أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نبيل عودة - تجربتي في الحركة الشيوعية – 2















المزيد.....

تجربتي في الحركة الشيوعية – 2


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 5304 - 2016 / 10 / 4 - 04:03
المحور: سيرة ذاتية
    


تجربتي في الحركة الشيوعية – 2

نبيل عودة

اقرأوا ماركس وليس ما يقوله الماركسيين

الفكر الشيوعي يراوح مكانه منذ قرن ونصف القرن من السنين، نفس الشعارات، نفس المناهج السياسية، نفس العقليات ، نفس اساليب التنظيم، اجترار نظري بدون وعي لمطابقة النظرية مع الواقع، او فهم التغيرات التي اسقطت بعض النظريات او بات من الملح تطويرها. الحركة الشيوعية تبدو عاجزة عن فهم التحولات العميقة الجارية في الاقتصاد والمجتمع والعلوم والفلسفة. توقف تفكيرهم في القرن التاسع عشر، هناك أيضا بعض المفاهيم الخاطئة التي يتوارثوها كما يتوارث الناس الايمان الديني. الخطأ ليس في جوهر الماركسية بل بتحرير الماركسية من جهل الماركسيين، التربية الحزبية اعتمدت التلقين بدون تفكير، تلقين لا يقع بعيدا عن التلقين الديني، هنا تتجسم مشكلة الماركسيين ولا أقول الماركسية...والحل؟ لا تثقوا بما يقوله الماركسيين.. اقرأوا ماركس!!
اللينينية وورثائها من ستالين مرورا بماو تسي تونغ حتى كاسترو والقيادات الشيوعية للدول والحركات التابعة جعلوا من ماركس ظاهرة دينية ، لا اجد في نهجهم ماركس الفيلسوف، ماركس الثوري، ماركس الانسان، ماركس المفكر. اللينينية أفرغت الماركسية من حرية التفكير، نفت عن الماركسية طابعها الانساني.
الماركسية تحررت من سجنها الفكري بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. مفكرون واساتذة جامعات بدأوا يكتبون عن الماركسية بصيغتها الانسانية ، صدرت دراسات هامة عن ماركس وعن كتابه رأس المال، تعتبر في العرف الماركسي الرسمي انحرافات وتشويه . ستالين وماو والصغار امثال شاوشسكو وأمثاله أساؤوا لماركس والماركسية بالمفاهيم واساليب الحكم الدموية التي سادت في انظمتهم وما ارتكبوه من مجازر ومن استبداد رهيب حولت المعسكر الاشتراكي الى سجن دموي للشعوب وكأنها نتاج الفكر الماركسي.
كان ماركس يحمل رؤية انسانية ، هل بالصدفة ان اعداء الماركسية من المفكرين البرجوازيين في الغرب عادوا الى اعتبار ماركس بانه المفكر الهام في تاريخ الفكر البشري، والذي تعتبر دراساته بوصلة لفهم اشكاليات مجتمعهم واقتصادهم أيضا؟!
لم اتحرر بسهولة من انغلاقي الفكري، نقاشي هذا ليس جديدا، ملامحة بدأت منذ فترة دراستي في الاتحاد السوفييتي، لقنت منذ بداية وعيي بنظرة الهية لستالين والنظام السوفييتي. لم يكن معبودا لا عنوان له، ولا مكان محدد له، كان معبودي له اسم ، ودولة وزعماء. كان انهيار التجربة السوفييتية هي الصدمة الكبرى التي دفعتني الى اعادة التفكير بالتجربة وبعلاقة الماركسية مع المعسكر الاشتراكي المنهار، ومدى ماركسية الحركة الشيوعية، واساليب عمل أحزابها ، شعارتها وتنظيرات مثقفيها.
كي افهم ما يجري بدقة من عادتي ان اكتب ، الكتابة ترتبط في عالمي بالتفكير. لذلك اعتبر نصي هذا وما سبقه عن نفس الموضوع ، كتابة للتفكير!!

