صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 5294 - 2016 / 9 / 24 - 02:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيرون هم الذين لاموا المستشارة الألمانية ميركل على موقفها اتجاه اللاجئين السوريين حين قررت استقبالهم في ألمانيا ، وكثيرون هم الذين يلقون اللوم اليوم على الديمقراطيات الغربية بسبب هامش الحرية الذي تمنحه للمسلمين ليعيشوا كما يريدون هناك ، و التي تعتبر برأي هؤلاء؛ خيارات ستنتهي بكوارث على تلك الديمقراطيات لكون المسلمين وكما يرون سيستغلونها فقط للتخريب والتدمير في تلك المجتمعات ، وعليه تعلوا صيحات هؤلاء للتنديد و التحذير للتنبيه لهذه الخطوات الكارثية ، و عموما ومع اتفاقنا المبدئي مع هذا الرأي من حيث المقصود ، فالسياسة التي تنتهجها الدول الغربية اليوم اتجاه المسلمين و السماح لهم بترويج أفكارهم المتطرفة لن تكون سوى نقمة على تلك المجتمعات ، يبقى السؤال الأهم بنظري هو : وهل يدرك من يتهم الديمقراطيات الغربية بذلك الكلام لماذا تفعل تلك الديمقراطيات ذلك ، فهل هو غباء من الغرب أن يتسامح مع المسلمين رغم كل الأذى الصادر عنهم ، أو هناك أمور أكثر تعقيدا تحكم الأمر ؟ .
بالنسبة لهذا السؤال فالجواب بالطبع هو : ليسوا أغبياء ، و لكن يجب إدراك بضعت أمور أولا حول الأمر ، فمما يغيب عن من يطرحون هذا الطرح عن تساهل الغرب مع تطرف المسلمين ، هو أن تلك البلاد في الأصل بلاد ديمقراطية ، و عليه ففكرة الذهاب نحو القمع ليست من خياراتها الأولية كما الامر لدينا ،ـ الشيء الثاني أنها بلاد لديها فوبيا من السياسات الفاشية ومن السلوك الشمولي ، و عليه فالغرب الديمقراطي بالعموم لديه سياسة انفتاح على الأخر من منطلق فكري ومصلحي ، وهو لن يتخلى عنها بسهولة ، فالغرب جرب الفاشية في عهد هتلر و موسيليني و هو لم يجني أي شيء منها سوى الخراب ، الشيء الآخر أن المجتمعات الغربية مجتمعات تدرك قيمة التنوع ، وعليه فهي ترعاه ، و أمريكا طبعا خير دليل ، فأمريكا بلد بناه المهاجرون ، وفي أمريكا لكل مهاجر الحرية في إبراز ثقافته وهويته في إطار وطني متلاحم هو الولايات المتحدة الأمريكية ، وطبعا نفس هذا الأمر نجده في أروبا ، فالديمقراطيات الأوربية تفتح الباب للمهاجرين و تسمح لهم بإبراز ثقافاتهم و أنماط عيشهم من اجل ان تزداد تراء وتنوع ، فالهندي يطرح ثقافته ، و الصيني يطرح ثقافته ، و الياباني و الافريقي و الكل يفعل بمنا فيها الأوربيين بينهم وبين أنفسهم ، وبهذا المنظور يغدو جو الحرية هذا وسيلة للثراء والتنوع ، ووسيلة لبناء حضارة إنسانية حقيقية يشترك فيها جميع البشر بأفكارهم ومعتقداتهم و إبداعاتهم ، وهو ما نراه متجسدا حاليا في الديمقراطيات الغربية حيث تجد شركات عمالها من كل الجنسيات ، وتجد في كل مدينة شارع لثقافة ما ، فهناك الحي الصيني ، و الحي الهندي ، و المكسيكي إلخ ، و كله في إطار من التعايش السلمي البناء ، و لكن المشكلة متى بدأت ؟ .
المشكلة طبعا بدأت مع دخول المسلمين على خط الهجرة للغرب و استغلالهم لهامش الحرية ذاك ، فالمسلم وخلافا للهندي او الصيني او حتى للمسلم غير المؤدلج ( مسلم بالاسم فقط ) لا يحمل أي فكر أو ثقافة أو نمط حياة يمكن أن نعتبره نمط حياة مختلف ، بل المسلم وللأسف هو كائن مؤدلج بأيدولوجيا إجرامية فاشية، هدفها الأول والأخير هو إخضاع العالم لسيطرتها ، و طبعا ومن هذا المنطلق و حين أتيحت مساحة الحرية للمسلم ، فهم لم يذهب ليستغلها للترويج لثقافته المحلية كما فعل الصينيون مع المطاعم الصينية ، و الهنود بمهرجانات الألوان ، و البرازيليون بنشر رقصاتهم الجميلة كالسامبا والسلسا الخ ، بل هو خرج بجهالاته المعروفة من الحجاب و النقاب و البوركيني ، عدى طبعا قصص إهانه المرأة و تكفير الآخرين ، و فتح المساجد لتفريخ الإرهاب و الشر ، وتقريبا يعتبر المسلمين الوحيدين الذين لم يقدموا أي شيء للمجتمعات التي سكنوا فيها ، فلا مظاهر ثقافة، ولا فن ، ولا ابداع أضافها المسلمون للمجتمعات الغربية ، وهو عموما البديهي ، فهم يكفرون المبدعين ، و يحرمون كل الأشكال الفنية و الموسيقية الخ و التي يمكن ان تكون إضافة للمجتمع الذي هم فيهم ، هذا عدى أنهم حتى وعلى مستوى الزي وهو ابسط شيء يمكن أن