أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الدين رائف - هذا المطرُ لنا يا فيتيا














المزيد.....

هذا المطرُ لنا يا فيتيا


عماد الدين رائف

الحوار المتمدن-العدد: 5332 - 2016 / 11 / 3 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


لا تنتظر أشعة شمس آفلة أولئك المهرولين في طُرقٍ من الصَدَف المدوَّر تحت أرض موسكو. في زحمة شبكة مترو الأنفاق بين اللاهثين وراء لقمة العيش. تغيب الشمس، ويحلُّ الليل من جديد. تغدو أيامك قصيرة في هذه المدينة العملاقة.. أستُوَدّعها من دون أن تقف أمام جدار فيتيا؟ حتى لو ضللت طريقك فخرجت من محطة "أوخوتني رياد"، ستعود لتمسك شارع الأربات القديم من أوله.. لن تقدر على تفويت هكذا فرصة!

كان يمكن أن يكون بيننا اليوم. كان يمكن أن يحتفل بمطر تشرين، لكنه رحل عن دنيانا في ريعان الشباب حيث لم يكمل ربيعه الخامس والعشرين، إنه أسطورة الروك الروسي فيكتور روبيرتوفيتش تسوي (1962 – 1990).
فيكتور (فيتيا)، ابن مدينة لينيغراد الفقير، الذي كان يعمل في مرجل للفحم الحجري قرب محطة القطارات، انتقل إلى النجومية برفقة أنغام غيتاره وغرابة كلمات أغنياته، وبثّ الأمل بالتغيير لدى عشرات ملايين البشر. فيكتور الذي يعشقه عدد كبير من الناطقين بالروسية حول العالم، لم يترك خيارًا لمستمع كلمات أغانيه، إما أن تعشقه وإما أن تتجنب أغنياته مطلقاً. لكن إن تجنّبت أغنياته هل يمكنك أن تتجنّبه.. هيهات! فحتى اليوم، لا تخلو مدينة روسية من جدران كُتب عليها "تسوي حيّ في قلوبنا إلى الأبد"، ولا تخلو مدينة من جماعات المغنين من مختلف الأعمار وهم يرددون أغانيه الخالدة برفقة الغيتار.
وفي شارع الأربات الأثري في موسكو، أراك تجد الخطى بحذائك العسكري الأسود، فوق ثلج يرطّبه مطر تشرين، نحو جدار فيتيا.. جدارا يتزيّن برسومات كبيرة لتسوي، ويجتمع الشباب والكهول حلقات وهم يغنون روائع هذا الشاب ذي الأصول الكورية.

إن كان موته "في ظروف غامضة" سيبقى لغزًا.. فمئات الأغنيات تتضمّن ألغازًا أخرى، شغلت الكتّاب والناقدين الأدبيين لأكثر من ربع قرن، فكتبوا عنها مقالات كثيرة ووضعوا كتبًا منها "في أثر نبيذ النُور – حل شيفرة أغنيات فيكتور تسوي" للكاتب ز. كانديكوف. ونستمع فيه إلى شهاد مبدع آخر قضى أيضًا "في ظروف غامضة"، وهو المؤلف الموسيقي والشاعر إيغور تالكوف (1965-1991).
وقد منحت الحياة إيغور وقتًا كي يحكي عن صديق له، يقول: "الأرض والسماء. بين الأرض والسماء حرب، لو غنّى فيكتور تسوي هذا البيت الشعري فقط، لقال فيه كل شيء يمكن أن يقال. إلى اليوم موت تسوي غير مفهوم بالنسبة إلي. يبدو لي أنه كان رسول قوى الخير البيضاء، ولم يتمكن من إتمام مهمّته. أعتقد أنه في إحدى اللحظات وهنت قواه، وفقد السيطرة على نفسه.. ففتح عليه أبواب الغضب ولم تكن لديه أي أسباب للحماية. كان ذلك مفاجئًا حيث لم يتمكن الخيّرون من من المقاومة، فيما تمكن الأشرار من البقاء". بهذا الكمّ من الترميز كتب تالكوف عن تسوي (في كتاب صدر بعد وفاته بعنوان: أشعار وذكريات ويوميات)، ولم يكن بإمكانه أن يخفّف من الإلغاز وهو على شفير الهاوية عينها التي أودت بحياة رفيقه.

وحلٌ ثلجيٌّ يزيده رذاذ مطر لا ينتهي رطوبة ولزوجة. وأنت أمام شاب ذي ملامح آسيوية مثل تسوي، يقف مع غيتاره أمام الجدار الشهير، وهو يغنّي تحت المطر للمطر.. ترى فيه فيتيا:

ويحلُّ الليل من جديد،
أنا ثملٌ، أستمعُ إلى المطر.. هذا المطر لنا،
البيت خاو، لكننا هنا.
قليلة هي أشياؤنا.. لكنّنا هنا، والمطرُ لنا.
**

لا جدرانَ لبيتي، ولا قمرَ في سمائي
أنا مكفوفٌ لكنني أراك، أصمُّ لكنني أسمعك،
لست نائماً، لكنني أحلم.. وذلك ليس ذنبي،
فأنا أبكمُ وأنت تسمعينني، وهنا تكمن قوتنا
**

أنت ترين نجمتي، وتؤمنين بأنني سأرحل،
أما أنا فلا أرى النجوم، ثملٌ، لا أذكر من أكون.
تنظرين إلى المجرّة
أنا الليل فيها، وأنت نجمة الصبح.
أنا الخرافة أما أنت فلا..
مكفوفٌ.. لكنني أرى النور
**

هذا المطر لنا يا فيتيا – عيون الشعر الأوراسيّ المغنّى (4)



#عماد_الدين_رائف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رؤيا شاب قوزاقي تطيحُ رأسه
- عصفورة إيفان الجريحة بصوت ديانا الملائكي
- ليف أوشانين: سأنتظرك - عيون الشعر الأوراسي المغنّى (1)
- ليو تولستوي في مدينة زحلة
- ستيبان كوندوروشكين حيٌّ من جديد - 2 -
- ستيبان كوندوروشكين حيٌّ من جديد – 1 –
- أوكرانيا: حكاية إعادة إحياء -عالم الشرق-
- الحياة الثقافية في تركمانستان: بين أزمة الهوية وبقايا القمع ...
- الحياة الثقافية في تركمانستان: بين أزمة الهوية وبقايا القمع ...
- الحياة الثقافية في تركمانستان: بين أزمة الهوية وبقايا القمع ...
- أوسيتيا الجنوبية: عامان على حرب الأيام الخمسة
- طاجيكستان تحظر تعليم -مبادئ الإسلام- منزلياً
- -الأهداف الإنمائية للألفية- بين الأمم المتحدة والمجتمع المدن ...
- حول السجين الأكثر سرية في العالم
- في الترويج لمستقبل اليسار عبر -المجتمع المدني-!
- الهرويين الأفغاني يقضي على 80 روسياً يومياً
- الانتخابات العراقية شأن عراقي.. لهذه الأسباب
- حول الإصلاح الانتخابي المفقود في لبنان
- مقاربة صحافية ل -التمييز المزدوج تجاه المرأة العربية المعوقة ...
- اليساريون ونعمة التنظير على الطابق الثاني


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الدين رائف - هذا المطرُ لنا يا فيتيا