ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 5334 - 2016 / 11 / 5 - 17:06
المحور:
كتابات ساخرة
من شؤم الزمان و نحسه، وخذلان التاريخ و بأسه ، وابتلاء الانسان و يأسه، ان تمن علينا ظروف واقعنا المرير و ملابساته من: وقائع الاحتلال الامريكي ، و أشتباك الاصطفافات و التجاذبات و المصالح الدولية و الاقليمية،والمحلية وتجود بمنحنا سيل من الغيلان و الخراتيت و المسوخ من اشباه البشر ، و التي لاتفقه من الدين المدعى سوى التحريمات و النواهي و الحدود . ولا من السياسة الا التسلط والنهب و الفساد . و لا من الفكر الا انحطاطه و نوستاليجيا القبور و الاطلال . و لا من الثقافة الا الطقوس الغرائبية العجيبة، و مظاهر البؤس اللاعقلاني المتردي في وحل الغيبوبة !. فالمصائب و الكوارث لا تأتي فرادى بل جحافل!. و في غياب شبه كامل لمقومات الدولة الحديثة و مؤسساتها كمضامين و بنية، لا الاكتفاء بمجرد شكلها الكاريكاتيري ، و مظهرها الرث الكسيح !. فما شاهدناه بتوثيق: صورة و صوت من خلال الميديا و الفضائيات ، عندما خرج علينا نائب من سقط متاع نواب الشعب (المنتخبون) في عروض هزلية مكررة لمسرح عرائس كرنفالات الممارسة الانتخابية
( الم(غ)راطية ) بدوراتها المتعاقبة . ما رأيناه يبعث لا على الضحك و التندر - فقد اُتخِمنا من الضحك و الهزل !- بل يستحضر و يبعث على الحزن و القلق و التأمل في شعب مغيب غائب ، مذل ، مهان بلا مواطنة ، تحكمه حفنه من الجهلة الادعياء بما ليس فيهم و لا يملكونه أصلاً! و يزدادوا تضخماً و تناسلاً و تغولاً بمتوالية هندسية سرطانية تلتهم كل شيء . الذين لا يصلحوا لقيادة قطيع من خراف مطيعة. فكيف بقيادة بلد و شعب عريق و كبير الحجم مثل العراق؟!. فعندما لا تفرق و أنت المحسوب على الاسلام السياسي المتعالم و النخبوي ، و ليس الشعبي الجاهل ! و تخلط بين الحِكٓم و الاقوال والامثال ، و بين النص الديني المقدس (القرأن) والذي كما يُفترض - انك تتعبده ليل نهار ، و تقرأه لدرجة حفظه، فكيف تضيع التمييز بين الناقة و الجمل، بين كلام الله و كلام البشر ؟! تلك كارثة!. فإذا كان من ابسط الامور ، و أولويات الدين ، هو معرفة الفرق بين أيات و سور القرأن -النص الرسمي المقدس للمسلمين-، وما يُقال من حكم و مأثورات ومواعظ مجهولة من قبل هؤلاء ( الرعاة) ، فكيف يكون الحال في : تدبير السياسة والادارة، و تخطيط الاقتصاد و تنميته، وفي الاعداد و البناء التربوي و التعليمي ، و في النهوض العمراني والثقافي والفكري؟!. فعندما تتحدث بأسم الله كناطق و وكيل و نائب - و هذا في حد ذاته انتهاك و وتطاول لتمثيل الذات الالهية و تفسير ارادتها !- فيجب على الاقل أن تعرف ما قال في المصحف المخصص لدين الاسلام ، المتصدر كمصدر رئيسي لتشريعات الدستور الحالي، أليس كذلك؟! . قد تقترب هذه الحكمة ( العدل أساس الملك)-قالها ابن خلدون في كتابه المقدمة- و تتماهى مع الفضائل و القيم العليا السامية التي ذكرها القرأن كأساسيات ، مثل العدل ، المساواة ، الحق، الخ، ولكنها قطعاً ليست من النص الحرفي القرأني !. والتي أفتتحها النائب (الحقوقي) بالبسملة و ختمها بالتصديق في بداية بيانه أو تصريحه أو خطبته البتراء ذات الطابع المهدد و المتوعد في عنفه اللفظي كنصال السيوف و كخطبة زياد ابن ابيه لأهل العراق!. فما علاقة تلك الحكمة ( العدل اساس الملك) والتي قيلت لهداية و أرشاد و تأديب و تهذيب الملوك و السلاطين و الحكام، و لتعليمهم أن طريق توطيد سلطانهم و ملكهم يلزمهم بأتخاذ سبيل العدل في الرعية و هو الطريق الاوحد لتثبيت عروشهم و أستمرار بقاءهم أسياداً على شعوبهم وسياسة ممالكهم بالقسط والعدل لا بالظلم و التعسف !. و بين ( تحريم ) بيع و أستيراد الخمور ، و مقاضاة من ينتقد أو يطالب بألغاء هذا القانون ، لأنه مشيئة الله كما قررها ذلك النائب - لأنه عالم بمشيئة الله !- و لا راد لمشيئته و لو كره الكافرون ؟! . أن لم يكن العكس هو الصحيح !. و لو تركنا هذا الخطأ الشنيع و الالتباس في خلط المقدس بالكلام البشري العابر !. و جارينا من مجد العدل كأساس للملك و جعل منه مقدساً !. و دخلنا دائرة الاحكام السلطانية ، و نصائح الملوك ، و رسائل الفلاسفة و المربون لتقويم سلوك الملوك و التي حفل بها تاريخ و تراث و مرويات شعوب الشرق القديم . فأين نجد ذلك العدل الذي تغنى به صاحبنا النائب ( القانوني) العادل!.
