|
حول دور روسيا في سوريا – وبداية نهاية هيمنة القطب الواحد
خليل اندراوس
الحوار المتمدن-العدد: 5322 - 2016 / 10 / 23 - 20:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خلال السنوات الاخيرة، المجتمع العربي عامة والاسلامي خاصة يواجه تحديات سياسية، ثقافية، اجتماعية، مادية اخلاقية صعبة جدا لا بل كارثية مصيرية. وللأسف الشديد هذه التحديات ليست فقط كأنظمة عربية لا بل ايضا كشعوب عربية لا نواجهها بطروحات علمية علمانية عقلانية عملية، بل بتشويهات وتيه فكري وفتنة دينية، من خلال نشر وهيمنة الاصولية الوهابية على فئات شعبية واسعة ونشر غيبيات ومفاهيم دعم العثمنة وعودة الخلافة، وتمزيق الشعوب العربية على اساس مفاهيم دينية متخلفة، الى فئات وانتماءات طائفية كشيعة وسنة، مسيحي او درزي علوي او كردي، وما يجري في سوريا لأكبر مثال على ذلك. فالغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة والصهيونية العالمية وقاعدتها الامامية اسرائيل والرجعية الوهابية السعودية، هذا الثالوث الدنس يدعم منظمات الارهاب بهدف تمزيق سوريا الى دويلات على اساس اثني طائفي رجعي. ولولا تدخل روسيا المباشر السياسي والعسكري لنجح هذا الثالوث الدنس، ولكن بفضل الدور الروسي الايجابي والمثابر والانساني وبدعم محور الصين وايران وحزب الله فشلت هذه المؤامرة، مؤامرة فرض واقع جديد في الشرق الاوسط، مؤامرة سايكس بيكو جديدة في الشرق الاوسط، لذلك نرى وسائل الاعلام بما فيها الغربية تقول بأن الدول التي اشتركت في مؤتمر لوزان بما في ذلك الولايات المتحدة تتفق على وحدة التراب والوطن السوري، وعلى ضرورة حل الازمة السورية بالطرق السياسية، وتعلن الولايات المتحدة بأنها لا تتبنى سياسة التدخل العسكري المباشر في سوريا كما حصل في الماضي في افغانستان والعراق وليبيا. وهذا التغيير بموقف الولايات المتحدة يعتبر نصرًا لصمود الشعب السوري في الدفاع عن وطنه ونصر للسياسة الروسية في المنطقة، وسيكون لهذا النجاح نتائجه الايجابية على باقي قضايا المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية. ومحاولة روسيا عقد لقاء في موسكو بين ممثلي اسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، يعتبر عملا ايجابيا وجادا ويسعى الى الوصول الى سلام عادل في المنطقة لمصلحة شعوب المنطقة. ولكن الغرب الامبريالي يسعى الى افشال هذه المحاولة. وبرأيي فشل هذه المحاولة لن يكون في صالح حكام اسرائيل واليمين الصهيوني. فبعد القضاء على الارهاب في سوريا، وانتصار الشعب السوري، لن يقبل المحور الروسي الايراني السوري وحزب الله باستمرار الاحتلال والاستيطان والتنكر للحل العادل للقضية الفلسطينية، وعلى حكام اسرائيل ادراك ذلك قبل فوات الأوان ، صمود سوريا بدعم روسيا سيقضي على الهيمنة الامريكية الصهيونية الرجعية العربية على المنطقة، وخلال العقود الأخيرة، قبل التدخل الروسي المباشر في سوريا هذا التدخل الذي قلب موازين القوى في المنطقة، يجعلني اكثر تفاؤلا بالنسبة لمستقبل شعوب المنطقة. قبل هذه المرحلة التاريخية كان المجتمع العربي والاسلامي تتوارد عليه لا بل ترسم له الاطارات والصور وردود الفعل والسياسات من قبل المجتمعات الاخرى وخاصة المجتمع الغربي الامبريالي الاوروبي الصهيوني الذي يحتضن خدمة لمصالح الهيمنة والسيطرة الرأسمالية الغربية وخاصة الامريكية، مفاهيم شوفينية عنصرية يهو – مسيحية مرتكزة على مفاهيم "صراع الحضارات"، و"فلسفة نهاية التاريخ" و"أمركة العالم" ورفض الآخر والغاء انسانيته. وللأسف لا بل الكارثة الكبرى بأن انظمة الاستبداد العربي الرجعي في السعودية والخليج العربي "الامريكي" يقومون بدور الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة – الشيطان الاكبر. فالطبقة البرجوازية الوسيطة الكومبرادورية الحاكمة في العالم العربي تقوم بدور الشيطان الاصغر الحليف لأمريكا في المنطقة ضد الشعوب العربية. فالمجتمع العربي والاسلامي الرجعي ومن خلال طروحات ومفاهيم رجعية سلفية خالية من ابداع ممارسات وسياسات ومفاهيم تساعد على الخروج من التيه الفكري الذي اصاب شرائح واسعة من هذا المجتمع