رأسمالية اليوم .. تختلف عن رأسمالية ماركس!!

شهد المجتمع الرأسمالي ثورة علمية تكنولوجية أحدثت انقلابا اجتماعيا واقتصاديا في حياة المجتمع البشري. هذا الانقلاب لم يأخذ مكانته بشكل كامل في الأدبيات الاقتصادية – الاجتماعية لليسار عامة واليسار الماركسي (الشيوعي) خاصة وبالتحديد.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا بالغ الأهمية: هل يمكن التعامل مع النظام الرأسمالي بنفس العقلية واساليب التحليل التي سادت المجتمعات البشرية قبل الثورة العلمية التكنولوجية؟
التحولات العلمية التكنولوجية احدثت انقلابا غيّر مضمون المجتمع الرأسمالي، منذ أواسط القرن العشرين نلاحظ ان التطور العلمي التكنولوجي يجري بقفزات هائلة، أدوات الإنتاج تبدلت وتطورت سنويا أو ما دون ذلك احيانا.. العمل العضلي يخلي مكانه للعمل الفكري حتى في الصناعات الثقيلة. أدوات تنفيذ المهمات المهنية تتطور باستمرار. إنتاجية العمل تضاعفت بشكل لا يمكن مقارنتها مع المراحل السابقة. العامل المهني اليوم يجدد أدوات إنتاجه بسرعة تزيد عشرات المرات عما كانت عليه في القرن التاسع عشر. مثلا، ما طور في القرن التاسع عشر كله يتطور في القرن العشرين كل سنة تقريبا.. وفي القرن الحالي (الواحد والعشرين) بسرعة أكبر.
من المستحيل ان ننفي ان التطور العلمي والتكنولوجي احدث انقلابا بتركيبة وتفكير ووعي ومعلومات ومعارف كل الطبقات الاجتماعية بما فيها الطبقة العاملة. لم تعد الطبقة العاملة هي الطبقة التي صاغ ماركس نظرياته الاقتصادية والفلسفية بناء على فهمه لواقعها. بمعنى أكثر اتساعا، المجتمع البشري لم يعد نفسه المجتمع البشري الذي حلله ماركس واستنتج من واقعه الكثير من أحكامه النظرية.
ألم تنسف هذه التطورات ما تصرّ عليه الأحزاب الشيوعية من مفاهيم القرن التاسع عشر عن الصراع الطبقي التناحري؟! الم تنسف التطورات في تركيبة الطبقة العاملة كل المفاهيم العتيقة عن البروليتاريا المسحوقة؟! طبعا انا لا اتحدث عن واقع العمالة في الشرق حيث نجد بقايا للعبودية أيضا.
لم يعد العامل هو ذلك العامل المعدم، الخاضع لاستبداد المشغّلين. نحن أمام عامل من نوع آخر.. هنا لا بد من التنويه ان احتياجات العمال للعمل نشأ مقابلها احتياج صاحب المصنع (الرأسمالي) للعمال المهنيين.. أي بات هناك نوع من التوازن بين الاحتياجات المختلفة، احتياج العامل للعمل واحتياج الرأسمالي للعامل بنفس القدر.. لذا نجد ان الأجور بدأت تقفز.. الواقع المعيشي والاجتماعي للعمال بدا يتطور. الطبقة العاملة لم تعد مجرد بروليتاريا معدمة.
قصور الماركسيين يتّضح بقوة متراكمة ومتضاعفة يوما بعد يوم، لم يفقهوا المعنى الفعلي لدور العلم والتكنولوجيا في تغيير مضامين المجتمع الرأسمالي. في فترةٍ ما رأى الماركسيين ان التطور التكنولوجي سيولّد أزمة بطالة حيث تحلّ الماكينة الحديثة مكان العامل. لم يروا ان الماكينة الحديثة تعني مضاعفة الثروة الوطنية وليس ثروة الرأسمالي فقط، وتعني رفع مستوى الحياة لدرجة وصول مجتمعات رأسمالية كثيرة إلى مستوى من الرفاهية الاجتماعية ومن الحريات الديمقراطية التي لم يكن لها انعكاس موازي في النظام الاشتراكي. وان التغيير لم يكن بفصل العمال بل بالطلب على عامل تقني، لذا تطورت العلوم، تغيرت التركيبة العمالية، اصبح العامل مهنيا ، تكنوقراطي، خبيرا، مهندسا ، محاسبا، طبيبا ، مدير بنك، رئيس بلدية، وزير وانعكس التطور على ظهور اوساط عمالية لا تختلف بمستوى حياتها عن الوسط البرجوازي. وما زلنا نطلق عليهم تعبير بروليتاريا (عمال مسحوقين). إذن سقوط النظام الاشتراكي لم يكن صدفة، بل إفلاسا لكل أسلوب إنتاجه وتوزيع ثروته.. وعجزه عن فهم عمق التحولات الاجتماعية والاقتصادية الجارية في المجتمعات الرأسمالية، لدرجة لم يعد من الممكن تحليلها بناء على الفكر الاقتصادي الذي ساد عصر كارل ماركس.
المعنى ان النظام الرأسمالي عزّز سطوته الاقتصادية والاجتماعية بوصفه نظاما أكثر تأهيلا لإدارة المجتمع وتطويره لمصلحة عماله أيضا!!
من المضحك استمرار التمسُّك بصيغة الصراع الطبقي البلهاء في زمن لم يشهد أي صراع طبقي إطلاقا.

