عائشة التاج
الحوار المتمدن-العدد: 5334 - 2016 / 11 / 5 - 20:54
المحور:
الادب والفن
قراءة في رواية الكافرة
لكاتبها العراقي : علي بدر.
شخوص الرواية : البطلان الرئيسيان : صوفيا وأدريان .
الباقي : شخصيات ثانوية تؤثت الأحداث المتعاقبة .
مكان الأحداث المروية : العراق ، لبنان ، فلسطين .استوكلهوم .
مكان الرواية : بلجيكا: أوستاند وبروكسيل .
ركح السرد : المستشفى حيث يتعالج أدريان الذي تعرض لحادثة سير خطيرة ليلة عيد ميلاده بعد احتفاله به رفقة صوفي ,
تقنية السرد : الاعتماد على حوار أخرس بين الطرفين , تكون فيه صوفيا هي المالكة بزمام السرد و أدريان ينصت إليها ويتفاعل معها بالإيماءات فقط لأنه لا يستطيع الكلام عبر الأجهزة المعلقة بجسده العليل. ,
الزمان : حركة جدلية ما بين الماضي والحاضر : العراق ، لبنان ،وفلسطين بطريقة جد هامشية عربيا .
وأوروبا من خلال بلجيكا ،أوستاند ،بروكسيل و ستوكلهوم بالسويد ,
وذلك من خلال تقنية السرد : " الاستدعاء والتذكر "حيث تشكل الذاكرة ، ذاكرة صوفي فاطمة خزانا خصبا لأحداث رواية سردتها ما 20 و28 تموز .
العقدة السردية :
تبدأ عملية السرد من المستشفى حيث يرقد العشيق الصديق "أدريان " للعلاج بعد أن تكسرت أطراف جسده إثر حادثة سير ،ليلة عيد ميلاه ,,,,
دام السرد من 20 تموز إلى 28 تموز . 8 أيام هي العمر السردي لرواية مثقلة بوقائع كبرى تشكل حياة البطلين وعائلتيهما الأصليتين ,وتتمفصل مع الأحداث الكبرى التي تجري في الشرق الأوسط : العراق ، لبنان ،فلسطين ,
لتصل تداعيتها إلى أوروبا سواء من خلال الأعلام والتوثيق أو من خلال اللجوء ,
إنها ويلات الحروب والمعارك التي تطحن أبرياء لا ذنب لهم وتصوغ حياتهم بؤسا ويأسا ودمارا ,
تشكل "الذاكرة " البوابة التي تحلينا على عالم الرواية ومعينا للعبة التشويق من خلال التحكم في تواتر الأحداث و سردها بطريقة ديناميكية تشد القاريء وتجعله يتتبع مساراتها المتوازية عبر الزمان والمكان المتحركين باستمرار وبانسيابية تتحدى التركيب الزمكاني للأحداث والشخصيات ,التي يغوص في ثناياها بعمق يحيل إلى بعض تقنيات التحليل النفسي سعيا للتحكم في عملية البوح بجموحها الانفعالي وشطحاتها الفكرية والنفسية المتناقضة بتناقض السياقات .
نتجول مع صوفيا إلى دواخل فاطمة ،أناها الأخرى حيث يرحل بنا ما بين جفاف الأرض وقسوة المعتقدات و القوانين وجفاف المشاعر وعوالم البؤس بأشكاله
إلى عوالم الحب والرومنسية والتحام الأرواح والأجساد وانصهار المواقف والأفكار في بوتقة من الانسجام والتضامن بعيدا عن تسلط المعتقدات التي من شأنها التفريق بين الناس إلى ملل ونحل وفرق متناحرة باسم الله في غيبة من الله نفسه الذي تتم باسمه أبشع الآثام : قتل الأبرياء وزرع الأحقاد وما يترتب عنها من أوجاع وعذابات يتم توارثها جيلا عن جيل .عبر التاريخ والجغرافيا .
