أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد عدلي أحمد - تناقضات المشهد الإخواني















المزيد.....

تناقضات المشهد الإخواني


أحمد عدلي أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1417 - 2006 / 1 / 1 - 05:46
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


حالة الاستقطاب الحادة بين المرحبين بإطلاق والمرتجفين من صعود الإخوان المسلمين تعكس حالة التحجر الأيدلوجي الذي أصاب عقول المثقفين المصريين بحيث باتوا في تحليلاتهم راصدين لأفكارهم بأكثر من رصدهم لحقائق سياسية واجتماعية على أرض الواقع، وباستثناء القريبين فكريا من الجماعة يمكن رصد تيارين فكريين بارزين فيما يتعلق بهذا الصعود : الأول هو المعادي بإطلاق للحكومة المصرية حتى أنه يؤيد الإخوان لمجرد عدائهم للنظام ، ولنجاحهم في إغاظة الحكومة بتحقيق نجاح أكبر مما توقعته أو ربما رسمته الحكومة لهم في الانتخابات التشريعية الأخيرة ، والآخر هم المرتجفون من الإخوان حتى لو كانوا قد حققوا فوزهم بوسائل ديموقراطية لطالما نادى هؤلاء بالاحتكام لها ، فتراهم اصطفوا في طابور طويل يلعنون بكل مفردات اللغة الجماعة المحظورة ، حتى لو كان النظام الذي يفترض أنهم يعارضونه هو الذي ينسق هذا الصف لأسباب انقلابية على اضطروا للقبول بإجراءاتها جزئيا لاعتبارات داخلية وخارجية، فحسب تعبير "خالد محيي الدين" رئيس حزب التجمع الماركسي أن "الحكومة أرحم من الإخوان" دون أن يلاحظوا أنهم يصنعون لأنفسهم صورة ذهنية سيئة لدى الرأي العام المصري الذي سيتشكك من حقيقة مواقفهم المعارضة ، وذلك بسبب تجاهلهم ، وحتى تأييدهم الضمني لسلوك الحكومة القمعي ضد مرشحي الإخوان في الجولتين الثانية والثالثة من الانتخابات التشريعية ، وما شابها من منع للناخبين ، وتزوير للنتائج، واعتقالات، وإصابات ، وقتلى مما سيجعل قدرتهم على تجاوز نكبتهم السياسية الحالية شبه مستحيلة،وفي هذا المقال سأحاول أن أقدم مقاربة نقدية موضوعية لأداء الإخوان في الفترة الأخير وسأركز على نقاط القصور والارتباك فهي الأهم والأولى بالمناقشة مراعاة لقصر المساحة المفترض أن يكون عليها المقال دون أن يعني ذلك أن أداء الإخوان يتسم بالسلبية بإطلاق
من وجهة نظري لا أهتم بالأطر التنظيرية قدر اهتمامي بالتفاصيل العملية ، فالقول بأن تيارا سياسيا ما علماني أو ديني ربما لا يعني الكثير فيما يتعلق بتعامله مع ملفات مثل حقوق الإنسان وحرية الرأي والمساواة ، أو حتى الملفات الاقتصادية ، ففي كل من الجانبين قد يوجد القمع والتمييز والفساد وانعدام الكفاءة، وكمثال أعتقد أن المفكر العلماني يستطيع أن يعيش في بلد يحكمه حزب العدالة والتنمية التركي أو سميه المغربي ويمارس حريته بأكثر مما يعيش في نظام بعثي يرفع العلمانية شعارا ، وفي مسالة الإخوان فإنني أعتقد أن تغيرات فكرية هامة شملت خطاب الجماعة قربته كثيرا من الخطاب الليبرالي فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان والنساء والأقباط وغيرها من الملفات الشائكة ، ولكن هذا الخطاب العام يخالطه من التصريحات والإجراءات السياسية ما يبعث الشك في مصداقيته ، أو أن للكلمات فيه نفس مدلولاتها المستقرة في التعريفات العلمية العالمية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد تعارض ما صرح به "عبد المنعم أبو الفتوح" عضو مكتب إرشاد الجماعة أثناء زيارته لصالون "نجيب محفوظ" من تأييده المطلق لحق الكاتب في الإبداع حتى لو وصل إلى الكفر ، وأن الرد عليه يكون بالكتابة لا بالقمع مع ما نقلته جريدة "المصري اليوم" عن جريدة أمريكية أجرت حوارا مع أحد نواب الجماعة ، ولم يعترض عليه النائب حتى الآن بما يعني صحة ما نشر من دعوته لإنشاء شرطة دينية تكون لها الضبطية القضائية ، وتتجول في الشوارع بغرض ضبط ومنع الممارسات المنافية للإسلام{حسب تفسيرات قيادات هذه الشرطة أو الجهات التي تفتي لها بالطبع} مما يعكس تناقضا حادا في النظرة لمفهوم الحرية بين قيادات الجماعة ، بل إن ما قاله أبو الفتوح يحمل تناقضا مع الحملة التي شنها أعضاء في الجماعة عبر المنابر ومن خلال جريدة الشعب المجمدة إبان فترة تحالف الجماعة مع حزب العمل الذي كان يصدر الجريدة على قيام دار نشر بإعادة نشر رواية محفوظ المثيرة للجدل "أولاد حارتنا" متحدية تعليمات الأزهر بحظر نشرها ، وهي الحملة التي دفعت أحد الشباب المتطرف لمحاولة قتل محفوظ أواسط التسعينيات ، والمدهش أن "أبو الفتوح" قد انتقد قرار محفوظ بعدم الإذن بنشر طبعات جديدة من الرواية بعد ذلك رغم أنه لم يؤكد أن الجماعة لن تقوم بحملة مشابهة ، وهي التي لم تجري أي نقد ذاتي لملفها غير المشرف في مجال مطاردة المفكرين والأدباء بدعاوى تكفيرية ابتداء من تبريرها لقتل "فرج فودة" ، مرورا بخوضها مع الخائضين في عقيدة الدكتور "نصر أبو زيد" وصولا إلى إثارتها غير المحمودة لقضية نشر رواية "وليمة لأعشاب البحر".
