“لولا” رفع شعار الجوع يساوي صفر
متابعة : عماد السيد
عقدت ضمن فعاليات معرض الكتاب الدولي الـ 35 ندوات عديدة، منها ندوة عن ملتقى " بورت إليجري " الذي فقد حظه الإعلامي بسبب الحملة الأمريكية الإعلامية من أجل القضاء على العراق ونهب البترول العالمي .. وكان مدير الندوة الأستاذ / مدحت الزاهد ، وحضرها عدد كبير من القيادات العمالية والمعنية بشئون العمل الأهلي .
بدأ الأستاذ / مدحت الزاهد – الكاتب والصحفي – إدارة الندوة بالحديث عن " بورت إليجري " قائلاً : أن الملتقى كان لمواجهة هجوم الليبرالية التي تسعى لتمكين الأغنياء من مصائر الشعوب وسلب حقوقهم، لذلك كانت " بورت إليجري " مظاهرة تضامن مناهضة للعولمة، وحضرها عشرات الملايين من الممثلين لمختلفي منظمات العالم، وحملوا صور “لولا” و”شافيز” و”كاسترو”، وغنوا للتغيير والثورة والمقاومة، وكان الشعور العام لكل المتظاهرين هو الشعور الذي جسده “شافيز” عندما قال : لابد من مواجهة الليبرالية الجديدة قبل أن تقضي على آمال الشعوب .
وكان أول المتحدثين الدكتور / محمد حسن خليل – المستشار العلمي لجمعية التنمية – الذي تحدث عن مغزى هذا الحدث العالمي الذي لم يأخذ حظه من التغطية الإعلامية بسبب قيادة أمريكا للإعلام العالمي من أجل الحرب على العراق، وجاء المؤتمر ليمثل المعارضة الحقيقية للسياسة السائدة، وكي يقول لا لهذه السياسة الغاشمة .. ويقارن بين حدثين متشابهين في المظهر وإن اختلفا مضموناً . ففي عام 1995 عقدت الأمم المتحدة قمة اجتماعية حاولت من خلالها أن تقول أن العالم يعلم بمشاكله الاجتماعية البارزة التي لابد من مواجهتها وحلها، وكانت هناك جلسة خاصة في كوبنهاجن حضرها 117 رئيس دولة، وكان لهذه القمة أهمية تاريخية لما يشتمل عليه من ممثلي العالم بالشقين الرسمي والأهلي للاتفاق على المشاكل وحلها . وتمحورت المشاكل في ثلاث نقاط . وخرج المؤتمر ليعلن أن نصف سكان العالم فقراء وأنه رغم التقدم الهائل الحادث في الثروة والغنى، إلا أن هذا التقدم زاد الاستقطاب بين الدول وداخل الدول نفسها . أما المشكلة الثانية فكانت البطالة والتي بلغ حجمها الخطير الذي وصل ربع مليار عاطل أي ثمن سكان العالم . ثم كانت مشكلة التفكك الاجتماعي التي ركزت على الفئات المظلومة المضطهدة التي فقدت حقها مثل المسنين والأطفال والأقليات العرقية والنساء .. ورغم أهمية هذه القمة إلا أن فائدتها الوحيدة تركزت في اعتراف الحكومات بالمشاكل ووضع سياسات للقضاء عليها، لكن لم يتحدث أحد عن أسباب المشاكل .. ولذلك كانت قمة المنظمات غير الحكومية التي أرجعت أسباب هذه القضايا للعولمة والسياسات الانفتاحية الاقتصادية .. .. أما في " بورت إليجري " فكانت نفس القضايا هي المطروحة لكن على أرضية مختلفة حيث كانت ضد العولمة وعسكرة العولمة ومع العدل والحق في حياة كريمة، وتنبع أهمية “بورت إليجري” لغياب وتدهور دور الأمم المتحدة التي ركزت على التنمية عن طريق حرية التجارة للقضاء على الفقر والبطالة وأصبح تركيزها على تحرير التجارة . وهذا هو الفرق الأول بين الأمم المتحدة ومنتدى “بورت إليجري” .
