضغط علي مصر فوزرائنا يأتون للوزارة من الصندوق و يتركونها أليه و القائمة طويلة . بل أن البنك الدولي "يدرب" القيادات المتوسطة . أصبح هناك أخطبوط يمد أزرعه في كل ركن من الدولة المصرية عبر استقطاب القيادات و تقديم الحلول و مراجعة الميزانيات و يقدم الرشي – سفريات و لجان الخ – ناهيك عن "الشركات الاستشارية" الموصوفة بأنها "عالمية" التي تعمل وفق نهج الصندوق و البنك الدوليين و قد أضيف لهم الجات و الاتحاد الأوروبي . و كما كتب أستاذنا جلال أمين قبل الثورة أصبحت مصر تدار من واشنطن . و كان لنظيف بصماته في مسلسل التعويم فشمل البيع لأول مرة القطاع المصرفي و شملت الخصخصة الخدمات – خصوصا الكهرباء – و أصبح الجزء الأكبر مما يسمي الدعم موجها لمن يسمون “مستثمرين” تحت أسماء متعددة – دعم الطاقة دعم التصدير – غير الأراضي فالدولة أصبحت سمسار كبير . و كما مع السماسرة الأفراد فدخل الدولة أصبح يأتي أساسا من الإتاوات – علي عبور قناة السويس أو السياحة أو الأفراد العاملين في الخارج و حتي علي أخذ موقف سياسي . و قد أدي هذا المسلسل إلي غضب طبقتين العاملة و المتوسطة . المبدأ الأساسي في مصر هو أنك لا يمكن أن تغضب طبقتين في نفس الوقت . ثم جاءت الأزمة المالية العالمية 2008. فشل الصندوق الذي يدير بلدنا المتواضع ماليا أن يدير بيته هو نفسه في واشنطون و هذا ليس تقديري بل اعتراف الصندوق نفسه و آلن جرين سبان رئيس ما يعادل البنك المركزي في أمريكا . تحاشيت أن أتناول الجوانب السياسية رغم أثرها الهائل و لا الحركات الاجتماعية لكن لابد من الإشارة لأمرين 1 – حركة كفاية و حركات التغيير 2 – أضراب عمال المحلة و أشقائهم في مختلف المواقع. و النتيجة ثورة يناير 2011 . لا يمكن أن تستمر "البلد" هكذا . المجلس العسكري الحاكم الجديد ورث تركه مثقله الجانب المضيء فيها هو 34 مليار دولار احتياطي – احتياطي حقيقي ليس مثل الحالي – و في أول سنة ضيع 20 مليار منهم علي استرضاء كبار المستثمرين. لكنه أيضا استرضي عامة الناس فارتفعت فاتورة الديون و الأجور . فما الحل ؟ الجواب قرض من الصندوق . و الصندوق له شروط . و جاء مرسي و لم يتغير شيئا نريد قرضا . و تستغرب لقد انهالت مليارات علي مصر من الخليج أضعاف القرض المفترض . فالقرض البالغ 4 مليارات سنويا لثلاث سنوات جاءنا أكثر من 12 مليارا في سنة واحدة لما يريد كلهم هذا القرض الملعون. الجواب تعويم الجنية . و أضاف السيسي بصمته الخاصة في هذا المسلسل الكئيب و هو رفع الأسعار . و الحجة هي الإرهاب . و عبثا تقول أن رفع الأسعار يشجع الإرهاب . فالهدف هو القرض أرضاء لساداتنا الفاشلين في صندوق الهيمنة العالمية . خاصة و أن الديون أصبحت تبلع نصف ميزانية الدولة بعد أن كانت تأخذ الربع فقط . أخيرا وصلنا في الطبقات الجيولوجية لتعويم الجنية رسميا أي أخر شيء متبقي في عهدة الدولة المصرية اقتصاديا. و قد قدمت برامج كثيرة للتخلص من الأزمة لكن القائمين علي الأمور كما قلنا يعملون لدي الصندوق … حسن خليل 9 نوفمبر 2019
#حسن_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل انهيار الاتحاد السوفييتي سبب أزمة اليسار؟
-
أيها الماركسية كم من الجرائم ترتكب باسمك
-
أسطورة القومية العربية
-
بين الشمال و الجنوب
-
الثورة كصنم
-
جيل الثمانينات
-
رحيل المناضل الكبير خليل كلفت
-
الثورة و مأساة الليبرالية المصرية
-
نظريات اليسار حول التدخل الروسي
-
الصعود الروسي
-
العالم الجديد
-
ملاحظات عن الثورة
-
عمي
-
قضية الإخوان (1)
-
ملاحظات عن التنظيم
-
نظرة متفائلة
-
الثورة بين النظرية و التطبيق
-
اغتيال شيماء الصباغ الرسالة و رد الفعل
-
عقلنة الثورة
-
القاعدة الاجتماعية للإرهاب
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|