أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الصوت والصدى وأنحياز المشاعر.














المزيد.....

الصوت والصدى وأنحياز المشاعر.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5300 - 2016 / 9 / 30 - 11:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الصوت والصدى وأنحياز المشاعر.

في افتتاحية عام واحد وستون للهجرة حطت رحال قافلة غريبة قادمة أرض مكة تحمل معها مشروع خلاص كما حملت مكة من قبل أصل المشروع وجوهره، ليقول صاحب الموكب القادم أن الحياة تجربة كبيرة لا بد لها أن تخضع في كل مرة للنقد، وأن نعود مع كل أنحراف إلى تلك الجادة التي رسمها الخالق لتكون حياة الإنسان مسيرة متواصلة على خط بياني مميز وصولا إلى الفوز التام بما في الحياة من معان وقيم ووظائف، في كل خطوة نحو هذا السبيل كان هناك ثمن يدفعه السائرون دون النظر للفداحة الذاتية بقدر ما يمكن أن يصحح من مسارات التاريخ.
هكذا نزل الحسين أرض كربلاء ليس غريبا عنها ولا مستغربا لحاله فيها، ولو قلنا هذا متعمدين الدلالة نكون قد ظلمنا الحسين وظلمن أصل القضية، التاريخ بمفرداته الوثائقية والحية يشير إلى هذه البقعة على أنها "كرب إيل" أو كربلة بمعنى مسجد الله أو حرم الله، بلغة سومر وأكد وبابل فهي جزء من تراث الحسين قبل أن تكون مصادفة حكمتها الوقائع وأختارها عامل جغرافية الطريق، إن هذا النبي أولى بإبراهيم والذين معه هذه الأولوية لم تأت أعتباطا ولم تكن مجرد خطاب ترضية له إنها أمتداد لفكرة إبراهيم وفكرة الخروج من سنة الأكثرية نحو سنة الحق ومنهجه مع تحمل فضاعة وغلاء الثمن سواء في النار والتحريق أو في القتل والتغريب.
لا الحسين غريب عن كربلاء ولا كربلاء غريبة عن الإصلاح فكلاهما عنوان أساسي في مسيرة حفظ الكلمة التي ابتدأت من آدم ورددها كل الرسل والأنبياء، كلمة الإصلاح والنجاة والفوز الأبدي في مقارعة جند الشيطان وأحزابه وتكتلاته سواء الواعية منها أو التي تسوقها المنايا والمنى والأحلام سريعة التبخر مع أول خيط من نور الشمس، لم يكن الحسين غريبا بمعنى أنه فقد السند والمستند الذي جاء من أجله ولم يكن ضالا للطريق فوقع في غربة مكان كان وقعه شديدا مؤلما عليه وعلى أصحابه، كان الحسين ع يدرك أنه يمضي على هدى من ربه ومن يمشي على الهدى إنما يختار حرا ولم يخضع للقدر المجهول، فلا غربة ولا غرابة في أن يكون الحسين في وطن يعرف أنه سيكون منارة للحرية أو يرجع وقد أشعل بركان الحرية في أمة تكاد أن تموت من كثر السم التي أحقن في جسدها الشاب اليافع.
لقد كان الحسين صوت الإصلاح والعَلَم الذي رفعه القدر ولأن تكون كربلاء محل الصدى الذي لا ينقطع مرددا مقولة (لقد جعلها الشيطان لنا خيارا وجوديا بين السلة والذلة)، هذا الخيار المعروض علينا لليوم ومفروض بقوة القهر والظلم لا يتحقق فيه الفوز إلا بالأنتماء للصوت والأستجابة لسماع الصدى، من موطنه الأصلي ليكون لنا المنبه الذي يوقظنا من غفلة الزمن كلما أنحرف الطريق عن مساره، أو أنحرفت المسيرة الإنسانية الحاملة لجوهرية الحق والإصلاح عن الطريق المعبد، السؤال هل نحن جميعا مهيئين بالقوة لأن نسمع ذلك الصوت الهادئ في نبرته والهادر في أثره وترددات الصدى؟، الوقائع تقول لا والحقيقة الكاملة تقول نعم، وبين الــ(لا) وبين الـ (نعم) تاهت قوافل المحبين تتلمس طرقا فرعية وحافات طريق متربة وكأني بالطريق يقول دع عنك دروب تريد ركوبها وأخلع رداءك وهذا الطريق معبد.
مشكلة الإنسان الأزلية يسمه دائما لصوت الذات الداخلي أكثر مما يسمع لصوت الأخر حتى لو كان هذا الصوت ينال قبوله العقلي، لكنه يفضل أن يسمع ما يراه مناسبا لنداء النفس، هكذا ضيعنا صوت الحسين وضيعنا جمال الصدى الذي تردده جدران الزمن من حولنا أن الحسين سفينة نجاة، هل هذا يكفي كمبرر لأن نطيع النفس أكثر لأنها تهوى السهل والميسر وصوت الحسين أمر صعب تحمله كمسئولية أخلاقية أضافة لمسئوليته الإنسانية، هنا أبتكر البعض حلا وسطا يلائم بين الرغبة في دفع الذات لتبني مشروعية الإصلاح متناغما مع حق النفس في التغني بالسلامة فلجأ إلى المزج بين النقيضين في ظاهرة غريبة هي ظاهرة أن نحمل من الحسين الوجه المأساوي الذي أنتهت به رحلته إلى كربلاء مع رغبة غير معلنة بتجاوز حالة الأستفداء والتعالي عن حب الحياة من أجل البقاء، فصرنا بهذه وتلك مجرد أصوات فارغة لا تنبئ عن ميلاد زلزال يهدد عروش الظالمين وأكتفينا بالدموع والآهات المصطنعة لنبرر لأنفسنا أننا سمعنا واعية الحية ونحن نمثل اليوم دور الناعية، فلا واعية دفعتنا للتخلص ن الذلة ولا الناعية نجحت في جرنا إلى وسط الصراط المستقيم.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن والحسين الرمز والقضية. إستيعاب أم أستلاب
- موعد مجهول على أبواب مغلقة
- الدين ومستقبل البشرية.ح 1
- الدين ومستقبل البشرية.ح 2
- مزادات فكرية
- شوكولاتة بطعم النفط.
- مشاكل التأقلم مع الهوية الفردية والجمعية في الفكر الديني
- حديث سري جدا مع قطرات الندى
- أعترافات ملحد
- لماذا نتخوف من الغد
- متى تنتهي جدلية الدين والدنيا
- على نية الرحيل أحمل همي
- العراق وخيار السلام
- هل نحتاج اليوم الى عمل جبهوي نخبوي في القيادة والتخطيط لرسم ...
- هيت لك ....... كلمات على وزن الشعر
- المدرسة العقلانية التجريبية ودورها في كشف ماهية المعرفة
- رحيل شاعر البلاط ...... من مأتم الشعر
- توظيف علاقة القيمة الدينية في الأقتصاد المجتمعي.
- تداعيات الانهيار ومرحلة ما بعد السقوط
- القيامة والنار وعبيد الصنم


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - الصوت والصدى وأنحياز المشاعر.