أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر جمعة العابدي - الرمز ولأسطورة وصراع الهويات المصممة في رواية (أطلس عزران البغدادي ) للروائي خضير فليح الزيدي .















المزيد.....


الرمز ولأسطورة وصراع الهويات المصممة في رواية (أطلس عزران البغدادي ) للروائي خضير فليح الزيدي .


حيدر جمعة العابدي

الحوار المتمدن-العدد: 5315 - 2016 / 10 / 15 - 01:16
المحور: الادب والفن
    


الرمز ولأسطورة وصراع الهويات المصممة في رواية (أطلس عزران البغدادي ) للروائي خضير فليح الزيدي .
تشكل ثنائية الموت والحياة في سردياتنا التاريخية والأدبية حضورا لافتا، فمنذ القدم وتاريخنا وأساطيرنا الأدبية تزخر بصور ودلالات تعكس الصراع مابين الموت والحياة، والذي يأخذ شكلا أسطوريا بحثا عن الخلود ، وهو ما يشكل بعدنا الثقافي المضمر في أغلب سردياتنا ، لكن رغم السوداوية البادية المتمثلة بحتمية الموت، يظل تصورنا للموت يتشكل عبر فلسفة الحياة ، وهو ما يندرج ضمن تصور فلسفي وجودي > وهو ما يستدعي القول من نواة الموت تولد الحياة .
تمثل رواية أطلس عزران البغدادي ،الصادرة عن دار ميزوبوتاميا –بغداد –لسنة 2015 للروائي (خضير فليح الزيدي )واحدة من الروايات التي تعتمد في مضمونها الفكري على التقاط دفق الحياة من صور الموت، وذلك من خلال الحفر عميقا في خفايا وأسرار (جينالوجيا ) الخطاب السردي عبر خارطة الموت العراقي لكشف أسبابه ومن يقف وراء صناعته والداعمون له، لذا كان سعي الكاتب منصبا في اغلب فصول الرواية على كشف وتوثيق تداعيات زمن الموت ما بعد 2003 .
اعتمد الكاتب في سرد حكاياته على بعدين؛ الأول مباشر، يعتمد رصدا وتوثيقا دقيقا لحياة ما تبقى من اليهود داخل العراق منذ تشكل الدولة العراقية الحديثة والى ما بعد 2003، أعدادهم وأسباب تهجيرهم و والمتبقي منهم، أما البعد الآخر وهو ما يعنينا في هذه الورقة النقدية هو البعد الفني والموضوعي الذي يرتبط بكيفية سرد الأحداث وتوظيفها داخل النص الأدبي وانعكاس ذلك على باقي النص ،وهو ما يستدعي منا التروي في رصد ومتابعة حركة السرد من العتبة الأولى (العنوان) وصولا إلى آخر العتبات (الخاتمة ).
(المتخيل الفني ):
يؤثث الكاتب فضاءه السردي باستثمار العديد من أساليب السرد الحديثة كالأسلوب الصوري والافتراضي والأسطوري الذي يعتمد الدقة الفنية والعلمية في توثيق الأحداث وبنائها، معززا ذلك بتقنيات الوصف التي تعتمد ما يسمى بالسينمائية في حركتها ودقتها، كما إن تنوع لغة السرد ساهم في تكثيف النص بألاعيب اللغة؛ مثل الاستعارة والإدهاش ساهم ذلك في إعطاء مساحة اشتغال أوسع من حيث الشكل والمضمون (انفجرت سيارة مفخخة الآن في شارع السعدون ببغداد ..السيارة المفجرة كانت متوقفة خلفي في هذا الشارع كما ترون ... كانت سيارة نوع سايبا تكسي، وفي عمق الصورة من بعيد يظهر لكم سياج المعبد مئير طويق ... وكما تشاهدون هناك طيور بنت أعشاشها على هامته المتآكلة رغم أنها طيور مفزوعة أصلا وقد انتزع العصف المدوي ريشها وجعلها أشبه بدمى محنطة فوق هامة المعبد )ص21.
ولأن السرد فن توثيق، كان لابد للسارد المؤلف إن يكون حاضرا وبقوة في كل مفاصل الرواية ومهيمنا على اغلب تفاصيلها ونسج أحداثها، بغض النظر إن كان المؤلف يختبئ خلف قناع إحدى الشخصيات، أو ساردا خارجيا كلي العلم، وهو ما يبرر استخدام طرق الروي مرة بصيغ المتكلم (أنا) أو بصيغ الغائب ( هو ) ما يكشف استحواذ الكاتب على كل مفاصل السرد .
