أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (5)المَسَارُ التَّاريخِىُّ باتِّجاهِ -نُورمبيرج- و-طُوكيو-















المزيد.....

ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (5)المَسَارُ التَّاريخِىُّ باتِّجاهِ -نُورمبيرج- و-طُوكيو-


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1410 - 2005 / 12 / 25 - 11:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


(1) أشرنا ، فى ما تقدم ، إلى أن ما يبعث على القلق ليس تحفظ حكومة السودان على قرار مجلس الأمن بإحالة ملف دارفور إلى المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة بلاهاى (ICC) ، وإنما ارتباك خطابها بين الاعتراض على القرار وبين الرفض (للآى سى سى) نفسها. لمقاربة هذا الخلط لزمنا النظر ، كخلفيَّة لنشأة (الآى سى سى) ، فى التطوُّر الديموقراطى الهائل للعلاقات والقانون الدوليَّين باتجاه حقوق الأفراد والشعوب ، والذى أفرز الحاجة لقضاء جنائى دولى يطال الأشخاص الطبيعيين ، بصرف النظر عن مناصبهم ، على ما يرتكبون من أفعال تشكل أشد الجرائم خطورة فى موضع الاهتمام الدولى the most serious crimes of international concern. فى هذا الاطار عرضنا لمراكمة القواعد القانونيَّة الدوليَّة ، وما لقيته من دفعة سياسيَّة وفقهيَّة قويَّة بسبب جرائم العسكريَّة الألمانيَّة خلال الحرب الأولى ، وما فجَّرته الحرب الثانية بجرائمها التى هزَّت الضمير الانسانى ، ومشاعر الغضب العالمى التى دفعت إلى أعلى بالدعوة لتطبيق قواعد المسئوليَّة الجنائيَّة الدوليَّة الشخصيَّة ، وسيادة الشعور بأن الفشل فى تطبيقها ، هذه المرَّة ، سيكون سبباً للتشكيك فى قدرة القانون الدولى ، مِمَّا رفع من وتائر المناداة بملاحقة أولئك المتهمين ومحاكمتهم. فانعقد مؤتمر (سان جيمس بالاس لسنة 1942م) ، والذى أصدر ، حتى قبل أن تضع الحرب أوزارها ، إعلاناً بضرورة محاكمة من أمروا أو نفذوا أو شاركوا فى تلك الجرائم أمام عدالة جنائيَّة دوليَّة منظمة ، باعتبارها (جرائم احتلال) و(جرائم ضد الانسانيَّة) خارج مبرِّرات الضرورة الحربيَّة.
(2) تكمن أهمية ذلك الاعلان فى كونه أول وثيقة دوليَّة تشير (للجرائم ضد الانسانيَّة) بحق المدنيين ، وتعتمد (المسئوليَّة الجنائيَّة الدوليَّة للأشخاص الطبيعيين) ، وتقرن بين من أمر بالتنفيذ وبين من نفذ أو شارك فى التنفيذ (ضمن: ع. الفار ، 1995م ، ضمن أ. الرفاعى ، 2005م).
(3) ومع خواتيم الحرب الثانية أصدر ممثلو الحلفاء (إعلان موسكو ـMoscow Declaration فى 30/10/1943م) ، حيث حددوا نطاق المسئوليَّة الجنائيَّة للضباط الألمان وأعوانهم وأعضاء الحزب النازى عن جرائم تلك الحرب ، وقرروا إرسالهم ليحاكموا فى البلدان التى ارتكبت فيها بموجب قوانينها الوطنيَّة (س. عبد اللطيف ، 2000م ـ ع. حومد ، 1978م ـ ح. عبيد ، 1997م ، ضمن: أ. الرفاعى ، 2005م). أما من جرى تصنيفهم باعتبارهم (كبار مجرمى الحرب) ، مِمَّن تصعب نسبة جرائمهم إلى جغرافيا محدَّدة ، فقد ترك أمر محاكمتهم لقرار مشترك بين الحلفاء (Trials of War Criminals, 1951).
(4) بناءً على ذلك الإعلان جرت التشاور فى بوتسدام ، خلال الفترة من 17 يوليو إلى 2 أغسطس 1945م ، بين الحلفاء زائداً فرنسا ، حيث غلب الرأى القائل بوجوب تقديم (كبار المجرمين) لمحاكمات ناجزة وعادلة ، وعدم الاكتفاء بحلٍّ سياسىٍّ يعدهم مجرَّد (خارجين عن القانون) وفق ما اقترح البعض. وسرعان ما تبنى ذلك الرأى (مؤتمر لندن) الذى تلازم انعقاده ، وقتها ، بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى والمملكة المتحدة وإيرلندا الشماليَّة والحكومة الفرنسيَّة المؤقتة ، فأصدر فى 8/8/1945م اتفاقاً قضى بإنشاء محكمة عسكريَّة دوليَّة عليا لمحاكمة (كبار مجرمى الحرب) ، سواء بصفتهم الفرديَّة ، أو كأعضاء فى منظمات أو جماعات ، أو بالصفتين معاً ، وفق المادة/1 من الاتفاق.
