أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عزالدين بوغانمي - حين يستولي الفساد على السّلطة














المزيد.....

حين يستولي الفساد على السّلطة


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 5331 - 2016 / 11 / 2 - 15:24
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الجميع يردّد نفس الكلام: "الوضع شديد الخطورة"، "البلاد في حيط"، "البلاد على حافة الإفلاس" ...
الكلّ يقول هذا الكلام. حتّى الفاسدين أنفسهم المتسبّبين في هذا الوضع، يخرجون علينا في التّلفزة، ويحذّرون اتّحاد الشغل من الالتزام بالدّفاع عن حقوق الأجراء !

كلّهم يعرفون سبب الأزمة وأبعادها. ويعرفون الحلّ. ولكن ليس بوسع شخص أصبح مليارديرا بالتهريب والتهرب الجبائي والسوق الموازية والمروق عن القانون وتشغيل الناس بلا أي تأمين على حياتهم، أن يُشارك في إيجاد حلّ للأزمة بالتخلّي عن جزء من ثروته، خصوصاً وأنّ الأغلبية الساحقة من هؤلاء، هم عبارة عن صعاليك و"خلايق"."
والجميع يعلم أن الفاسدين الكبار هم مموّلي الأحزاب الحاكمة. وهم الذين يُمسكون الإدارة ويتحكّمون بها من خلال شرائهم لشرائحها العليا. ولذلك لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من ايقاف هؤلاء وجعلهم يمتثلون للقانون، حتى تستعيد الدولة إمكانياتها التي سرقها هؤلاء. فشلت هذه الحكومات لأنّها منبثقة من أحزاب يُموّلها الّلصوص.

منذ انتخابات 2014، لمّا قلنا: "إن تونس ستنهض حين يكفّ الفقراء عن الانخراط في أحزاب الأغنياء. ومادام الشعب وضع هؤلاء في الحكم فإنّ البلد سيظلّ في خطر". لما قلنا هذا الكلام لم نكن نمزح. فهذا الكلام صحيح إلى درجة أنّه يرقى إلى صحّة القواعد الهندسيّة. ذلك أّن البرجوازية الرثّة في البلدان المتخلّفة (مثل تونس)، ليس لها تقاليد أخلاقيّة ولا معايير حكم ولا ثقافة رأسمالية عريقة وراشدة تحمي الثروات الطبيعية والأجير والمستهلك والمؤسسة والسوق في نفس الوقت. بل هي عبارة عن مجموعة من التضامنات الإقتصادية قامت ثروتها وتوسّعت بالتحيّل والزّبونية والنّهب والافتكاك والرّشوة والتهريب والتزوير والسّمسرة والتّخابر ... على عكس البرجوازية في الدول الصناعية التي تُتْقِنُ فنّ إدارة التّناقضات الاجتماعية والتحكّم فيها بسبب الخبرة والتاريخ، وبسبب حكمة الاستقرار الاجتماعي وعلاقته باستمرارية دولاب رأس المال. يعني البرجوازية في أوروبا والولايات المتحدة تشتغل على قاعدة أنّه كلّما كان العامل مرتاحًا مادّيا ومعنويا، إلّا وكان الإنتاج أوفر والاستهلاك أوسع ورأس المال أعلى ومستقبل الصناعة مضمونا. ولذلك نجدها تصرف المليارات من أجل حماية البيئة وتطوير الخدمات للناس وتسهيل حياتهم. فالناس جزء من العمليّة الرّبحيّة بالنسبة للبرجوازية في البلدان الصناعية. أمّا "البرجوازية الطّفيليّة" في البلدان المتخلفة فهي تفتقد إلى كلّ هذه الأمور، وبالنتيجة تفتقد إلى كلّ معايير السّياسة والأخلاق.

شوفوا كيف نجحت العصابات الاقتصادية الإجرامية في إفساد الطبقة السياسية بِرُمتها في تونس..
أنظروا قلّة حياء بعض الخبراء وبعض متكلمي اتحاد الأعراف، وبعض مسؤولي أحزاب السلطة، حين يحمّلون الأزمة للشعب الكادح، ويطالبون بتأجيل الزيادات، في حين أنّ الذين سرقوا أموال الدولة لا تطالهم يد القانون.
أنظروا ماذا يجري في نداء تونس من فضائح. وعلى سبيل المثال، وبغاية الايجاز، بالله ماذا يملك رئيس الهيئة التنفيذية الحالي من موهبة أو كفاءة أو تجربة حتى يتمسك بالقيادة وبالمنصب الأوّل؟ إنّه لا يملك شيئًا سوى التخلّف وانعدام الذّوق ورثاثة الكمبرادور ومجموعة من القوّادين من حوله.
وبالمناسبة أنا أدعو أنصار هذا الحزب إلى الانسلاخ الجماعي منه تفاديًا لمزيد الفضائح. اذ ليس هنالك ما يدعو لبقاء التوانسة وراء أربعة أثرياء يتعاركون على مصالحهم.