و كل المظاهر و الوقائع تشير الى عكس العدل المطلوب و المبتغى ؟! . فهل نجده في المحسوبية و الولاء ، و أنعدام الكفاءة و الخبرة في شغل الوظائف و التعيينات من قمة هرم السلطة حتى سفوح الادارة و قاعدته ؟!. أم نجده في الفساد المنهجي المستشري و الواسع النطاق في اروقة و مفاصل الحكومة و البرلمان و القضاء و بقية العناوين، فساد بكل انواعه و أشكاله ؟!.أم نجده في البطالة الرهيبة ، و أنعدام الخدمات ، و غياب التصنيع ، و خراب الزراعة ، و سوء الادارة و تفكك التربية و التعليم ، و ذل و مهانة المواطن العراقي و أبتزازه و خداعه و النصب عليه خلال الدورات الانتخابية ومساومته و اجباره على انتخاب الفاسدين ؟! أم نجده في الفوضى و الدمار و أحتلال أجزاء من وطننا من قبل منظمات أرهابية تعجز الدولة عن تحريرها و القضاء على تلك الفلول و ذلك الخراب الذي القى رحاله في ارضنا العزيزة المستلبة و المغدورة و المظلومة بأنسانها و لا من ناصر؟! أم في هذا و ذاك ووو؟! . لقد سحقت الفاشيات المتعاقبة شخصية الفرد العراقي و مسخت حسه المدني السليم ، و شوهته أفانين الازدواجية و النفاق والانانية ، و أستلاب وعيه و غيبت عقلانيته و وجدانه الحي . و زاد الطين بله ، عندما جاء الاحتلال الامريكي بصنائعه من دمى بلا حياة أو حياء ليتربعوا على رقاب شعب متعب منهك جائع قاسى الويلات ، ولا يقوى على التفكير . مشلول الارادة ، وليجهز على البقية الباقية من هيكل الانسان العراقي لينخره نخراً بالخرافة و الاوهام و أعتقال العقول و الضمائر ، والرقص على عواطفه البسيطة الساذجة و نقاء سريرته ، تكبل اراداتهم بلعبة الطائفية و العرقية و العشائرية و التبعية ، فليس من السهل تغيير قناعات الناس و أرائهم و انقيادهم بأتجاهات اخرى مختلفة تصب في مصلحتهم و تغير واقعهم و غدهم . لذا من الطبيعي أن يحكم مجتمع بهاذه الرثاثة و البؤس من قبل طغمة مافيوية كمبورادورية تفصل الدين حسب مقاساتها و تستخدمه مطية و سوط في نفس الوقت لتكريس سلطتها و نفوذها، و جلد الشعب بقوانين و ممنوعات ما أنزل الله او المذهب بها من سلطان !. و أعادة أنتاج وتأبيد الواقع الاسن على تلك الصورة الكالحة ، و التي لا تترك اي فسحة من أمل ، أو تبشر بخير ممكن قادم!.وربما المقصود هو عكس الحكمة:(الظلم اساس الملك)!! و ( مثل ماتكونوا يولى عليكم) ! فهل نقول صدق الله العلي العظيم مثلما فعل النائب الفيلسوف و الحجة في القرأن ؟! و نهتف مع الجماهير لجمال ملابس الامبراطور الرائعة الشفافة ، أم نصغي لصوت الحقيقة الصادقة في براءتها ، و نصرخ مصرحين بالعري الامبراطوري الفاضح و المبين؟! . فعندما ينعدم العدل الذي هو أساس الملك ، فكيف يستقيم و يستتب الملك بدون أساسه أيها المتفكرون ؟! فهل تعقلون؟! ....
.....................................................
وعلى الاخاء نلتقي...
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