أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - فاروق شوشة.. آخرُ الرومانسيِّين














المزيد.....


فاروق شوشة.. آخرُ الرومانسيِّين


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5314 - 2016 / 10 / 15 - 22:33
المحور: الادب والفن
    


فاروق شوشة.. آخرُ الرومانسيِّين




نمر سعدي/ فلسطين




هل هي مجرَّد مصادفةٍ عابرةٍ أن يرحل الشاعر المصري الكبير فاروق شوشة في الرابع عشر من أكتوبر وهو ذكرى رحيل أمير الشعراء أحمد شوقي الذي رحلَ في اليوم نفسهِ من عام 1932؟ شوشة الشاعر الأنيق والمهذَّب والعذب، العاشقُ الرومانسيُّ الرقيق العارف بأسرارِ قصيدتهِ اللِّيِّنةْ كأنفاسِ الحبق، والميَّالة إلى لونٍ خاص يجمعُ الخضرة الزاهية إلى الزرقةِ السماويَّة، إذ امتلكَ شوشة صوتاً متفرِّداً عبَّرَ عن الوجد الإنساني الأعمق لقصيدةِ التفعيلة في مرحلة متأخرة عن البدايات التي اجترحها شعراء من العراق وسوريا وباقي الأقطار العربيَّة، لكنهُ بقيَ وفيَّاً حتى لحظاتهِ الأخيرةِ لبحور الخليل الفراهيدي ولايقاعاتِ روحهِ وتجليَّاتها الصوفيَّة الصادقة، وهو إلى جانب كونهِ شاعراً على جانب وافرٍ من الجمال إذاعيٌّ ومقدِّمٌ لأحد أهمِّ البرامجِ الأدبية ذائعة الصيت، والتي حبَّبتْ أجيالاً متعاقبةً باللغة العربيَّة وتاريخها وآدابها، أعني برنامج (لغتنا الجميلة) الذي اقترنَ اسمهُ لعقود طويلة باسمِ الشاعر.
شكَّلَ فاروق شوشة بالإضافة إلى أمل دنقل وأحمد عبد المعطي حجازي وصلاح عبد الصبور ومحمد عفيفي مطر حالةً إبداعيَّةً فريدةً كانتْ برأيي جسرَ العبور من الزمن الكلاسيكي في الشعريَّة المصريَّةِ إلى ضفَّةِ الحداثة في الستينيَّات والسبعينيَّات، وكانَ حسب قراءتي لبعض منجزهِ أكبر من أن تضمَّهُ مدرسة شعريَّة أو أن ينصاعَ لقوانين ضيِّقة أو لتعاليمِ نظريَّة بحذافيرها، كانَ مفتوحاً على فضاءِ الجماليَّات، وقراءته كانت تحيلُ دائما إلى صورةِ المثقَّف الرومانسي، والشاعر الممسوس بهاجسهِ الموسيقي والمتفلِّت من قيودِ النثريَّة والذهنيَّة التي سيطرت بشكل أو بآخر على نسبة كبيرة من طبقة شعراء جيلهِ.
نقَّى شوشة لغتهُ الشعريَّة من الشوائب وأضفى عليها مسحةً إشراقيَّةً مغسولةً بنور صباحاتِ الخريف تذكرِّنا بقصائد شوقي على اختلاف أساليب الكتابة الشعريَّة بينه وبينَ أمير الشعراء، قصيدتهُ على طولها تعيدُ إلى أذهاننا صورة القصائد المشرقة الشبيهة بالأنهار الرقراقة الصافية صفاء ماء المطرِ الأوَّل والينابيع الجبليَّة الصغيرة، ونبرتهُ خاليةٌ من ذرات الغبار الصغيرة ومن كلِّ ما يعلقُ بها من كدَر الغيومِ المكفهرِّة.
ومن أقرب قصائدهِ إلى قلبي هذه التي يقولُ فيها:
(الرمادُ أمامكَ‏..‏
والبحرُ خلفكَ‏..‏
فاتركْ - لمن خلعوك- الخلافةَ
هذا زمانٌ لدهماء هذا الزمانِ
يعيثون فيه فساداً
ويرجون منه امتداداً
ويحيون‏...‏
يرتكبون صنوف الخطايا
وفي طيشهم يوغلون
فلا يستدير إليهم أحد‏!‏
الرمادُ يسود‏..‏
تقدم‏...‏
وكن واحداً لا نصيب له
في الرهان)
في مثلِ تجليَّاتِ هذا الرفض نعثرُ على العفويَّة، السلاسة، الأنفاس الشعريَّة المكتوبة بماء القلبِ ودمعهِ الذي يلمعُ في الظلام، مع أنَّ شاعرنا الراحل اهتمَّ في طورهِ الأدبي الأخير بالكتابة النقديَّة الانطباعية في صحيفة الأهرام المصريَّة وكنتُ أحد متابعي تلك المقالات المميَّزة والقادرة على مصالحة أيَّ كائن شعريِّ بالفطرة مع النثر وعوالمهِ الثرَّة ودفقاتهِ العالية والمتوتِّرة ذات المخزون الجماليِّ الهائل، وداعاً فاروق شوشة، يا آخرَ الرومانسيِّين.



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلمُ نوبل للأدب.. هل يتحقَّق عربيَّاً مرَّةً أخرى؟
- ثعلبٌ ينامُ في حدائقِ السرياليِّين
- نمر سعدي: الشعراء فوضويون وقصائدهم رسائل شخصية
- نقوشٌ بريشةِ الضوء
- جميل الدويهي.. شاعرُ اللحظةِ المفخَّخةِ بالجمال
- ديوان (تقاسيم على مقام الندم) الصادر هذا العام عن دار توتيل ...
- رسائلُ حُبٍّ في عُلبةِ صفيح
- بينَ الحيرةِ والشغف (نصوص نثريَّة)
- قيثارةُ الوجعِ الإنساني (عن محمود درويش في ذكرى رحيلهِ الثام ...
- كتاب الغوايات/ مطوَّلة شعرية
- خفقُ الأنفاس(نصوص نثرية)
- سطوٌ أدبي
- عبد الوهاب البياتي.. أثرٌ شعريٌّ لا يزول
- فتنةُ العزلة/ شهادة إبداعية
- الفلسطيني نمر سعدي في «وقتٌ لأنسَنةِ الذئب»/ قصائد تحمل روح ...
- حبقٌ لظلالِ القصيدة/ نصوص قصيرة
- كانَ صديقاً للفراشاتِ (عن أميرِ القصيدةِ التونسيَّة أولاد أح ...
- هواجس على طريقِ القصيدة
- تلويحةٌ لحارسِ الذاكرة
- وردةٌ من دخان(مجموعة قصائد جديدة)


المزيد.....




- دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة ...
- Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق ...
- الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف ...
- نقط تحت الصفر
- غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
- يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
- انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
- مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
- الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا ...
- -الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - فاروق شوشة.. آخرُ الرومانسيِّين