|
شذرات من الحياة اليومية لامرأة عربية مشرقية
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1408 - 2005 / 12 / 23 - 07:49
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لكي يكون لأقوالي طابع العفوية والواقعية الصادقة ، سأتناول هذه الشذرات من حال المرأة المعاشي ضمن كل الشرائح الاجتماعية، أي سأحاول أن أنفذ لكل حي وكل قرية ثم أنتقل بعدها الى الأحياء في المدن، والى عالم المرأة المتعلمة والمثقفة... العاملة والموظفة...أكون العين المراقبة ...محاولة تشريح الوضع مجهرياً ــ ان جاز التعبير ــ ، فلهذا دلالاته الاجتماعية، التي تعطينا فكرة واضحة وصريحة عن مدى احترامنا للمرأة كانسان... ومدى تطور نظرتنا لها عبر المتغيرات الحياتية العامة والحضارية، وبمقدار مايكون هذا التطور قويا فهو بالتأكيد يضعنا أمام وضوح الرؤيا والتساؤل ... هل يتطور وضع المرأة بشكل متناسب طردياً مع ا لوضع العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي.؟ هل تطور هذا الوضع بشكل ملحوظ وظاهر في الحقبة الماضية من تاريخنا، ام أن تطور وضعها ضئيل جداً اذا ماقورن بالتطور العام اقتصادياً ومظهرياً وحداثياً حسب المفهوم العالمي، ومقارنة بوضع المرأة في الدول المتقدمة ، وما حصلت عليه من قوانين عصرية تناسب أوضاعها الاقتصادية والقوانين العالمية المعترف بها؟؟.. وبالقاء الضوء على هذا الهامش العادي والبسيط نكون قد كونا فكرة .. تنم عن تردي وضع المرأة برأيي، بل ودونية النظرة اليها كانسان... وان كنت مخطئة في موقفي لكم بالطبع وعلى الدوام حق النقد، لكن مهما حاول المرء ـ أي مرء ـ أن يعطي الموضوع حقه ويصيب ويدرسه بعمق من كل جوانبه، فلا بد أن يسهو عن جانب وربما جوانب...ولن يرضي الجميع أو يجانب الصواب برأي الكل...لكننا نحاول ...حسب قناعاتنا لا أكثر.... لنبدأها بالمرأة الريفية:ــ ــ صباحا ...ومنذ الفجر ...لو عنّ لها أن ترقد أكثر وتتباطأ في النهوض من فراشها...ماهو رد فعل الزوج تجاهها ؟ وماهي العبارات التي تسمعها كي تنهض من نومها؟؟ ــ أنت يامرا!!! " وهذا بحد ذاته منتهى التحقير" أما آن لك أن تنهضي؟ أتحسبين نفسك احدى الأميرات؟ ...هيا الى عملك ...الى الحقل ...فقد أشرقت الشمس... أو أنت ياحرمة!! أما زلت مخدرة؟؟ ياست بلقيس!!! ياست بدور!! قومي لعنك الله ولعن اليوم الذي أحضرتك به الى هذه الدار...لعن اللحظة التي اعتقدت فيها أنك زوجة صالحة ونشيطة ... أو انهضي أيتها الخاملة الكسول...فقد أشرقت الشمس ...وملأت الكون بنورها وحضرتك نائمة حتى الضحى...من تنام للضحى لاتصلح أن تكون امرأة بيت ودار!!! " اذن هي للدار والدوار والعمل فقط" وهل تجدون فرقاً بين عبارات تقال للمرأة ، وأخرى للخادم؟؟ وان لم يقلها الزوج ، وصمت قليلا ليدعها تسرق غفوة قصيرة كونه يكن لها شيئا من الحب ...فستعلو حينها صيحات حماتها...صاحبة النهي والأمر في الدار الكبيرة، ومن ساهمت بشكل فعلي في اختيارها للابن ونصحته فيها ...