يجعلك مميزا في مجتمع أجنبي عليك ، فهم كانوا في منتهى الانحطاط ، فالزي الإسلامي لا يمكن تصنيفه لأي صنف من أصناف الموضة ، فهو مجرد أقمشة مهلهلة لتكفين النساء أحياء ، ولحى غير مهذبة للرجال كدليل على الانتماء الأيدلوجي ، وهو ما يجعله مجرد زي عنصري بغيض يشوه شكل المكان ، أكثر منه أنه يخدمه ، و من هنا نصل لمنبع الإشكالية التي تواجه الديمقراطيات الغربية ، فمشكل تسلل المتطرفين لغزو الجسد الغربي لم يكن أساسه الغباء الغربي الذي أتاح هامشا كبيرا للحرية ، فالحرية وكما شرحنا شيء ايجابي ومفيد للمجتمع ، و الانفتاح على الأخر هو أفضل ما يمكن لبلد أن يقوم به ، و لكن المشكل كان في المسلمين و المسلمين وحدهم ، فهم وحدهم الذين استغلوا هامش الحرية هذا للتخريب والتدمير ، وحاليا لا يوجد عدى الجالية المسلمة من تخلق الخراب في البلدان التي تقطنوها ، فهم حتى إذا لم يفجروا و يمارسوا الإرهاب ، وهذا يحصل كثيرا ، فهم ينقلون المرض الفتاك الذي يمرضهم لأفراد تلك المجتمعات ، و عدد الإرهابيين المنظمين لداعش من الغربيين خير دليل على هذا ، ما جعل الإنسانية كلها تعاني بسببهم ، ففي كل البلدان هناك قلق من هؤلاء المخبولين الذين يريدون تدمير العالم ، و بجولة واحدة في مطار من المطارات العالمية ستدرك الخراب الذي أحدثه هؤلاء ، فاليوم جل مطارات العالم صارت كالثكنات بسبب إرهاب المسلمين م ، عدى طبعا ما تعانيه البشرية من إرهاب هنا وهناك بسببهم ، وعلى هذا فحاليا وإذا كان لابد من لوم سيوجه لأحد خوفا على الحضارة الإنسانية المتجسدة في الديمقراطيات الغربية من الزوال ، فيجب ان يوجه للمسلمين وحدهم ، وليس للحريات في الغرب ، فهذه الحرية و الانفتاح على الأخر هو مكسب إنساني لا يجب التراجع عنه ، و لكن ما يجب فعله فهو محاربة هذا الفيروس المسمى بالمسلمين ، فالقمع يجب أن يطالهم هم وحدهم ، و التضييق يجب أن لا يكون إلا عليهم حتى يعودوا لجادة الصواب ، و طبعا هنا يجب التنبيه ان ليس في هذا أي عنصرية ، لأنه حين نقول يجب التضييق على المسلم ، فليس هذا قمعا لعرق ما أو للون ، او لمعتقد مسالم له كل الحق في حرية الاعتقاد ، بل هو قمع لنوعية من الناس يجب محاربتها ، فكما نحن نحارب الإرهابيين و اللصوص و القتلة ، فيجب محاربة المسلمين من هذا المنطلق ، لأنهم عناصر فاسدة في هذا المجتمع ، أما غير المسلم من البلاد الإسلامية ، أو المسلم بالاسم فقط، وهو حال كثيرين ( ونقصد هنا ذلك الذي يعلي من انتماءه الوطني او الإنساني على انتماءه الديني ) فهو طبعا غير مشمول ، وهذا ما يحصل عموما حاليا ، لأنه مثلا اليوم في الغرب نحن نجد من يوصفون بـ "المسلمين " وهم ناجحين هناك، ويقدمون أضافات ولو كانت بسيطة للبلاد التي هم فيها ، على غرار مثلا المطاعم العربية في العالم ، ففي أوربا هناك مطاعم معروفة كالمطعم الشامي و المصري والمغاربي الخ ، وهناك بعض الإضافات الفنية كالرقص الشرقي ، او موسيقى الراي الجزائرية تضاف للرصيد الفني الإبداعي للعالم ، وهي أمور جميلة ومفيده ، ولكن طبعا و كما نلاحظ هنا فتلك المظاهر الحضارية جميعها لم تنطلق من منطلق نشر الدين ، بل كانت مظهرا من مظاهر نشر الثقافة المحلية ، وعليه فلا يجب التصور أن قمع المسلم يعني قمع المواطن الشرق اوسطي ، أو الشمالي أفريقي الخ ، ولكن القصد منه هو قمع ذلك الحامل للوباء ، فهذا الوباء أساسا هو من فتك بدول المهاجرين ، فالسوري الهارب إلى ألمانيا مثلا ، والذي يريد تطبيق شريعته هناك ، لم يذهب لألمانيا ويتشرد سوى لكون الإسلام الذي ينادي به خرب بلاده ، وعليه فلا يجب لفرد كهذا أن يحضى بالحرية ، لأنه كالمجرمين ناشر للشر و الخراب ، فيكفي ما هناك من المآسي التي جرت في بلاد المسلمين من الإرهاب و الموت بسبب الإسلام ، لكي ينقل هذا الوباء لبلاد الحضارة الإنسانية ، ومن هنا فالنتيجة والخلاصة من هذا الكلام أن اللوم كل اللوم هو على المسلمين و المسلمين وحدهم ، فهؤلاء من يجب أن يدفع ثمن أفعالهم ، وليس أن نطالب بالتخلي عن الحرية و عن الانفتاح وتقبل الآخر من كل عرق ولون وسلوك ، فهذا الأمر هو ما يجعلنا بشرا متحضرين اليوم ، وبزواله تزول إنسانيتنا اذا فعلنا .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.