أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال تاجا - سكان الخرائب














المزيد.....

سكان الخرائب


كمال تاجا

الحوار المتمدن-العدد: 5304 - 2016 / 10 / 4 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


سكان الخرائب

الشيء بالشيء يذكر
بعدما حل كل هذا الدمار الهائل
في مدن حمص وحلب
وفي كل الحواري العزيزة
على قلوبنا
*
ذلك لأن الكثير من مدن الخراب
أضحت قاعاً صفصفاً
خاوية على عروشها
وخلت من كل سكانها فجأة
كصحراء منزوية
*
و لكن أين فرت القطط الأليفة
و الكلاب الشاردة
حتى الجرذان الفتاكة
سكان الخرائب التقليديين
أصبح هناك ما يؤرقها
من نقص موارد
بقايا حيوية
أو قاذورات مرمية
أو مجاري صرف صحي
-
وهلكت الهوام
من عطش وجوع
ودمار هائل
*
حتى أصبح لطنين الذباب
دبيب غاشم
*
و البعوض الذي كان يحوم
فوق هرم مكب النفايات
كأسراب مهاجمة
لم يعد هناك من شيء .. حيوي
يستدعيه للنبش في العفار
عن لقمة عفنة
ولا من سبب وجيه
يحفزه للتفتيش بين القاذورات
عن بقايا إنسانية
سالفة الذكر
*
لقد حل الدمار الشامل
و مما أثر على هوام الأرض
التي أخلت المكان
وعلى مضض لعصف رياح
تدور بحلقات مروعة
بين زوابع العفار
و تتنحى لمرور إعصار
يثير الغبار
غير الودي
على الفت من عضد تآلفنا
*
يا ألهي بهتت الألوان
و شحب المنظر
مما أطفأ من حده الحلكة
و حتى صار المساء يلتحي
بذقن أشد قتامه
و الليل كظيم
خلا من النباح
و صياح الديكة
مع همهرة الوحوش المفترسة
*
و الصباح لم تعد توقظه
زقزقة العصافير
ولا لم تعد تهدهد
جفون الوسن
تغريده هديل اليمام
-
ولم يجد حسون واحد
ورقة نضرة
واقفة على غصن أعرج
أو فوق شجرة فكحاء ~ متهالكة
ليتوكأ عليها
وحتى يقوم بعزف تراتيل
سيمفونية الشدو الخلاب
التي تخرق ألبابنا
*
وما لبث أن أضحت الحقول ناضبة
ذوت من نضارة أزهارها
و التي كانت تحلق
على متن رفوف
من أناشيد عبق
وتراتيل أريج
وترانيم فل
كانت تدور بذاكرة الحقول
محملة بنكهة الشذى الفصيح
لياسمين الشام
والذي كان ينطق بلسان شهيتنا
وهو المنكه
للعذوبة المالئة أشداقنا
كحرية انتقائية
مما يؤلف بيننا
*
و لا مرت سحابة عطر
على متن وردة
كان الناس يتهادونها
تعبيراً عن فائق المودة
لتحط على أرنبة أنوف
نسيت من الدمار الشامل
مذاق لهفة البسمة
و تقطعت بها السبل
من تمزق عرى الألفة
*
و اضمحل منهل العبق
الذي كان ينبع من معين الروح
و يصب في عميق الجوارح
ليخصب متانة اللحمة الأهلية
*
عندما كان الغدير
ينهمر مدراراً
كسلسبيل ..
يروي حقول المودة
ويسقي الجذور الطيبة
و يعمق .. الأصالة
*
حتى عشش الغبار
على رؤوس الأنوف
منكس لروائح الجيف
و الأشلاء المبعثرة
كرمم نتنة متفسخة
*
أم أن هذه الحشرات و الهوام
التي كانت تدب
على الأرض
و تواصل العيش بين السكان
في علاقة لصيقة
من العشرة الحسنة
هي أيضاً فرت
هرباً من مواجهة الموت الطريح
والذي بلغ أشده
من الدمار الشامل
*
حتى شحب الضوء
و كشر الفجر
عن صبح مكفهر
كاظم الغيظ
ومن كل حنق وطني مكشر
يكاد ينفجر
كقنابل عنقودية
أو كقذائف فسفورية
أو كرشقات صواريخ ارتدادية
تدك الأرض دكاً
وعلى شكل مجازر جماعية
*
كانوا من كثرة الذوق الرفيع
يتحلون بالشرف النظيف
و يتباهون بتبادل مآثر
من رقة شمائل
الأخلاق الحسنة السيرة
والسريرة
*
أم أن الشرف الوطني
لقى حتفه
على يد قناص متربص
فقضى نحبه
برصاصة في الرأس
بينما كان يعبر الطريق
غير السالك ..
إليكم…؟

كمال تاجا ــــــــ2013



#كمال_تاجا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قوس قزح
- ضيق أنفاس ذات اليد
- القديس المثالي
- دهاء مواظب
- لنشيد ظل
- لم تنتظرني الغابة
- أحراشي كثيفة للغاية
- عبق الظل
- نيل الوطر
- وشاح حريري
- الزهور الشاردة
- تعالوا نتبادل معدات الود
- ذات صباح
- للفرج مفتاح ضائع
- ساريةُ القِفار
- بصيرةُ القطوفِ الدّانية
- لص الخصوصية
- نيران صديقة
- التلمظ الحارق
- صدمة المعاصرة


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال تاجا - سكان الخرائب