استثمر الكاتب المتخيل الأسطوري الرمزي كرؤية فنية مركزية لكسر رتابة الأحداث وواقعيتها وجعل النص ينفتح على تناصات أدبية وفنية حديثة مثل رواية (افرانكشتاين في بغداد)،وراية (وقياموت) وتناصات دينية أسطورية تاريخية مثل القصص الدينية والملاحم والتي لازالت تمتلك حضورا اجتماعيا وأدبيا قويا لدى الكثير من العراقيين، إذ تتشكل هذه التناصات من خلال عتبات النص الرئيسية والتي تبدأ من العنوان (أطلس عزران البغدادي ) وصولا لآخر الفصول (موت بقرصة ذبابة ) ص 225،حيث تشكل هذه العتبات الخيط الناظم لجميع فصول الرواية (26) . وكون اللاوعي الجمعي يمثل للسارد مجاله الحيوي الأكثر حضورا وتأثيرا في سلوكنا الجمعي بما تختزله الذاكرة الجمعية من أحداث تحيل دائما إلى العنيف والأكثر دموية من الرموز والأسماء الأسطورية ذات الدلالات النفسية والشعبية، كان لابد لهذا اللاشعور أن يعيد إنتاج رموز العنف القديمة المباشرة (أبو طبر أو جماعة الكف الأسود ، ورموز دينية غير مباشرة ؛عزرائيل (وعلى وفق روايتي .. إن عزران هذا ليس سوى القدر المنزل من السماء ، وهو نسخة من عزرائيل محدثة ) ص40 على الرغم من واقعية وبشرية الأحداث التي تقع في بغداد ،انفجارات ،وخطف، واغتيال ،لكن ظل المتهم الوحيد وبطل الرواية هو (عزران) ) الذي نصفه بشر ، يضاجع ،ويتأنق ويحمل مسبحة ويكره ويجوع ،ونصفه الآخر شبح هلامي يحيي ويميت (يلاحق الجميع من خلف زجاج الحوض يضحك عندما يرتطمون بقاع الحوض – الساخن وسرعان ما تنط جماعات جماعات إلى سطح الحوض بحثا عن الهواء ليلتقطهم بمنقاشه واحدا بعد واحد )ص41
.حركة الزمن داخل الرواية حركة لولبية بطريقة الذهاب والعودة بشكل متقطع ماضٍ /حاضر، كون الزمن يتوزع مابين حكايتين؛ الأولى عن (يهود العراق )الممثلة بشخصية رغيد حزام كشاهد على تاريخ القمع والوحشية والإخصاء والإقصاء الذي تعرضت له الطائفة اليهودية بفعل سياسة القتل والتهجير القسري والتي تبدأ من منتصف الاربعينيات والى يومنا هذا (تحولت إلى رجل مخصي ... وقبلت الأمر إلى هذا الحد ..لكن القادم كان أعظم)ص121 – أما الحكاية الثانية هي حكاية حب مابين نورا السنية وسامر الشيعي والتي تنتهي بالانفصال والحقد التاريخي ما بين الطائفتين والتي تسردها نورا بطريقة الاعترافات على شكل رسائل بريد اليكتروني إلى الصحفي في جريدة النوارس (محمد رياض ) تروي فيها قصة الحب التي جمعتها مع زميلها في المؤسسة سامر، حيث تناط لهم مهمة البحث عن آخر يهودي في العراق بدعم من مؤسسة الإخوان الإنسانية التي يديرها يهودي عراقي ثري (نعيم دنكور) لتتحد الحكايتان في حكاية واحدة تشكل ثيمة الرواية بمجملها وهي (صراع الهويات المصممة تاريخيا ) حيث تتشكل هذه الهويات الفرعية بفعل الصراع السياسي والديني من خلال إعادة إنتاج وتحفيز وجودها الايديولجي العنصري اتجاه باقي الشركاء في الوطن الواحد وهو ما يستدعي لحظات العنف و الصدام التاريخي، كالصراع الديني اليهودي/ أسلامي اوالسني/ الشيعي، أو يأخذ شكل عرقي كردي/ عربي، وتركماني /كردي،غربي/ عربي....الخ من الصراعات الدائرة اليوم، لذا كان اختار الكاتب بغداد كنموذج حي لهذا الصراع اختارا محمودا .
وفق الكاتب في جعل المكان في الرواية مكانا محايدا (أليفا) رغم حجم الصراعات والطائفية والإقصاء المتبادل ما بين مختلف المكونات ، لكن ظلت بغداد بجسورها ،ونوارسها، وشوارعها، وقصص الحب التي ميزتها شاخصةً تذكر دائما ببغداد السلام والحب والحضارة رغم عمق جراحها وحجم المؤامرات التي تنسج من الداخل والخارج حولها لكنها ظلت المكان العابر لكل الطوائف والأقليات (عشت في بغداد متخفيا في السنين الأخيرة، فبغداد مدينتي التي تكرهني وأحبها ) ص225.
موضوع الرواية
الرواية بمجملها نجحت في تسليط الضوء على الجانب السياسي المضمر خلف رداء الدين والعرق والقبيلة، من أجل بث روح الفتنة والصراع مابين مختلف مكونات البلد الواحد مستفيدا في الوقت نفسه من انغلاق هذه المكونات على هويتها المصممة كملاذ وجودي، لكن فاتها أن تفهم أن هذه الهويات لا قيمة فعلية لها بدون وطن وهوية وطنية موحدة تحمي حقوقها وكرامتها وتاريخها ولا يتم ذلك إلا برفض هذه الهويات بالتلاحم الوطني والشعبي اتجاه المخاطر الخارجية والداخلية .



