أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زكرياء بغور - الإسلام السياسي.. أو الإحتيال السياسي















المزيد.....

الإسلام السياسي.. أو الإحتيال السياسي


زكرياء بغور

الحوار المتمدن-العدد: 5306 - 2016 / 10 / 6 - 12:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقد صدق ماركس حينما قال أن "الدين أفيون الشعوب"، و في هذا المقال سأوضح لماذا. يستنكر العديد من المعارضين للشيوعية مقولة ماركس هذه و هذا يوضح جهل هذه الفئة بالسياق الذي أنتجت فيه. كان كارل ماركس يرى أن أي خطاب مهما كانت مرجعيته فهو يخفي في طياته إيديولوجية منتج ذلك الخطاب، و الخطاب الديني ليس استثناءا. كانت الكنيسة في أروبا تنتج خطابا يخدم مصالح الطبقة التي تمتلك وسائل الإنتاج (الأراضي)، حتى إن الإنجيل لم يكن بوسع الجميع الوصول إليه حيث كان مكتوبا باللغة اللاتينية و التي ليس بوسع العامة دراستها. كانت الكنيسة بذلك تستغل جهل العامة بتعاليم الدين لنهب ممتلكاتهم و ضمان خضوعهم للرهبان و الإقطاعيين. من هنا يتضح لنا سياق مقولة كارل ماركس. في حقيقة الأمر، كانت نظرة ماركس أشمل مما فهمه حتى بعض الماركسسين آنذاك. تنطوي مقولة ماركس على معطيات و استنتاجات لم ينتبه إليها العديدون. يطرح ماركس سؤا لا جوهريا حول ماهية الدين نفسه.. ما هو الدين؟
الجواب الذي نستنبطه من القولة أن الدين هو مايقدم لنا على أنه هو الدين، أي أن المؤسسات الدينية تصدر لنا صورة عن الدين على أنها الدين نفسه. تحمل تلك الصورة كل التأويلات التي تصدرها تلك المؤسسة، و بطبيعة الحال فإن المؤسسات الدينية جزء من التركيب العلوي للمجتمع، أي إحدى الوسائل التي ينشر من خلالها ملاك وسائل الإنتاج إيديولوجيتهم. خلاصة الفكرة أن الدين لدى العامة هو انعكاس للإيديولوجية السائدة في المجتمع.
الأمر نفسه ينطبق على الدول الإسلامية حاليا، فمؤسسات من قبيل الأزهر في مصر و المجلس العلمي الأعلى في المغرب هي مؤسسات تابعة للدولة و بالتالي فخطابها يعكس توجهات الدولة و هي التي لا تفتئ تصدر الفتاوى في هذا الشأن و في ذاك. يمكن إسقاط نفس التحليل على الجماعات الدينية التي لا تتقاطع مصالحها مع مصالح الدولة، فهي تؤسس مرجعياتها الخاصة و تنتج خطابها الخاص بناءا على توجيهات تلك المرجعيات. خير مثال على ذلك حركة التوحيد و الإصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة و التنمية بالمغرب، و التي أفتت مؤخرا بجواز ترك صلاة الجمعة يوم التصويت بغرض الإدلاء بالصوت و فتوى السلفي المغراوي بضرورة التصويت لحزب الأصالة و المعاصرة لأنه منحه تصريحا لفتح دور القرآن بمراكش.
استغلت بعض الجماعات ذلك فأسست أحزابا تروج لميولاتها السياسية و الأمثلة على ذلك لا تعد و لا تحصى كجماعة الإخوان المسلمين التي أسست حزب الحرية و العدالة، و الدعوة السلفية بالإسكندرية التي أسست حزب النور، و حركة التوحيد و الإصلاح التي أسست حزب العدالة و التنمية الذي يقود الحكومة المغربية. تختلف التجارب لكن الخيط الرابط بينها أن تلك الجماعات بدأت تفكر في الوصول إلى السلطة وذلك ما حصل حيث استفادت من جو الديموقراطية الذي ساد نتيجة الربيع العربي لتتقلد السلطة و تجسد ما أطلق عليه العديد من الباحثين اسم الإسلام السياسي. هنالك تجارب سابقة للإسلام السياسي أهمها ثورة الخميني بإيران و التي جاءت بشعارات دينية أهمها ولاية الفقيه و التي ليست إلا نظرية سياسية احتال بها الخميني على الشعب الإيراني.