لقد كان واضحًا منذ أيّام الثورة الأولى، أنّ ما حدث ليس سوى بداية سيرورة ثورية معقدة ستستغرق عقوداً، مثلما استغرقت سيرورات ثورية تاريخية أخرى. وفي السنوات والعقود القادمة، إما أن تُستكمل شروط دخول مرحلة جديدة من التاريخ، من خلال تغيير البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية تغييراً جذرياً، وإما أن يفشل ذلك، فنكون أمام مرحلة خطيرة من الانحطاط والتفسخ المجتمعي على نسق ما بدأنا نراه في كلّ مجالات الحياة عندنا.
تونس محتاجة نظامًا اقتصاديًا يُحدث تنمية حقيقية إنتاجية لا طفيلية. نظام اقتصادي يختلف عما هو سائد لدينا من اقتصاد قائم على خوصصة القطاع العام والفساد والمحسوبية والزبونية. ودون إحداث هذا التغيير العميق، لن نخرج من الأزمة التي نعيشها. ولهذا الكلام شاهد يفقأ العين، حيث لم يتغيّر النظام الاجتماعي ولم تتبدّل السياسة الاقتصادية منذ 2011 حتى الآن، من بن علي إلى محمد الغنوشي إلى حمادي الجبالي إلى علي العريض إلى المهدي جمعة إلى الحبيب الصيد. ومن يعتقد أن عهد الشّاهد هو نهاية المطاف واهم، إذ أن الأزمة الاقتصادية-الاجتماعية في تونس ما زالت في تفاقم مستمر، بل ومتصاعد، بينما سياسات الحكومة عاجزة تماماً عن مواجهتها.
هذا قلناه سنة 2011 وكتبناه. يومئذ ساد إفراط في التفاؤل وبدا تحذيرنا كأنه تشاؤم. أما اليوم فسادَ التشاؤم. ونحن نقول لمتفائلي الأمس ومتشائمي اليوم أن العملية لم تنته ولا بدّ من التحلي بالصبر لمواجهة الثورة المضادة. صحيح أننا نعيش مرحلة ردة وانتكاسة، غير أن الطاقة الثورية الشبابية لا تزال موجودة ولم تُستهلك أو تُسحق. وتعبر هذه الطاقة عن نفسها كلما سنحت الفرصة، مثلاً بأحداث القصرين في بداية هذا العام، والآن في جمنة وفي المنستير. وغدًا ستتوسّع الاحتجاجات وسترتقي في مطالبها. وبالنسبة لي هذا أمل وليس تفاؤلاً بأن الأفضل سوف يحصل، بل قناعة بأن الأفضل ممكن الحدوث شريطة اقترانه بالعمل.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نُخب الاستبداد ومستقبل الديمقراطية
- الإسلام السّياسي إعاقة حضارية.
- حِين يُقْطع رأس الثّورة
- شكري بلعيد المثقف العضوي والثوري المختلف ..
- وطن الوحشة والألم: كلمات على وسادة الغربة.
- الألم الوطني وقسوة الحرف.
- انقسام معسكر الرّجعية العالمية، وغياب الجبهة الوطنيّة الدّيم ...
- غزة الأبية ليست لوحدها // تعقيبا على مقال الشيخ راشد الغنوش
- السقوط الأخير
- أمناء المجلس الأعلى، أو السيرك الوطني !
- بعد أربع سنوات، ماذا تحقق من مطالب الثورة ؟
- الأصولية و ثقافة التخلف
- -الوطد-، تيار الشهداء .. روح تونس وعشقها الوطني
- شكري بلعيد، لوعة وطنية غير قابلة للنسيان !
- لا خوف على تونس !
- التطلع إلى الحداثة ، والإرتداد إلى الخلف
- مرة أخرى : كيف يجب أن نفهم الحوار الوطني في تونس ؟
- محنة تونس اليوم، هي الثمرة المرة لنظام الإستبداد
- الفضيلة والإرهاب
- حول الديمقراطية والشورى في الرد على الشيخ راشد الغنوشي


المزيد.....




- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عزالدين بوغانمي - حين يستولي الفساد على السّلطة