كامرأة ذات بنية قوية وعلى عافية وصحة تمكنه من اقتناءها كزوجة!! حينها ستنعته هو بأنه متخاذل ويساعدها في الكسل والتهرب من أعمال المنزل وهي كثيرة. وتصيح بها ...أيتها الخاملة...وياسيدة القصور ، أو يابنة الأمراء ... ثم لاتلبث أن تلعن حظ ابنها العاثر، أو حظها هي لأنها لم توفق بالاختيار له..أو تنعت من نصحوها يوماً بأنها خير امرأة!! ناسية تلك المرأة معاناتها السابقة من امرأة أخرى " حماة" ذات يوم.. في نفس الموقع ونفس المكان.. لكن عجلة التاريخ تدور وتتطور ، الا عاداتنا فهي تنتقل كما القرآن...نقدسها ونورثها كما ألوان بشرتنا...وان اختلف النقل وتطور جزئياً ...فأول ما يقال فيه....ايه ..كنا زمان...لا نجسر على الرد أو لانجرؤ على عدم الطاعة ورفض الأوامر... وتجري المقارنة كي نغفل حق المرأة ونمعن في اذلالها أكثر..وفي طاعتها دون مناقشة، ورضوخها لكل ماتريده العادات وما يريده العرف..وكل من تسول لها نفسها ...الخروج عليه ...تنال الكثير من عسف المحيط، وحتى من موقف مغاير من أهلها أ نفسهم..ومن استهجان من أحب الناس اليها.... في المدينة:ـــ نفس المشهد ونفس الموقف ...لكن العبارات ربما تختلف..وتتغير ...كأن يقال لها مثلاً: نوم العوافي ست الحسن... صارت الدنيا الظهر وبعد الأميرة في سابع نومة!!! ألا تخجلين من نفسك ...يذهب زوجك لعمله ...دون أن تكلفي نفسك عناء صنع فنجان من القهوة له؟!! هذا ان غفلت عينها مرة ... أو ينعتها الزوج نفسه ...ويناديها...شو أين القهوة ياأم فلان ...أو متى تنهضين ياعيون أمك!!! أيتها المدللة ...أنا ما عندي نسوان للدلال ولنوم العصاري!!! هل هناك موقف أكثر سخفاً من هذا؟؟ شذرة صغيرة ...خطيئة ... أن تنام!! خطيئة لاتغتفر أن تتأخر ولو مرة بين آلاف... من عادة المجتمع ألا يغفر الأخطاء للمرأة ....وخطيأتها .. ان وجدت ... تحمل أكثر مما تحتمل.. مقابل أي خطأ يقع فيه الرجل..خطيأتها تضخم ...وأخطاء الرجل تغتفر وتنسى بل يسعى الجميع الى اعطائها طابع ... الطبيعية والعفوية والبديهية من بديهيات الحياة... طابع التأليه ...هل تخطيء الآلهة؟؟ وهل يجوز أن نسمي أخطاءها ونعيدها ..أو نقارن أخطاء البعل بأخطاء الزوجة؟؟؟؟؟؟؟ أما لدى الطبقة المتعلمة والمثقفة من النساء مع أزواجهن لنقارن الآن:ــــ ربما لن تكون ردود أفعال الزوج حادة أو عنيفة...بمثل ماسبق... ولكن لو أكثرت المرأة تكرارها ..خاصة عندما تكون موظفة وعاملة ومنتجة...أي لها نفس الموقع الاقتصادي في المجتمع كما زوجها...ولها ربما نفس الموقع الاجتماعي والمستوى الثقافي ...لكن ردود فعله ازاء تكرار تأخرها..في النوم صباحا، وخاصة بوجود أطفال في المنزل ..وتحضيرهم للمدرسة ...أو تحضير افطار الزوج والأولاد... كل هذا مهمتها!!! ولا يعنيه من أي زاوية.. بل انه دورها الطبيعي والذي لايرى فيه حرجاً بل يعتبره الزوج ...