|
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 1.
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 5280 - 2016 / 9 / 9 - 21:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف 1.
في مقابلة من المقابلات التلفزيونية للأستاذ الكبير حسنين هيكل، و التي كانت تجريها معه الإعلامية لميس الحديدي ( مصر أين ؟ .. و إلى أين ؟ ) يحكي الأستاذ هيكل عن قصة حوار جرى بين الزعيم التركي مصطفى كمال ، و بين مجموعة من أصدقاءه حال طرحه رغبته بضرورة إلغاء استعمال الحروف العربية في كتابة النصوص التركية ، حيث يروي الأستاذ حسنين ، أن أصدقاء مصطفى كمال استفسروا حول لماذا هذه الخطوة المستغربة منه ، وما هدفها ؟، فهل إلغاء اللغة العربية هي محاولة منه للقضاء على الديانة الإسلامية في تركيا مثلا ؟ ، أم هي محاولة لإبراز الهوية التركية المستقلة عن العرب فقط؟ ، و قد كان رد مصطفى كمال على هذا السؤال " أن الهدف ليس هو القضاء على الإسلام ، فالإسلام كديانة باقي وسيظل ، ولكن المهم بالنسبة له هو تحرير المسلم التركي من الفهم العربي للإسلام " فالمنطقة العربية و كما يرى مصطفى كمال منطقة موبوءة بأفكار وتصورات مدمرة ، سواء الطائفية منها أو الأصولية أو الإرهابية ، وكل هذا مدون و محفوظ باللغة العربية ، لهذا لتحرير تركيا من خرافات العرب المسلمين و أوهامهم للإنتقال بتركيا من التخلف للحداثة ، فيجب القيام بقطيعة مع هذه اللغة الملعونة ، وهو ما حدث فعلا ، حيث سارت تركيا في هذا النهج بطريقة منظمة، فقد ذهبت نحو حذف الأبجدية العربية من كتابة النصوص التركية ، وتم منع و تجريم رفع الأذان بالعربية ، وتم منع الصلاة بها كذلك بعد قيام تركيا بترجمة القرآن للتركية ، هذا بالإضافة إلى تنقية اللغة التركية من الكثير من المصطلحات العربية الخ ، و هو الأمر الذي و من نظرتنا له من زمننا الحالي ، فنحن نجده قد نجح وبشدة في بلوغ ما كان يريد ، فتركيا و بتلك السياسات المكافحة لتمدد نفوذ اللغة العربية ، استطاعت الخروج من مستنقع الجهل الشرق أوسطي قبل الدول المدعوة عربية جميعها، وهي حاليا تعتبر الدولة الشرق أوسطية الإسلامية الوحيدة التي كانت دولة وفية للحداثة و العصرنة ، باستثناء طبعا الفترة الحالية التي عاد فيها داعمو اللغة العربية للواجهة واستيلائهم على السلطة ، ونقصد هنا جماعة حزب العدالة و التنمية ، فهؤلاء الذين تربوا في رحم التيار الإسلامي المتشبع بالفهم العروبي للإسلام ، هم اليوم من يقود الدولة التركية نحو الخراب ، وهذا واضح طبعا مما يجري مع الدولة التركية حاليا من مشاكل في كل مكان لم تعرفها دولة أتاتورك .
