أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - ذكريات العيد















المزيد.....


ذكريات العيد


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 5281 - 2016 / 9 / 11 - 09:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ذكرياتي العيد !!
رغم أن عيد الأضحى أو "عيد النحر" أو "العيد الكبير" كما يسمونه ، ما هو إلا مجرد سنة مؤكدة ، فإن المغاربة يتعلقون به أكثر من تعلقهم ببعض الفرائض كالصلاة والزكاة والحج ، ويحرصون مع حلوله ، على ممارسة طقوس وعادات اجتماعية ، تعد عملية اقتناء الأضحية ، مهما غلا سعرها ، من أهم مظاهرها ، التي تشكل هاجسا يقض مضجع الكثير من الفقراء ومحدودي الدخل ، الذين لا تستقيم فرحتهم دون الظفر بتلك الأضحية ، التي ليست ركنا من أركان الإسلام الخمسة ، ولا تجوز إلا على من استطاع إلها سبيلا، والتي لا يتنازلون عنها ، ويكلفون أنفسهم ما لا طاقة لهم به للحصول عليها ، إلى درجة أن غالبية المعوزين يلجؤون الى استدرار عطف المحسنين ، والجمعيات الخيرية عساهم يظفرون بها ، ويضطر العديد من الموظفين والحرفيين والمياومين من ذوي الدخل المحدود الى الاقتراض من المؤسسات البنكية بشروطها المجحفة ، أو ببيع أثاثات منازلهم ، لتوفير ثمنها .
وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه الغالبية العظمى في اقتناء كبش عيد الأضحى ، وما يترتب على تسديد أقساط القرض طول السنة من ضرر بوضعيتهم المالية ، وأحوالهم الاجتماعية ، فإن فرحة هذه المناسبة الدينية تنسيهم ، ولو الى حين ، ما كابدوه من معاناة الظفر بالأضحية وتطبيق سنة نحرها ، أكثر فرحهم بتطبيق باقي الفروض الواجبة ، ربما لارتباط مفهوم العيد بطقوس الفرض الخامس ( الحج) من سعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمرات ، وصعود عرفات ، ونحر للأضحية ، رمز العبادة ، والتقرب إلى الله ، والتقوى ، والصدقة ، وفعل الخير ، المرتبط بقصة خليل الله سيدنا إبراهيم عندما أمر بالتضحية بابنه إسماعيل ، الذي افتداه سبحانه وتعالى بخروف .
لاشك أن العادات والتقاليد الاجتماعية أثرت سلبا على مثل هذه المناسبات الروحية التي كانت ركنا أساسيا في تأصيل التراحم والعلاقات الاجتماعية التي حثنا عليها ديننا الحنيف ، وأن سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قال :"ليس منا من لم يهتم بأمور المسلمين"
قد تحولت من نسك ديني ومناسبة روحية إلى عادة اجتماعية ومناسبة للأكل بامتياز ، تحضر فيها أشهى أنواع المأكولات ، من محمر ، ومبخر ، ومشوي ، وكباب ، وبولفاف ، ودوّارة ، والطواجن مزينة بالفواكه الجافة البرقوق أو المشمش واللوز ، والكسكس بلحم الرأس ، والكثير من المأكولات المتبلة التي لا تحظر إلا في مثل هذه المناسبة ، التي لا يُتوقف فيها عن استهلاك لحم الأضحية ، التي غالبا ما يتم تقطيعها في ثاني أو ثالث أيام العيد إلى قطع صغيرة تكون كل قطعة كافية لوجبة غذائية شهية ، تلف في أكياس بلاستيكية يتم تخزينها داخل المجمدات ، دون التفكير بالتصدق ببعض لحمها على المساكين والفقراء كما نصت السنة المحمدية على اخراج جزء هام من لحم الأضحية للمحتاجين يصل إلى ثلثها..
وإذا ما بحثنا في سبب استهلاك معظم المغاربة لحم الاضحية بالكامل ، وعدم تصدقهم منها على الفقراء ، نجد أن الجانب الاقتصادي من أهم العوامل الدافعة لذلك ، أو لقناعة الكثيرين منهم بأنه لا يكاد يوجد بيت مغربي دون أضحية ، وإن وجد فغالبا ما يتضامن الأصدقاء والمعارف والجيران معه لشراء كبش العيد ، إضافة إلى تفطن الغالبية إلى أن معظم الذين يأخذون صدقة لحم العيد يعيدون بيعها من جديد بأثمان زهيدة وفي ظروف وأسواق لا تراعي أدنى شروط السلامة ، سواء أثناء جمعها أو أثناء عرضها للبيع ، لذلك يحجم غالبية المغاربة عن اخراج ما يتوجب من صدقة لحم الاضحية ويدفعها بعضهم نقدا .
أمام هذه السلوكيات الخاطئة ، ألا يجذر بنا الاعتراف بأن كثيراً من مشاكلنا الاقتصادية والصحية والبيئية ، مرتبطة في غالبيتها بعدم قدرتنا على تحوير هذه العادات الاجتماعية إلى سلوكيات صحيحة تلعب دوراً مهما يحد مما يمكن أن يترتب عنها من معانات ، ألا يحتم علينا هذا الوضع وغيره ، التفكير في استلهام بعض من التجارب الناجحة التي خاضتها بعض البلدان الإسلامية في هذا الشأن ، وعلى رأسها التجربة التي يتبناها إخواننا في مصر ، والمتمثلة في المشروع الحضارى ذي الأبعاد الاجتماعية الهادفة ، والقائمة على فكرة التعامل مع أضاحي العيد بطريقة توكيل وإنابة الجمعيات والمؤسسات الخيرية بموجب "صك الأضحية " للقيام بعملية شراء الأضحية والذبح، وتوزيعها بذات الوسيلة أيضا نيابة عن الموكل الذي يمكنه من توكيل غيره ليشتري أو يبيع له عقارا- والذي أجازته فتاوى مفتى الجمهورية لعدم مخالفته للشريعة والفقه الإسلامي -فكذلك يمكنه من توكيل غيره ليذبح الأضحية بدله ويوزعها.

