|
طريقة نصراوية للانتحار
نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 5305 - 2016 / 10 / 5 - 11:52
المحور:
كتابات ساخرة
توقفت حركة المرور.. كأن جلطة دماغية قد شلت ضخ الدم في الشرايين. مضت ساعة ولا يبدو ان هناك حل لهذا الازدحام غير العادي. ارتفع زعيق أبواق السيارات بلا فائدة.. حتى محطات الراديو المحلية لم تذكر في نشراتها الرئيسية كلمة عن توقف المرور في ذلك الشارع الرئيسي كما جرت العادة. بعض السائقين ملوا من الجلوس في سياراتهم وانتظار الفرج الذي يبدو انه سيطول. أوقفوا المحركات وخرجوا من سياراتهم ... تبادلوا توقعاتهم عن سبب توقف حركة المرور، أكثريتهم قالوا انه لا بد ان حادث سير كبير قد وقع في مكان ما بنفس الشارع مما سبب توقف حركة المرور. آخرين قالوا انه يبدو ان قوات الأمن قد وجدت جسما مشبوها .. ولن تنفرج إلا بعد ان يتم فحص الجسم المشبوه، إذا كان خطيرا فسيجري تفكيكه أو تفجيره. آخرون مالوا إلى الظن انه ربما وقع حادث طعن بسكين ضد فرد من قوى الأمن. قلائل قالوا ان إغلاق الشارع قد يكون بسبب مرور سيارة احد قادة الدولة ، رئيس الحكومة مثلا أو ضيف أجنبي هام .. لكن الأخبار لم تذكر أي زيارة لشخصية أجنبية مرموقة... ومرور شخصية هامة لا يسبب إغلاق الشارع لهذا الوقت الطويل. سائق كبير في السن قال انه يعتقد ان سيارة كبيرة قد تعطلت وسببت هذا الشلل بحركة المرور.. واستمرت المداولات والتأويلات بين السائقين عن أسباب الجلطة التي أصابت حركة المرور!! طبعا اختلفت التأويلات ودار نقاش لكن حركة المرور ظلت معطلة. سائق عربي قال بعبرية مكسرة انه متأكد ان السبب هو كون هذا الشارع أكثر مستعمليه من العرب، فأعطوا حق المرور بالشارع الذي يقطعه لأن كل مستعمليه من المستوطنين اليهود العائدين إلى مستوطناتهم.. ولهم دائما الأفضلية في كل شيء!! من البعيد شاهدوا شرطيا يركب على دراجة نارية، يأتي باتجاههم، لكنه يقف بجانب السيارات ويتحدث مع السائقين.. كان ظنهم ان مهمته أن يشرح لهم سبب تعطل حركة المرور. انتظروا وصولة ببالغ الصبر، أصلا لا حل أمامهم إلا الصبر. حين وصلهم أغرقوه بعشرات الأسئلة، بعضهم تشاطر وادعى انه يعرف سبب تعطل حركة السير مكررين ما سبق وان ادعوه من الحجج التي تبادلوا الحديث عنها، لكن الشرطي على الدراجة النارية قال لهم: كفي تحليلات لا شيء يربطها بالواقع. - إذن ماذا حصل ؟ - مشكلة صعبة جدا.. احد المرشحين أوقف سيارة ضخمة مليئة بمنشورات وأعلام ستكون ضمن حملته الانتخابية، أغلق الشارع وهدد بأنه لن يفتح الشارع أمام حركة المرور إلا إذا جمعوا له مليون شيكل، ليخوض الانتخابات القادمة إلى رئاسة البلدية. وانه بالأخص يريد ان يكون رئيسا لبلدية الناصرة. قالوا له يوجد حتى اليوم عشرة مرشحين محتملين، وأنت ستكون الحادي عشر.. ما لك ولهذه المعمعة؟ وأي حزب سيدعمك؟ حتى داخل الجبهة طرحت أسماء عديدة ولم يتفقوا بعد على المرشح الذي يحلمون بأن يسقط علي سلام. خاصة وان احدهم هو قرقعة على رأس عامود؟ ستسألون باستهجان كيف وصلت القرقعة إلى رأس العامود؟ السبب سبق وان كُتب عنه، طبعا لم يصل بشطارته، بل بدعم شخص أو أكثر أوصلوه لرأس العامود، .الاستنتاج أن الذين أوصلوا القرقعة، او الشخص إياه لرأس العامود، لفتوا الانتباه لغرابة حالتها (او حالته).. لكنها فوق العامود لا تفيد نفسها ولا جنسها.. أليس من الأفضل ان تنزل إلى الأرض..؟ سنوفر لها الحماية ان لا يدوسها أحد وتعود إلى الاختفاء بين النبات وسائر المخلوقات في الطبيعة، هناك مكانها... وقس على ذلك أصناف أخرى من المرشحين... ربما قرقعة على رأس عامود أصبحت بالموضة السياسية في مدينة الناصرة.. يشفق الجميع على حالها، لكنها مرئية وهذا يسعدها وهو شأنها!! - ما الحل يا سيدي الشرطي؟ سأله أحدهم.. رد عليه: - المشكلة أكثر صعوبة، المرشح يهدد أنه إذا لم يحصل على المليون شيكل لن يحرك مركبته وسيسكب الوقود على نفسه وينتحر احتراقا مع منشوراته وأعلامه ومركبته الكبيرة لأنه ليس وجه فشل.. يطلب مليون شيكل ليحرر حركة المرور أو مائة لتر من الوقود ؟ - ما ضرورة الوقود؟ - الوقود للانتحار إذا لم يحصل على مليون شيكل؟ - إذن سأتبرع له بما تبقى من وقود في سيارتي.. تبقى لدي 25 لتر. وانهالت الاقتراحات: - أنا لدي 10 لترات - وأنا 15 لتر - وانأ عشرون .. - وانأ خمسة لترات. قال الشرطي بعد ان رأي حماسة السائقين بالتبرع بالوقود : - هذا ما حدث مع سائر السائقين.. كلهم تبرعوا بالوقود.. لم يتبرع أحد حتى بشيكل واحد.. اعتقد أنه أصبح لدينا أكثر من مائة لتر.. وربما مئات اللترات تكفي أيضا لمن سيسير على درب ذلك المرشح!! [email protected]
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجربتي في الحركة الشيوعية – 2
-
فلسفة مبسطة: الفاعل والفعل والمفعول به!!
-
رجل القانون.. وحملة التبرعات!!
-
ساعات يوم الحساب
-
يوميات نصراوي: تجربتي في الحركة الشيوعية
-
فلسفة مبسطة: اطلالة على فلسفة سبينوزا
-
شر التعددية في مجتمعات يسودها فكر اثني وطائفي
-
الببغاوات
-
مزامير
-
من أجل ثقافة بلا سلاطين..!!
-
جماعة -ميري كريسماس- أحيوا العروبة ثقافة وانتماء
-
اناشيد لا تموت..!!
-
-الاستجابة الشرطية- في تفكير مالك قبطي وأصحابه
-
الوجه الطفولي الأجرد...
-
يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة.. ايام مع سالم جبران - 3
-
يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة ... أيام مع سالم جبران -2
-
حتى المسيح عانى من العنصريين البيض
-
يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة - ايام مع سالم جبران
-
بحث توثيقي للباحث نادر زعبي*: حكاية.. أرض وصمود!!
-
انتصارات جبهوية: او فرحة الخائبين
المزيد.....
-
شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43
...
-
اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
-
ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران-
...
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|