أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - استبيان














المزيد.....

استبيان


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1416 - 2005 / 12 / 31 - 06:55
المحور: كتابات ساخرة
    


كُلّف صحافي بإجراء استبيان في إحدى مناطق المخالفات بضواحي العاصمة, أوقف سيارته عند مدخل الحيّ قرب صيدلية "الشفاء العاجل" وترجّل حاملاً الكاميرا وجهاز التسجيل, وتوغّل في أزقّة الحيّ وزواريبه..
الحُفر والمطبات الطبيعية ومستنقعات الوحل وضيق الممرات بين بيوت السكن... جعله يثني على نفسه ويشكر ربه لأن قراره كان حكيماً، ولم يدخل بسيارته إلى أعماق هذا الحي! ومع ذلك فقد لعن الساعة التي قبل فيها هذه المهمة المقيتة والمقرفة, ودمدم محدثاً نفسه: (استبْيان قال استبيان!)
هاهي امرأة تكنس براز ابنها من أمام الدكان الذي تعمل فيه، ربما بسبب غياب زوجها في عمله الثاني, وتدلق ما بجوفها من سباب و شتائم على ابنها وحظها مع كل ضربة مكنسة على الأرض.
وهاهم مجموعة أولاد أشقياء قذرون، يلعبون ويقفزون كالسعادين على دولاب مرمي في وسط الطريق, ولا يعرفون التخاطب مع بعضهم إلا من الزنار و نازل... (ما هذا؟ يا إلهي!) تمتم بداخله.
غيّر اتجاه سيره و دخل في زقاق أشبه بشارع، فهو أكثر عرضاً من غيره, وجد مجموعة نسوة يملأن بفرح بيدونات المياه من ماسورة مكسورة، وعدداً من الأطفال أكثرهم حفاة يسيّرون زوارق ورقية في البركة المتشكلة من المياه المهدورة... (يا للهول! إنهم يسرقون المال العام ويعبثون به!) قال في سره.
انعطف إلى زقاق جانبي عساه يتخلص من هذه المشاهد المؤذية.. فوجئ ببائع خضرة يعرضها على عربة خشبية توقع أنها أصبحت في المتاحف منذ زمن بعيد! تمعّن بالخضرة المعروضة للبيع! فأصيب بالغثيان! قال في نفسه: (أيعقل أن تؤكل هذه النفايات من قبل البشر؟!.. إن قطتي تأنف حتى من النظر إليها!)
خدش سمعه هرجٌ ومرجٌ وأصواتٌ غاضبة وضاحكة بوقتٍ واحد منبعثة من إحدى النوافذ..! ألقى نظره بفضول إلى داخل النافذة! وجد مجموعة من الشبان يلعبون الورق، وضباب دخانهم الرخيص يعبق بأجواء الغرفة, و تفوح منها رائحة نتنة, همهم قائلاً: (ما هذا الشعب الكسول المتخلف؟! أيعقل أن ألّوث صحيفتي باستبيان مع هؤلاء الأوباش الهمج؟(!
عقد العزم على العودة فوراً قائلاً: (بلا استبيان ميداني بلا بطيخ! سأكتبه وأنا وراء طاولة مكتبي، والنتيجة متيقن من صحتها!) لكنه تاه عن طريق العودة فوقف حائراً يلوب في مكانه..! مسح بعينيه كل ما حوله, وقع نظره على كهل يقتعد حجراً أمام منزله منهمكاً بإدراج لفافته, اقترب منه وسأله: عفواً يا عمّ! أين تقع صيدلية "الشفاء العاجل"!؟ رمقه الكهل بنظرة متفحصة أولاً ثم بأخرى ماكرة, وأجابه مشيراً بإصبعه الوسطى: تنعطف إلى اليمين، ثم تسير باتجاه الشرق، فتنعطف عند أول زقاق على اليسار، تجد خزاناً للكهرباء, تدير ظهرك عليه وتتجه نحو أول زقاق على اليمين, بعدئذٍ تمرّ بزاروب يتجه نحو الغرب, تمشي به مسافة أربع خمس دقائق، فتجد بائع حلويات مشبّك، أمامه مباشرةً زقاق تدخل فيه, وعند أول منعطف على اليمين باتجاه الجنوب تسير به.. فتصل إلى الصيدلية..
تأفّف الصحافي متبرّماً وكزّ على أسنانه, وهمّ بنتف شعر رأسه من شدة غيظه لما سمعه من هذا الكهل, إلا أنه كبح جماح غضبه في آخر لحظة, ونجح بكظم انفعاله قائلاً:
- لكنني يا عمّ رأسي قالب! و لم أعد أدرك الجهات الأربع! هلاّ تكرّمت بمرافقتي؟ أرجوك!
زفر الكهل، وتفّ بعض نثرات التبغ التي علقت على لسانه, ونهض مشعلاً لفافته ونفض مؤخرته متمتماً: هيا معي!

في الطريق، تذكّر الصحافي استبْيانه، وخطر له أن يتسلى مع هذا الكهل ريثما يصل إلى سيارته، فسأله:
- عمّي! هل مارست حقك في التصويت بانتخابات مجلس الشعب الأسبوع الماضي؟
- أي نعم, وانتخبت قائمة الجبهة!
- أيمكنك تذكّر أسماء تسعة نواب من المجلس السابق؟
- لا و الله يا بنيّ !
- طيب، اذكر لي أسماء تسعة وزراء في الحكومة؟
- (يضحك) .. أعرف اسم وزير الخارجية!
- ماذا تعمل يا عمّ؟
- أعمل حارساً في بناء سكني قيد الإنشاء!
- هذا يعني أنك تعرف اسم رئيس اتحاد نقابات العمال؟
- لا والله يا ابني!
لدى وصول الصحافي إلى سيارته، جلس وراء المقود، و كتب في استبيانه:
99% يجهلون اسم وزير البيئة!
99% لا يذكرون أسماء أعضاء مجلس المدينة أو مجلس المحافظة !
99% لا يعرفون عدد وأسماء أحزاب الجبهة!
99% لا يعرفن عيد المرأة العالمي!
99% يقولون نعم في كل استفتاء!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألو!... ألو
- تقرير أمني
- الكوسا والديموقراطية
- استفتاء عربي
- فضائح عند غيرنا.. تزكم الأنوف
- !قيام.. جلوس
- استقالة وزير
- زوم البندورة
- جحيم الاستبداد ولا جنّة الموساد
- كيف ستتزوج إذن؟
- لن ننساك أبداً
- الحلّ الأمثل
- الأخرس
- الطابق السابع
- أبو بحر
- على وشك الإحباط
- عمل ثانٍ
- الحلاّف
- سلحفاة المعلم
- !كان ... وما زال


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - استبيان