|
الثورة السورية بين العاملين الداخلي والخارجي
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 5279 - 2016 / 9 / 8 - 14:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الثورة السورية بين العاملين الداخلي والخارجي 05.09.2016 د. محمد أحمد الزعبي استمعت ذات مساء إلى برنامج خاص ب " المسألة السورية " في إحدى الفضائيات ، شارك فيه ثلاثة شخصيات سياسية سورية ، على دراية تامة بما جرى ويجري في شعاب بلدهم . أصغيت وتابعت مداخلات ووجهات نظرهؤلاء الإخوة الثلاثة حول المسألة السورية وتعقيداتها ، بانتباه شديد ، فوجدت أن تلك المداخلات قد تركزت بصورة أساسية على دور (العامل الخارجي ) وبالذات على دورروسيا وأمريكا ، سواء في نفخ الطرفين المتواصل في كيرالصراع المسلح في سوريا بين النظام والمعارضة ، أو في المحاولة الأمريكية الحالية ( محاولة صح النوم ) لإيقاف هذه الحرب المجنونة ، التي أهلكت فيها الطائرات والأسلحة الفتاكة الروسية ( العامل الخارجي ) الحرث والنسل في سوريا ، غير عابئة بما يقوله عنها ويطلبه منها الآخرون ، وبمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية غير أن هذا العامل الخارجي ( روسيا ) وقف عاجزاً أمام صبر وصمود الشعب السوري ( العامل الداخلي ) وتحمّله ، وإصراره على شعارثورته الذهبي ، الذي مازال يحمله على كتفه منذ 18 أذار 2011 ألا وهو ( الموت ولا المذلّة ) . يعرف الجميع كيف أن سياسة الرئيس أوباما حول نظام بشار الأسد كانت متناقضة وضبابية وكان ينقصهاـ قياساً على السياستين الروسية والإيرانية المناصرتين لبشار ، الوضوح والحزم . والآن ، وبعد أن طال أمد هذا الصراع ( الحرب ) بين النظام وحلفائه (كثيري العدد والُعُدد ) من جهة ، والمعارضة اليتيمة من جهة أخرى ، لأكثر من خمس سنوات ، ووصلت تكاليفه البشرية إلى الملايين بين قتلى وجرحى ومعتقلين ومهجرين ، ولاسيما بين المدنيين والنساء والأطفال، خرج علينا هذا (العامل الخارجي ) وهنا أمريكا وأوربا تحديداً ، من تحت الطاولة ، إلى ظهرها وشرعوا يوظفون جهودهم السياسية والدبلوماسية والعسكرية ، للعمل على إيقاف هذه الحرب ، ولكن ـ وحسب رؤية الكاتب ـ بعد فوات الأوان . لقد كان تركيز مداخلات ضيوف البرنامج الذين أشرت إليهم أعلاه ،منصبّاً على دور العامل الخارجي في حل لغز الثورة السورية ( لقاءات أوباما وبوتين على هامش قمة العشرين في هانغتشو الصينية ، ولافروف وجون كيري في جنيف ، وعلى ورقة ديمستورا التي سيقدمها إلى مجلس الأمن الدولي في نيويورك ) أكثر من تركيزهم (على دور الشعب السوري ( العامل الداخلي ) ، الذي هو من فجّرثورة آذار 2011 ، وهو المسؤول بالتالي عن مصيرها ، وليس بوتين ولا أوباما ، بل ولا حتى بشار الأسد نفسه الذي تحول الآن إلى مجرد رئيس عصابة طائفية ن لاأكثر ولا أقل . لا أنكر من جهتي أهمية الدور الذي لعبه ويلعبه العامل الخارجي ( أمريكا ، أوروبا ، روسيا ، تركيا ، إيران ، السعودية ، الأردن ، إسرائيل ) فيما حدث لبلدي سورية وخاصة بعد قيام ثورة آذار2011 ، بيد أن ماأنكره هنا بل وأرفضه هو أن يتحول العامل الداخلي إلى ملحق سلبي وذيلي تابع للعامل الخارجي . إن ثورة آذار2011 ، هي في أساسها وفي جوهرها ، وكما يعلم الجميع ، ثورة الشعب السوري بغالبيته العظمى ، ضد طغيان عائلة الأسد التي مابرحت تحكمه وتتحكم به ( ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ) منذ نصف قرن . علماً أن كلا الطرفين المتحاربين في سوريا ( المعارضة وعائلة الأسد) إنما يدخلان جغرافياً وتاريخياً في إطار مفهوم ( العامل الداخلي ) بغض النظرعن فساد النظام وطائفيته ، وطابعه الأمني ، والذي ـ ولهذا السبب ـ رفعت ثورة آذار 2011 شعار إسقاطه ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، واستبداله بنظام وطني مدني ديموقراطي و تعددي . يقوم على قاعدة راسخة وثابتة من المواطنة المتساوية والعدالة الإجتماعية . إن مانرغب أن نقوله هنا ، هو أنه في قوانين علم الإجتماع ، عندما يوضع العاملان الداخلي والخارجي في كفتي الميزان النقدي ، فلابد أن تكون الأرجحية للعامل الداخلي على الخارجي ، ذلك أن عوامل الترجيح لا تقتصر هنا على " حق القوة " فقط ، وإنما على " قوة الحق" أيضاً و بصورة أساسية . ومن هذا المنظور الإجتماعي ، السياسي والأخلاقي ، فإن دورالعامل الداخلي ، في تقرير مصير ثورة آذار 2011هو ماتجاهله أو تجاوزه الإخوة الثلاثة ضيوف تلك الحلقة الخاصة بسوريا والتي تابعتها من جهتي على صفحة التلفاز في إحدى الفضائيات .
