أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - نداء الى الوطنيين العراقيين ( ملحق): هل كان العراق موحدا عام 1921















المزيد.....

نداء الى الوطنيين العراقيين ( ملحق): هل كان العراق موحدا عام 1921


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5275 - 2016 / 9 / 4 - 16:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نداء الى الوطنيين العراقيين ( ملحق):
هل كان العراق موحدا عام 1921


طرأت على التاريخ العراقي الحديث، لحظة خطيرة، سيكون لها اثر انقلابي غير عادي على مجمل واقع العراق ومستقبله، ففي الفترة بين 1917 و 1921 تغير تماما المسار الحداثي العراقي، منتقلا من الحداثة المحلية الذاتية، الى الحداثية الاستعمارية الغربية، ومع ان مقدمات الأثر الغربي الراسمالي الحديث، كانت قد وصلت العراق اقتصاديا / لم تتعد بداياتها حسب محمد سلمان الحسن الربع الأخير من القرن التاسع عشر/ وبدرجة اضيق سياسيا، الا ان مااسمي فيما بعد ب "الالتحاق بالسوق الراسمالية العالمية"، لم يكن اكثر من كذبة مفهومية إستعمارية، ومحاولة تكريس اعتقاد مفتعل( رغم ان النخبة العراقية المعزولة، المتدنية الوعي، والقليلة الخبرة والمراس والعدد قد تلقفتها وصدقتها بلا ادنى تمحيص) ليس هنالك مايؤكد حصول ماتشيراليه، وهولم يتحول الى واقع، الا ضمن سياق عملية مبرمجة، ومخطط لها، جرى تنفيذها بالضغط وبالقوة من قبل المستعمرين بعد الاحتلال العسكري الإنكليزي، وكرسوها فعليا بتدخلهم التخريبي الاقتلاعي الفظ، في علاقات ملكية الأرض المشاعية تاريخيا، مع اعتمادهم قانون التسوية، بعد عام 1932.
قبل ذلك كان العراق قد شهد بدء عملية تشكل وطني / حضاري/ ،هي الثالثة بعد الاولى السومرية البابلية، والثانية الحاصلة بفعل اطلاق الفتح العربي الإسلامي للاليات الحضارية المعطلة على يد الاحتلال الساساني، في حين تبلورت عملية التشكل الراهنة ذاتيا، بعد وصول حقبة "الإنقطاع الحضاري" الاخيرة الممتدة منذ سقوط بغداد على يد هولاكو 1258، مداها الانحداري الأقصى، لتعود بواكير التشكل المجتمعي بالظهور، كما هي العادة والقانون، في كيان "إمبراكوني"، من جنوب العراق، الموضع الذي تتركز فيه اعلى محركات الفعالية التاريخية الحضارية، وفي "سومر الحديثة"/ ارض المنتفك/، حيث تأسس وقتها اول الاتحادات القبلية من (اتفاق /اتحاد) قبائل: ( بنو مالك ـ الأجود ـ حميد) قبل ان يكون للسوق الراسمالية الغربية، وفرضية تغلغلها، أي حضور يذكر، او بالإمكان ان يلاحظ على البنية العراقية وسيرورتها، وهو مالن يصبح واقعا، الا مع الثلث الأول من القرن العشرين، سبقت ذلك محاولات تغلغل فوقية، تركزت على استهداف السلطنة العثمانية، حينما لم تكن هذه نفسها وولاتها، أصلا برغم احتلالهم الاسمي للعراق، قادرين على كبح عملية التشكل الوطني العراقي السائرة صعدا في زمنهم، والمتصلة المتتابعة بين الفترة، او الحقبة الأولى "القبلية"، والثانية التجديدية الدينية، التي ترسخت بعد القرن التاسع عشر، بصيغة قيادة وطنية جديدة، جسدها بروز النجف المطرد كمركز "دولة لادولة مدينة".
ولم يكن الفعل الاستعماري الاقسى، والأكثر مضاء وتخريبا في العراق، موقوفا على مجرد فرض السيطرة العسكرية والاقتصادية، ففي هذه البلاد بالذات عرف الاستعمار الإنكليزي حالة امتناع مفهومي ونموذجي من فصيلة التصادم الحضاري والبنيوي الأقصى، جرت عملية التعامل معه، ومحاولة استيعابه من قبل المستعمرين، باستخدام كل الوسائل والسبل، بما في ذلك تقديم تنازلات أساسية، مست في حينه "جوهر العملية الإستعمارية". فانتقال الإنكليز وقتها، وبعد ثورة ،1920 من "المدرسة الهندية" المتغطرسة والاستعبادية في الاستعمار ( وهو ماجاءوا متسلحين به منذ نزولهم عام 1914 في الفاو)، نحو صيغة "الحكم من وراء ستار"، أي قبول مبدأ مستحدث وبكر في الممارسة الاستعمارية، لم يكن بالحدث العابر او المفرغ من الدلالة التاريخية.
وفي سياق تحولات العملية الامبريالة العالمية، صار هذا النمط من الهيمنة لاحقا، هو السائد، وقام كبديل عن الاستعمار القديم، وقد اطلق عليه بعد ستينات القرن الماضي، اسم "الاستعمار الجديد"، او "الإستعمار بدون مستعمرات". في حين بقيت عملية اضطرار الإنكليز وقتها، وبالسرعة الاستثنائية التي لجاوا اليها، مبتدعين هذا الشكل المستحدث من الهيمنة في العراق بالذات، غير ملحوظة على الاطلاق، فلم يجر أي تحر في مغزاها، او في الدوافع الفعلية التي جعلتها لا زمة في حينه، وبينما لم يصدر عن المعنيين العراقيين أي انتباه لمثل هذه الظاهرة الملفتة على الاطلاق، تعمد الإنكليز وباحثيهم، طمسها واخفاء دلالاتها كليا؟.