عودة لما جاء في كلام السيد النائب المنشور في "المصري اليوم" فهو يحمل ما هو أخطر إذ قال –حسب ما نشر- انه لا ينظر بترحاب للوفود السياحية التي تزور مصر نظرا لعدم التوافق في سلوكها وتقاليد المجتمع الإسلامي، كما أن سمت نسائهن غير الإسلامي يثير ضيق النساء اللائي يردن الالتزام بالزي الإسلامي بالإضافة لأنه يفتح الباب أمام بيع الخمور المحرمة في الإسلام ، فالسيد النائب هنا يعلن أنه يود لو ألغى قطاع السياحة من الاقتصاد المصري ، وهو القطاع الأكثر نموا والأقل تعرضا للتعثر الذي يطبع باقي قطاعات الاقتصاد المصري ، والأكثر إدرارا للأموال إلى الخزينة العامة لاعتبارات أخلاقية ، والأسوأ أن مبرراته تفتح الباب أمام التساؤل عن موقفه من قيام نساء مصريات غير مسلمات أو حتى مسلمات باختيار ارتداء ثياب يراها لا تتناسب و الزي الإسلامي ، فهل سيحاول من خلال موقعه النيابي أن يمنع ذلك لمجرد أنه يثير ضيق النساء"الملتزمات"؟ أغلب الظن أن الإجابة بنعم و إلا ما معنى عدم ترحيبه بالسائحات غير المحتشمات إذا كان بعض المصريات يمكن أن يكن كذلك، ويبدو أن موقف السيد النائب له امتداد في الموقف الرسمي للجماعة إذ أن كتيب برنامج الجماعة الذي وزعته أثناء حملتها الانتخابية ، والذي يتضمن رؤيتها لمختلف قطاعات الاقتصاد المصري قد تجاهل الإشارة للسياحة تماما بما يعني أن الجماعة لا تضعها في حساباتها ، وربما كانت تنوي إلغاءها إذا ما وضع الناخبون ثقتهم في مرشحيها بما يكفي لحيازتها الأغلبية. مشهد آخر نقلته الصحافة أثناء استقبال مرشد الجماعة لنوابها في " مجلس الشعب" والصور التي نشرتها بعض الصحف للنواب وهم يقبلون يد المرشد واحدا تلو الآخر بما يلقي بظلاله على مفهوم الجماعة للعلاقة بين النخب والقواعد داخلها وبما ينعكس بالضرورة على مفهومها للعلاقة بين الحاكم والشعب. صحيح أن الديكتاتورية هي سمة نظام إدارة جميع الأحزاب المصرية بصورة أو أخرى إلا أن انتشار الخطأ لا يعني القبول به ، وعلى الأقل فالأحزاب الأخرى تحاول أن ترسم صورة الديموقراطية الداخلية أما مشهد النواب المقبلين لأيدي المرشد فهي تظهر أن الجماعة متصالحة مع الاستبداد ، شخصيا لا أعتقد فيما يذهب إليه كثيرون من وجود فكر باطني للجماعة غير خطابها المعتدل المعلن و إلا ما طفت تلك التناقضات في جماعة شديدة التنظيم ، والأقرب للصحة أن هناك تباينا حقيقيا بين صفوف مفكري الجماعة وقيادييها بشأن كيفية التطبيق الصحيح والعصري للإسلام بعد أن اتفقوا جميعا على رفض الطالبانية والنماذج الوهابية عامة ، فالواقع أن الجماعة ليست سوى جبهة عريضة تضم جل من يسعى لحكم ذي مرجعية إسلامية في مصر مع وجود تباينات حادة في تصور شكل هذه المرجعية وتفسير النصوص التي يرجع إليها ، ولعل هذا أحد الأسباب الهامة التي لم يفطن إليها أحد حول إصرار قيادة الجماعة على شعار "الإسلام هو الحل" باعتباره يمثل توافقا بين الكافة داخل الجماعة ، ويبعد خطر الانقسام الذي قد ينتج عن شعار أكثر تفصيلا، غير أن كل ما فات ليس أسوأ من ما بدر من الجماعة فما قامت به أخيرا بعض قياداتها من حوار مع "جماعة جريدة وطني" المرتبطة بالكنيسة القبطية تحت مسمى "حوار بين الجماعة والأقباط" يعد أسوأ ممارساتها السياسية حتى الآن ، فإذا كنا نتحدث عن دولة مدنية فلا يمكن أبدا أن نمنح مؤسسات ثيوقراطية مثل الأزهر أو الكنيسة أدوارا سياسية حتى لو توافقنا على نظام المحاصصة الطائفية ، وإذا كانت غالبية الأقباط في "مصر" تضع ثقتها في البابا شنودة لتمثيلهم فإن عليه -إن أراد- أن يستقيل ، ويترك سلك الرهبنة ، وينزع مسوح رجال الدين ، ويعود لاسمه العلماني حتى يمكن له أن يلعب أدوارا سياسية ، أما أن نقبل بمبدأ تمثيل الكنيسة للأقباط سياسيا ، وهو المبدأ الذي صاغه الرئيس مبارك ربما لتصوره أن وجود ممثل واحد هو البابا يسهل الأمور ، إذ يسهل التفاوض معه وربما الضغط عليه ، وهو موقف متصور في نظام يقوم على المواءمات، أما في دولة القانون المدنية التي يفترض أن التغيير السياسي الذي تشهد البلاد خطواته المتعثرة يسعى لتأسيسها فلا مكان للمؤسسات الثيوقراطية مثل الأزهر والكنيسة للعب أدوار سياسية وإلا ارتبك النظام السياسي ككل ، وهذا ما بدا أن جماعة الإخوان لا تعيه ربما لعدم وعيها بالفارق بين الدولة المدنية والدولة الثيوقراطية من الأساس ، فالمسألة هي تأسيس مجتمع قائم على فكرة المواطنة والعقد الاجتماعي وليس معنى حقوق الأقباط السياسية أن يصبح الحكم مشاركة أو بالتوافق بين رجال دين مسلمين ومسيحيين



