|
مشاهد من ذاكرة الانتفاضة
سعد محمد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 5327 - 2016 / 10 / 29 - 23:29
المحور:
الادب والفن
مشاهد من ذاكرة الانتفاضة المشهد الاول في منتصف الثمانينات وفي زمن طغيان السلطة وبشاعة الحرب العراقية الايرانية العبثية .. كنت حينها طالب فن في اكاديمية الفنون الجميلة .. وكان يزوني حينها الكثير من الاصدقاء لاسيما من مدينة الناصرية في القسم الداخلي بمحلة العيواضية ثم انتقل القسم الداخلي فيما بعد الى باب المعظم.. ومن ضمن الاصدقاء حينها جاء لزيارتي الصديق الفوضوي "عيسى جفن" وفي احدى جلسات السمر طلب جفن بان اقدم له مساعدة !! تفضل ياصاحبي : انا اريد ان اقوم بعملية تجميل الى انفي: اجاب عيسى وما العيب في انفك- اجبته فاردف قائلاً لقد سمعت بالفنان والجراح علاء بشير انه عبقري بجراحة التجميل وبحكم علاقة الفن بينكما ربما يمكن ان تساعدوني بنحت انف جميل لي !! اصطحبت عيسى في اليوم الاخر الى عيادة علاء بشير في المنصور وبعد كلامي مع استعلامات العيادة طلب الدكتور ان ندخل الى غرفته عرفت نفسي للدكتور وقد اعجبتني شخصيته البسيطة والمتواضعة وشرحت له سبب قدومي الى العيادة. وبعد الحديث اخبرني الدكتوربشير بان انف صديقي طبيعي ولايحتاج الى عملية تجميل .. لكن الحاح الصديق عيسى بطلب عملية التجميل للانف جعل الدكتور يستمع الى صوت عيسى الصاخب والجهوري وهو يلقي بخطبتة المؤثرة!! -اريد انف اوربي شكله اقنى انيق او على الاقل يشيه انف اغريقي او روماني .. فملامح انفي الافطس المتوحش لاتعجبني لانها تقربني من سكان الاقوام الافريقية القادمة من اقاصي الغابات :اجاب عيسى !! ابتسم بشير وهو يستمع لطلب عيسى وابدى الدكتور استعداده لاجراءالعملية.. بعد ان قدم بشير صور مختلفه لنحت انوف في كراسة كانت تضم تصاميم متنوعة لصناعة الانوف .. لكن بنفس الوقت اعتذر بشير: قائلا ان العملية الجراحية تحتاج لتأجيل لانه كان مشغول حاليا بمعالجة القادة العسكريين الكبار في معركة "البسيتين" القائمة في جنوب العراق . ثم همس عيسى باذني ان اخبر الدكتور عن كلفة العملية الجراحية !! وبعد اخباري الدكتور تبسم قائلا : لابأس من ذلك طالما انك فنان وصديق من جماعتنا فلا تقلق حول كلفة العملية الجراحية لانف صاحبك . قي هذا المساء تذكرت الحوار بحزن بعد ان مات عيسى في الدنمارك بانفه الافطس دون عملية جراحية وتدور السنوات المحملة بالعذاب العراقي .. فاتذكر لقائي بعيسى جفن مرة اخرى في احداث انتقاضة آذار مرة اخرى عام 1990!! وكانت لي مع عيسى جفن حكايات رحلة طويلة .. فبعد دخول الحرس الجمهوري الى الناصرية واحتلالها.. نزحنا جنوبا نحو ناحية الفهود وعلى مشارف الاهوار تعقبنا رجل مع صبية فكان يصيح خلفنا الرجل .. توقفوا ايها البعثيون .. ثم اقتادونا الى باحة مدرسة فارغة فتم زجنا في مخزن صغير كان يستخدم لحفظ القرطاسية وادوات المدرسة .. مكثنا انا وعيسى في المحتجز بينما رفيقنا الثالث طارق حربي اخلوا سبيله وكان ضيفا في بيت "سلام عبود".. بقينا دون طعام ودون افرشة او سؤال وفي اليوم الاخر جلبونا للتحقيق امام شاب صغير نزق اعتقد انه كان من اعضاء احد الاحزاب الاسلامية كان يجلس وراء طاولة ادارة المدرسة وهو يتلاعب بالمسدس باصابعه المزينة بالخواتم فوق الطاولة .. واثناء الحديث .. استشطت غضبا اثناء التحقيق وانا كنت اتكلم بثقة وترفع ..وبعد ان تاكد هذا المحقق من سلامة اقوالنا وحديثي معه عن الرحلة مع الادلة الكافية اطلق سراحنا .. فعرجنا حينها الى قضاء سوق الشيوخ بعدها !! بقينا لمدة اسبوعين ونحن مختفين في مسجد سوق الشيوخ نلتحف سجاد الجامع لتدفئة اجسادنا الخاوية .. وكان امام الجامع الشيخ مفزوعا وقلقا ما بين انتصارات الثوار حينا او مابين قدوم الحرس الجمهوري ثم عرفنا ان شيخ الجامع فيما بعد انه كان جاسوسا بعثيا !! كنت في مرحاض المسجد حين سمعت صرخات واطلاق النيران خرجنا مرعوبين وطلبوا منا مجموعة ملثمين في الظلام ان نصطف امام بوابة الجامع بطابور فكان هنالك اعرج ملثم اطلق فوهة بندقيته في وجهي في غياهب الظلام بقصد قتلي .. فصرخت متوسلا ان لايضغط على سبابة البندقية ويقتلني لاني معارض للنظام وطلبت منه ان يأخذنا الى الجامع الكبير والى سيدهم كي يحكم بيننا .. كنت حينها مع عدة رفاق وكنت احمل بخنجر بحري مخصص للغواصين اهداه لي اخي حين كان يخدم بالقوة البحرية في البصرة.. كنت اوثقه برباط جلدي على ساقي الايمن واثناء التفتيش لم يتبهوا لوجود الخنجر .. واثناء وجودي في المسجد لمحت ابن عمي "علي عبد الحسين" وكان حينها مصابا بجرح في ساقه اثناء احدى مهامه القتالية ضد الحرس الجمهوري .. تفاجأ بوجودي في الجامع وانا اصرخ محتجا ضد الاوغاد الذين داهمو مكان تجمعنا في المسجد والذين اوشكوا ان يقتلوني بالخطأ !!
#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اجنحة اليمام وغصن الزيتون
-
حكايات أخرى من حانة هايد بارك
-
الحذاء
-
اصدقاء الليل والحانة
-
تداعيات الذاكرة في صالة المستشفى
-
حديث في مرسم
-
رحلة في سوق الطفولة
-
ذاكرة القلب
-
حديث عابر في قطار
-
تمرد ضد الاقفاص
-
غزلان البراري واحلام الطفولة
-
مابين غيبوبة العاشق ومطارد الشمس
-
ابوذية الغناء وصوفية العشق
-
ذاكرة الامكنة
-
انهم يقتلون الابل
-
الحب ليس له وطن او دين
-
رثاء لتماثيل مهشمة .. وهاربة من معابدها
-
فجيعة الغابة القتيلة
-
الحائك والمدينة
-
حوار السلحفاة مع الفراشة
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|