حبكة الرواية :
تبدأ الرواية بمشهد حب يؤالف بين قلبين تائهين ،تم لقاؤها في فندق جاءاه للاستجمام . إنه فضاء للعبور ،لعلاقة عابرة نسجت فوق رمال شاطيء دافئة ومياهه المتلاطمة على عتبة "بار" يشكل محطة أولى لحبك الخيوط الأولية لعلاقة غرامية انتصر فيها الحاضر على أثقال الماضي وانتصر من خلالها الإنسان للإنسان بعيدا عن كل الارتباطات العقدية أو التاريخية أوالسياسية بل حتى العائلية ,
حيث عمل الكاتب خلال عمر العلاقة على تحييد كل العناصر التي من شأنها أن تخلق أشواكا في أرجل هذا الحب الهارب من كل شيء إلا من ذاته .
لكل منهما أسرره التي يخفيها لنفسه فقط ، يتعاملان بالمكونات الضرورية لانسجام امرأة ورجل فقط والباقي مجرد أكسسوارات .
يحضر الجنس والحب والرفقة والأنس و التضامن في المحطات الصعبة .
الحب من أجل الحب وكفى . رسالة يمررها الكاتب كبديل عن كل ما يفرق الإنسان عن أخيه الإنسان .
مسرح حياة فاطمة : بلدة فقيرة بالعراق .
بلدة فقيرة من بلدات العراق ،حيث الفقر والتهميش ,حيث الحرمان بأقصى صوره ،حيث الجهل والركود الاقتصادي والاجتماعي سوف يحتلها "مسلحون متطرفون " وسيفرضون قوانينهم السلوكية والعقدية بقوة الترهيب والترغيب .
داخل هكذا منظومة يحتل "الجسد " مكانة هامة , حيث سيفرض النقاب ولباس
"شرعي " يغلف الجسد من الرأس إلى أخمص القدمين , إمعانا في الفصل بين الجنسين وستفرض اللحية على الذكور .
أجساد مغلفة بالسواد تتحرك داخل البلدة لقضاء أغراضها في انضباط تام لضوابط المتطرفين .
السواد يلف فضاء المدينة ويلف مشاعر الناس حزنا ويأسا وانقباضا .
تنحصر مساحات الفرح لأبعد الحدود ،تنحصر مساحات الجمال :يغيب الفن ،يغيب الرسم والموسيقا ،يغيب الإبداع مع غياب الحرية والجلد للمارقين .
حكاية الكافرة التي وشمت نفسية فاطمة :
ستحضر بطلة القصة ،الطفلة فاطمة لعملية رجم لفتاة مارست "الحب" و صنفت ككافرة تستحق الرجم حتى القتل , حيث سيتعاون عليها الجميع ضربا بالأحجار إلى أن تلفظ أنفاسها بدون رحمة ،
القسوة والغلظة والتوحش .
هذا المنظر سيؤثر على نفسيتها لأنها لم تتقبل الأمر وتعاطفت معها سرا ,
وسيكون هو الخيط الناظم لكل تساؤلاتها المريبة وتمرداتها اللاحقة عندما تتمكن من التعبير عنها في زمن لاحق .
تيمة الرواية : ثنائية الحب والكراهية .
تشكل ثنائية الحب والكراهية المحور الرئيسي الذي تلتف حوله أحداث الرواية .
وما يتفرع عنهما من مشاعر التجاذب أو النفور ، الود أو الحقد ،التسامح أو الانتقام . التعاون أو الصراع . الحرية أو الاستعباد .
من العراق إلى لبنان مرورا بفلسطين المحتلة التي تم ذكرها بعجالة حتى وإن كانت تشكل حطبا رئيسيا للهيب الكراهية والعنف بين الطوائف الدينية عبر الرقعة العربية .
ببلدة فاطمة يتوارى الحب خلف أسيجة المعتقدات البائدة ، جفاف الأرض ذات الطابع الصحراوي يوازيه جفاف المشاعر .
يحضر الاحتلال فتغيب الحرية . يحضر العنف والقسوة فتتوارى مظاهر الحب
وراء سواد الألبسة والقلوب .:
ومع ذلك لا يمكن اجتثات المشاعر من القلوب ,ففاطمة أحبت أحد أبناء الجيران الذي جاء للتعزية في زوج والدتها وتدبرت أمرها للتعبير له عن اهتمامها وتزوجته وعاشت معه فترة من السعادة والهدوء قبل أن تموت والدته التي تكفلهما معا فيشعر زوجها الشاب بالضياع والاكتئاب الذي استغله المتطرفون للزج به في عالم العمليات الانتحارية .
