مع تدين رجل الاقتصاد, وليس تديين الاقتصاد !

حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر
(Hasan Atta Al Radee)

الحوار المتمدن-العدد: 5279 - 2016 / 9 / 8 - 14:27
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

مع تدين رجل الاقتصاد, وليس تديين الاقتصاد !
بقلم/ حسن عطا الرضيع
الباحث الاقتصادي_غزة
علمانية الاقتصاد : هي فصل مؤسسات وقضايا الدولة الاقتصادية والمالية عن السلطة الدينية وليس فصلها عن حياة المجتمع.
بهذا المعنى فما دام هناك تديين للسياسة هناك تديين الاقتصاد هناك من هو ضد تديين الاقتصاد ؛ ولكن هو مع تدين رجل المال والاقتصاد كما هناك من هو ضد تديين السياسة في حين يدعو إلى وجود تدين لرجل السياسة والدولة.
اقتصاد يا : ماذا يعني مصطلح تدين رجل الاقتصاد وعدم تديين الاقتصاد؟
أن يكون سلوك المستثمر والتاجر والمنتج سلوكا إنسانيا يُنصف الفقراء ويحمي مصالحهم ويقف في وجه الاحتكارات وتغول رأس المال.
كثيراً ما استمع لموظفين يبحثون بشغف على الحصول على قرض لتسهيل معاملاتها الحياتية وغالبا تلبية احتياجاتهم التي عجزوا عنها , يلجئون بذلك إلى المصارف الإسلامية عبر صيغ المرابحة والتي يعتقد الموظف أنها بعيدة عن شبهة الربا وأنها معاملة حلال خالصة, وهي ليست كذلك والقول لمن تم استغلالهم من قبل إدارة مجالس البنوك الخاصة , فالأصل في الربا (الفائدة) هي أي زيادة بأي طريقة على مبلغ الأصل وغالبا لا تقل عن 10% في معاملات المرابحة القائمة على أسس التجارة التي أحلها الله , والتي اعتبرها السيد المسيح بأنها شر لا بد منه, وأن التاجر نادراً ما يُرضي الرب, البنك هنا يعتبر نفسه مشترياً للسلعة ويبيعها بعقد أخر بيع دون امتلاكه للسلعة أصلا وخصوصا في قطاع غزة فهو لا يمتلك أبراج سكنية ولا شركات استيراد وتصنيع للأجهزة الكهربائية والمنزلية والسيارات والأثاث ومزارع المواشي ومكاتب الحج والعمرة وغيرها, ما يجب قوله أن الإنسان بطبيعته يرفض أن يكون مُستغلاُ كون الاستغلال وجد في مرحلة الرق والتي اعتبر الإنسان فيه سلعة رخيصة الثمن يباع ويُشترى ومنذ تلك الفترة بدأ استغلال بنى البشر ووجدت الفائدة على رأس المال والزمن.
لا قيمة للمال ما لم يحقق سعادة الآخرين وقمة السعادة وجود مجتمعاً بلا فائدة وإن وجدت تكون للقطاع المجتمعي وليس لاقتصاد الكسور العشرية, الأديان جاءت كثورة حقيقية ضد الظلم والاستبداد والاستغلال وكدعوة لتهذيب النفوس وللحث على منع الاستغلال والاحتكار , وبهذا المعنى فالتجارة وتعاطي المصارف للفائدة وبنسبة مرتفعة نسبياُ عبر صيغ محددة تقع ضمن تديين الاقتصاد , إذ يتم التلاعب واستغلال الوازع الديني والأخلاقي والحاجة للكثيرون وإقناعهم بأن معاملاتهم حلال خالص, ما يحتاجه الموظف الفقير وغيره من الشرائح المجتمعية لشراء شقة أو أجهزة كهربائية أو دفع قسط الأبناء في الجامعة هو تدين رجل الاقتصاد , أي أن يكون سلوكهم الاقتصادي إنساني دون ذلك تبقى تلك المعاملات مصدر إثراء غير مشروع .
من شواهد عدم تدين رجل الاقتصاد والتاجر: رفع رسوم الساعة الدراسية بواقع 10 دنانير في برامج ماجستير الجامعة الإسلامية وكذا رسوم البكالوريوس , معاملات المرابحة في المصارف , احتكارات بعض السلع الأساسية , شركات التأمين والصرافة وغيرها .
" جوعوا لأجل ثراء مناضلي الوطن".
