|
نارنج
محفوظ فرج
الحوار المتمدن-العدد: 5278 - 2016 / 9 / 7 - 17:03
المحور:
الادب والفن
غيض من فيض مما اختزنته الذاكرة لشجرة النارنج الوحيدة وهي تتوسط بيتنا القديم فقد أبصرت النور ووجدتها في ظل نخلتنا -------------- محفوظ فرج
نارنج ------ أنا بنت الكرخ المجبولة في حناء الفاو المديوفة في قداح (( النارنج )) لن تلمحني إلا في الحلم، لن تسمع رجع حديثي الغارق في أعماق مقامات العشاق المنفيين وراء الأكم النورانية لن تتنسم من لفتاتي عبق فتيت اليسمين حتى تثبت أنك أهل للأرض الأكدية أنك ممن ذاد قديما عن شنعار(1)
--------------
أعلم أن طوابير المارينز هناك ، وأني أقتل مرات برصاص المحتل ولكن الأرض المحروثة بالأيمان الأرض المزروعة في أرواح تملك أن تلقينا في أحضان الماء كصابئة مندائيين ، نُغشّي وجهينا في أغصان الآس نترك قبلا تحت ظلال (( النارنج )) نهرب من حارات المملوكين الجورجيين ، نهرب من لكنتهم بسراي الوالي وجهتنا أنقى من عين المهر نحو بوادي القيسيين بعيدا عن طاعون جلبته سموم أمريكية (2) ------------------
يأتي صوتك رفة عصفور بين وريقات(( النارنج )) بمنقار في حرقة تموز ، ترقرق عيناه إلى الماء أغفل كل موانئ دجلة إلّا مرفئ عينيك فضاء يسبق كل فضائيات الارض ، يجسد لي أوجاعَ المنسيين بفيض حنان آشوري ، يأخذني لمداخل لا يسكنها إلّا العشاق المهوسون باروقة الأبراج السامرائية(3) ------------------
أوتذكر أنا في عصر ملوك طوائف أرض النهرين تلاشينا غيمة نيسان ، وتتبعنا الخط المطري تبادلنا القبل المحمومة ، جرينا تحت جذور (( النارنج )) فاهتز القداح على كتف الساقية الشامية (4) ------------------ كنت أنادي غادة ، يرتجف (( النارنج )) المتدلي خلف الشرفة ، ينتحر القداح على مجرى الساقية الظمآنة أسمعها بين ممرات البردي تذود عن البط العائد ثعالب قادمة من مجهول ، تفلت روحي مني حول الحور الفاحم توغل في طيات عبير الشال(5) --------------------
يتخللني نور بهائك حين يخامرني ان تحضن روحي بسمة عينيك أقول دعيها مرود هدبك لتبصر كيف تموج نهر ديالى وغطى (( النارنج )) سهول بلادي أقول دعيها تألف لحظك كي تتعلم من لفتاتك كيف تبرعم ورد النرجس في أفياء قميصك وكيف وكيف تناغم صف الأزرار على جيب التفاح وتعلم سرب النحل بالهام أزلي كيف يقبّل ثغر القداح فكنت رحيقا مكتوما باركه الرب (6) ---------------------- أرسل نحوك من قلبي من روحي من عيني هالات تحضن سحنتك السمراءأطوّق فيها الحسن الغائر في رائحة الأرض الرائحة المغموسة في ماء الثرثار المسكونة بين مسامات صبايا سامراء في الشعر السارح تحت ظلال (( النارنج )) المتبرعم تحت نخيل الروح في عبق العنبر ذاكٍ في قمصان حسان الشامية(7) ------------------- في ركن منعزل تحت ظلال (( النارنج )) هناك على أعطاف الماء القدسي وأصوات ترسم شكل سواقي الروح الأطفال رجعت سمح بجرّتها تترك قدماها الينبوع يمور الشوق به يروي لعصافير الكسرة تبخترها ومدائن ترحل في عينيها إذ خطت في أطراف جدائلها سورة عشق آشوري في قلبي(8) ---------------- وحين