وعلى هذا و بعد هذا السرد التاريخي ، فجلي جدا أن ما فكر فيه الزعيم الخالد مصطفى كمال كان صحيحا تماما ، فمن أجل إنتشال أي دولة إسلامية من مستنقع التخلف ، فأول خطوة يجب فعلها في هذا الإطار ، هو السعي لتحجيم دور اللغة العربية فيها، بل وربما حتى الوصول لحضرها ، لأنه مادام هناك لغة عربية متداولة ، ويتم إستعمالها ، فدائما هناك إحتمالية أن تنتقل لك الأوبئة العربية الإسلامية الفتاكة من إرهاب و أصولية وتطرف وطائفية وما شابه، حتى لو حاربتها ، وللتدليل على صحة هذا الكلام ، فيمكن الرجوع للتجربة الجزائرية كنموذج ، وهي التجربة النقيض لحالة تركيا ، فبالنسبة للجزائر وكما يعلم الجميع فهي قد كانت تحت الإحتلال الفرنسي لمدة طويلة ، وهو ما أدى إلى تغيير لغة أغلب الشعب هناك لتصبح فرنسية ،حتى عاد و قرر الرئيس الجزائري هواري بومدين أن يقوم بعملية تعريب للتعليم و الإدارة في البلاد هناك ( أي كسياسة نقيض لسياسة اتاتورك بالتتريك ) و إذا نظرنا اليوم لنتائج هذه السياسة التي بدأت في اسبعينات القران الماضي لتقييمها ، فيمكننا القول وبدلائل ملموسة أنها لم تكن سوى حالة من التخريب الممنهج للدولة الجزائرية ، فمما حصل بسبب سياسات التعريب أن جميع أمراض الشرق الأوسط المدمرة قد إنتقلت للجزائر و على رأسها الفكر الإخواني و السلفي الفتاكين ، و هذا طبعا لأن الرئيس بومدين إستقدم من الدول العربية الأخرى كمصر و العراق و فلسطين الكثير من المدرسين ليقوموا بتدريس الجزائريين العربية ، وهؤلاء هم من نشروا تلك الأفكار بين عامة المواطنين ، الشيء الثاني أن تغيير المناهج من دراسة أساطين الفكر و الفلسفة و الأدب في أوربا كهجيل و ديكارت و دايفيد هيوم ألخ و التي كان يدرسها الجزائري سابقا، إلى دراسة أساطين التخلف العربي الإسلامي كالمتنبي و أبو حسن الأشعري وإبن تيمية وما شابه ، أدى إلى إنهيار مستوى الثقافة لدى الجزائريين عموما ، فالمواطن لم يعد مثقف ثقافة عالمية ، بل صار مثقف ثقافة محلية بائسة لا تفيد بشيء ، عدى أنها ليست حتى ثقافته الوطنية ، بل هي ثقافة أمم أخرى بائسة ومتخلفة ، وككارثة مضافة لهذا فقد هذا الأمر إلى عزل الجزائر عن التواصل مع العالم المعاصر و للأسف ، فالجزائر التي كانت لديها جسور مع أوربا المتقدمة و الحديثة ، و التي كانت لتكون سبابا في تقدمها و ازدهارها، قد قطعت تلك الجسور ، وفضلت الارتباط بالبقعة الأتعس في تاريخ البشرية الحديث ، وهي منطقة الشرق الأوسط ، وطبعا لم يطل الأمر بالجزائر كثيرا حتى جنا المجتمع الجزائري ثمار هذه اللغة المسمومة ، فقد إنفجرت الأوضاع بعد سنوات قليلة من سياسة التعريب في حالة من الإرهاب المروع الذي كاد يفتك بالدولة الجزائرية ، وتحول الجزائريين من شعب تحرري و تقدمي في الستينات والسبعينات ، إلى شعب نصفه من المتطرفين و الإرهابيين ، ونصف الآخر يعاني ويلات الإرهاب و العنف ، وطبعا السبب في هذا واضح هنا ، فما جرى للجزائر هو و ببساطة ، أن هدم حاجز اللغة الذي كانت اللغة الفرنسية تلعبه إتجاه أوبئة الشرق الأوسط على طريق سياسة التعريب ، قد سمح لتلك الأوبئة للتسلل للجزائر ، وطبعا كانت النتيجة أن الجزائر عانت مباشرة من عوارض تلك الأمراض ، بل ولا تزال تعاني حتى اللحظة ، فما