أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - ليس بالخمر وحده يموت الإنسان.














المزيد.....


ليس بالخمر وحده يموت الإنسان.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5324 - 2016 / 10 / 25 - 21:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ليس بالخمر وحده يموت الإنسان.

قد تكون الخمرة ومشتقاتها وسيلة من وسائل الدفاع السلوكي التي أخترعها الإنسان للهروب من الأزمة الكونية المستعصية التي تحيط به من كل جانب، وقد تكون عند البعض وسيلة من وسائل قتل الملل والفراغ واللجوء إلى اللا وعي الظاهري للإستمتاع بما يعرف بظاهرة تأنيس المخيال، ولكن يبقى الخمر غير مسئول عن أساسيات الإشكالية البشرية بجذرها العميق المتمثلة بالفوارق البينية بين الإنسان وأخيه الإنسان، التي أنتجتها الأنا الذاتية المتضخمة والتي عمقتها المسألة الأقتصادية والملكية والتنوع الحياتي والشخصي في واقع الإنسان.
حاولت الأديان والأفكار العظيمة والثقافات والرؤى البشرية أن تصلح الواقع من خلال إعادة التوازن أو التخفيف من حدة الفوارق والأمتيازات الفردية بين الناس، لكنها فشلت في ذلك ليس لأن الأدوات والأليات غير قادرة على ذلك ولا تستطيع بمفردها أن تعالج مسألة كونية، ولكن أيضا هناك أسباب تكوينية في الذات الإنسانية تتصل بالتصرفات الحسية والمفاهيم العقلية التي يتبناها الإنسان، منها على سبيل المثال أن الفرد الإنساني فرد مزاجي وكائن متقلب لا يمكنه أن يسلم حريته لقانون أو فكرة ضابطة بدون مقابل، هذا ما عرفته الأديان وركزت عليه تماما حينما ساومت الإنسان على حريته مقابل الجنس والخمرة وعموم ما في الجنة كمقابل ومحفز، ويبقى البعض من الإنسان غير مصدق لهذا العرض وهو يمارس عقلنة العرض والمغريات، فخرج متمردا عليها ورافضا للوعد المؤجل بالغيب، (الحرية مقابل الوهم) و(اليوم مقابل الغد) لذا لم تنجح الأديان في تمرير خديعتها كما يظن البعض.
هذا في الجانب العقلي والنظري من المسألة وهو الأساس الذي يمكننا من خلاله تبرير الفشل وتفسير الإخفاق العملي الذي أصاب جهود الدين ومفكريه والأخلاق المثالية ونظرياتها في جر الإنسان إلى جادة الواقع، والذي تراه يزداد أختلالا وأنحرافا بوجود الخمر وغيره من أساليب الهروب من الواقع، القضية إذا يجب أن تبدأ من حيث أنتهى الفشل والبحث في جذر المشكلة، لا في البحث والتنقيب بعرض النتائج وطولها وتحميل الأعراض الثانوية الناتجة عن وجود المشكل الوجودي، لا بد من الصراخ علنا أن الإنسان مذ كان هو في أزمة، والوجود الحولي مختل ومضطرب بوجود أزمة الإنسان، وكل ذلك مرتبط أساسا بصراع الأنا والمعطيات التي تشجع وتقونن الصراع وتجعله طبيعيا.
قد لا يكون العامل الأقتصادي هو السبب الوحيد ولا الأساسي في ذلك، وقد لا يكون الفاعل الأخلاقي بتأثيراته المثالية هو المقابل النوعي للحل المناسب، ومع ذلك لا بد لنا من الإقرار أن علاقة الإنسان بالخمر مثلا علاقة معقدة وتحتاج لدراسة واقع بكامل أبعاده، دون أن ننسى أن الدين والفضيلة والخير والشر قد تحتاج هي الأخرى إلى تحديات في فهم الواقع وأليات المعالجة، قبل أن تضعها في موضع الجدية العملية حين يراد لها أن تكون قواعد للعقل السلوك والسلوك العقلي للإنسان.
فليس بالخمر وحده مات الإنسان، بل بالدين أكثر بكثير حين لا يكون قويما، وبالفكر قتل الناس حين لا يكون إنسانيا وغائبا عن هدفه ووظيفته، وبالعلم حينما لا يسترشد بخير الإنسان ومستقبله الأمن مات الكثير الكثير من الإنسان، بالأمس واليوم وغدا يموت البشر فردى ومجموعات وبأشكال وأنواع من فنون القتل والأقتتال، وسيبقى كذلك ما لم تصحح أول جذر المسألة النفسي وأول وعيه بالحياة عقلا وتنبيه وعيه بأن الحياة بحد ذاتها صراع مستدام، لذلك لا تذموا الخمر ولا مخترعها ولا من هو ساع لها قبل أن تذموا من دفع الإنسان لأن يهرب بأتجاه الوهم، وقبل أن تمنحوه سعادة حقيقية عاجلة وليست أجله لا تقولوا له أنك مخطئ وأن الخرم حرام.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم الظل المتعافي
- المشرع العراقي بين وهم ثوابت الإسلام ومبدأ الحرية الشخصية وح ...
- شبهة الردة وحكم النص القرآني في إبطالها
- جواد الشلال .... شاعر يركب صهوة الحب بهدوء
- القضية الأخلاقية في النظرية الفلسفية المثالية
- غدا........................
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح3
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح2
- الحزن دراسة في فهم المعنى وكشف الدلالة _ ح1
- النار تحرق وجه الارض
- رحلتي في المرافئ القديمة
- قراءة باردة على صفيح يغلي
- قتل الطفولة وتجريم المجتمع.
- وما ذا بعد؟
- في ذكراه الخالدة “الحسين ينهض من جديد-.
- في رحابة ليلة الحزن السرمد
- جرد حساب فكري _في كتاب الإسلام والماركسية , للكاتب ذياب مهدي ...
- جرد حساب فكري _في كتاب الإسلام والماركسية , للكاتب ذياب مهدي ...
- تقديم وتوطئة ومدخل ضروري لكتاب الماركسية والإسلام _ذياب مهدي ...
- دور المثقف ومعالجة المشكل الأجتماعي


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - ليس بالخمر وحده يموت الإنسان.