تصدع التنظيمات الشيوعية تعبير عن واقع فاسد ومأزوم

بدأت حياتي العملية طالبا في المعهد التكنولوجي – التخنيون (مقره في حيفا) لدراسة موضوع الهندسة الميكانيكية، بسبب مشاكل الاقامة الجبرية التي ضيقت علي العمل والتعليم في حيفا، تقدمت بطلب للحزب الشيوعي الذي كان يوزع عشرات المنح الدراسية كل سنة للدراسة في الدول الاشتراكية، لمواصلة دراستي هناك، رغم احقيتي بالمنحة بسبب نشاطي السياسي الشيوعي، ومن بيت يعتبر مقرا حزبيا، ورغم اني مقيد بأوامر الاقامة الجبرية ومنع التنقل الا بتصريح عسكري بسبب نشاطي السياسي والثقافي، الا اني استثنيت وجرى اختيار طلاب خريجين جدد كل مؤهلاتهم انهم ابناء او أقرباء رفاق في هيئات حزبية عليا، طبعا غضبت وبشدة، ووالدي الشيوعي منذ تأسيس عصبة التحرر الوطني، الذي حول بيته الى مقر وقاعة اجتماعات لكل حادث طارئ ومخبأ وقت الضرورة للرفاق المطاردين، استشاط غضبا أيضا، الا ان رفيق وقائد بارز هو الرفيق غسان حبيب (سكرتير فرع الناصرة للحزب وقتها) انتبه لما سببه قرار استبعادي بهذا الشكل المهين، الذي عمليا تركني بدون أي امكانية لمواصلة دراستي في التخنيون لأن التصريح العسكري يلزمني ان اكون خارج حيفا بعد الخامسة مساء، ودراستي المسائية تبدأ بعد الخامسة. كنت مضطرا للعمل والدراسة مساء لعدم تمكن والدي من توفير أقساط الدراسة الجامعية، جاء غسان حبيب باقتراح مغر لشاب في جيلي وبعقليتي السياسية، وقناعتي ان الحزب هو بيتي وهو عالمي، ان استجيب لقرار الحزب الشيوعي بأن ارسل في بعثة لدراسة العلوم السياسية في الاتحاد السوفييتي لمدة سنتين قد تتجدد اذا رغبت بمواصلة دراستي في الجامعة ، وان استثنائي، كما شرح، من البعثة الطلابية لم يكن بالصدفة، مبررا ذلك بضرورة اعداد قيادات جديدة للحزب،مؤكدا أهمية عودتي لقيادة فرع الشبيبة الشيوعية في الناصرة، فارتكبت أول حماقة بحياتي،لأني لم افهم كيف تتدفق المياه داخل التنظيم الحزبي، ولم اقبل النصائح من اقرباء لي ومن قائد مركزي ( أيضا جرى ضده انقلاب مخجل فيما بعد) حذروني اني بذلك ادمر مستقبلي المهني والوظيفي. ربما لست نادما على ما اكتسبته ثقافيا وعقليا، لكن تبين لي ان كل التنظيم يدار بفساد وممارسات شخصانية تنعكس اليوم بكل سوادها ودمارها على ذلك الجسم السياسي الذي انحرف عن تاريخه ودوره بان يكون معيارا للنزاهة. حتى التثقيف الحزبي لم يعد ضمن برامج الحزب. الضحالة الفكرية والببغاوية الشعاراتية اصبحت هي الفكر السائد في اوساط الرفاق الشباب. هذه حالته بدأت منذ غياب قيادات الحزب التاريخية، أضحى الوضع اشبه بحارة "كل مين ايده اله" ..