احمد محمد الجندي
الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 26 - 00:08
المحور:
كتابات ساخرة
شد الأستك
تركيبة خلق الانسان بداية من الجسم والاجهزة الي بتعمل بدقة واحترافية متناهية, يعجز العلم الحديث عن استنساخها ولو حصل بيكون بالطبع بكفائة اقل وبمبالغ كبيرة ,وانتهاء بسر الروح الي عجز كل الناس عن تفسيرها, حتى انهم انكروا وجدها وزعموا ان الانسان مجرد "جلد على عضم" وخلايا و شوية حجات فوق بعض. دا بيودينا لنقطة جدالية مهمة جدا, هل الانسان فعلا مجرد خلايا من غير الروح والاحاسيس فبتالي هو عبد للمادة بدون مبادئ, ولا هو ذو قيم و اسس تحدد تعامله وتشكل طريقة تفكيره حتى لو كلفه دا بعضا من الخسائر المادية؟
شوية امثلة ومواقف تخليك تقف دقيقة مع نفسك وتقرر, اتحطيت على رأس مشروع معماري ضخم, ولكن المكان الوحيد الممكن انشائه فيه مليان منازل العشوائية وكثافة سكانية عالية و من الطبقة الكادحة. هتهجرهم وتهد وتبني, وهما يتصرفوا مع نفسهم وكدا كدا دول غلابة مش هيعملوا حاجة؟
حضرتك كمهندس معماري قدامك ارض, مطلوب استغلال كل متر فيها للبناء, طبعا عشان كلنا عارفين ان المتر بمبلغ وقدره, هتبني العمارة من غير ما تعمل حساب المناور او تصغر فيها وفتحات تهوية تدخل الشمس عل "البني ادمين" الي ساكنين العمارة ؟ ولا الي مش عاجبه ميشتريش؟ طب جيه واحد متريش و غمزك بمبلغ محترم عشان تفتحله بلكونة بس هتسد عل جيران, هتتصرف ازاي؟
الي هيحدد انت هتتصرف ازاي فالمواقف دي او غيرها, هو اخلاقك ومبادئك, غير ايمانك وعلاقتك بربنا وبالاديان كلها الي اكيد مفيش دين فيهم بيحث على ايذاء الغير. بس هل هو دا المقياس الوحيد الي بنعيش بيه, ما لو بالمبدأ دا كنا خلينا السكن ببلاش, وبنينا البلد كلها جوامع!
الرسول (ص) لما سأل عن عبدين واحد فيهم قاعد ف بيته صلاه وصوم وعبادة لربنا وعايش عالة على اخوه الي بيشتغل, قال ان اخوه دا احب لله منه. فاحنا مينفعش نعيش فتطرف, سواء فالناحية العملية او الدينية. زي مثلا مصر ف اوائل القرن الماضي, كان مستوى التدين فيها قليل, وكانت بتشهد عصر انفتاح رهيب فالعادات والتقاليد وحتى اللبس, كانت كل الستات بشعرها وفساتين فالشارع ومايوهات عل بحر, وكان السهر والشرب عادي, غير مستوى الافلام والمشاهد الي بين قوسين كدا "فاضحة" كان كل دا عادي, بس كان في تحضر وثقافة و"كانت الموضة بتنزل عندنا قبل باريس والحلاق كان ايطالي", فنفس الفترة دي فالغرب كان في تشدد شوية من الكنيسة, نظام اشبه ب الي احنا في دلوقتي هنا فمجتمعنا, عادات وتقاليد فالجواز ومواظبة عل صلاة فالكنيسة يوم الحد والي بيخرج عنهم كانوا بيستحقروا جدا وبينبذوا لدرجة النفي على اطراف البلاد. نرجع تاني لعندنا هنا بس ففترة نص القرن الماضي, فترة ظهور التيار الاسلامي "بقوة" وبعدها النكسة, الناس رجعت سبب النكسة لل"فجور" الي فالمجتمع وان عشان بعدوا عن ربنا فكان دا سبب الهزيمة, مش عشان اسلحة فاسدة ولا ضعف الجيش او حتى قوة المنافس, لا لا دا عشان بعدنا عن ربنا يا جدع ! وكان للتيار الاسلامي ساعتها دور غير قابل للتجاهل فالاعتقاد دا. النحية التانية, فالغرب فنفس الفترة تقريبا ابتدا ناس كتير تخرج عن طوع الكنيسة ويبعدوا عن الدين, و ظهر اللادينين الملاحدة, والعادات والتقاليد اترمت فالارض واتداس عليها بالجزم كمان, بقى في تحرر و انفتاح بشكل كبير جدا وبدون حواجز في اي من الاتجاهات, "الحرية" ف ابهى صورها حتى انهم اجازوا زواج الشواذ وحطوله قواعد كمان, وبقى الي مش موافقهم متخلف و رجعي وان دي حقوق انسان وازاي يا بغل تقول لا.
فنظرية شد الاستك بقى هو الي حصل-بيحصل-هيحصل دا, الناس بتطرف فبتشد الاستك بتدريج لغاية ما يوصل لاخره وبعدين يسيبوا فجأه فيتلسعوا وياخدوا على دماغهم ويرجعوا يشدوا تاني وهكذا. بس على الرغم من كدا الغرب "لغاية دلوقتي" مخدوش على دماغهم بالعكس عما عايشين ازهى عصورهم من التقدم والتكنولوجيا والتطور, بس كل دا تحت المادة برضه, مبدأهم فالحياه “time is money” ومش time بس, لا دا area و volume وكل حاجة عندهم بالفلوس, نادرا ما تلاقي حد بيعمل حاجة لوجه الله او بيعمل حساب للناس, الا فالجمعيات الاهلية وجمعيات حقوق الانسان, الي هما برضه بيرسموا لنفسهم صورة ان احنا بتوع حقوق الانسان, بس بنقتل الناس فالعراق وسوريا عادي تحت مظلة "السلام", فهي دي الفكرة, انواع البشر من عبيد المادة وعبيد الروحانيات, الي احنا ولا ينفع نبقى دول ولا دول عشان نعرف نعيش, التطرف يا سادة بيودي فداهية, فبصراحة مش لاقيلها حل غير اننا نلبس الاستك فإيدنا, ونفتكر بس اننا كل ما نشده, هيلسعنا.
#احمد_محمد_الجندي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