أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - لماذا يضع الإرهابيون اللثام














المزيد.....


لماذا يضع الإرهابيون اللثام


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 5290 - 2016 / 9 / 20 - 09:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد تعود العرب الأوائل على وضع اللثام في حالة الرعي والحركة السريعة في الصحراء للحاق بعدو ما في حالة القتال ، إلا أن المقاتلين الصناديد كانوا يكشفون وجوههم للموت ، على عكس من يخشى الثأر كذلك يضعنه النساء المقاتلات ، ولدينا نماذج تأريخية من النساء مثل ( خولة بنت الأزور ) وغيرها . وهنا يُستخدم اللثام تحسباً من التعرف وقد يقي أيضاً من أتربة الصحراء وحرها ، ولا زالات هناك قبائل في المغرب العربي يضع رجالها اللثام دون النساء كقبيلة ( الطوارق ) لأسباب عرقية وتراثية وبيئية .
إن الكثير من الدراسات النفسية التي أجريت على الجنود المقاتلين الأمريكان وقوات الأمن قد أثبتت بأن وضع اللثام أو القناع يجعل الجندي أو رجل البوليس أكثر شراسة وقسوة وأكثر جموداً في تطبيق التعليمات وكأنه ( روبوت ) مشحون بها . ولكن لماذا يا ترى تلعب قطعة القماش الصغيرة هذه هذا الدور الخطير في تغيير وقولبة شخصية رجال الجيش والشرطة . والذي يحصل هنا هو أن مرتدي القناع يجب أن يخلع جلده الإنساني ليتحول إلى شخص لا ملامح له وغير معروف من قِبل الضحايا ، وهو في هذه الحالة يصبح مجهولاً لنفسه أيضاً ويتحول تلقائياً إلى سلاح أوتوماتيكي جاهز للإطلاق على الدوام ، وتسقط قيمه جميعها ما عدا غريزة حب البقاء ويبٍقى لديه ( البقاء للأقوى ) ومنطق القوة ، ويصبح بهذا رجل الأمن لا ماض له ولا مستقبل بل يقتصر وجوده على الحاضر والنقطة التي هو فيها ، ولا يعود يؤثر فيه ما قرأه أو درسه في السابق أو ما شاهده من مشاهد إنسانية ، بل يحيط به ظلام تام والنقطة المضيئة الوحيدة التي أمامه هي وجه عدوه .
إن وضع العازل والفاصل على وجوه هؤلاء يجعل هناك فاصلاً بينهم وبين الناس عامة وجميع أفراد المجتمع أو الجيش
المعادي أو المتظاهرين العزل ، ووضع اللثام يخلق للمقاتل الشرس نوع من الحماية الذاتية والتي تعطيه المناعة ضد الخوف وهو بهذا قوي بذاته لا بذوات الآخرين . إن الذي يحصل هو أن مشاعر هذا المقاتل قد تهبط إلى أدنى مستوى ولا يبقى لديه سوى عمليات حسابية لكم وماهية من يقف أمامه ويتحداه ، أين يتحرك وكيف ، وكيف سيواجهه ومبلغ القوة التي يحتاجها ، وهو بهذا يتحول كما ذكرت إلى ( روبوت ) إنساني من لحم ودم .
إن سبب وضع اللثام يعبر عن خوف المهاجم من ضحيته ومن التعرف عليه ، وخوفه أيضاً من تقابل وجهه الإنساني بوجوه أخرى قد تؤثر في إتخاذه لقراراته وقوة إندفاعه ، فوجوه الأطفال والنساء الخائفين عادة تعطي نسغاً إنسانياً ينتقل إلى وجه المقاتل ثم إلى قلبه وقد يتراجع أو يرحم ، فيقفل اللثام منافذ الرحمة ، ويصبح المقاتل أي واحد ولا أحد . إن الضحية لا ترى من المهاجم سوى عينيه وتقف قطعة اللثام هذه كحاجز أمام التواصل الإنساني . وقد توضع من قبل اللصوص والمجرمين فلا يتحرك أمامه سوى الهدف المادي المنشود والذي جاء اللص والمجرم من أجله .