(5) هكذا تأسَّست (محكمة نورمبرج) كأول محكمة جنائيَّة دوليَّة فى التاريخ. سوى أن اختصاصها اقتصر على محاكمة رؤساء وقادة وكبار مسئولى (دول المحور) فى أوربا. وكان أهم ما فى ذلك الاتفاق اعتماد (المسئوليَّة الجنائيَّة الدوليَّة الشخصيَّة) ، بما فى ذلك (المسئوليَّة الجنائيَّة لرؤساء الدول والقادة) ، ورفض (العذر المُحِل "المُعفى" بحجة أمر الآمِر) ، كالرئيس أو القائد الذى تجـب طاعـته (المصدر). وبعد أن صنفت الجرائم التى تقع ضمن اختصاص المحكمة (ضد السلام ـ ضد الانسانية ـ جرائم الحرب) ، نصت المادة/6 من نظامها على أنه "يُسأل الرؤساء (القادة) والموجهون والمنظمون والمحرضون المساهمون فى وضع وتنفيذ خطة أو مؤامرة لارتكاب إحدى الجرائم المذكورة أعلاه عن الأفعال المرتكبة بواسطة أى شخص تنفيذاً لهذه الخطة". كما نصت المادة/7 على "أن مراكز المتهمين الرسميَّة ، سواء كرؤساء دول أو كبار موظفين ، لا يُعتبر عذراً مُحِلاً (مُعفياً) ولا سبباً لتخفيف العقوبة".
(6) ولعل من أقوى الأسباب التى استند إليها إنشاء تلك المحكمة ، وعدم الاكتفاء بالمحاكم الوطنيَّة للحلفاء حسب قواعد الاختصاص المكانى:
أ/ أن الجرائم المنسوبة لأولئك المتهمين غير منصوص عليها فى القوانين الوطنيَّة لتلك الدول ، كما وأن مسئوليَّة الشريك فيها accomplice s liability يتعذر تقديرها ، وفق معايير المسئوليَّة الجنائيَّة الدوليَّة ، بمحض قواعد القانون الجنائى الداخلى.
ب/ أن البشريَّة أصبحت توَّاقة لولادة نظام جنائى دولى جديد يحل محل النظام التقليدى (م. ش. بسيونى ، 2001م ـ ضمن: أ. الرفاعى ، 2005م).
(7) وباقتراح من الولايات المتحدة أصدرت الجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة ، فى دورة انعقادها الأولى فى نوفمبر 1946م ، قراراً بالاجماع يقضى بتقنين مبادئ القانون الدولى المستخلصة من النظام الأساسى (لمحكمة نورمبرج) ، كما ومن حيثيات أحكامها. وعهدت الجمعيَّة العامَّة بذلك إلى اللجنة التحضيريَّة التى أنشأتها لتدوين وتطوير القانون الدولى بموجب المادة/13/أ من الميثاق. وجاء تقرير اللجنة الذى اعتمدته الجمعيَّة العامة فى دورة انعقادها الخامسة بقرارها رقم/95/1 بتاريخ 13/8/1950م متضمناً لسبعة مبادئ أساسيَّة هى: (المسئوليَّة الجنائيَّة الدوليَّة للفرد ـ عدم الاعتداد بحصانة رئيس الدولة أو أعضاء الحكومة بالنسبة للأعمال التى تشكل جرائم فى نظر القانون الجنائى الدولى ـ عدم جواز الدفع بأمر الرئيس أو القائد للاعفاء من المسئوليَّة ـ سيادة القانون الجنائى الدولى على القانون الداخلى ـ تعيين وتحديد الجرائم الدوليَّة ـ المحاكمة العادلة ـ الاشتراك فى الجريمة الدوليَّة).
(8) وعلى الرغم من أن (محكمة طوكيو) نشأت بنظام آخر لمحاكمة (كبار مجرمى الحرب) فى الشرق الأقصى ، إلا أنها لم تختلف جوهرياً عن (محكمة نورمبرج) ، لا من حيث الاختصاص ، ولا التهم ، ولا الاجراءات ، ولا المسئوليَّة الجنائيَّة الدوليَّة الشخصيَّة ، ولا المسئوليَّة الجنائيَّة لرؤساء الدول وقادتها ، ولا رفض العذر المُحِل (المُعفى) بحجة أمر الآمِر. الفرق الوحيد بينهما أن (نورمبرج) تأسَّست بموجب اتفاق دولى (إتفاق لندن 1945م) ، بينما تأسست (طوكيو) بموجب أمر خاص أصدره ، فى 19/6/1946م ، الجنرال دوكلس ماك آرثر ، القائد العام لقوات الحلفاء آنذاك. وقد نضيف أن (طوكيو) أوجدت تهماً وجرائم لم تناقش فى (نورمبرج) ، كجريمة (بدء عداء غير مشروع) و(مهاجمة بلدان بدون إنذار أو إعلان حرب).
(نواصل)



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (4) الحَرْبَانِ العَالَميّ ...
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ!
- وَمَا أَدْرَاكَ مَا الآىْ سِىْ سِىْ مِنْ حُقوقِ الدُّوَلِ إل ...
- السُّودَانْ والآىْ سِىْ سِىْ: بَيْنَ المَبْدَئِى وَالعَارِضْ ...
- القَابِليَّةُ للقَمْعْْ!
- الكِتَابَةُ: شِفَاءٌ أَمْ .. تَشَفِّى؟!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 66
- كَوَابيسُ السَّلام!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 4ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 5ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 3
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ - 2
- التَّجَمُّعْ: هَلْ يَنسَدلُ السِّتارُ؟
- وَسِيلَةٌ خَسِيسَةْ 1
- مَحْجُوبٌ .. الذَّهَبِىْ!
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ3ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 2ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 1ـ2
- جَنَازَةُ البَحْرْ!
- وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ 2ـ2


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (5)المَسَارُ التَّاريخِىُّ باتِّجاهِ -نُورمبيرج- و-طُوكيو-