فوجدت فاطمة نفسها وحيدة في عالم لا يرحم .
رغم هيمنة مشاعر البؤس والمعاناة من خلال حكاية فاطمة لم يفت الكاتب أن يترك باب الأمل والتفاؤل مفتوحا ,,,
فكما يمكن لثقافة الكراهية والانغلاق أن تحاصر المشاعر الجميلة وتقلص مساحاتها ،يمكن أيضا للحب أن يهزم الأحقاد إلى أبعد الحدود ,,,
علاقة مد وزجر تتحكم في التفاعلات الإنسانية لشخوص الرواية ,
ذلك ما عبر عنه الكاتب من خلال وقوع "أدريان " في حب ضحايا والده المقاتل ضمن الميليشيات المسيحية ضد السكان المسلمين في حيهم بلبنان ,
ربما ليتطهر من أردان القتل ,
و من ثمة حرص على البحث عن الفتاة التي أفلتت من هجوم رئيس المليشيا الذي هو والده ليتزوجها وينجب منها طفلة جميلة ويعيشون جميعا في حب وسعادة إلى أن ,,,,
لقد أراد "أدريان " تصحيح " أخطاء والده , كما يسعى الحاضر لتصحيح
آثام الماضي فهل توفق في ذلك ؟؟
لنتذكر عيد الميلاد وارتباطه ب ثلاث أحداث تمفصلت حولها حياة أدريان ,
عيد الميلاد /محطة حاسمة :
يشكل عيد ميلاد "أدريان " تاريخا بالغ الدلالة في حبك محاور أساسية للرواية ,
في هذا التاريخ تعارف البطلان , أدريان وصوفي ونسجا علاقة حب جميلة ,
في هذا التاريخ أيضا ، "انتحر والده " مخلفا له إرثا من الوثائق والمستندات والذكريات الأليمة حول أحداث الحرب الطائفية بلبنان .
وفي هذا التاريخ أيضا : وقعت حادثة السير عقب الاحتفال بذكرى ميلاده وذكرى حبهما , لكن حدث انتحار الأب جعلته يحزن ويعود لكآبته فقام بحادثة سير أدخلته للمصحة .
دلالة عيد الميلاد :
أحداث متناقضة ـترتبط كلها بعيد الميلاد كرمز للأصل ،للعرق ، للانتماء .
تجاذب قوي ما بين مشاعر الألم والفرح ، الانتشاء بحاضر يملؤه دفء الحب وأجواء المتعة والرومنسية وماضي مثقل بالرعب والقسوة والدماء.
الحب المباح الممنوع :
الحكاية ،حكاية حب جارف ما بين صوفي وادريان الذين التقيا بفندق بأوستاند
حيث أتى كل منهما للاستجمام والراحة على الشاطيء ,,,وكل منهما يحمل سرا ثقيلا ثقل أحداث بلده وتاريخه المثخن بالجراح ,
كلاهما يقطنان ببروكسيل ، سينخرطان في علاقة عشق رومنسي جارف ،
ستدوم العلاقة بينهما سنتين قبل أن تجد نهاية لها في المستشفى نفسه ,
علاقة ينتصر فيها الحب على تداعيات الكراهية والعنف والأحقاد على حياتهما معا ,,,,حيث يدخل كل منهما لمعبد الحب بدون أغلال الماضي الكئيب ,
لقد انتحلت البطلة شخصية "صوفي " لتتخلص من أثقال هويتها ،وتاريخها المثخن بالأوجاع وبنت حياة جديدة ببروكسيل ودخلت العلاقة على هذا الأساس
كامرأة فقط لا تذكر شيئا عن ماضيها ,,ولم يكن يهمها من هو أدريان , غير كونه عشيقا أغدق عليها الحب والحنان بدون حساب فأحبته كما لم تحب أبدا ,,,
وأدريان أيضا أخفى كل شيء عن عائلته والأسباب التي جعلته يأتي لبروكسيل ,
ووجد في صوفي ضالته , الجسد الفاتن والقلب الحنون والمساندة الدائمة في المحطات الصعبة ,
،وبعد الاحتفال والعودة ستتقلب المواجع على أدريان وهو عائد لبيته وسيتعرض لحادثة سير تخلف جراحا متفاوتة الخطورة على أطراف جسده .
