طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)
الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 26 - 12:36
المحور:
الادب والفن
حليمه ..!
قصة قصيرة
كان الحزن يغلف قلوب سكان الزقاق .. ابو ياسين يصارع سكرات الموت .. مُذ كان شابا كان الجميع قد أطلقوا عليه ( بلبل المدينة) !! كانت قصائده حين كان صبيا تلهم العشاق .. جعلوا من تلك القصائد رسائل حب يهمسون بها كلما اقترب احدهم ممن غزى عشقها روحه واستقر في شرايين قلبه عنوة بلا استئذان ...!
دخلت حليمه ، احدى عجائز الزقاق باحة البيت وهي تتعثر .. كان الأولاد واحفاد ابو ياسين ونسائهم منهمكين بحالة ابو ياسين .. وضعوا سريره في باحة الدار لكي يسمحوا للزوار بإلقاء نظرة عليه والدعاء له بالشفاء المستحيل !! كان يصارع سكرات الموت .. يفتح عينيه تارة ، يتطلع بصمت في وجوه أحبته وأصدقائه .. ثم تنتابه اغفائة اخرى ...!! راح الشيخ لطيف يقرأ على رأسه ( العديلة ) ، امتعض ابنه الشاعر وحاول ان يسكت الشيخ ولكن بلا جدوى .. استمر الشيخ يتلو سورة يس..!!
حليمه .. جارتهم الشابة التي هام بها الحاج ابو ياسين حين دخل عمر الشباب ..!! هي التي فجرت ينابيع الشعر التي راحت تدب على لسانه كما يدب النمل !! هكذا كان يبرر تلك الأناشيد الكنسية التي تغنى بها حبا ..
كان ذلك قبل خمسين عاما .. قسمه !! هكذا كانت امه تردد على مسامعه حين الم به المرض وهو شاب !! كان يمتعض من ذلك التبرير .. يقفز من فرّاش المرض غاضبا مرتجفا .. ليست قسمه لكنها أنتم ! أنتم السبب ..! الذي تزوجها عربي ايضا !! اما أنتم فيا والليه !! ماذا بها العجمية ؟! هل رائحتها نتنة كرائحة العربان ؟! .. تنتابه حالة بكاء شديد يسقي بدموعه الوسادة التي يكاد ان يحفرها بوجهه ...!
طيب انشالله طيب ابو ياسين .. انطلق صوت حليمة في باحة الدار .. لم يغير الزمن تلك النبرة في صوتها ..! هكذا فكر ابو ياسين .. فتح عينيه .. لقد تكلم !! قال بصوت واهن ... من هذه ؟! حليمه .. اطلق حسرة طويلة .. أردف قائلا : حليمه ! تعالي دثريني !!
توفي ابو ياسين في ذلك اليوم .. عّم الزقاق حزن عميق ...
25-10- 2016
طالب الجليلي
#طالب_الجليلي (هاشتاغ)
Talib_Al_Jalely#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