|
الديغلوسيا مرة أُخرى ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 5290 - 2016 / 9 / 20 - 13:50
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الديغلوسيا مرة أُخرى سأستعرض فيما يلي بعض الأبحاث التي تناولت موضوع الإشكالية في اللغة العربية وهي الحالة الديغلوسية ، والتي تؤثر على مستوى تحصيلات الطلاب العرب ، على المستوى البعيد ، وخاصة التحصيلات الأكاديمية "تشير نتائج البحث بمجمله على أن الجهاز الإدراكي لدى الانسان ثنائي اللغة والذي لغةُ أُمه هي العربية، يتعامل مع اللغة الفصحى بشكل مختلف عن اللغة العامية، لغته الأولى، ويتشابه التعامل مع (الفصحى) مع التعامل مع اللغة العبرية، لغته الثانية. بناء على هذه النتائج فالاستنتاج هو، ورغم الدمج بين اللغتين(العامية والفصحى)، فإن لهاتين اللغتين، مكان اللغة الأولى (العامية ) ومكانة اللغة الثانية (الفصحى)". ابراهيم، ر. (2010). هذا البحث بالإضافة الى بحث أبو ربيعة(2000)، يتم تعريف اللغة العربية على انها حالة ديغلوسية ، وذلك عندما تكون اللغة اليوميومية هي اللغة العامية، بينما اللغة المكتوبة هي اللغة الفصحى، وهما لغتان تختلفان عن بعضهما بشكل كبير . وهذه الحالة الديغلوسية للعربية تقف عائقا أمام اكتساب مهارات اكاديمية اساسية في العالم العربي ، على سبيل المثال (أياري،1996)، داخل (ابو ربيعة 2000). بينما ترى صايغ-حداد(2008)،بأن أحد مميزات الحالة الديغلوسية، بين اللغة المكتوبة واللغة المُتكلمة، في الفرق بين نطق اللغة العامية واللغة الفصحى. يتضح بأنه ليس الفرق بين اللغتين هو المميز للحالة الديغلوسية، بل على صعيد النطق أيضا، مما يؤدي الى اختلاف المعنى. فعلى سبيل المثال كلمة تيس بالفصحى تعني، ذكر الماعز، بينما المعنى الذي تحمله بالعامية ، هو غبي، ابراهيم، ر.(2010). وهكذا، فإن الديغلوسيا، هي حالة ينتج عنها فجوة بين اللغة المكتوبة والمعيارية وبين اللغة العامية . فرغسون (1957)، داخل، ابراهيم ،ر. (2010). ويقرر فرغسون بأن الحالة الديغلوسية في اللغة العربية مثيرة للإهتمام وتختلف جوهريا عن الحالة الديغلوسية في لغات أخرى، لان عملية تشكل اللهجات المحلية أختلفت من مكان لآخر، وتأثرت هذه العملية (تشكل اللهجات) من الثقافة المحلية للمجموعات السكانية في كل منطقة ومنطقة. ويؤكد فرغسون على ان عملية تشكل اللهجات قد تمت بشكل مستقل الواحد عن الاخرى ، بحيث نشأت فجوات كبيرة بين اللهجات العامية العربية وبين اللغة الفصحى ، لذا نجد في اللغة العربية العامية عدة لهجات تختلف عن بعضها البعض، بحيث لا يستطيع العربي المغربي (بلدان المغرب العربي) التفاهم مع عربي مشرقي(بلدان المشرق العربي)باللهجة العامية، لأن هذه اللهجات تأثرت كثيراً بالثقافات المحلية. مما نجم عن ذلك فجوة بين اللهجات العامية العربية، والعربية الفصحى المعيارية. الفجوة بين العامية والفصحى، تتمثل في الفرق بين نُطق بعض الحروف، مما يؤدي الى تغيير في المعنى. فحرف القاف يُنطق باللهجة العامية الفلسطينية في شمال البلاد على أنه "أ"، فكلمة قلم، ينطقها أهل الشمال ب"ألم"، بينما معنى "ألم" بالفصحى هو الوجع. مما يعني بأن الاختلاف في نطق الحروف قد يؤدي الى تغيير المعنى .وقد استعرضت صايغ –حداد(2008)، الفروق بين العامية والفصحى، وهي : في الفصحى هناك تشديد على نسبة العدد الى المنسوب اليه: سبعة أولاد ، سبع بنات، بينما في العامية لا يتم التشديد على نسبة العدد (سبع بنات ،سبع اولاد )، وتشدد الفصحى على الجنس "التذكير والتأنيث" ،"مفرد ،جمع، مذكر، مؤنث،" بينما في العامية (سبع بنات ،سبع اولاد )، وتشدد الفصحى على الزمن (ماضي، حاضر ومستقبل )، كما أن ترتيب الكلمات في الجملة يختلف بين الفصحى والعامية على سبيل المثال "ذهب الولد الى المدرسة " (فعل ،فاعل ، مجرور ، مفعول به وما شابه) بينما لا تتقيد العامية بترتيب الكلمات ولا بالقواعد الإعرابية، من "مفرد، مثنى وجمع" ، فعلى سبيل المثال ،ففي الفصحى "البنتان تلعبان" ،بينما في العامية "البنات بلعبو". كما ان الفصحى قابلة للاشتقاق بينما تستعين العامية بكلمات من اللغات الأخرى . لكل هذه الاسباب فإن صايغ –حداد(2008)، تزعم بأن هذه الحالة الديغلوسية أو الفجوة بين العامية والفصحى تؤثر سلبا على اكتساب المهارات الاساسية في القراءة والكتابة . هذا الوضع الديغلوسي ، أو الفجوات الكبيرة بين لغة الأم (العامية ) ولغة التدريس الفصحى المعيارية ، يترك اثرا سلبيا على اكتساب المهارات الاساسية في الكتابة والقراءة ، والتي هي الركيزة الاساسية للتحصيل المدرسي العلمي والأكاديمي.
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما في حدا بنام بِهَم عتيق ..!!
-
اللغة أم أبناؤها؟! تداعيات على مقالات الزميل صالح حماية ..
-
عالسريع ..!!
-
مسيحيو الشرق ؟؟!!
-
تركتها تموت ..
-
النحو والبيدوفيلية ..!!
-
العزيز جان برجاء الإطمئنان..
-
مُرتزقة الرياضة ..
-
مشهد صادم ..
-
هدية عيد الميلاد ..
-
مقال مكرر..
-
الدين هو الإنسان الذي يعتنقه ..
-
بِحُكم العادة ..
-
الملاذ الأخير لفتاة مضايا
-
سَمُّور وحَمُّور ..
-
كلمات في العيد ..دعوة للفرح
-
الصدمة ..
-
الامارات الفلسطينية المتحدة .
-
التَزَمُّت ..
-
الديخوتوميون-dichotomy
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|