حتى حين كانت كل الشروط المناسبة قائمة أمامي للحصول على وظيفة معلم مهني، قرر رئيس بلدية شيوعي استبعادي واختيار قريب عائلة له بلا أي خبرة مهنية او ثقافية او تكنولوجية أو تربوية موازية لمعارفي ولو بنسبة ضئيلة. رغم ان اللجنة المخولة في موضوع اختيار المعلم الملائم، بما فيها ممثل وزارة العمل، ومدير المؤسسة التعليمية والشؤون الاجتماعية اعطوني المكانة الأولي من بين جميع المتقدمين، بسبب خبرتي في مجالات عديدة بدءا من المهنة التي ما زلت اقدم خبراتي الواسعة بها مجانا لمن يحتاجها، وصولا الى العلوم الاجتماعية والفلسفة ودورات في علم النفس الاجتماعي والصحافة وعلوم التقنية، درست سنتان هندسة ميكانيكيات، واكتسبت خبرة مهنية مميزة بدءا من مدير فحص جودة الانتاج، مدير عمل ، مدير انتاج ربما الأصغر سنا في اسرائيل حيث عمل تحت اشرافي مكتب هندسة من أكثر من 10 مهندسين، دون ان تكون لي أي شهادة مهنية مناسبة انما خبرة وتجربة تضاهي مهنيا وهندسيا واداريا افضل ما يمكن ان يعرفه الكثير من المهندسين.. وكنت قد اشرفت على تنفيذ مشروع ضخم في ايران في فترة الشاه ببناء مصنع كيماوي في شيراز وصهاريج ومحطة استقبال بحرية في المدينة الواقعة على شاطئ البحر الأحمر مقابل دولة الكويت بوشهر (تلفظ بوشير). كمدير مشروع كنت اعد خرائط العمل وأدير تنفيذ العمل، والحديث عن بناء مصنع على مساحة تزيد عن 20 دونما. احضروا لمساعدتي مهندس ايراني، كان بحاجة الى توجيه وشرح أكثر من المهنيين الذين جاءوا من اسرائيل، فقضى جل وقته في المكتب مكيف الهواء واستفدنا منه بان كانت له ضيعة غير بعيدة عن شيراز كان يستضيفنا بها كل اسبوعين تقريبا، طبعا يقدم تقاريره حسب ما نعد له، ويوقع لنا بما نعده له أيضا، المضحك كان انه لا يفقه طريقة اجراء حساب عدد الانشات الملحومة باللحام الكهربائي بالمواسير، مثلا بدل ان تكون ماسورة ال 4 انشات تساوي 4 انشات لحام، كان يقيس محيطها فنحصل بدل ال 4 انشات على 12 انش، والحديث عن الاف الانشات لكن لا احد يستوعب ما يجري. من المهم ان اشير أيضا الى معارفي الواسعة في التعامل مع الشباب بكوني كنت سكرتيرا للشبيبة الشيوعية بفترة ذهبية هي نتاج خبرتي ونشاطي وأنشأت تنظيم الطلاب في الناصرة الذي أصبح تنظيما لمنطقة الناصرة ثم تنظيما قطريا.