مما أدى الى بقائه على هامش التطور الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي والحضاري وعلى هامش القرارات السياسية في المنطقة والعالم. والا ما معنى ان تمتاز الدول العربية بفقرها وأميتها رغم ثرواتها الغنية بالذهب الاسود. السعودية التي زادت من انتاج النفط وعملت على تخفيض سعر النفط تجاوبا من طلب الولايات المتحدة بهدف ضرب الاقتصاد الروسي، خسرت هي نفسها اكثر من 370 مليار دولار لو تم استغلال هذا المال من اجل تطوير العالم العربي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا لتحول العالم العربي الى سويسرا اخرى في العالم، أضف الى ذلك ما تقوم به السعودية من شراء سلاح امريكي بعشرات مليارات الدولارات، وهذا الأمر يخدم في النهاية الاقتصادي الامبريالي الامريكي واحتكارات صنع السلاح الامريكي بحجة التصدي "للارهاب الصفوي" الايراني . وعندما تسمع فضائيات مملكة آل سعود تسمع فقط عن ما يسمى الارهاب الصفوي ولا يجري أي ذكر لسياسات اسرائيل العدوانية الاحتلالية والاستيطان الكولونيالي والتي تمارس الارهاب الرسمي ضد الشعب العربي الفلسطيني. لكي يخرج العالم العربي من مأزق لا بل كارثة الحاضر من تيهنا كشعوب ومؤسسات مرئية وحتى احزاب يسارية لا بد من اصول وممارسات وسياسات عامة نرتكز اليها لا بل مبادئ عامة، وهي ممارسة الفلسفة العقلانية العلمانية على ارض الواقع والجدلية من خلال نقد الواقع الكارثي المعيش والعمل الجماهيري الشعبي المثابر بطروحات علمانية تقدمية ثورية من اجل بناء مستقبل افضل، وطرح القضايا والمشكلات والصراعات من خلال فهم ذاتيتها الواقعية الموضوعية وشموليتها الانسانية. ومرحليا كل نظام وتنظيم يرفض الهيمنة الامريكية في المنطقة، فهو مقبول مرحليا وهذا لا يعني بأننا ندافع عن الفكر والايديولوجيات الكهنوتية الرجعية بل نراها نتاجا لظروف اقتصادية، اجتماعية ، تاريخية ونتيجة موضوعية للاستعمار والاحتلال المباشر وغير المباشر ونتاجا لاتساع الحرمان والجوع والفقر في العديد من الدول العربية والاسلامية. ونقول، مطلب الساعة هو الغاء استراتيجية العدوان الامريكي في نسختها الامريكية العراقية الافغانية والعدوان السعودي الامريكي على شعب اليمن ودعم منظمات الارهاب في سوريا من قبل السعودية وتركيا واسرائيل والشيطان الاكبر امريكا، والغاء استراتيجية الكيل بمكيالين تجاه سياسات اسرائيل العدوانية، والا سيكون الانتصار في المستقبل في منطقتنا لا بل في عدة مناطق من العالم لصالح التطرف والراديكالية الدينية بكل اشكالها وللتعصب القومي والعنف السياسي والعسكري. وهذا لا يخدم شعوب المنطقة بمن فيها الشعب الاسرائيلي . فهل هناك احد في "سفينة الاغبياء" حكومة اسرائيل وعلى رأسهم نتنياهو والادارة الامريكية يستطيع ان يحدث هذا التغيير الجذري تجاه قضايا المنطقة والعالم. روسيا في سوريا فعلت ذلك وفي طريقها للنجاح ليس فقط في سوريا لا بل في المنطقة والعالم. الآن نحن في بداية نهاية هيمنة القطب الواحد الامريكي على العالم. وهذا لمصلحة شعوب المنطقة والانسانية جمعاء.
#خليل_اندراوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مداخلة حول القانون الجدلي للتطور الاجتماعي
-
وجهة نظر جدلية نقدية للحاضر
-
فريدريك انجلز -الأنا- الثانية لماركس
-
أمريكا وآل سعود
-
مقاومة محور الشر ضرورة موضوعية وتاريخية
-
مدخل إلى المادية الجدلية 5
-
مدخل إلى المادية الجدلية (4)
-
مدخل إلى المادية الجدلية (3)
-
مدخل إلى المادية الجدلية (2)
-
مدخل إلى المادية الجدلية (1)
-
دور روسيا في إفشال خريطة طريق أمريكا لإعادة هيكلة الشرق الأو
...
-
الصهيونية حركة كولونيالية
-
قراصنة العصر
-
المفهوم المادي عن التاريخ وعلم المجتمع (2-2)
-
المفهوم المادي عن التاريخ وعلم المجتمع (1-2)
-
حول المفهوم المادي عن التاريخ
-
القوى المناهضة للامبريالية والصهيونية لا يمكن قهرها
-
الواقع المأساوي للعالم العربي وإمكانيات تغييره
-
الذكرى ال 70 للنصر على النازية
-
من يحمل الفكر الماركسي يمتلك الرؤيا التعددية الأممية الإنسان
...
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|