فماهي رمزية تاريخ عيد الميلاد الذي جعله المؤلف انطلاقة لعملية السرد ؟؟؟
يحيل عيد الميلاد على الولادة ،على الجذور ،على الأصل الذي يتم الاحتفال به احتفاء بالمجيء للحياة ,,,,,,لكنها مناسبة امتزج فيها الفرح بالوجع والألم والحزن والمرض ,
فالأصل سبب علته ،مرضه ،كآبته ،تيهه وهروبه .
وللمصحة رمزيتها , فالحاضر مريض يحتاج علاجا وسبب علته هو الماضي ،هو التاريخ ،هو السلف الذي ما فتيء يسبب له الانتكاسات النفسية وحوادث السير في حياة جد معقدة .
إنها تناقضات حياة مركبة تتجاذبها محددات التاريخ والجغرافيا ،الماضي والحاضر ، المقدس و المدنس ، الحب والكراهية ، الانتماء الضيق والانتماء المفتوح على مصراعي حياة متجددة تجدد الأزمنة والأمكنة والتفاعلات .
من جهتها : عاشت صوفي مع أدريان علاقة حب هربت خلالها من ضياعها في بلاد الغربة ، حيث عاشت بوضعية لاجئة تعيش بالمساعدات الاجتماعية و تتلمس طريقها نحو العيش الكريم من خلال ممارسة أنشطة تجارية بسيطة ,لكن هويتها كامرأة وكلاجئة لم تجلب لها غير الإهانة والاحتقار ,,,,فقررت أن تغير اسمها من فاطمة إلى صوفي وآنئذ
وجدت القوة اللازمة لمواصلة الكفاح ،فهويتها الجديدة أضحت وسيلة من وسائل الحماية , تخلصت من ماضيها المثقل بالأحداث المأساوية ،بالعنف والقسوة التي تحاصر الجميع والنساء بشكل خاص وتقمصت شخصية صوفي التي استعارتها من الصحافة البلجيكية وعاشت عليها فترة من الزمن ,,
انفتحت أمامها آفاق الشغل ، وعاشت كما تعيش أية بلجيكية متحررة من كل الحصارات , تفرح وتمرح وتطلق العنان لمشاعرها وأحاسيسها بما فيها الجنسية , تلتهم الرجال التهاما مثلما يفعل الذكور تماما ,,,,انتقاما من
عبارة زوجها التي أشعرتها بالإهانة : عندما أسر لها أنه سيقوم بعملية انتحارية لملاقاة سبعين حورية في الفردوس ,وهي في أوروبا قررت أن تجر إلى فراشها سبعين رجلا وهكذا فعلت واختارتهم من كل الأصناف الجسدية والمهنية والعمرية ,,,,,,لعلها تنتقم من زمن حصار الجسد والفكر والمشاعر في بلدتها المحتلة برزح التقاليد البائدة التي زادها المتطرفون قسوة وبؤسا واجتفافا .
بعد حالة التيه هاته وجدت في أدريان الحضن والمستقر ،انخرطت معه في علاقة حب حقيقية .
انقلاب فاطمة إلى صوفيا :يطرح أيضا إشكالية الهوية والانتماء ,تماما مثل أدريان الذي هو منتوج زواج مختلط من أب عربي مسيحي وأم سويدية .
حاولت فاطمة التخلص من انتماء يجلب لها الاحتقار والتهميش , فاللاجيء أحط مراتب المهاجرين وأقلهم مالا واندماجا في المجتمع المستقبل ,,,,لذلك قررت أن تكون "صوفيا" .
تركب "صوفيا" موجة حب رومنسي مع "ادريان" إلى ان تحط بها على شاطيء الأحلام المنكسرة عند بوابة مضرجة بدماء الماضي وأغلال مأسيه , تكتشف زواج ادريان من فتاة لايقل واقعها بؤسا عن واقعها الخاص فتنسحب من حياته وهو على فراش المرض يتلمس طريق الشفاء .