يغازله (( النارنج )) يغيب عن الوعي ويرخي رقراق نميره أتذكر أني كنت رأيتك في ( شحات ) على كتف الجبل الآخضر تحت صنوبرة جمعتنا منفردين عن العالم جلسنا نتساءل كيف أعاد الرومان قلاع اليونانين وقد دمرها الزلزال تلك شقوق رتقها فنان بنقوش كنسية(9) ---------------- من غبش السحر المتلهف حين يلامس أطراف (( النارنج )) يراقص جوقات عصافير الغابات أشتاق إليك تدعوني دنيا لمناخات يرقص فيها الهدب السامبا وألاحق ما خلف الكحل الحور الساحر أنثر من أنفاس الياسمين الجاثم فوق الصدر نقاء لم يعهده الساحل (10)
----------------- في المتوالي من إيقاع خطاك من الساحل حتى الزورق لم يستبطن عشقك أنت لمنحدرات الماء وحين شباكك تنشرها كفاك على دائرة تتوالى كتوالي الحور الباسم في عينيك لم يشهد أن سلالة أوروك تجدد جوهر معنى الألواح في كل فسيلة برحي في ألحان( الأموري) في خفقة جنح حام على (( نارنج )) السبع بكار(11) ------------------------ المعشوقة تلك سألتني مرة عن الهام يسبر أغوار محيطات العالم ، قلت اللغة المجنونة في الأرض المحروثة بالحب الممشوقة مثل قوام (( النارنج )) الهائم في مجرى الزاب قالت قل لي لم لاصبر لأبناء النهرين على البعد(12) ----------------------
قالوا قد تجد المخطوطات المسروقةمن مكتبة المتحف في حيفا أو تلقاها في بئر السبع قلت لا جدوى من ذلك فبريق من عينيه وبسمتها يكفي أن يتضوع قداح (( النارنج )) على عتبات المدرسة الخلدونية..................... ما زلنا في عمر الانسانية نبدو ذراً يأخذه دجله نغما أو مرسالا نحو الغصن (( النارنجي )) يعلمه كيف يسبح آناء الليل وآناء الفجر ما زلنا نتعلم كيف ننقي في غربال الحب المندسين المحسوبين على محي الدين أو السرّاق من ( النفري ) ما زالت أقدامي حين تلفُّ حَواليْْ جنات(( النارنج )) تليها أقدامك نؤذي الأدغال المجنونة في رائحة ( السعد ) المدفون وراء الغرين كانت غادة في حلب حين أراد المملوكون الجورجيون تقاسم بغداد مع السفاحين قال لها الوالي : الشام بما فيها طوع بنانك هذي أرضك لن تتوانى عن عما فعل الشذاذ بأرضك(13) ------------------- من القصائد التالية 1-النارنج التكريتي 2- أهداب الشام 3- يأتي صوتك4- قالت5- أسمعها6- ميلاد اللوتس7- مواويل أوليفيرا8- ملامح شامية9- بيت الجورية10- الهجرة الآشورية 11- بنت جنوب الروح12-ورد النار ت13- قولي لي
#محفوظ_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تخوف لامبرر له مجموعة شعرية للشاعر دينار السامرائي
-
من أسباب الحزن العراقي
-
ملاحظات في مفهوم المذهب الكلامي
-
مقدمة في الأسطورة وبداية توظيفها في القصة الراقية
-
لي أن اتراجع
-
سحر عينيك
-
رغوة الرنين / مجموعة شعرية
-
مزمار آشوري
-
بيت الجوريّة
-
نمل أبيض
-
مرَّ هنا
-
الثوب
-
في ظل جدار آشوري
-
وردة
-
أثر الشعر في القرار السياسي الى نهاية القرن الرابع الهجري تأ
...
-
ضيعتنا
-
أهداب الشام
-
نينوى
-
الوجد القادم من وجدة
-
حسان الدار البيضاء
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|