أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - لماذا تنعدم الثقة بين أطراف الدولة ؟














المزيد.....


لماذا تنعدم الثقة بين أطراف الدولة ؟


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5336 - 2016 / 11 / 7 - 17:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعكس الحياة السياسية المغربية بوقائعها وتوتراتها غيابا شبه كلي للثقة بين أطراف الدولة، فالمناورات التي قامت بها السلطة للإطاحة بحزب العدالة والتنمية، والتي انتهت إلى خدمة هذا الحزب عوض إضعافه، تظهر مقدار نفور القصر من حزب "الإخوان" وعدم ارتياحه له، بسبب مشروعه المتمثل أساسا في الهيمنة على الدولة ومنازعة الملكية في الشرعية الدينية بغرض إقامة دولة "الإخوان"، كما أظهر حزب المصباح انعدام الثقة لديه في السلطة خلال الانتخابات الأخيرة حين سارع إلى الإعلان عن نتائجه قبل الإعلان الرسمي ممثلا بذلك دولة داخل الدولة، ومشككا في نوايا السلطة وأغراضها. وأظهرت الوقائع المتتالية انعدام الثقة بين الأحزاب التي تسعى إلى المشاركة في تدبير الشأن العام، حيث اندلعت المناوشات بين القادة بمجرد الشروع في المشاورات الأولى، فظل حزب العدالة والتنمية ينعت حزب الأصالة والمعاصرة بحزب "التحكم"، وظل حزب الجرار ينعت "البيجيدي" بالحزب الذي يسعى إلى "التمكين" لنفسه و"أخونة الدولة والمجتمع" عوض المشاركة في تدبير الشأن العام، كما ظهرت لدى حزب الاستقلال ولدى العدالة والتنمية شكوك في نوايا حزب الحمامة واستراتيجيته الرامية إلى عرقلة مشروع عودة الكتلة إلى الحكومة، وما أن عقد أول لقاء بين رئيس الحكومة وبين الرئيس الجديد لـ"الأحرار" حتى اندلعت حرب كلامية بين الطرفين تمّ فيها استعمال كل الأساليب، هذا دون أن ننسى اللقاء الكارثي الذي جمع مختلف الأحزاب بدعوة من إحداها بغرض رفع مذكرة إلى الملك تعلن فيها الأحزاب عدم رغبتها في المشاركة في الحكومة مع حزب العدالة والتنمية، وهي مبادرة لم تنجح بدورها لأن الأحزاب المجتمعة لم تكن تثق في نوايا بعضها البعض كذلك، مما أدّى إلى مشاداة كلامية كادت تتحول إلى ما لا تحمد عقباه. وحتى الذين توددوا إلى رئيس الحكومة وأظهروا رغبة في المشاركة "بدون شروط" سرعان ما اتهمهم الرئيس بـ"الابتزاز" حيث غيروا مواقفهم بشكل لا يفهم في منطق السياسة المعتاد، مما جعل بعضهم ينتقل من الرغبة في المشاركة إلى التشكيك في العملية من أصلها، ورغم أن طرفا حزبيا اقترح "مصالحة" وطنية لإنهاء الصراع القائم على انعدام الثقة، إلا أن مبادرته نفسها اعتبرت مؤامرة وزادت من انعدام الثقة بين الأطراف الحزبية. وقد اتهمت أطراف حزبية حزب "القوات الشعبية" بلعب دور غامض، كما اتهمت أطراف أخرى حزب التقدم والاشتراكية بالتحول إلى ملحق ذيلي لحزب "الإخوان"، هكذا أصبحنا نعيش مشهدا لا ندري إن كان سيسفر فعلا عن تشكيل حكومة حقيقية تستطيع القيام بدورها في ظل التحديات التي ما فتئت تتعاظم.
من جهة أخرى تعالت أصوات المجتمع المدني والنقابي لتندّد بضعف الأحزاب السياسية، معتبرة فوز العدالة والتنمية تعميقا للأزمة، ومعبرة عن مواقف تشكيك في السلطة التي لا تبدو لديها حسب هذه الأطراف أية إرادة سياسية حقيقية للإصلاح، فانتقلت الحركة الأمازيغية من نقد الحكومة إلى اتهام النظام السياسي بالانقلاب على الدستور، وعبرت الحركة النسائية عن إحباطها بسبب الإخلال بالتوازنات التي كانت تضمن المضي في طريق إرساء المساواة ورفع الميز والعنف عن النساء، ووراء هذا المشهد كله ومن حوله تبرز الطامة العظمى المتمثلة في بقاء 70 في المائة من المغاربة خارج اللعبة السياسية التي اعتبروها مسرحية سمجة لا تثير اهتمامهم، حيث سحبوا الثقة من المؤسسات وعبروا عن سخط مكتوم لا يبشر بخير.