هنالك من يؤمن بنظرية المؤامرة و يجزم بأن الإدارة الأمريكية تدعم الإسلام السياسي بالشرق الأوسط و شمال أفريقيا في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد. و قد سربت تقارير من وكالة الإستخبارات الأمريكية الصيف الماضي توضح تآمر أمريكا مع الخميني للإطاحة بالشاه، كما هنالك تقارير أخرى تشير إلى دعم هيلاري كلينتون للحملة الإنتخابية للعدالة و التنمية. الإدارة الأمريكية ترفض أيضا اعتبار جماعات مثل جبهة النصرة جماعات إرهابية. كل مهتم بشؤون الجماعات و الأحزاب الإسلامية سيلاحظ أن خطاب هذه الجماعات هو خطاب أحادي القطبية يعتبر المعارضين له ضالين و مضللين يتغيون محاربة الحق و الذي هم مصدره، و بالتالي فخطابهم يشبه خطاب الشيطان يوم خلق آدم. فالشيطان لم يعترف بغلطه و ظل يلوم آدم على التسبب في عصيانه و إنزاله إلى الأرض. إن هذل الخطاب هو خطاب أصولي عقيم يصل إلى حد التكفير و لا يفسح المجال للتفكير النقدي. يشبه الوضع إذن وضع الكنيسة في حقبة أروبا الفيودالية.
الغريب في الأمر أن مناصري تلك الجماعات و الأحزاب من العامة يتبنون نفس الخطاب فيعتبرون الغير المختلف عنهم ضالا و جاهلا. أستحضر مثالا طريفا حيث إنني كنت قد قرأت قصيدة شعرية في مدح عبد الإله بن كيران، الرجل الأول في حزب العدالة و التنمية، بعنوان "لا يبكي الرجال إلا لأمر جلل" كتبها أحد مناصري الحزب يمدح فيها بن كيران و يهجو كل من ينتقده بألفاظ غير لائقة و يصفهم بأنصار التحكم، في حين تغيب عنه حقيقة أن مثله الأعلى ليس إلا محتالا كان يشتغل مخبرا لدى وزارة الداخلية في عهد الوزير إدريس البصري. تتعرض شبيبة العدالة و التنمية إلى عمليات غسل للدماغ تجعلها تمجد إنجازات الحزب الوهمية و تنسب فشله إلى "التحكم".
الماركة المسجلة لدى كل الأحزاب الإسلامية التي وصلت إلى السلطة هو ازدواجية الشخصية التي تتميز بها، فخطابها الأصولي يتنافى مع سياساتها الإقتصادية و الإجتماعية حيث انصاع كل من مرسي و بن كيران لإملاء ات المؤسسات الإقتصادية الرأسمالية كصندوق النقد الدولي الذي دفعهما لتشجيع الخوصصة و تخفيض قيمة العملة المحلية و غيرها من إجراأت التقويم الهيكلي، و هو ما نفذه بن كيران خصوصا بكل بشاعة. أدى ذلك إلى تحميل المواطن أعباء السياسات الفاشلة السابقة و الإسراع بإنجاز إصلاح التقاعد المجحف و رفع الدعم عن عدة مواد أساسية و الإعلان عن التوجه نحو خوصصة قطاعي التعليم و الصحة، فخدم بن كيران الدولة خدمة كبيرة. تجاوز الأمر ذلك لنجد أن قياديين من العدالة و التنمية استغلوا نفوذهم لتقديم خدمات للمقربين منهم فأرسل بن كيران ابنه للدراسة بفرنسا بنمحة من الدولة كما وفر وظيفة قارة لابنته بالحكومة. قام أيضا عبد الله بوانو، القيادي بالعدالة و التنمية بالإستفادة من صفقة مع جماعة فتح الله غولن سابقا ليحصل لأخيه على منحة للدراسة بتركيا و الحالات لا تعد و لا تحصى. الخمس سنوات من عمر حكومة بن كيران توضح أن حزبه لا يسعى إلا للحكم و الإستفادة من التعويضات الكبيرة و تحقيق المصلحة الشخصية و كان غطاء ذلك هو الشريعة الإسلامية. نفس التجربة تكررت في كل البلدان التي تصدر الحكم فيها حزب إسلامي.
ثنائية العقلانية و الأصولية تجسد صراعا قديما تضرب جذوره في التاريخ. لا بد للفكر التنويري التقدمي أن يحاصر الفكر الأصولي و يهدمه، لكن ذلك لن يكون ممكنا إلا إذا توفرت الشروط الموضوعية لإنتاج و تفعيل الفكر التنويري و العقلانية التي تشجع على التفكير النقدي و هذا شرط أساسي للإرتقاء إلى مجتمع حر و ديموقراطي. آن ذاك يمككنا الإستفادة من الديموقراطية.



#زكرياء_بغور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية ماركس و برودون: أفق جديد لفهم أزمة اليسار
- ديفيد ريكاردو تحت المجهر: في نقد الإقتصاد السياسي
- نمط الإنتاج الرأسمالي: نهاية الهيمنة الأمريكية
- في نقد الفكر الليبرالي الحديث
- نحو أممية معاصرة
- جوزيف برودون و نظرية القيمة: في نقد اﻹ-;-شتراكية المث ...
- شركات التنظيم الأفقي و ارتفاع الميل الحدي للإستهلاك


المزيد.....




- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زكرياء بغور - الإسلام السياسي.. أو الإحتيال السياسي