|
الطفلة الكائن المقهور
محمد البوزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1408 - 2005 / 12 / 23 - 06:35
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
مع كل 8 مارس يكثر الحديث عن واقع المرأة ومعاناتها إن على المستوى الاقتصادي أو الإجتماعي أو القانوني،وبالمغرب لقد تطلب الأمر سنوات طوال للنضال قصد تعديل مدونة كانت مجحفة بحق وبالإجماع في حق من نعتبره نصف المجتمع . لكن التعديلات الأخيرة والتي أفرزت لنا مدونة الأسرة التي استحسنها الجميع أظهرت لدى البعض منا أن كل مشاكل المرأة ومعاناتها قد تم حلها غافلين أن حل الإشكاليات القانونية العالقة لا تؤدي بالضرورة إلى حل الإشكاليات الاجتماعية التي تشكل وضعا مزريا خطيرا يزداد فداحة يوما عن آخر ،هذا الوضع الذي لن تجدي معه المساطر القانونية شيئا بل إن الأمر يتطلب تغييرا في العقليات السائدة كل من موقعه في مجتمع ما زالت أبرز سماته النزعة الذكورية –البطريركية خاصة أن هذا الوضع الكارثي يساهم فيه الجميع ويتحكم في تربية كل من الطفل والطفلة على الخضوع والانقياد له منذ الصغر . وإذا كنا نردد أن طفل اليوم رجل الغد، وطفلة اليوم امرأة الغد فإن توفير جو سليم ذي شروط صحية لتنشئة الطفل هو الكفيل بجعله يتحمل مسؤولياته مستقبلا، ويساهم في تنمية مجتمعه. لكن إلى أي حد أن ما نراه في واقعنا يعبر فعلا عن تصورنا النظري هذا ؟ ألا يقف القهر الممارس على الطفلات /التلميذات حاجزا أمام التنشئة الاجتماعية السليمة لهن ؟ إن الجواب العملي على هذه الأسئلة يجد صداه في المعاملات اللاإنسانية الآتية والمنتشرة كثيرا في المجتمع: 1**السخرة /الخادمات: فمازال هذا الوضع اللا إنساني قائما في المجتمع ،إذ تعمد بعض الأسر لإعارة بناتها لأسر غنية ولمدد متفاوتة ،وتلجأ في سبيل ذلك لإخراجهن من المدرسة .ولا تخفى الآثار السلبية لهذه التنشئة على نفسية الطفلة المغلوبة على أمرها، إذ تكن عرضة للإستغلال من طرف سيدة البيت وتحميلها مالا طاقة لها به تحت غطاء التربية /التدريب ،كما تصبح حقل تجارب لجميع أفراد الأسرة في التعامل مع الآخر بالتعنيف والتحرش والضرب ...ناهيك عن الاعتداءات الجنسية التي قد تتعرض لها من طرف الأبناء والتي لا تقدر على البوح به خشية الفضيحة، ومحافظة على الأجر الزهيد الذي يستعين به أباها المبعدة عنه قسرا في تصريف شؤون البيت. 2**التحرش الجنسي : يوما عن يوم يتواصل هذا السلوك فداحة في الشارع العام حتى أصبح الأمر شبه عادي في الشوارع ، بل انتقلت *ساحة العمليات * إلى أبواب المدارس الإعدادية والثانوية وسط ذهول الجميع، وعدم تحمل الجهات الأمنية لمسؤولياتها في ردع المنحرفين بل ووصل الأمر أن أصبحت بعض العائلات تفضل إخراج بناتها من المؤسسات التعليمية احتياطا من عواقب مستقبلية لا تقدر على تحملها نفسيا. 3**التشغيل :رغم مصادقة بلادنا على مختلف الاتفاقيات الدولية التي تحظر تشغيل الأطفال خاصة الاتفاقية الدولية لحقوق الأطفال الصادرة سنة1989 والتي تنص المادة 32 منها على أنه * تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الإستغلال الاقتصادي ومن أداء عمل يرجح أن يكون خطيرا أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل أوأن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي* فمازال تشغيل الطفلات يعتبر شيئا طبيعيا في المزارع والمعامل وقطاع الخدمات /النسيج و-المخادع الهاتفية../وفي ظروف غير إنسانية من ناحيتي الأجر والمدة الزمنية وكذلك طبيعة تعامل الرؤساء معهم والتي يأتي التحرش الجنسي على رأسها. ولا تخفى الآثار السلبية لهذه الجريمة المقنعة إذ تفتح مجالا خصبا لاستغلال طاقات طفلات بريئات يفترض فيهن شغل مقاعد دراسية كما لا يخفى ما للتشغيل من تأثير نفسي وصحي على مستقبلهم خاصة مع انعدام ضمير إنساني يضمن لهن حقوقهن . وينتشر التشغيل كثيرا في فصل الصيف، وهكذا عوض أن تستمتع الطفلة بعطلة جميلة وسط مخيم هادئ نجدها تقاسي طوال النهار وغالبا ما يتم ذلك بتحفيز وتشجيع من أسرهن. 4**العنف المعنوي الممارس عليهن داخل المؤسسات التعليمية من طرف زملائهن الذكور وبعض المدرسين. إن هذا الوضع الذي ليس سوى غيض من فيض ليستدعي من الجميع كل من موقعه التدخل العاجل لإنقاذ طفلات من الوضع المأساوي اللواتي يعشنه خاصة من طرف المؤسسات الآتية 1. مؤسسة الأسرة:عبر إعادة النظر في تصورها للطفلة كمورد اقتصادي –رغم هزالته-وليست كائنا يحق له الاستمتاع بطفولتها وبراءتها. 2. مؤسسات وسائل الإعلام عبر التحسيس بالوضع الحالي لبعض الطفلات وتنظيم ندوات وعروض حول موضوع الاستغلال والعبودية لبراءة الصغار. 3. الإطارات المدنية،من جمعيات وأحزاب وإطارات أخرى :عبر التدخل كطرف مدني لإنقاذ حالات خاصة عديدة .. ترى هل سنتحمل مسؤولياتنا في تغيير عقليات عديدة مازالت تنتظر للطفلة نظرة استغلال وعبودية ؟ أم سنساهم بصمتها القاتل على تفشي سلوكيات تساهم في تخلف مجتمعنا؟
#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثرات الغنائي بواحات وادي درعة
-
صرخة أخرى :لماذا يمنعوني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
-
ناجي العلي :الشهيد الحاضر/الغائب
المزيد.....
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
-
فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|