التجربة التي لو طبقت عندنا بكل أمانة ، لتمكنا بفضل أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية من إطعام جياعنا على مدار السنة ، أو لخففنا من غلواء حاجة فقرائنا ، على الأقل ، ولحافظنا على بيئتنا مما يصيبها من تلوت وتشويه ، جراء السلوكيات الهجينة التي يتبناها السواد الأعظم من مواطنينا ، بما يسيلونه من دماء وما يلقون به في الشوارع والأزقة من مخلفات الأضاحي خلال العيد ، والتي تنشر الأوبئة الخطيرة بين الناس ، وتكلف الدولة الكثير من الجهد والمال ، إلى جانب اتلاف ثروتنا الحيوانية القليلة أصلا.
والذي اتمنى ان تنتبه إليه جمعياتنا الخيرية ، وعلى رأسها جمعية محمد السادس .... إلى مفعول هذه التجربة الناجحة التي خاضتها بعض البلدان الإسلامية وتتخذها نموذجا يحتذى به ، فتتكلف بجمع الذبائح المتصدق بلحومها ، وإيصالها إلى أبعد المناطق المغربية الأكثر فقرا وعوزا ، والتي تشكل اعياد الله ، ومناسبات الفرح الدينية والاجتماعية لدى ساكنتها وأهلها البؤساء المحتاجين ، كوابيس تثير الشجن ، وتبعث الأسى في النفوس ، وتجري الدموع انهارا على خدود الاطفال الحفاة العراة الذين يلسعهم الفقر والجوع والحرمان ..فيكرهون قدوم الأعياد ، ويستثقلون زيارتها في بيوتهم –عفوا أكواخهم وبراريكهم الصفيحية - ويتمنون لو لم تكن الأعياد ولم يكونوا على تلك الحال إبانها..
والى حلقة اخرى من ذكرياتي مع العيد الكبير .
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القطط يوم العيد
- العيد الكبير !!
- الحصانة البرلمانية!!
- المسألة أكبر من أن تكون شخصية!..
- الوائح الانتخابية للوجاهة أم على اساس الكفاءة ؟؟
- انفونزا فضائح الإسلامويين!!
- التوريث الإنتخابي !!
- انفلونزا الكراسي -4-
- قيمة الإنسان في احترامه للقانون !!
- كفانا فتنة ، فقد بلغ السيل الزبى!
- انفلونزا الكراسي -3-
- نفلونزا الكراسي-2-
- انفلونزا الكراسي!!
- المغربي لن يغفر لمن يتخلى عنه و ينحاز لقتلته !!
- متى نصل الى ثقافة الاستقالة...؟؟
- تداعيات انقلاب تركيا على السياسة المغربية !!
- متاهة الانتخابات المقبلة !!
- تداعيات النفايات الإيطالية !!
- الله يخلينا في صباغتنا!!
- أول مراحل المعرفة !!


المزيد.....




- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...
- المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - ذكريات العيد