" جوعوا بصمت، سافروا بصمت، ادفعوا الفاتورة بصمت ، تنازلوا عن حقكم بصمت، ناموا بصمت، التزموا بالقانون بصمت، ادفعوا الضرائب بصمت، كونوا خير ممول للحكومة بكل صمت ، كونوا مبتسمين بصمت، كونوا صامتين بكل صمت، كون جنوداً وخدماً بكل صمت ، كونوا مثالاً لعظماء الصمت , اصمتوا فالأموات وحدهم دون غيرهم لا يخطئون , اصمتوا فأنتم بلا خطيئة، اصمتوا فأنتم بلا جريمة, اصمتوا فأنتم الحامون دون غيركم للمشروع الوطني، اصمتوا فلولاكم لاجتاحت إسرائيل القاهرة ودمشق والرياض , اصمتوا فبكم حلم النصر والتمكين, اصمتوا لأجل حنين الوطن، اصمتوا لأجل كسر رؤوس أعداء الوطن, اصمتوا فالصمت كالكذب الحكومي ملح وشيبة الرجال، اصمتوا فصمتكم مصدر حيائنا وقوتنا ، اصمتوا لأنكم الأجمل والأنبل، اصمتوا وجوعوا لأجل ثراء حيتان الوطن, جوعوا لأجل امتلاك محبيكم لعدة ملايين من الدولارات ".
" للأغلبية الصامتة يمكن القول ".
للأغلبية الصامتة في الأراضي الفلسطينية المحتلة( حزب الكنبه الفلسطيني), في الانتخابات لا تكن صامتاً أو خائفاً أو مرتبكاً عند اختيار مرشيحك , أنت قد عشت وكنت ضحية لفترة حكم قاسية خلال عقدين ويزيد , فلا تعطي صوتك لمن سرقه مسبقا وسرق معه حلمك ورغيف خبزك وحقك بالسفر والتعليم والعلاج وبناء عش زوجي وشقة وفرصة عمل تعيد لك كرامتك الإنسانية التي باتت سلعة رائجة ومصدر ثراء وامتياز لأنجع مدراء هم الأكثر كفاءة في معرفة كيف يجب أن تؤكل ليس الكتف فحسب وإنما كيف يجب أن تُجرم وتُوزع ضمن آليات ومعايير تكون وفقا للأهواء وللنزوات الفردية , بصوتك الصامت خلال أعوام , سيبقى صامتاً لأنه لن يدخل معك أحد للصندوق, اجعل صمتك مزلزلاً عند ألقاء الورقة في الصندوق , حينما تقف أمام الصندوق تذكر أن لك زوجة تنتظر الحصول على بضع شواكل منك لشراء حاجيات المنزل, تذكر أن لك ابناً هو الآن بالثانوية العامة ويحلم بدراسة الطب في الخارج ولا تملك ثمن جواز السفر, تذكر أن لك ابناً خريج ويحمل شهادات عليا ولا زال أعزب وعاطل عن العمل ولا يمتلك سكن مناسب , تذكر أن لك ابنة تدرس بالجامعة وتحلم بالسفر واستكمال دراساتها العليا, تذكر أن لك أخ مريض بالكبد الوبائي ومنذ عام لم يستطع السفر لعدم توفر 2000 دولار يدفعها كتنسيق للعبور عبر بوابة رفح التي أهانت المرضى والجرحى والطلبة ليس لشى وإنما لوجود انقسام وشرخ فلسطيني, تذكر أن لك أخت تسكن بالإيجار وزوجها توفى بنوبة قلبية أثناء العمل بالسخرية مقابل أجر يومي لا يتعدى ثمن 100غرام من المعسل, تذكر أن ثمن الكيلو واط من الكهرباء 6 أغوارات وتكلفته لا تزيد عن 3 أغورات, تذكر أن ساعات وصل المياه أسبوعيا لا تزيد عن 8 ساعات وصل مع قطع الكهرباء , تذكر أنك تسكن بمنطقة لا تتوفر فيها عيادة للرعاية الصحية ومركز لمحو الأمية ومنتزه وحدائق آمنة للأطفال, ومكتبة عامة , تذكر أن سعر أنبوية الغاز تبلغ 20 دولار وتنخفض وترتفع بشكل دائم, تذكر أن عضو التشريعي في المنطقة التي تعيش فيها قد ضحك عليك وسرق صوتك وكل وعوداته كانت عبارة عن شعارات لا أكثر , تذكر أن حصولك على فرصة عمل ولأبنائك الخريجين يتوقف على انتماءك للحزب الحاكم , تذكر أن هناك شباب قادرين عن العمل وتخرجوا من الجامعة قد قدموا ارواحهم مجانا عبر الانتحار بسبب الفقر , تذكر أن هناك 3 أطفال حرقوا قبل عدة شهور بسبب حريق نجم عن الشمع , تذكر أن هناك المئات من المرضى بحاجة للسفر وللتحويلات للخارج يعانون من السفر بسبب التلاعب بالملف الصحي, تذكر أن أبو الشرور اقتحم كل بيت , تذكر أن نسبة كبيرة من الشباب والبنات يستمعون بشكل دائم لأغنية عوزا المصرية" اها لو لعبت يا زهر " والتي تحاكي وضع الأسر الفقيرة وكيف تحولت العلاقات لمادية شبه بحتة , تذكر أن صمت تعيشه كصمت القبور منذ أعوام, تذكر أن عليك واجب وطني يتمثل في البحث عن حقوقك.

#حسن_عطا_الرضيع (هاشتاغ)       Hasan_Atta_Al_Radee#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات