أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن الطوخي - مخاتلة الحلم في القصة القصيرة جداً بعنوان - شواطىء - للأديب العراقي/ اسماعيل الدباغ














المزيد.....


مخاتلة الحلم في القصة القصيرة جداً بعنوان - شواطىء - للأديب العراقي/ اسماعيل الدباغ


محسن الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 5277 - 2016 / 9 / 6 - 09:25
المحور: الادب والفن
    



لا يقدم كاتب القصة القصيرة معان ولا عظات. القصة القصيرة هي تجربة إنسانية انفعل الكاتب بعناصرها فعاشها بصدق على الورق. ولو قصد الكاتب قيمة محددة, أو إسقاط ما من القص لانحرف عن فنياته بالضرورة. فلن يمكنه إذاك أن يخفي صوته الخاص. وسيضطر إلى التدخل بشكل تعسفي في مسار شخصياته.
الشخصية في القصة القصيرة عنصر حر لا يجب أن يوضع تحت سيطرة الكاتب وأهوائه وتوجهاته, وغالباً ما تقدم الشخصية على تصرف غير مفهوم للكاتب نفسه. فهي تعبر عن أشواقها, ورغباتها بمعزل عن ارتباطها الفني بالكاتب .
وكلما قل تأثير الكاتب في توجيه الشخصية كلما اتسمت بالصدق .
والقارىء الإنسان يعجز أحياناً عن فهم بعض جوانب نفسه, أو بعض دوافعه, وبالتالي لا يعد قصوراً منه أن يعجز عن فهم الشخصية القصصية. أو إدراك مراميها. يكفي أن تتسم الشخصية بسمات نفسية متوازنة ومتفقة مع السلوك الإنساني بعامة. ويكفي أن تتحرك في إطار حبكة قصصية متقنة, ومحكمة.
والشخص في القصة البديعة الذي هو نفسه الراوي يعرض بضمير المتكلم وبأسلوب فني باستخدام المعادل. كيف خاتله الحلم.
واللحظة القصصية هي التي جلس فيها الراوي على شاطىء المحيط يمارس هواية الصيد. وقد علمنا أنه مغترب فارق وطنه منذ مايربو على العشرين عاما. والطائر العالق في شبكة صياد هو حلم مجهض, أو يتعرض لظروف مجهضة, حلم مقيد بشراك من قيود وإحباطات. واللحظة القصصية المقتنصة هي لحظة مثالية للمخاتلة, إذ يلقي الصياد شصه وتجرفه الذكريات في انتظار إشارة ما, إنه يغازل المجهول, بينما تغازله الذكري. وكأنما تستدعي عاطفة ما عاطفة مشابهة, فمعالجة الصيد وسياسته, تشبه التجربة التي عاناها الشخص منذ عشرين عاماً في معالجة الحلم وسياسته, وربما أن تخليص الطائر من شباك الصياد هي المعادل لتخليص الحلم من شباك الإحباطات بالسفر والهجرة.
والمعنى المضمر تشي به محاولات الشخص للتعرف على حلمه, فإذا كان النورس هو المعادل للحلم في ذهن الشخص, فهاهو الطائر يتملص, وينكر اللقاء القديم, " كل النوارس تتشابه " .. فالغربة تمنحك تعويضاً ما, لكنها ليست بديلاً عن الحلم. وتتأكد تلك الدلالة بمشهد تعرف الشخص على الطائر .. " كان يفرد جناحيه عكس اتجاه رياح البحر وهو ساكن في مكانه " . انتقاء الصورة من بين عشرات الاحتمالات يعكس دخيلة الكاتب, فالطائر يفرد جناحيه عكس اتجاه الريح, وهو مشهد يتوافق مع قوانين الفيزياء يالطبع, لكنه يولد الانطباع بمشقة الرحلة من الوطن إلى أقصي الغرب عبر عقدين من الزمن, كما أن تتمة العبارة لا توحي بالكثير من المكاسب والأرباح, فالطائر " ساكن في مكانه", إشارة إلى تواضع نتائج الرحلة / الغربة .
نص جميل لعب على تيمة التماهي فى اللحظة القصصية بين الشخص في لحظة تأمل, وبين ذاته في زمن سابق, واعتمد الصورة في تأهيل المشهد ضمن حبكة قصصية مناسبة لمراوغة الحلم المخاتل في ذات اللحظة اتي يمارس الشخص المراوغة والمخاتلة مع الصيد المحتمل.
نص جميل . من أبدع نصوص صديقي اسماعيل الدباغ بسرده الموحي المكثف , العبارة الوحيدة التى جانبت مقتضيات التكثيف .. " كان ابيض ، بقدمين حمراوين ومنقار اسود مدبب ،" . فكل النوارس لا تكون إلا على تلك الهيئة , فغياب العبارة عن النص لن يؤثر في التجربة ولا في اكتمال الحبكة القصصية.
_________
نص القصة :
شواطئ
على جانب نهر، قبل عشرين عاما، وجدت نورساً عالقاً في شبكة صياد، كان أبيض، بقدمين حمراوين ومنقار اسود مدبب، حين حررته من الشبكة أطلق صرخة فرح, ثم اومأ لي وراح يحلق في دوائر واسعة تلامس ضفتي النهر العريض.
بالأمس كنت اصطاد على ساحل محيط في أقصى الغرب، فسمعت صوته فوقي، رفعت رأسي، كان يفرد جناحيه عكس اتجاه رياح البحر وهو ساكن في مكانه، ثم القى إلي سمكة .
قلت: مرحبا .
قال: مرحبا . ثم هبط قربي .
قلت: هل تذكرتني؟
قال: لا.
قلت: لقد تقابلنا قبل عشرين سنة. في المدينة البعيدة.
قال: نحن لانحب المدن ياصديقي.
ثم أردف وهو يعاود التحليق: كما أن عمري عام واحد.
صرخت: أنا متأكد .
استدار نحوي وقال: كل النوارس تتشابه.
ثم أومأ لي ومضى .
اسماعيل الدباغ.



#محسن_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضور الغياب في القصة القصيرة - الطائرة الورقية-. للأديب العر ...
- ملامح المنهج العلمي في القصة القصيرة - السبيل - للأديب المصر ...
- رحلة الحياة والموت فى نص محطات متعاقبة للأديب العراقي/ رعد ا ...
- فراشةِ البَوْح. نص يُطوِّع الزمان والمكان. للأديب الفلسطينى/ ...
- سياحة فى الدروب الوعرة لنص - الأدب القبيح- للأديب التونسى/ أ ...


المزيد.....




- إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال ...
- اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
- عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
- موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن ...
- زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
- أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي ...
- الكشف عن علاقة أسطورة ريال مدريد بممثلة أفلام إباحية
- عرض جواز سفر أم كلثوم لأول مرة
- مسيرة طبعتها المخدرات والفن... وفاة الممثلة والمغنية البريطا ...
- مصر.. ماذا كتب بجواز سفر أم كلثوم؟ ومقتنيات قد لا تعلمها لـ- ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محسن الطوخي - مخاتلة الحلم في القصة القصيرة جداً بعنوان - شواطىء - للأديب العراقي/ اسماعيل الدباغ