وعلى عكس المفترض، فان من أرسوا منظور العراق الحديث، وتياراته الحداثية الاساسية، وثبتوا السردية الحديثة وكيفيات وآليات تشكل كيان العراق والمجتمع العراقي، كانوا قد سارعوا الى تصديق وتبني التأسيسات المفهومية والمنهجية الغربية الموضوعة من قبل المستعمرين الإنكليز،وبالذات كتابهم الملحقين بالحملة البريطانية، وبمقدمهم "فيليب ويرلند". فقطعوا معه وازالوا، على منواله من اللوحة، كل تاريخ الحداثة العراقية الذاتية، السابقة على حضور الإستعمار الإنكليزي، أي مايستغرق قرابة قرنين ونصف القرن من عملية التشكل الوطني الحديث، ليصبح العراق حصيلة راهنة وموحدة في كيان، حفزها بالدرجة الاولى"الالتحاق بالسوق الراسمالية العالمية". وبهذا تكرس في العراق التحاق تأسيسي بمنظور مصطنع من قبل الغرب ومجتزأ لل"الحداثة" العراقية الناشئة، قبل ان يتوطد نهائيا تبنيها له منذ الثلاثينات، وقد تحولت ل"وطنية حزبية أيديلوجية" غالبة، صادف انها حظيت بقبول شعبي، لم يحل دونه انفصالها الصارخ عن الحقيقة الوطنية التاريخية والحضارية.
وتثبت ظاهرة رسوخ وحيوية دور قوى "الوطنية الايديلوجية الحزبية"، بالأخص بين الثلاثينات والستينات حقيقة مميزة هي الأخرى ضمن سيرورة التاريخ العراقي المعاصر تقول، بان احتمالات لعب أدوار جماهيرية، لاتشترط حتما ولا دائما، صوابية موقف هذه القوى او تلك، او تطابقها مع المجرى الفعلي والمحركات الموضوعية للعملية التاريخية، ففي حالة العراق مثلا، لعب دور المحرك والفاعل في الاحداث المعاصرة، زخم الاليات التاريخية البنيوية نفسها التي كانت حاضرة في الحقبتين السالفتين، القبلية والدينية التجديدية، بغض النظر عن الأدوات " الحزبية الحديثة"التي بدت معبرة عنها، وعن مدى انسجامها مع الشكل المستجد والمنفصل من التعبير عن الحركة الاجتماعية التي لم تكن قد استطاعت وقتها، ولا كان مهيئا لها، افراز التعبير الملائم والمطابق لكينونتها ولطبيعة بنيتها.
فالحركة المذكورة كانت وقتها، ومع الاحتلال ومابعده، ماتزال لم تبلغ من النضج وتقدم التشكل الوطني التاريخي، الحد الضروري الذي لايمكن من دون توفره توقع تبلور منظور مناسب، يتطابق وطبيعة تكوين العراق، الذي لم يكن وقتها قد بلغ طور "الوحدة الذاتية"، فالتشكل الوطني العراقي الذي يبدأ عادة في جنوب العراق، ويصعد الى اعلى، كان مايزال عند منتصف إنجازه التاريخي، والعملية الحضارية، او الدورة الحضارية الثالثة الراهنة،التي تبتديء كما اسلفنا في القرن السابع عشر، كان أمامها شوط طويل قبل ان تصل درجة اندراج المجتمع العراقي كله ضمن فعالية تاريخية موحدة ومستجدة، الامر الذي ظل يتطلب اكمال مسار لايمكن تحققه بالقسر، او بفرضية الكيان المتشكل والنهائي الذي عمل الإنكليزعلى ابرازه بعملية قيصرية، وقرار براني، اورث وعيا حداثيا يمكن تسميته ب "الوعي الوطني الصغير المفتعل بقوة الحضور الغربي" بما هو كوجود عسكري مباشر، وكثقل نموذج مثالي شائع ومقرعالميا بصفته اعلى اشكال التنظيم الاجتماعي السياسي، كما هو ممثل في "الدولة الامة" الذي هو ادنى بنية وتركيبا من النموذج الكياني الاجتماعي العراقي، وهو مااقام الإنكليز شكلا مفتعلا من اشكاله في العراق عام 1921.
وقد يكون من الواجب وانا ابادر لعرض هذا الاكتشاف الخطير في مجال علوم الاجتماع والدولة، لان انوه بان اعتقادي هذا هو اجتهاد شخصي، وهو معروض للنقاش وللمحاججة من ضمن مقتضيات اللحظة الملحة، فانا اعتقد ان الكيان العراقي تاريخيا، هو نموذج خاص، له سماته الاصيلة المميزة في شكل الدولة والمجتمع، مختلفة عن غيرها من اشكال الدول المعروفة في التاريخ، وجدت ان اطلق عليه اسم النموذج ال "امبراكوني"، لاعتقادي بان مثل هذه التسمية اقرب الى التطابق مع كينونته، حيث يتعايش ويتصارع على ارض واحدة، تكوينان اجتماعيان، وحيث يسود صراع دائم بينهما على قاعدة الانشطار الأفقي، مقابل الانشطار العمودي الأوربي، مجسدا في الطبقات وصراعها، وحيث الميل الامبراطوري العراقي الأعلى، والكوني الرسالي الأسفل، هما تعبيران يستخلصان من حصيلة اليات الصراع وفي مجراه في هذا المكان من العالم.ان مجتمع " اللادولة" الأسفل، ومقابله "مجتمع الدولة القاهرة" الأعلى، المتلازمان في وحدة لا انفصال لها ولاتماثل، مع انتفاء القدرة الناجزه على الغاء احدهما الاخر، وماينجم عنهما من انموذج مزدوج مركب، نشأ واستمر قائما بفعل شروط طبيعية خاصة تميزت بها العملية الإنتاجية والحياتية، انطوت على اعلى اشكال الدينامية والفعالية المجتمعية الحضارية، مقارنة بأية حالة، او او نمط اجتماعي معروف على الكوكب، بالاخص خلال التاريخ الإنساني ابان الحقبة الزراعية.
وهذا النمط، او النموذج، عاش بمقومات كينونته المميزة، تاريخا خاصا ابان التفاعل مع الغرب الحديث، مازال يحتاج لمنهجية نابعة من كينونته، قبل ان يغدو حاضرا بالفعل، ويكف عن ان يعاش كوهم او ك"موضوع" يوعى حسيا خارج الادراك العقلي اللازم لزوما قطعيا قبل عبور الكارثة الحالة عليه اليوم ومنذ 2003 .