أنه فرض عليها ... وبهذا لايفرق الأمر بقليل أو كثير بينه وبين غير المتعلم .. أو العامل والفلاح في الريف والأحياء الفقيرة من المدينة... فنجده يناديها بصوت مرتفع ...طالبا القهوة أو الشاي ... لأن الوقت تأخر ...وعليه اللحاق بعمله وما هي الا امرأة كسول... وكالعادة تتأخر بالنهوض وتترك عليه الكثير من الواجبات!! هذا ان فعل وساعدها بشيء!! وربما يصل الأمر لحد الشجار وضرب الباب والخروج دون طعام ناعتاً اياها بالاهمال والقصور!! دون أن أنسى أنه يناديها ــ غالباًــ...أنت يامدام... أين القهوة ؟؟ ألم تحضريها بعد؟؟ أتنتظري مني أن أفعل؟؟؟ هل طمعتي بي لأني فعلتها البارحة؟؟ وعنما يستعمل مدام لايعني التحبب وانما الاستهزاء والسخرية ...أو يقول أنت ياستي ياوزارة الداخلية...أين القهوة؟ لا...لا .. أما زلت نائمة ...ألم تسمعي المنبه؟؟ ألم تصحي الأولاد للمدرسة؟؟؟ مابالك... تنامين على أذانك وتتغافلين ؟! أتريدين مني أن أقوم كل يوم بما هو عليك؟؟ لمجرد أني غفرت لك مرة تعتقدين أنك ستملكينني وتستغفليني كل مرة؟؟ لا ياسيدتي...استيقظي ..ويكفي أني أسمح لك بالعمل والخروج من البيت ، وان تصورتي أن الأمور تسير كما ترغبين ، فانه من الأفضل اذن أن تتركي العمل وتجلسين لتربية الأولاد .والقيام بشؤون البيت كما يجب.. ويعيننا الله على المصروف!! وبالنسبة لي أفضل هذا على عملك وتقاعسك..!! لا أنكركم أيضاً أن هذه الصورة بدأت بالتغير نسبياً ونوعياً لكنها قليلة ونادرة الا في أوساط مثقفة واعية .. وهذه النسبة أرجو لها أن تزداد وتنتشر ...لكنها مازالت محدودة ولا تكاد ترى .. وان قام بها الزوج فانه يقوم بها ...خفية في البيت ودون أن يراها أهله أو أصدقاءه ، لأنه يخشى أن يقال عنه ...أنه يحب زوجته الى حد كبير ...أو الى حد أنها " تسيطر عليه" نعم من يفهم زوجته ودورها ويتعاون معها ينعت حتى بين أصحابه الموظفين والمتعلمين والمثقفين منهم أنه مسيطر عليه من زوجته ولا شخصية له أمامها!!! لقد اخترت لكم واقعة صغيرة ...نقطة في بحر الحياة اليومية ...شذرة لاتكاد تلاحظ ...ولأكثر من شريحة اجتماعية ...فما بالكم ....لو تعمقنا أكثر ونقلنا رؤيتنا لمواقف أكثر حساسية وصداماً حقيقياً مع العادة والتقليد ...بل مع الموقف منها اجتماعيا.. بل أسرياً وهي الحلقة الأصغر والأضيق في المجتمع!! .. كأن نلقي الضوء على خلاف يقع يومياً بين الرجل والمرأة بسبب تربية البنت أو الولد ..أو موقف الرجل من خروج زوجته مع صديقة من الصديقات... أو تأخرها يوماً في السوق .... أو عن عودتها بالوقت المعتاد الى البيت من العمل ...بسبب المواصلات أو بسبب دعوة من صديقة لم تستطع الا تلبيتها ...لأن الصديقة بحاجة لدعم معنوي ما... أو حتى لزيارتها لأمها أو أختها ... كل هذه الأمور تبدو تافهة وبسيطة وعادية...لكنها رغم عاديتها .. فغالبا ما تؤدي لخلافات حادة ...تضيق من حدة الصدام يوماً بعد يوم... وتسبب صعوبات في الحياة واتساقها ضمن خط أكثر عقلانية وتعامل فيه الكثير من الاستلاب والتجني على المرأة، بل فيه الكثير من الاستمرارية في نقل السيء من عاداتنا...