ما الذي يفسر هذا المشهد الكئيب الذي يدلّ على مقدار بؤس السياسة وبؤس أهلها ؟
في الواقع لا غرابة فيما يجري على الإطلاق، طالما علمنا أنّ الثقة التي تقوم عليها كل حياة سياسية طبيعية إنما تتأسس على الترسيخ الديمقراطي والحسم النهائي في الاختيارات والمرتكزات والمنطلقات والمبادئ، التي بناء عليها يتمّ تدبير الشأن العام، هذا الحسم المطلوب لم يحصل للأسف سنة 2011 بقدر ما تمّ الالتفاف عليه ومراوغته بأنواع التأويل وأشكال الهرطقة السياسية التي أفضت إلى ترسيخ قناعة واحدة وهي استحالة تفعيل الدستور بسبب تناقضاته الفاضحة، التي عكست التمزق الإيديولوجي السائد في المجتمع دون أن تقوم بإنهائه لصالح مشروع وطني متماسك وواضح، ما أعطانا دستورا لا يقول شيئا محدّدا بقدر ما يورد نصوصا ينسف بعضها بعضا، وهو ما كان له أفدح الأثر على القوانين التي صيغت في الولاية الحكومية الأخيرة، والتي تعدّ نكوصا حقيقيا عن مكتسبات سابقة.
في غياب الترسيخ الديمقراطي والحسم النهائي ستظل الأطراف تشك في بعضها البعض، وهو أمر طبيعي مبعثه شعور الجميع بعدم الأمان، بسبب انعدام الضمانات التي تحمي بعضنا من بعض، الأمر الذي يجعل من نظرية المؤامرة سيدة الموقف، والمرجع في تفسير كل شيء.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاطعة الانتخابات يقوي سلطوية الدولة ونفوذ المحافظين
- لماذا تعجز مؤتمرات الفقهاء عن حلّ معضلات المسلمين اليوم ؟
- القوانين لا توضع على مقاس الإسلاميين
- لماذا يضطرّ حزب -العدالة والتنمية- إلى ترشيح الدعاة والخطباء ...
- الملائكة في خدمة فقهاء البترول
- انتحار المغتصَبات وصمة عار في جبين الدولة
- الإسلاميون والولاء للدولة
- هل يحقق إردوغان حلم -الإخوان- بالاستيلاء الشامل على الدولة ؟
- متى يتم إقرار الزواج والدفن المدنيين ؟
- -التربية الإسلامية- أم -التربية الدينية- ما الفرق ؟
- سيكولوجية الصائم
- من يسعى إلى التحكم لا شرعية له في محاربة التحكم
- من الحكومة إلى الجنة
- حول القانون التنظيمي للأمازيغية، السيناريوهات الممكنة
- ما قيمة دستور لا يحترمه أحد ؟
- لماذا الإنسان أولا ؟
- غوغائية الشارع نتاج سياسة الدولة، لكنها قد تؤدي إلى خراب الد ...
- لماذا يحتاج الإسلاميون إلى تقنيين لا إلى مفكرين وفلاسفة وفنا ...
- الأسباب الخمسة لعودة الصراع حول الهوية بعد أن حسم فيها الدست ...
- هل العنف ضدّ المرأة من تعاليم الإسلام ؟


المزيد.....




- -معاوية-.. خالد صلاح كاتب المسلسل يوضح الغاية منه
- وزير الدفاع الأمريكي يرد على هيلاري كلينتون بصورة لها مع لاف ...
- ممثل شهير يعلق شعار -فلسطين حرة- على صدره خلال حفل -أوسكار- ...
- زيلينسكي يرد بحدة على سيناتور جمهوري طالبه بالاستقالة
- ستارمر يرفض إلغاء الدعوة الموجهة لترامب لزيارة بريطانيا
- بعد المشادة مع ترامب ونائبه.. زيلينسكي يُعلق على موقف أوكران ...
- ابتكار بخاخ أنفي لمساعدة المصابين بإصابات دماغية رضية
- رئيس وزراء اليابان حول المشادة بين ترامب وزيلينسكي: لا ننوي ...
- مسؤول إسرائيلي: المفاوضات ستبدأ بمجرد موافقة -حماس- على مقتر ...
- أزمة كهرباء وانهيار العملة.. احتجاجات في حضرموت تعكس معاناة ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - لماذا تنعدم الثقة بين أطراف الدولة ؟