|
الانتخابات الفلسطينية … التيار الثالث طريق الإصلاح والوحدة
اياد مسعود
الحوار المتمدن-العدد: 1409 - 2005 / 12 / 24 - 10:06
المحور:
القضية الفلسطينية
في الثالث من 16 كانون الأول (ديسمبــر) الجاري، تلقت اللجنة المركزية للانتخابات، المشرفة على انتخاب مجلس تشريعي جديد في 25/1/2006، طلبات تسجيل ثلاث لوائح انتخابية لأطراف تنتسب إلى «القوى الديمقراطية» في الساحة الفلسطينية. وقد سميت بـ «التيار الثالث» في مواجهة تياري فتح وحماس. اللائحة الأولى: ضمت تحالفاً رباعياً للجبهة الديمقراطية، وحزب الشعب، وعدد من المستقلين وفدا. اللائحة الثانية: ضمت الجبهة الشعبية منفردة. اللائحة الثالثة: ضمت مجموعة من المرشحين المستقلين ورجال الأعمال والمال بــرئاسة الدكتور مصطفى البــرغوثي. ترى، لماذا لم تأتلف هذه اللوائح الثلاث، في لائحة واحدة، وهي كلها تعلن انتماءها إلى اليسار أو التيار الديمقراطي؟ هل طرحت على هذه القوى مشاريع واقتراحات للوصول إلى ائتلاف واسع فيما بينها؟ ولماذا لم تأتلف الجبهتان الديمقراطية والشعبية ـ على سبيل المثال ـ؟ ولماذا لم تأتلف الجبهة الشعبية مع مصطفى البــرغوثي بعدما كانت أيدته في انتخابات الرئاسة؟ ولماذا اقتصر الائتلاف على الأطراف الأربعة (الديمقراطية ـ حزب الشعب ،فدا، المستقلين) ولم يشمل الطرفين الآخرين؟ هذه الأسئلة وغيرها، تجيب عليها وقائع المباحثات لبناء الائتلاف العريض، وأعمال اللجنة المستقلة التي قدمت مشاريع الائتلاف المتعددة. حفلت الصحف ووسائل الإعلام في اليومين الأخيرين بسلسلة من التصريحات والمواقف تناولت الأسباب التي حالت دون أن تأتلف أطراف «التيار الثالث» في لائحة موحدة في الانتخابات للمجلس التشريعي القادم. وقد عكست هذه التصريحات وجهات نظر أصحابها، مستغلة أن المشاورات والمباحثات دارت خلف الكواليس، للوصول إلى هذا الائتلاف الواسع لأطراف «التيار الثالث» ولم يتم الكشف عنها «بشكل رسمي» وبالتالي حاول كل طرف أن يرسم الصورة من زاويته الخاصة به. علماً أن المشاورات لبناء ائتلاف يضم القوى الديمقراطية وباقي أطراف «التيار الثالث» لم تنطلق عشية تقديم اللوائح الانتخابية إلى اللجنة المركزية للانتخابات في رام الله وغزة، بل على هامش جولة الحوار الفلسطيني في القاهرة في آذار (مارس) 2005. مبادرات الجبهة الديمقراطية.. فقد أدار وفد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين آنذاك، وبــرئاسة أمينها العام نايف حواتمه سلسلة حوارات مع الأطراف الفلسطينية المعنية ببناء «التيار الثالث»، للبحث معاً بضرورة وإمكانية تشكيل «ائتلاف واسع يضم كل أطراف هذا التيار وعدداً من الشخصيات الوطنية المستقلة». وقد توافقت الأطراف جميعها على مبدأ الائتلاف على أن يترك بحث التفاصيل للجهات المعنية في رام الله وغزة والخارج. وعندما اقترب موعد تقديم طلبات الترشيح ازدادت الاتصالات حرارة، وأخذت عجلة المشاورات تدور مسرعة للوصول إلى توافق. علماً أن البحث عن توافق يتطلب من حيث المبدأ الوصول إلى قواسم مشتركة، وليس أن يتمترس كل طرف عند رأيه ولا يتزحزح عنه. في هذا السياق جرت مشاورات خماسية ضمت إلى جانب الجبهة الديمقراطية كلاً من الجبهة الشعبية، وجبهة النضال، وحزب الشعب وفدا، على أن تستكمل بمشاورات مع شخصيات مستقلة تنضم إلى لائحة القوى الخمس. ثم تبين بعد سلسلة من الجولات أن إمكانية الوصول إلى توافق خماسي دونه صعوبات، بسبب من بعض التباينات السياسية، والاختلاف الواضح على ترتيب مقاعد المرشحين في اللائحة الائتلافية. فقد بــرزت نزعات العصبوية التنظيمية وغيرها من المظاهر المعيقة. حل محل المشاورات واللقاءات الخماسية سلسلة أخرى من اللقاءات الثنائية والثلاثية، على أمل الوصول إلى اتفاق يقدم القوى الديمقراطية في صيغة ائتلافية تمكنها من أن تشكل فعلاً «التيار الثالث» في