أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - وعد غير منجز














المزيد.....

وعد غير منجز


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 5306 - 2016 / 10 / 6 - 17:18
المحور: الادب والفن
    


وعد غير منجز

-" أختي أدركيني ، تعالي بسرعة ، أمك بحالة سيئة جداً "
هكذا انزلقت الكلمات من فم أختي الصغرى عبر جهاز الهاتف ، لتسقط كالرصاص في أذني مترافقة مع صياح هستيري ، لم أصدق أنه صادر عن أمي !
في طريقي إليهم لم أميز هل أنا من يجري أم أن الطريق يجري بي ؟!
أمي التي بالكاد لا يتجاوز صوتها حدود سمع من يجاورها ، وتتقن خنق آهاتها وأسر صرخاتها خلف جدران حنجرتها ، حيث حبالها الصوتية قضبان سجن !
أخبرنا الطبيب الذي يشرف على علاجها أن الألم الذي تشعر به وتتحمله بهذا القدر من الجَلَد كبيرّ جداً يعجز عن تحمّله أعتى الرجال ،
فما بالها اليوم تصرخ هذا الصراخ الهستيري؟
أصيبت بسرطان في المعدة قبل بضعة أشهر، استدعى استئصالاً لجزء كبير منها مع ملحقات مجاورة ، أن يعيش الإنسان بلا معدة يعني أن يحسب حساب قطرة الماء عندما تتجاوز جوف فمه العَطِش لتكون سوطاً يجلد الأمعاء إلى أن تنتهي في دورة استقلاب مبتورة في منتصفها !
وكان لزاماً أن يُتبع العملُ الجراحي بعلاج كيميائي ( جرعات).
وصلت البيت وأنا ألهث من صعود الدرج ركضاً مجملةً عدة درجات بصعود واحد ، ذبحني صوتها وهي تصرخ كمن تبكي فقيداً، أشارت أختي إلى الحمّام ، دخلت ، كانت تنظر في المرآة والواضح أنها استحمّت ، تمسك خصل شعر متساقط على المغسلة والأرض وتحاول وضعه على رأسها الذي فقد تاجه !
راعني المنظر !
التفتت إليّ وارتمت بين يدي تبكي بحرقة مزَّقت نياط قلبي،
سنّدتها حتى وصلنا إلى غرفتها، تمدّدت على السرير ، وبحركات متتابعة تمرر يديها على رأسها ثم تخفضهما إلى مستوى وجهها ، تقربها من عينيها وتقول لي : "انظري !انظري شعري يتساقط ، لم يبق منه شيء سأصبح قبيحة ، سيخاف مني أحفادي ".
حاولت تهدئتها وأنا أنادي على أختي كي تساعدني ، لكنها اختفت وصلني صوتها مكتوماً : "نعم أنا هنا"
رحت أجري بسرعة إلى الحمام لأجدها وقد قصّت شعرها الأشقر الطويل ، وفي يدها آلة الحلاقة الكهربائية الخاصة بأبي تمررها على جلدة رأسها البيضاء حاصدة ما تبقى من شعرها بعد أن قصّت خصلاته الطويلة بالمقص ..
وعلى الأرض تمازج اللونان الأشقر والأشيب كسجادة حرير.
فغرت فاهي وقد فر الدم من وجهي ، أشارت إلي أن هوني عليك : " الآن ستتقبل أمي الأمر أكثر ".
بعد خروجها من الحمام ، بقيت دقائق خرجت بعدها وقد أضفت إلى السجادة الحريرية لوناً جديداً .. بنياً كستنائياً ...
بعد أشهر ثلاث .. كنت راقدة إلى جانبها ، أصابع يدي تداعب زغب شعرها الذي نما أشيباً : " أمي دائماً كنت تعارضيني عندما أصبغ شعري ، كما أنك ترفضين أن تصبغي شعرك أيضاً، رغم أن الشيب غزاه ، لكن الشهر القادم سأصبغه لك، أعدك بذلك ".
المفاجاة أنها حركت رأسها بالموافقة ، وأعقبت بصوت ضعيف :" أنت تصبغينه فقط لتغيّري لونه، إذ لا شيب في رأسك ، ولون شعرك الأساسي جميل جداً ، والصبغة تتعب الشعر وتتلفه ، لذلك أعترض ، أما شعري فأظن أنه أصبح يحتاج الصبغ "
زرتها في مرقدها منذ أيام .. طلبت منها أن تأتيني في المنام ، زارتني .. تاجها الفضي كان يلمع كاللّجين ناولتني أنبوب صبغة ، وأشارت إلي أن أنجزي وعدك .



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتجاهات التربوية والعبر المجتمعية في نصوص الكاتب والأديب ا ...
- ملامح المدرسة الرمزية في نصوص الأديبة السورية إيمان السيد
- قراءة في نص (تأبط شراً ) للأديب العراقي / كريم خلف جبر الغال ...
- عشرون و نيّف
- اللعب مع الكبار
- جروح لا تندمل
- حفل شواء
- سوريتي
- نضج
- قراءة في تجربة أديب الأطفال جاسم محمد صالح
- هل أبكي ..؟
- رحلة
- محكمة
- التابوهات وقلم الأديب
- جنة ... أم جحيم؟
- الغرائبية والانزياح في نصوص الأديب العراقي الأستاذ عبد الرزا ...
- التحدي العظيم
- طيف
- إشهار كتاب ( رسائل من ماض مهجور ) مجموعة قصص قصيرة للكاتبة ا ...
- المحاكاة الداخلية في نصوص الكاتبة المصرية هالة محمود مقدّم م ...


المزيد.....




- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - وعد غير منجز