نراه يحصل اليوم أن هدم حاجز اللغة قد سمح بدخول أمرض لا يمكن حتى تصور أن توجد أساسا في الجزائر على غرار الطائفية بين السنة والشيعة ، فاليوم كثير من الجزائريين يتحدثون عن خطر الشيعة ، وضرورة محاربة الشيعة وضرورة التضييق عليهم بينما أساسا ، وعلى ارض الواقع فلا وجود لشيعة يمكن الحديث عنهم في الجزائر ، ولكن مع هذا أنت تجد مهلوسين و طائفيين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عن خطر الشيعة ، وطبعا كل هذا نتيجة لان الضخ القادم من المنطقة العربية هو ضخ طائفي ، فالجزائري وكأي مواطن ناطق بالعربية في العالم ، سيجد نفسه أمام قنوات عربية لا تبث سوى السموم ، في المقابل لو ظل ناطقا بالفرنسية أو الأمازيغية فهو سيكون محميا من كل تلك الأوهام و الخرافات ، وعليه فما نستخلصه من هذه التجارب هو أن اللغة العربية لا يجب أن تعامل كلغة فقط ، ، بل يجب أن تعامل كتحدي و خطر ، بل وكمشكلة تحتاج إلى حل ، و إذا أردنا الدقة في توصيفها فهي في الواقع حصان طروادة لولوج سموم الثقافة الإسلامية الموبوءة ، و حالة من حالات الخديعة للإنسان أن يتعلمها ، فالشعب الناطق بالعربية هو شعب فاقد بالضرورة للقدرة على حماية نفسه ، وهذا أمر يمكن لمسه بالنسبة للدول التي حاولت محاربة الإرهاب كالجزائر او سوريا ، فالدولة هناك تكافح في الإرهاب في الداخل ، ولكن في الخارج يبثون لها خطب التحريض ، وثقافة الإرهاب ، ولا حاجة هنا لذكر ما يتم أنفاقه من أموال لهدم بعض الدول عن طريق الضخ الإعلامي بالأفكار الظلامية، بحيث أنت و على حين غرة قد تفاجئ بمجتمعك وقد تحول من مجتمع مسالم ، إلى مجتمع من الغرهابيين و القتلة و أكلة الأكباد و القلوب ، وعليه فلمحاصرة هذا الوباء المتمثل في الثقافة الإسلامية التدميرية ، ومنع انتشارها بين الناس، فلا سبيل ناجع وسريع ، سوى محاربة تعليم العربية و استبدالها بأي شيء ولو كان اللهجات الدارجة ، فحين تحصل القطيعة مع هذه اللغة ويتم حرمان أباطرة ترويج الإرهاب و الكراهية من تلك الميزة للوصول لعقول الناس ، فحينها ستكون بداية النهضة الحقيقية، ومغادرة أتون التخلف المدعو الثقافة الإسلامية ... ( يتبع ) .
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البوركيني لإغاظة الفرنسيين لا أكثر .
-
إزدراء الأديان و الاستقلال عن دولة الإسلام .
-
التحرش كإفراز طبيعي للقيم المجتمعية الإسلامية .
-
الإسلام كمشكلة للعالم .
-
خرافة إسمها الشريعة الإسلامية .
-
عنصرية أوربية أم همجية إسلامية .
-
تربية المسلمين قبل تربية اللاجئين سيدة ميركل .
-
عن براءة الأزهر من سجن إسلام بحيري .
-
دولة بها مساجد، دولة في خطر.
-
تحويل المساجد لخمارات لحل مشكل الإرهاب .
-
رزيقة شريف ضحيتك يا وطني .
-
قلنا من البداية -لا تصالح- .
-
كيف يشيع الحجاب -البيدوفيليا- .
-
أوروبا و جزاء النجاشي .
-
المساجد كثكنات ، لا ك دور عبادة .
-
المفتي الذي سيغتال الجمهورية الجزائرية .
-
أردوغان: الإرهاب كسياسة للنهضة الاقتصادية .
-
الجزائر بين خياري الدولة الحديثة، أو الإمارة الإسلامية .
-
شكوك حول جدية الحرب على الإرهاب .
-
ماذا لو ألغينا التعليم في الجزائر ؟ .
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|