والرديء مما نعتبره قيماً، بينما هو بحد ذاته قيماً ذكورية بحتة... يراد منها الابقاء على دونية النظرة للمرأة والابقاء على ثانويتها وظليتها...أي أن تعيش على الدوام وتلوذ... بالحامي!! بالزوج !! أن تبقى خاضعة ...فالخضوع أبشع من الطاعة ...وأبشع من العبودية ....انه عبودية مغلفة باطار أمومي ... باطار تضحوي ...وتسخيري وتشييئي للمرأة ... ثم لا أنكركم أن للقوانين السائدة والتي تحكمها سياسات عقيمة ...تناسب السيادة الذكورية واستمرارية ارادتها وسيطرتها رغم ماتضفيه عليها من طابع" التقدمية " والتطور في المظاهر الحضارية ...وثقافة المظاهر والاغراق فيها ...لندعي أننا نتطور.. لكننا مازلنا ... نعيش... ونمارس... ونغرس... ثقافة العبودية هذه ..ثقافة " وراء كل عظيم امرأة!!!! ولا أدري لماذا هذه الكلمة ..." وراء "؟!! وهنا نعتقد اننا نجعل منها عظيمة لأنها كانت اما الأم التي ربت وأنجبت عظيما ، أو كانت الملهم والمعين لانجاح عظمة أحدهم!!! لكن موقعها هو الخلف... الخفاء ...لماذا لانقول بجانب على الأقل؟؟؟ أو مع ...بدلا من وراء؟!! هنا ندرك موقع المرأة في ثقافتنا اليومية ... موقعها الخلفي حتى في اطار تقييمها معتقدين أننا نعطيها ونمن عليها بالكثير !! وكي لا أطيل فالحديث جدا متشعب وعميق لكني أعد أنه سيكون لي حلقة خاصة عن ثقافة الوراء هذه...ثقافتنا النسوية ...التي نتناقلها وعلينا ...نحن النساء يقع عبء تطويرها ، بل نسفها وتغييرها...على الأقل ألا ننقلها لأبنائنا وبناتنا... ألا نكون صورة عن حمواتنا فنمارس عسفا ذقناه يوما على امرأة أخرى، أو نربي ابناً يضطهد امرأة كنا نحن مثلها ضحية رجل آخر هو أبوه!! للحديث بقية في لقاء آخر......مع تحيات فلورنس غزلان
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
راقص الليل
-
لماذا جبران تويني؟
-
كيف يرى الأستاذ والمفكر اللبناني - كريم مروة - الوضع اللبنان
...
-
الحب بعد الزواج
-
أربعة شمعات نشعلها اليوم للحوار.. قائلين معاً كل عام وأنت بأ
...
-
من حلمي سقطت كلمة
-
أين تتقاطع المصالح الأميركية مع المصالح السورية، لتوقيع صفقة
...
-
الدلعونة هي شعار المرحلة!
-
نفاق
-
الخيانة الزوجية
-
بيان اعلان دمشق....وماذا بعد؟؟
-
أنا ومريم
-
ماهي مواصفات المرأة المطلوبة قبل الزواج في المجتمع العربي- س
...
-
ابنة البعث.. عضوة في - مجلس الشعب السوري - تخطب ود ابن لادن،
...
-
طفلة في ميزان التاريخ
-
قراءة لبعض النقاط التي وردت في خطاب الرئيس السوري - بشار الأ
...
-
أنت......أنا ......نحن
-
ماهي أسباب أحداث الشغب في ضواحي المدن الفرنسية، وماهي النتائ
...
-
في وطن الحكايات
-
أنخاب الحياة
المزيد.....
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
-
فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|