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء الى الوطنيين العراقيين: جدول اعمال وطني جديد.. بماذا هو ...
- -نداء الى الوطنيين العراقيين-:آن الأوان كي تستعيدوا المبادرة ...
- بعد الإعتراف البريطاني: من يعيد الإعتبار للوطنيين العراقيين؟
- ماذا لو انهارت الامبراطورية الامريكية ؟ (2/2)
- ماذا لو انهارت الامبراطورية الامريكية ؟ (1/2)
- اذا فكر الترك انفجروا: الانقلاب وتناقضات - الوطنية / الامبرا ...
- متى تعود المرجعية للنطق؟ وماذا اذا نصبت ايران رئيس وزراء تاب ...
- هل سينتهي دورمسعود بارزاني؟: الوطنية والجزئية بظل - العملية ...
- النشوئية الجديده وهزيمة كلكامش ودارون ( الكون كصيرورة تحولية ...
- العراق والشرق الأوسط في عالم انتقالي بلا -ثوابت- : من -الحدا ...
- روسيا والشرق الاوسط: العراق كركيزة إستراتيجية بدل ايران
- عبد الجبار الكبيسي ..... متى ينصفه التاريخ 6 :على طريق تجدي ...
- عبدالجبار الكبيسي .. متى ينصفه التاريخ 5 الايديلوجية الحزبية ...
- عبدالجبار الكبيسي... متى ينصفه التاريخ 4: وطنيتان ماقبل وماب ...
- عبدالجبار الكبيسي.. متى ينصفه التاريخ 3 الطريق المضني نحو وط ...
- عبدالجبار الكبيسي.. متى ينصفه التاريخ 2
- عبدالجبار الكبيسي.. متى ينصفه التاريخ 1
- وليد جمعه: شاعر يقتل شعره وظله2/2
- وليد جمعه: الشاعر الذي قتل شعره/1 2 /
- امة- مابين النهرين- الامبراطورية والكونية في تاريخ العراق ال ...


المزيد.....




- روسيا تبدأ محاكمة الصحفي إيفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس والول ...
- نائب مصري يهاجم مدبولي: هل يعلم أن قرار إغلاق المحال سبب مزي ...
- مدفيديف: القانون الدولي يجب أن يعكس توازن مصالح كافة الدول
- أولمرت يتهم نتنياهو بالخيانة
- إردوغان يتهم نتانياهو بالتخطيط لـ -كارثة- في لبنان
- لماذا فرضت المحكمة العليا الإسرائيلية على الحريديم الخدمة ال ...
- تواصل الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة، وكتيبة جنين في الضفة ...
- واشنطن تواصل ضغوطها على إسرائيل لتجنب حرب مع حزب الله
- زيلينسكي يصادق على استحداث -قوات المسيّرات- في جيشه
- الاستخبارات التركية تعلن تحييد قيادي في -العمال الكردستاني- ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - نداء الى الوطنيين العراقيين ( ملحق): هل كان العراق موحدا عام 1921