إن الواعز الوحشي الغير إنساني موجود فينا جميعاً وللأسف ولكنه بدرجات متفاوته جداً ، فقد يكون بدرجة غير محسوسة لدى البعض ودرجة واضحة عند البعض الآخر ، ولأجل هذا تلعب عوامل عديدة ذاتية وموضوعية . وقد أجريت بعض الدراسات على جنود وطلاب أمريكان وأستُخدم في إحدى التجارب العلمية فريقين من الطلاب ، أحد الفريقين إرتدى لثام والثاني أخذ يلعب بدونه ، ووجد الباحث أن مرتدي اللثام هم أكثر قسوة وخشونة من الفريق الآخر والبعض منهم أخذ يحاول تعذيب الفريق الآخر حتى أخذ البعض منهم يصرخ مستنجداً أمام الكامرة لإخراجة من التجربة . إن وضع اللثام يعطي قوة مضافة للمواجهة ولكي يستنفر ويتضخم لديه الإيعاز بالهجوم فوق الحوافز الإنسانية . إن هذه العملية برمتها تحول الجنس الإنساني إلى جنس ثالث لا هو إنساني ولا هو حيواني ، بل بينهما ، والفرق هنا هو أن الحيوان يقتل ليأكل لا ليتلذذ بالقتل ، أما الإرهابي فهو يقتل لأجل الطاعة ولأجل إخضاع الآخرين لعقيدته أو مبدئه أو دينه ويحرك كل ما حوله وفق مقاييسه . إن هذا يشمل كل الحركات العنصرية في العالم والذي يستخدم أفرادها اللثام ، فكما هناك حركات عنصرية إسلامية دينية هناك أيضاً حركات عنصرية لجميع الأديان الأخرى يتراوح لثامها ما بين الأبيض والأسود والأحمر ، كما هناك أيضاً حركات عنصرية عرقية لسيادة الرجل الأبيض على ما عداه من الألوان ، وهناك أيضاً النازيون الجدد الذين يستخدمون شكلاً آخر من اللثام ، وكل أشكال اللثام وألوانه تصب في اللون الأسود والذي يُدخل مرتديه في بئر عميق مظلم ليغرق فيه بكل قيمه ويُسقط عنه جلده الإنساني ليعوضه باللثام الذي يخدر كل عصب إنساني فيه ويحوله إلى خشب متآكل .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيل الملاجيء
- لماذا لا يتخلص العرب المحدثون من سيف تأبط شراً .
- دور الإعلام العربي في تشكيل شخصية الفرد العربي ( 2 - 2 )
- دور الإعلام العربي في تشكيل شخصية الفرد العربي ( 1 - 2 )
- رسالة إلى الله من طفل محترق
- إزدياد ظاهرة العنف ضد المرأة بعد الربيع العربي
- هل يصبح التوحد ظاهرة عامة لدى الأطفال العرب
- حوارية عن الوطن والأدب
- ماذا تفعل أفلام ال Action العربية بالشباب العربي
- هل ينقلب الربيع العربي في العراق إلى خريف
- المرأة والعهر الإجتماعي والعهر السياسي
- حينما يفقد الفرد المسلم حسه الإنساني
- هل تعشق المرأة العربية واقعها أم خيالها
- طيور بلا أجنحة ( 3 )
- طيور بلا أجنحة ( 2 )
- طيور بلا أجنحة ( 1 )
- الفكر الذكوري في الفلم الأفغاني ( أُسامة ) .
- ماذا فعلتم بشباب العراق
- النرجسية والعرب
- البقاء للأقوى أم للأصلح لدى المسلمين


المزيد.....




- مصر: جدل بسبب تصريحات قديمة لوزير الأوقاف عن فتاوى الشيخ الس ...
- ماذا بقى من القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا بعد انسحابه ...
- محكمة روسية تدين مواطناً هولندياً بتهمة الاعتداء على ضابط شر ...
- كله إلا سارة.. نتنياهو ينتقد وسائل الإعلام دفاعًا عن زوجته: ...
- يورونيوز نقلا عن مصادر حكومية أذرية: صاروخ أرض جو روسي وراء ...
- إطلاق نار في مطار فينيكس خلال عيد الميلاد يسفر عن إصابة ثلاث ...
- إعادة فتح القنصلية التركية في حلب بعد 12 عاماً من الإغلاق
- بوتين: روسيا تسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
- ماذا تنتظر عمّان من الشرع و ترامب؟
- -يديعوت أحرونوت-: إسرائيل تهاجم اليمن بـ 25 طائرة مقاتلة


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - لماذا يضع الإرهابيون اللثام