#أحمد_عدلي_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نطق المعارضة المصرية المهلك....ابحث عن الحكومة
- المطلوب من الحكومة المصرية بعد مجزرة شرم الشيخ
- مصر ملطشة المعارضة
- الجرائم الجهادية تتواصل وتواطؤ الفكر العربي يستمر
- الأزهر إذ يترنح
- القوى اليسارية والمعتدلة اللبنانية لماذا خسرت الانتخابات؟
- الخطاب الإسلامي الجديد..هل هو جديد بالفعل؟
- ما الذي كان خاطئا؟
- لبنان الحقيقي جاي
- نجاحات المعارضة اللبنانية تظهر في ساحة رياض الصلح
- الإنسان إذ يصبح رقما
- عندما يصبح الموت هو الغاية المقدسة
- هنتجونيون عرب
- خدعة الديموقراطية الإسلامية
- هل من تجديد حقيقي للإسلام؟
- الإسلام والحريم
- المرأة في المجتمع العربي...بين الظهور والإخفاء
- إنتاج الإسلام الإرهابي
- رؤية جديدة لنكاح المتعة....دراسة فقهية تاريخية في ظل الإسلام ...
- ..الجنس..الوحش الجميل :دراسة اجتماعية لتطور النظرة الدينية ل ...


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد عدلي أحمد - تناقضات المشهد الإخواني