|
2+2=5 / البروباغندا الإعلامية و ثقافة التدجين الإعلامية
أسامة سليم
الحوار المتمدن-العدد: 5330 - 2016 / 11 / 1 - 03:46
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
لطالما تميزت البروبغندا الإعلامية في الدول الكليانية و الفاشية بميزة أساسية هي تزيف الحقائق و تميع المواضيع الأساسية و القضايا الجوهرية التي تهم شريحة هامة من المجتمع ... قضايا كانت دائما في صدارة تفكيرهم و همومهم و مشاغلهم ... و قد وجدت حضنا دافئا لها في مناشير الأحزاب _ أحزاب محظورة في الغالب _ أو في اليافطات و الشعارات التي تتصدر المظاهرات ... لكن مع تطور وسائل الإتصال الرقمي و ردم تلك الفجوة بين القرات و تجاوز فكرة الحدود بفضل الماكينة الإعلامية اصبح الخبر يصدر قبل حدوثه حتي أصبح البعض يسمي هذا العصر بعصر نهاية الجغرافيا و بداية التاريخ ... أي عصر تقلصت فيه الحدود الجغرافية لصالح ثقافات و أحداث بعينها ....حتي أصبح كابوس الحكام و الزعماء الماكينة الإعلامية ... تلك الماكينة التي بإمكانه ترميم أنظمة حكم قابلة للسقوط بإسمنتها المسلح أو إسقاطها بما يتماشي مع أهوائها ... يقول وزير الدعاية الألماني جورج غلوبز " أعطيني إعلام بلا ضمير أعطيك شعب بلا وعي ".... و بعد النصف قرن من الإعلام المدجّن و الرأي الواحد الغير قابل للدحض أو النقد ... مثلت الثورات العربية منطلقا لإعلام خارج عن القطيع و لا يغرّد مع السرب ... و بهذا إنطلقت معه قنوات خاصة تتميز بتعدد الأراء و إختلاف زوايا النظر و وجهات الرأي ... و أصبحت القنوات أرضية خصبة لصراع الإيدولوجيا و الترويج الحزبي ... لكن فرغم تعدد القنوات و خاصة التونسية ... إلا أن هذا الإعلام كان مسيّسا و يخدم أهداف سياسية و يروج لتوجهات سياسية و المراهنة علي خيول سياسية في سباق الإنتخابات مثل الحملة الكبيرة التي قام بها رئيس حزب الإتحاد الوطني الحر سليم الرياحي بتونس سنة 2014 .... و بذلك و بعد 5 سنوات من الثورة أصبحنا نعاني من تخمة إعلامية لا تسمن و لا تغني من جوع .... بل أصبحت القنوات الإعلامية أشبه بحلبة ملاكمة يتم فيها تبادل اللكمات و الإتهامات وكيل الشتائم .. كل طرف للأخر ... حيث أصبح كل همها زيادة نسب المشاهدة و ذلك بالتطرق لمواضيع حساسة ليست لمعالجتها و إظهار الحقيقة ... و لكن لتتصدر نسب المشاهدة ... و برامج الواقع اليومي خير كفيل بذلك .. فالمادة التي يقدمها برنامج لمن يجرؤ فقط .. هي مادة تندرج في سياق عام يمارسه المجتمع و هو التسويق للردائة و محاربة أي محاولة لإجتثاث الفساد و تقديم بديل و حلول و الإلتفاف علي القضايا الاساسية و تبيض أباطرة الفساد في تونس ... و هنا يكمن خطرها ... فهي تعادل السرطان من ناحية الفتك بكل محاولة إعمال للعقل ... و داعش من ناحية الترهيب و التخويف علي مخالفة السائد ... و هي بذلك تصنع جيلا بأكمله مبرمجا علي الرأي الواحد السائد بطريقة موجهة أحادية المنظور وتوجيه مجموعة مركزة من الرسائل بهدف التأثير على آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص و هي تخاطب بطريقة عاطفية ميكانيكية مهملة الجانب الموضوعي و شرف المهنة في نشر الخبر فهي تبشير من ناحية دينية و تروج من ناحية إقتصادية ... و هنا يكمن خطر وسائل التواصل و الإتصال فهي قادرة علي تكبيل الفكر و تقيده و إغتصاب أي فكر مخالف ... و كذلك تحجب الحقيقة ... ففي الوقت الذي إنهارت فيه قارات بأكملها مثل الاتحاد السوفياتي كانت إعلانات كوكا كولا تبث في جميع المحطات الدولية و تحجب أخبار تفكك دول .... كذلك ففي الحرب علي العراق كانت الصورة توازي البندقية من ناحية خطرها ... فقد تحولت ساحة الحرب الفعلية إلي حقول إعلامية في حرب بدون اخلاقيات و لا ضمير ... فقد كانت الصورة تبث بموافقة وزارة الدفاع و البنتاغون و ليس وزارة الإعلام ... و قد يؤتي يوم و تتجيّش كبري وسائل الإعلام كي تعلن أنّ 2+2= 5 ... و مصير الأجيال القادمة تصديق هذه الكذبة ... فهي حقيقة مسلّمة في نظر المتقبلين .... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أسامة سليم طالب فلسفة تونسي ... 20 سنة ... يكتب في مجال الأدب و الفلسفة و علم الإجتماع و علم النفس و ذو إهتممات بالشعر و المسرح و السينيما ........ يكتب بشكل متواصل للحوار المتمدن
#أسامة_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسامة سليم : 2+2=5 / البروباغندا الإعلامية و ثقافة التدجين
-
أسامة سليم : الفيلسوف الاخير / إبن رشد
-
في سجن الصمت
-
الكتابة أمر مؤذٍ للغاية وقد تشكّل ضغطاً نفسياً عنيفاً (حوار
...
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
Express To Impress عبر لتؤثر
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
المزيد.....
|