كلما اعود لهذه المرحلة وما جرى بعدها من اقصائي عن وظيفة معلم مهني كانت بالنسبة لي نوع من التحدي من اجل خلق جيل مهني اولا ومثقف بمعارف تكنولوجية وفنية ، الى جانب كون التعليم نوع من الرسالة الاجتماعية والانسانية، وما قد يوفره لي هذا العمل من وقت للتفرغ ايضا لنشاطي السياسي والثقافي – الابداعي، افهم ان استقامتي كانت انتحارا ذاتيا. للأسف تبين لي ان النزاهة ليست ضمن العقلية الحزبية التي سادت بعد غياب الجيل الطلائعي، وان الشخصانية والفساد يسودان هذا التنظيم وأضحى هو النهج السائد. لقد بدأت تتجمع في ذهني وعلى جلدي كل المسببات لترك هذا التنظيم ومراجعة نهجه الفكري والسياسي بعقل متحرر من الحزبية المدمرة للتفكير العقلاني. لكني تأخرت كثيرا في قراري الحاسم.. وها انا اليوم اعيد مراجعة الجانب الفكري والتنظيمي الذي قادهم الى التصدع والتشقق تنظيميا وفكريا واعلاميا وعلى المستوى الشخصي أيضا وللأسف تبدو الظاهرة شاملة لكل الحركات الشيوعية!!
كان واضحا لي ان الزمن السياسي للحزب الشيوعي يتناقص بسرعة وانه بحالة تصدع متقدمة جدا ويحتاج الى ترميم جذري، غير ان قيادة التنظيم مصابة بضمور فكري وتفتقد لفهم نظري اولي، تعيش بأوهام اليقين انهم باقون، وان الناخبين هم ضمانتهم. شيوعي قديم قال لي انه "حتى لو بصقنا بوجوه مصوتينا المضمونين ، لن يصوتوا في لحظة التحدي الا لنا". ربما هذه الجملة الغبية هي التعبير عن الواقع الفاسد والمأزوم ، وهي بداية الطريق لفقدان المكانة السياسية الطلائعية في مجتمعنا، وهذا ما حدث في انتخابات بلدية الناصرة حين هُزموا امام شخص اقام قائمته الانتخابية على وجه السرعة لأنهم حاولوا عزله بطريقة لا تليق بالتعامل بين الحلفاء.
ما زلت أذكر قول زعيم مرموق في ندوة حضرتها "نحن حزب ماركسي لينيني نؤمن بالصراع الطبقي وانتصار البروليتاريا". حين حاولت ان اعقلن موقفه، بأن اشرح له ان حقائق التطور تناقض مقولته (الماركسية حسب ظنه) مبينا ان الصراع الطبقي كان مجرد فكرة لم تثبت نفسها منذ تحدث عنه ماركس في القرن التاسع عشر.. قاطعني بقول عنجهي "نحن لا ننزلق مثل نبيل عودة". فأيقنت ان تاريخهم انتهى وان فكرهم مصاب باولتسهايمر(مرض الخرف) لا شفاء منه!!

