ستار جبار سيبان
الحوار المتمدن-العدد: 5287 - 2016 / 9 / 17 - 09:42
المحور:
الادب والفن
حبة هيل ودمعه ...
في هذه الغرفة التي تعج باصوات المتحدثين باصواتهم الصاخبة والمنشزة ، وضحكاتهم الزائفه التي يطلقونها هنا وهناك بسبب وبلا سبب ، جعل من جلوسي على هذا الكرسي المنفرد عن الطقم الأخضر المطرز باللون الأسود ، غير مستقراً واتململ وأحرك بجسدي يمنة ويسرة وارفعه بين الفينة والاخرى ، كأن اشواكاً تنغرز في جوانبي ، تململي وحركاتي يبدو لاتثير اهتمام أياً من الحاضرين ، انهم يتغاضونها عن عمد ، وانا احاول ان الفت انتباههم بما اصابني من ملل وضجر ، ضحكاتهم البلهاء تمزق طبلة اذني ، لاشئ يدعوا للضحك ، ترك المجلس ومغادرة هذه الغرفة اللعينة غير ممكن ، لا ابواب ولا نوافذ ، الجدران فقط هي كل مايحيط بنا ، انها مرتفعة جداً ، ذات سقف عال ،
تتوسطه كوة تنفذ الى السماء ، تطل منها فتاة بوجه ابيض نوراني مائلاً الى الشقرة ، وعينين خضراوين وشفاه ممتلئة تثير الشهوة ، وهي تمضغ بين اسنانها حبة هيل ، عطرها ينفذ من الكوة الى داخل الغرفة الصاخبة ، فيملأ مسامات الهواء ويقطع لغط الحاضرين وضجيج الضحكات الناشزة ، ويسود صمت يقطع خيط التواصل معهم ، تدلي لي بسلّم من فضة ، تتخلله عشرين درجة من ذهب ابريز ، مرصع الجوانب بياقوت احمر وازرق وأخضر ، حتى يصل طرفه تحت قدمي ، تومئ لي بيد بيضاء يزينها خاتم ذهبي بفص حجر ازرق نيسابوري ، وخصلة من شعر مجعد اشقر تدلت سابحة في الهواء لامست اطرافها يدي ، لاعبتها بأطراف اصابعي ، ناعمة مدهونة بزيت الطيب فركتها اكثر من مرة فاحت منهارائحة البخور وعطر الهيل ، الصمت ودخان البخور اللذان حجبا رؤية الاخرين عني شجعاني على ان ارتقي اول درجة ذهبية من السلم الفضي ، المرصع الجوانب بالياقوت ، وهكذا توالى ارتقائي ، ويزداد عطر الهيل ، وبخور الخصلة الشقراء المجعدة ، حتى صرت قريبا من الكوة ولامست كفها ذي الخاتم الذهبي وتشابكت اصابعي بأصابعها وشفتي بشفتها ، واحسست بطعم الهيل ينفذ اليّ، وتندى مساماتي وتفوح منها رائحة الهيل ويقشعر بدني برداً ، تلفني بعبائتها ، تخبئ خصلتها تحت حجابها ، نجوب ازقة بعيدة وحدائق مخضرة ذات ازهار ورياحين ، نفترشها ، ننشر ذكريات وعتاب ودمعة سالت بخجل على خد مورد ، وكلمة وداع ، ورحلة الى القدر .
#ستار_جبار_سيبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