تبدأ الرواية بمشهد حب وتنتهي بمشهد مثخن بالمرارة , فالحب موقوف التنفيذ لدى أمثال صوفيا / فاطمة .....وفي احسن الاحوال فهو مجرد محطة عابرة ضمن سيرورة حياة معلقة ومحاصرة بواقع عنيد
مأزق المرأة داخل المنظور الذكوري :
يطرح لنا الكاتب مأزق الجسد النسوي ما بين ثنائية التحجيب والإخفاء
و التبضيع والابتذال ,الموغلين في التطرف الذكوري بشقيه الديني او اللبرالي
من خلال قصة فاطمة وأمها وباقي نساء البلدة العراقية التي فرض عليهم المتطرفون محاصرة الجسد بالسواد اتقاء لشر الفتنة المفترضة , حسب تقييمهم للشريعة الاسلامية ،أو من خلال تبضيع الجسد داخل منظومة ليبرالية تتعامل مع الجسد النسوي كموضوع للإغواء يتهافت عليه المعجبون عابرو السبيل بمنطق استهلاكي فج. فهو في النهاية مجرد معبر لتلبية نداء غريزة ذكورية لا ترى في المرأة إلا اداة لإطفاء نار الغريزة الملتهبة . وقد تلجأ لكل الحيل الموصلة لتحقيق الهدف كما عبرت عن ذلك "صوفي" من خلالها خطابها الغاضب على مرتادي البار الذي ختم به الكاتب روايته طارحا على القاريء مهمة التفكير في وضعية المراة داخل النسق الذكوري الذي يختزل المرأة لمجرد جسد على حساب مقوماتها الإنسانية الأخرى ,,,,
صورة المرأة المبادرة :
عكس ما هو رائج في الكثير من الروايات العربية ،نجد صورة البطلة في رواية الكافرة صورة إيجابية ،مبادرة وتسعى لتملك زمام حياتها رغم ثقل المعاناة و هول الأحداث التي عاشتها ,,,,كيف لا وفاطمة تخرج من فم الغول وتتوفق في تجاوزالعديد من العقبات بفضل ذكائها وإرادتها وخصوصا بقوة التحدي والشجاعة .
تخرج فاطمة من رعب المسلحين وبلدة بالغة الكآبة والبؤس عبر أمواج الهجرة السرية , فتتحول من امرأة مضطهدة بأحكام أعراف الماضي ـتتوشح بالسواد
ومحاصرة في حركاتها و سكناتها إلى فتاة لاجئة ببروكسيل تستمتع برحابة فضاء مدينة أوروبية ورحابة قيمها الحداثية المناصرة لحرية المرأة والحريات
الفردية عموما .
فاطمة ،ذات الأصول العراقية الأصيلة لم تستمد نزوعها نحو الحرية من بلد اللجوء بل هي أصلا متمردة على أغلال الواقع الرديء من طفولتها ,,,
وتمكنت من مساءلة واقع متكلس متى استطاعت لذلك سبيلا .
فاطمة ، التي نشأت في بيئة تقليدية لا تعترف للمرأة بالحق في الحب تكون مبادرة عندما خفق قلبها لأحد أبناء الجيران ووجدت الطريقة الملائمة لأشعاره بذلك ,
وسوف تكون مبادرة في بناء علاقتها بأدريان "التقيا في وسط المسافة الفاصلة بينهما "على الشاطيء الذي كان هو فضاء ولادة العلاقة كما نبه لذلك الكاتب ,
وحتى في صياغة الرواية كانت المرأة بطلة ،هي التي تسرد أحداثا شخوصها الواقعية من الجنسين .
شخصيا أثمن انتصار الكاتب على العقلية الذكورية الموروثة عبر تنشئة عربية تشحن أدمغتنا بصور نمطية عن النساء وتعيد إنتاج واقعهن الرديء عبر الأبداع
من خلال تقديمهن في وضعية الاضطهاد المقرون بالهزيمة والانبطاح .
لقد التقط الكاتب تلك الفئة من النساء التي تتمكن بفضل وعيها الفطري من الخروج عن القطيع فتصبح فاعلة في التغيير انطلاقا من شرطها الذاتي ,,,,,
وهو بذلك يفتح أعين القاريء على بؤر الضوء المنبثقة من بين عتمات الواقع الرديء فاتحة بذلك مساحة للأمل ،للتفاؤل بإمكانية خلخلة الجمود والتكلس وخلق ديناميات جديدة سواء على المستوى الاجتماعي وحتى السياسي والثقافي ,
عائشة التاج .
الرباط ,المغرب .
#عائشة_التاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