حان الوقت لطرح برنامج فكري يساري حديث

عندما انضم ابناء جيلي ، لمعسكر الفكر الماركسي. المتمثل اساساً بأحزابه الشيوعية، كنا نتفجر بالطاقات الفكرية والنضالية، والثقة التي لا تتزعزع بصحة نهجنا ، بأننا قادرون، رغم ضعفنا الواضح في مناطق ما من العالم، على تحقيق ما كان يبدو مستحيلاً ، بالانتصار على الاعداء الطبقيين ، والانضمام الى العالم الحضاري المتنور ، عالم العدالة الاجتماعية والحرية البعيد عن الاستغلال ، الا وهو العالم الاشتراكي . كنا مؤمنين بنهجنا، متعصبين له بشكل مطلق، ولكن اتضح فيما بعد ان ما كان يبدو قريب التحقيق ، أصبح مستحيلاً وأقرب الى معجزات السيد المسيح. كنا قد تجاوزنا جيل الحماسة والاندفاع ، بدأنا ننظر للقضايا الفكرية والاجتماعية بمنظار فكري موضوعي غير متزمت لنظريات لم تثبت صحتها، بدأت مرحلة غياب الدور الرائد للأحزاب الشيوعية، تحولها الى تنظيمات للثرثرة والتخبط الفكري ، عاجزة عن النهوض بمهامها النضالية، عاجزة حتى عن فهم التحولات الثورية الجارية فنراها تتخبط شمالا ويمينا.
إن عدم قدرة الأحزاب الشيوعية الفكرية ، عدم رغبتها وربما خوفها ، من اعادة تقييم المرحلة التاريخية لتجربتها ، هو من دلائل مواصلة الانهيار في البنى التنظيمية للأحزاب الشيوعية ، وفقدانها لطليعتها الفكرية والتنظيمية في مجتمعاتها، عجزها عن صياغة مشروعها الاشتراكي الجديد ، في ظروف عصر ما بعد رأسمالية القرن التاسع عشر!!
لا أعني ان كل التجربة سلبية بل هناك انجازات عظيمة في مجالات ومستويات مختلفة ، خاصة الدور الذي قام به جيل الطلائعيين ، وجرأتهم في طرح الأفكار الثورية والنشاط الخلاق ، وقدرتهم على التثقيف الفكري للكوادر ولأوساط اجتماعية واسعة .
هل من الطبيعي ان لا تجري محاولات لإعادة صياغة فكرية برؤية جديدة ، بالتخلص من شوائب الماضي؟! هل بلغ التحجر في هذه الأحزاب ، لدرجة يبدو أنها لم تستوعب التحولات التي عصفت بعالمنا منذ سقوط الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي وحتى اليوم!!
بدون عملية نقد شاملة للتجربة يكل تفرعاتها ستبقى الأحزاب الشيوعية منغلقة على ذاتها وعاجزة عن إعادة صياغة برنامجها الفكري والسياسي في الظروف التاريخية الجديدة .
[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: الفاعل والفعل والمفعول به!!
- رجل القانون.. وحملة التبرعات!!
- ساعات يوم الحساب
- يوميات نصراوي: تجربتي في الحركة الشيوعية
- فلسفة مبسطة: اطلالة على فلسفة سبينوزا
- شر التعددية في مجتمعات يسودها فكر اثني وطائفي
- الببغاوات
- مزامير
- من أجل ثقافة بلا سلاطين..!!
- جماعة -ميري كريسماس- أحيوا العروبة ثقافة وانتماء
- اناشيد لا تموت..!!
- -الاستجابة الشرطية- في تفكير مالك قبطي وأصحابه
- الوجه الطفولي الأجرد...
- يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة.. ايام مع سالم جبران - 3
- يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة ... أيام مع سالم جبران -2
- حتى المسيح عانى من العنصريين البيض
- يوميات نصراوي: ذاكرة مبعثرة - ايام مع سالم جبران
- بحث توثيقي للباحث نادر زعبي*: حكاية.. أرض وصمود!!
- انتصارات جبهوية: او فرحة الخائبين
- القصة القصيرة بين التنظير والابداع


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نبيل عودة - تجربتي في الحركة الشيوعية – 2