#حيدر_جمعة_العابدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوسيولوجا الخراب في رواية انتهازيون ... ولكن للروائي علاء مش ...
- جدلية الحلم والواقع في المجموعة القصصية (الفراغ تفرعات في خط ...
- تمثلات الواقعية الرمزية في القصة العراقية الحديثة (شظايا انث ...
- إستراتيجية البحث عن قراءة منتجة في رواية (جريمة في الفيس بوك ...
- تمثلات الواقعية الرمزية في مسرحية (حذائي ) للكاتب علي العباد ...
- صورة المهمشين في رواية (عذراء سنجار) لوارد بدر السالم .
- الرؤية السردية في رواية (مثلث الموت) للروائي علي لفته سعيد.
- قراءة سيميائيه في أشكال الدلالة داخل النص الأدبي في قصة (رجل ...
- تحولات السرد وتداخل الأجناس الأدبية في المجموعة القصصية (عائ ...
- قراءة في الانساق الثقافية المضمرة من ثقافة التغيير إلى ثقافة ...
- تهشم المعنى قراءة في المجموعة القصصية (إذا كنت تحب ) للقاصة ...
- استلاب المعنى في رواية -الصورة الثالثةللروائي علي لفته سعيد
- أجساد تبحث عن وطن قراءة في رواية (بوصلة القيامة) الروائي هيث ...
- قراءة في الاستعارات الصورية في مسرحية (براد الموتى) للكاتب ع ...
- ثقافة الموت كحل وجودي في رواية (قياموت) للروائي نصيف فلك.
- دلالات العنف في قصة (معرض الجثث) للقاص حسن بلاسم.
- ثقافة التبعية والإتباع مابين شعارات النصر وفلسفة الهزيمة في ...
- جدلية الصراع مابين الرمز والواقع في مسرحية (عزف نخلة ) للكات ...
- تراجيديا الوجع العراقي في المجموعة القصصية (الهذيان داخل حقي ...
- صورة المرأة كبديل معرفي في رواية (العارية ) للروائي سلام جبا ...


المزيد.....




- -بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر جمعة العابدي - الرمز ولأسطورة وصراع الهويات المصممة في رواية (أطلس عزران البغدادي ) للروائي خضير فليح الزيدي .