أما الفرق الثاني هو أن المجتمعين في “بورت إليجري” غاصوا في أعماق المشاكل وأسبابها وطرق المواجهة وهي التجمع من أجل الدفاع عن الحق وكانت هذه هي رسالة المؤتمر .
أما كمال عباس – المنسق العام بدار الخدمات النقابية – فقد بدأ بالإشارة إلى أن السؤال الملح الذي كان في أذهان من ذهبوا إلى “بورت إليجري” هو لماذا المقاومة ضد العولمة ضعيفة ؟! .
قائلاً : في الوطن العربي المقاومة حركة مثقفين، بينما " “لولا” " خاض الكثير من المعارك وأسس نقابات عمالية مستقلة فحصل على ثقة الشعب البرازيلي وهو مشهد غير مسبوق، ورغم ذلك ورغم حب الشعب البرازيلي لزعيمهم كانوا يعارضونه ويطلبون ألا يذهب إلى دافوس وأن آن الأوان للاستقلال في أمريكا اللاتينية كلها .. وأشار كمال عباس إلى أنه في الوطن العربي نعاني من ضعف التنظيمات العمالية . كما جاء قانون العمل ليضع القيود على حق الأحزاب وظهور العمالة غير المنتظمة مع ثبات الهياكل النقابية منذ التسعينات التي لم تستطع استيعاب هذه الأشكال من العمالة . هذا بخلاف ما تعاني منه الأحزاب من ضعف وتراجع شعبيتها .. ويعود كال لبورت إليجري قائلاً : المشهد كان عظيماً والانتصار لمعارضة الحرب ضد العراق كان أعظم، ليس من أجل صدام لكن من أجل الشعب العراقي الذي سيكون أفضل لو غاب عنه صدام، وكذلك سيكون العالم أفضل لو غاب بوش عن البيت الأبيض .
أما رحمة رفعت – المحامية العمالية – فقد أكدت على أنه من الصعب نقل الروح التي اتسمت بها “بورت إليجري” أثناء حديث “لولا” ومن اللحظة الأولى حتى الأخيرة يكفي أن رئيس الجمهورية كان يتحدث دون وجود بوليس أو أمن مركزي، والناس مارست حريتها وتبادلت الحوار مع الرئيس وطالبت باستفتاء الشعب في أمر 1ذهابه إلى دافوس، وكان هناك إصرار على أن تصبح العلاقة بين الحزب المنتصر والحكومة علاقة ضغط ومفاوضات، وبذلك تشكلت عولمة المقاومة بشكل أكثر تنظيماً في “بورت إليجري” رغم عدم التكهن ببرنامج واضح ومحدد لهذا الملتقى العظيم . لكن المهم هو كيفية نقل الخبرات للوطن العربي . فمن غير المعقول أن تظل خارج التاريخ . لابد من المشاركة في هذه الحركة العالمية .
وأشار مدحت الزاهد خلال مداخلاته في الندوة إلى خطاب “لولا” الذي قال فيه " الجوع يساوي صفر " وقال أنه سيحمل نفس الشعار إلى دافوس وأكد أنه لا ينبغي تطبيق النموذج الأوروبي وفرضه على العالم وأشار مدحت الزاهد إلى أن الحرية التي تنادي بها أمريكا هي حرية الهيمنة والسحق الأمريكي وهذا ما تنبه إليه ممثلو الشعوب في “بورت إليجري” الذين هتفوا " بوش شارونا تورتسكا انتتينا " أي بوش شارون الإرهاب والعدوان ، وأكد الزاهد إلى أن من أهم الدروس في “بورت إليجري” هو تبلور فكرة استقلال النقابات والأحزاب وأن أي حزب أياً كان لا يجب مهما انتصر أن يذوب في السلطة .. وانتقل الزاهد إلى احتفال الختام الذي كان أسطورياً في شكله وتنظيمه وكان التحدي هو ما قاله “شافيز” إما أن نقضي على العولمة أو تقضي علينا .. وما حدث فاق الشعور الإعلام الفلسطينية تتبادل مع أعلام البرازيل كموج البحر ولا نعرف بداية المسيرة من نهايتها وتشابكت الأيدي وعلت الشعارات ضد الحرب ومع الفلسطينيين .
نشرت بجريدة التجمع – العدد 87 – الصادر في 9/2/2002