أحمد صبحي النبعوني
الحوار المتمدن-العدد: 5321 - 2016 / 10 / 22 - 21:36
المحور:
الادب والفن
أمر شيق وأنت في ساعات الوحدة أن تستعرض حياتك الماضية على جدران غربتك المريرة وكأنه فلم سينمائي قديم بالأبيض والأسود...تارة تكون الصورة واضحة وجلية وتارة مغبشة وغير مدركة ....باعثة على العودة إلى الحياة الملونة بكل تفاصيلها الصغيرة...تتذكر ذلك الطفل الذي يذهب إلى المدرسة صباحا في الشتاء القارس حيث كانت مياه الأمطار تتسلل إلى فردتي الحذاء المهترئ من شدة اللعب والحركة وتسلق جدران المدرسة كل ما كان ذلك ممكنا والهرب لزيارة الأم وهي في المطبخ تعد طعام الغداء ...أو لرحلة صيد الحسون... المدهشة لطفل بهذا السن ...أو لممارسة هوايةقذف الحجارة بشكل أفقي فوق مياه البحيرات التي كانت تتجمع في الساحات من مياه الأمطار الغزيرة ...أه كم كانت جميلة تلك الشتاءات حين تراقب تفاصيلها البسيطة وأنت طفل شقي ومتمرد على كافة أنواع البقاء داخل جدران المدرسة أو البيت حيث تهمس لك وريقات الأشجار الصفراء الأخيرة المتساقطة عقب هطول الأمطار بأفكار جديدة أو مغامرة شيقة أخرى وأنت تنقش بيدك على لحاء الأشجار الرطبة حروف أسمك لتترك أثرأ بأنك مررت من هنا ....يا لها من حياة كانت لا تنتهي فيها جماليات الطبيعة مع أنفاس طفل ما عاد بطفل بل رمته البحار بعيدا ليحتجز حياتها كلها ضمن جدران غربته ليبوح بها كلما أهتز في روحه وتر حنين .
#أحمد_صبحي_النبعوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