إنه بغض النظر عن أهمية اللقاءات والمباحثات الروسية الأمريكية حول المسألة السورية و التي تمت وتتم هنا وهناك ، في فيينا وفي جنيف وفي الرياض وفي موسكو وفي هانغتشو الصينية ، فإن ضيوف حلقة البرنامج المتعلق بالمسألة السورية ، الذين استمعت إليهم هذا المساء ، كانوا ( من وجهة نظري الشخصية ) يحوّمون حول الموضوع المتعلق واقعياً بمدنهم وقراهم ، دون أن يلجوا إلى دواخله وحاراته ، وبالتالي فإن موقفهم كان بالنسبة لي كمراقب ، لايختلف كثيراً ،عن موقف أي محلل سياسي أجنبي ( فرنسي مثلاً ) ، فيما لو طلب منه منظم البرنامج أن يبدي رأيه في المسألة السورية ، التي لابد أنه قد سمع من إشكالاتها وتعقيداتهاعبر وسائل الإعلام . إن سوريا أيها الإخوة المشاركون في البرنامج ،هي بلدكم أنتم ، وليست بلد لافروف وجون كيري ود يمستورا وبان كيمون ، وإن رؤية ابن البلد ( الداخل ) لما يجري في بلده ، لابد وأن تكون مختلفة ، طولاً وعرضاً وعمقاً ، عن رؤية الغريب ( الخارج )، حيث ،( أهل مكة أدرى بشعابها ) ، مع كامل تقديرنا لدقة كمرات طائرات هذا الخارج ، أكانت بطيار أو بدون طيار ، وأيضاً لذكاء صواريخهم الحاد ، ولدور مراكز أبحاثهم التي لاتعد ولا تحصى ، والتي لاتترك صغيرة ولا كبيرة في العالم إلاّ أحصتها ،. ومنه سوريا .
نعم لقد كان لدخول القوات العسكرية المدججة بالخبرات وبمختلف أنواع الأسلحة ، ولا سيما إيران وروسياوالعراق وحزب الله اللبناني ( العامل الخارجي ) على خط هذا الصراع الداخلي ، إلى جانب نظام بشار الأسد ، أكبر الأثر في الوصول إلى هذه الحالة من الاستعصاء والقتل والتدمير التي وصلنا إليها اليوم ، بل وفي خلق ذلك الثقب الأسود في جسد الأمة و الثورة ، المسمى " داعش " ، بيد أنّ كل هذا لايعطي لأحد الحق في أن يتجاوز تلك القاعدة العلمية والعملية الذهبية ، التي عادة ، بل غالباً ، ما تعطي لـ ( ا لعامل الداخلي ) أرجحية الحسم ، على العامل الخارجي ، في مثل هذا الصراع الاجتماعي . هذا مايقوله علم الإجتما ع ، وهذا ما يقوله علم الديالكتيك الماركسي ، وهذا مايؤكده الواقع الميداني على الأرض في سوريا .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خاطرة حول بوادر تقسيم سوريا
-
شنفرى داريا : وداعاً بني قومي!
-
داريا بين فك بشار ومخالب بوتين
-
الثورة السورية ولعبة شد الحبل بين إيران وتركيا
-
الأخوان داعش وبشار وأكذوبة الأولوية
-
جدل الدين والسياسة بين الأمس واليوم
-
الذين لايخجلون من الكذب
-
الهجرة من الجنوب إلى الشمال - مقدمة لبحث ميداني
-
الهجرة من الجنوب إلى الشمال
-
بين بشار الأسد ودي مستورا شعرة معاوية
-
البرهان على تحرير الجولان
-
الثورة السورية بين مطرقة بشار وبوتن وسندان أوباما
-
ملاحظات عامة على ورقة دمستورا ( جنيف 3 )
-
الثورة السورية وجدلية التراث والمعاصرة
-
حزب البعث السوري والصعود إلى الصفر
-
من جنيف 1 إلى جنيف 3 وبالعكس
-
التآمر والكذب وجهان لعملة واحدة
-
أين الخلل ؟
-
جنيف 3 بين مضايا وشيخ مسكين
-
ثورة 2011 السورية تطوي عامها الخامس وبوتين يطوي شهره الرابع
...
المزيد.....
-
مدفيديف: مارك روته -أطلسي الهوى ومعروف بمعاداته لروسيا- وهذا
...
-
بعد محاولة الاغتيال.. الشرطة تقتل شخصا قرب مبنى انعقاد مؤتمر
...
-
لافروف يحذر.. واشنطن تدفع بأوروبا للهلاك
-
لافروف: واشنطن تدفع بأوروبا نحو الهلاك
-
لافروف يجري محادثات مع نظيره البحريني
-
مصادر في الجيش الإسرائيلي: -حماس- في وضع يزداد صعوبة والعملي
...
-
تسريب مكالمة ترامب مع المرشح المستقل كينيدي جونيور عقب محاول
...
-
ليبيا.. مصرع سيدة وإنقاذ عائلات عالقة في تاجوراء وسط تصاعد ا
...
-
الولايات المتحدة: هيئة محلفين تدين السناتور روبرت مينينديز ب
...
-
تقارير تتحدث عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب وطهران ترد
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|