المجلس التشريعي القادم، وبحيث يلعب «دور القوى الوازنة» في سير أعمال المجلس، وفتح باب التغيير أمام الحالة الفلسطينية. دعوة للتحالف الثنائي في هذا المجال دعت الجبهة الديمقراطية إلى تحالف ثنائي مع الجبهة الشعبية وزار وفد منها بــرئاسة الرفيق قيس عبد الكريم (أبو ليلى) عضو مكتبها السياسي، الرفيق أحمد سعدات الأمين العام للشعبية في مقر إقامته في أريحا، وبحث معه العناوين العريضة للائتلاف على أن تستكمل المشاورات مع قيادة الشعبية في رام الله وغزة. وقد اشترط سعدات أن «يترأس اللائحة الثنائية»، وأن يكون أبو ليلى في المقعد الثاني، وقد وافقت «الديمقراطية» من حيث المبدأ، «حرصاً منها على الوصول إلى اتفاق ثنائي يشكل أساساً لاتفاق أوسع مع باقي القوى والأطراف والشخصيات». غير أن المباحثات الثنائية بين الجبهتين لم تصل إلى نتائج إيجابية لأسباب عدة منها أن بعض الوفود الممثلة للشعبية «لم تكن تحمل تفويضاً بالبت بالاتفاق، وأن الشعبية غالت كثيراً في تقدير قوتها الأمر الذي انعكس على ترتيبها للمقاعد»، وافتقدت الاقتراحات التي قدمتها إلى «الحد الأدنى من التوازن الضروري لإنجاح الائتلاف الثنائي». ... مع المبادرة الوطنية كذلك دخلت الجبهة الديمقراطية في حوار مع مصطفى البــرغوثي، للوصول مع المبادرة الوطنية، وشخصيات مستقلة إلى لائحة ائتلافية، وكان من شروط البــرغوثي أن يترأس اللائحة، وأن تتبنى اللائحة بياناً سياسياً عاماً، «لا يدخل في التفاصيل البــرنامجية»، لأسباب تتعلق بالوضعية السياسية للبــرغوثي والوضعية السياسية «للمبادرة». كما اشترط البــرغوثي تقديم بعض المنتسبين إلى المبادرة ـ كمحمد دحمان من قطاع غزة ـ على أنهم مستقلون، «في محاولة للالتفاف على الاتفاق» الأمر الذي أوصل الحوار إلى طريق مسدود. كما من العوامل الأخرى، لعدم الوصول إلى اتفاق «الخلاف الذي نشب بين البــرغوثي من جهة، والدكتورة حنان عشراوي، من جهة أخرى، حول ترؤس اللائحة الائتلافية». "لجنة التوفيق والتحكيم المستقلة" من ناحية أخرى تبلورت لدى عدد من المستقلين المقربين من الجبهتين الديمقراطية والشعبية مبادرة للوصول بالقوى الديمقراطية إلى لائحة ائتلافية موحدة. فقد تشكلت لجنة من إبــراهيم دعيبس (القدس)، د. نصر عبد الكريم (رام الله)، د. نافع الحسن (جامعة بير زيت)، ومحمد قرش (القدس) حملت اسم «لجنة التوفيق والتحكيم المستقلة». نجحت في بلورة مبادرة من شقين: الشق الأول: اقتراح بلائحة موحدة تضم الديمقراطية والشعبية وحزب الشعب وفدا وجبهة النضال وشخصيات ديمقراطية مستقلة. وقالت اللجنة أن اقتراحها أخذ بالاعتبار «استطلاعات الرأي العام»، و«نتائج الانتخابات الرئاسية»، و«نتائج الانتخابات المحلية»، و«ما ذكره كل فصيل عن قوته الجماهيرية والتصويتية». كما رأت اللجنة أن اللائحة، وفق التشكيل الذي تقدمت به بإمكانها الحصول «على ما بين 12 ـ 14% من القاعدة الانتخابية إذا ما التزم الجميع وحسنت النوايا والفعل المشترك». كما رأت اللجنة أن بإمكان اللائحة الحصول على عشرة مقاعد في المجلس التشريعي القادم، واقترحت، في الإطار نفسه أن تتفق الفصائل على الترشيحات في الدوائر الفردية، بحيث لا يقع التنافس بين هذه الفصائل، وأن يعتبــر هذا الأمر جزءاً من اتفاق الائتلاف. وبذلك تتوقع اللجنة أن يرتفع تمثيل «الائتلاف» إلى 14 مقعداً بين قائمة نسبية ودوائر فردية. الشرط الأخير، الذي قدمته اللجنة أن يتم قبول الاقتراح، كما هو، أو يرفض، باعتباره غير قابل للتعديل. وبعد المداولات، رفض أكثر من طرف ـ من بينها الجبهة الشعبية ـ هذا الاقتراح بمجمله؛ بينما وافقت عليه الجبهة الديمقراطية: الشق الثاني من المبادرة اقتراح تقدمت به «لجنة التوفيق والتحكيم المستقلة» بترتيب قائمة ائتلافية بين الجبهتين الديمقراطية والشعبية. توزعت فيها المقاعد بين الجبهتين، وبحيث تضم شخصيات مستقلة تختارها الجبهتان وفق ترتيب معين. كما نص الاقتراح على توزيع المقاعد الفردية بين مرشحي الجبهة، وبحيث لا يقع تنافس بينهما. واشترطت اللجنة أن يؤخذ الاقتراح كاملاً أو أن يرفض كاملاً باعتباره غير قابل للتعديل. الديمقراطية: نعم. الشعبية: لا عرض الاقتراح على المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، ونوقش باستفاضة، ورغم تسجيل بعض الملاحظات عليه، إلا أنه في الختام نال الموافقة بإجماع أعضاء المكتب السياسي، بالمقابل سقط الاقتراح في المكتب السياسي للجبهة الشعبية. .. لهذه الأسباب وفي وقت لاحق، كشف سعدات الأسباب الحقيقية لرفض المكتب السياسي للجبهة الشعبية الاقتراح ـ المبادرة، من «لجنة التوفيق والتحكيم المستقلة»، حين قال لصحيفة «القدس» المقدسية (11/12/2005) «إن الجبهة الديمقراطية خاضت الانتخابات الرئاسية وتستطيع أن تقدر وزنها، ولكن نحن في الجبهة الشعبية لم نخض هذه الانتخابات مباشرة، واكتفينا أن ندعم الدكتور مصطفى البــرغوثي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة» وأضاف "لا خلافات سياسية مع الجبهة الديمقراطية". ويلتقي كلام سعدات مع كلام نسب إلى أعضاء في قيادة الجبهة الشعبية أكد أن الجبهة اتخذت في الأساس قراراً بخوض الانتخابات منفردة، وأن دخولها الحوارات والمشاورات، دخل في باب التكتيك، وليس استناداً إلى توجه استراتيجي. أما عن خلاف الجبهة الشعبية مع الدكتور البــرغوثي فقد أوضح سعدات في الحديث نفسه: «أن الجبهة (الشعبية) كانت قد توصلت إلى اتفاق مع «المبادرة» (الوطنية) حول رؤية سياسية مشتركة وبموجب ذلك دعمت الجبهة د. البــرغوثي في الانتخابات الرئاسية الماضية». وأضاف أن السبب الذي حال دون التوصل إلى اتفاق جديد مع البــرغوثي «هو أن د. البــرغوثي وفي كل اللقاءات والحوارات التي تمت معنا (..) كان يطالب بأن يكون على رأس القائمة الموحدة». وهذا هو السبب الفعلي، حيث اشترطت «الشعبية» أن يترأس اللائحة أمينها العام. «لجنة التوفيق والتحكيم المستقلة» أصيبت بخيبة أمل من مواقف بعض القوى الديمقراطية، فكتب احد أعضائها محمد قرش في «القدس» المقدسية يوم الخميس في 19/11/2005، منتقداً مواقف الأطراف التي عطلت الوصول إلى اتفاق. الائتلاف الرباعي (البديل) الفشل في الوصول إلى اتفاق خماسي، وثنائي، لم يؤثر في إصرار الجبهة الديمقراطية على ضرورة الائتلاف، فواصلت حوارها مع الأطراف المعنية إلى أن توصلت مع حزب الشعب الفلسطيني، وفدا، وعدد من المستقلين الوطنيين إلى اتفاق على لائحة ائتلافية حملت اسم «البديل» توزعت فيها المقاعد في اللائحة النسبية والترشيحات في الدوائر الفردية على الجميع بطريقة دلت على الحرص على إنجاح الائتلاف. وقد أوضح ممثلو «البديل» أن اللائحة ما زالت مفتوحة لاستقبال شركاء آخرين، لصالح توسيع الائتلاف وبناء «التيار الثالث» حامل لواء التغيير والإصلاح والسير بالعملية الكفاحية حتى الاستقلال والعودة.
#اياد_مسعود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرئيس الفلسطيني يصدر إعلانا دستوريا لتحديد آلية انتقال السل
...
-
عاجل | سرايا القدس-كتيبة طولكرم: مقاتلونا أطلقوا النار على ق
...
-
مبعوث ترامب لأوكرانيا.. مع إنهاء الحرب أم استمرار الدعم لكيي
...
-
فريق ترامب يوقع مذكرة تفاهم مع البيت الأبيض لنقل السلطة
-
هجمات وقنابل.. فريق ترامب يتعرض لـ-تهديدات مجهولة المصدر-
-
مصر تعلن عن التعاون مع قطر في -مشروع مهم للغاية-
-
مصادر في الاستخبارات الأمريكية: استخدام روسيا للنووي غير مرج
...
-
بايدن يستعد لتقديم مساعدات عسكرية بقيمة 725 مليون دولار لأوك
...
-
الحكم على كاتب جزائري بالسجن المؤقت بتهمة التخابر
-
وقف إطلاق النار في لبنان هو هدنة، وليس حلاً للشرق الأوسط
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|